سلطان الاباريق السوري العجيب ؟؟؟
عبد الرحمن تيشوري شهادة عليا بالادارة شهادة عليا بالاقتصاد لم تتضمن الخطط القديمة مستهدفات محددة وبرامج عمل للإصلاح الإداري، بل اكتفت بوضع هدف استراتيجي عام لتفعيل الإدارة العامة واستخدام الوسائل الحديثة على جميع مستوياتها
ونظراً لعمومية الهدف، يصعب تحديد معايير قياسية دقيقة للتنفيذ، إلا أن العديد من الإجراءات العملية لتحسين ألأوضاع العامة قد شهدتها السنوات الماضية، والتي يمكن إدراجها كما يلي:
· تبسيط الإجراءات الإدارية وتخفيف المعاملات الورقية في العديد من الإدارات الحكومية خصوصاً تلك المتعلقة بمجال الاستثمار من مبدأ النافذة الواحدة.
· تبني العديد من الإدارات الحكومية لبرامج تدريب وتأهيل مستمر وشروع بعضها في تنفيذ مشاريع أتمتة لنظامها الإداري تم استكمال جزء منها .
· صدور جملة قرارات تفويضية من المستويات الأعلى للأدنى، خصوصاً من الوزراء للمحافظين والمديرين العامين، حيث صدر الجزء الأكبر منها مع توجه الحكومة لانعقاد مؤتمر المحافظين بشكل متواصل أسبوعياً في النصف الأخير من عام 2009.
بالإضافة إلى العديد من الإجراءات العملية آنفة الذكر تم اتخاذ الكثير من القرارات الإدارية خلال سنوات الخطة هدفت إلى تبسيط أساليب العمل الإداري وتطور الكثير من التعليمات والسياسات والتشريعات النافذة، إلا أنها، وبالرغم من أهميتها، لم تأخذ بمنظور متكامل لعملية الإصلاح الإداري حيث اقتصرت على بعض المظاهر الإدارية وإجراءاتها العملياتية ولم تلامس تطوير الفكر الإداري أو جوهر آليات العمل الإداري بحد ذاته، حيث جاء معظمها لدعم الآلية البيروقراطية للنظام المركزي، وقد تجلى ذلك بصورة كبيرة على سبيل المثال، من خلال عمليات الدمج التي اتخذت لعدد من الإدارات الحكومية ذات الطبيعة المتشابهة في عملها الوظيفي والمتكاملة في أدائها الخدمي، فكانت عمليات جمع ميكانيكي ولم يتم تغييرها أو تعديلها لتصبح أكثر جدوى وفعالية، حيث اصطدمت التعديلات بالمصالح الشخصية ناهيك عن الإساءة في توظيفها.
وعندما أطلقت الخطة العاشرة عملية الإصلاح، وحددت سقفاً زمنياً لإنجازها 2005 2010، لم يتم وضع تصورات بديلة وخطط تفصيلية لمتابعة التنفيذ، ناهيك عن خطط إدارة التغيير من الوضع القائم إلى الوضع المنشود، حيث تعتبر إدارة التغيير من أهم المتطلبات لتنفيذ أي إصلاح، وعدم الاهتمام بها أثر على فعالية العملية الإصلاحية خصوصاً الإدارية منها، وكذلك على سرعة الوصول إلى النتائج المتوقعة في ظل غياب أي مؤشرات ومقاييس لتقييم نجاح برامج الإصلاح عموماً والإداري بشكل خاص، الأمر الذي ساهم في عدم تلمس نتائج حقيقية مدعومة بإحصائيات دقيقة.
من جانب آخر لم تترافق عملية الإصلاح الإداري مع برامج تحسين ملموسة سواء على مستوى السياسات أو المؤسسات الحكومية والأفراد ودعم أدائها، خاصة البرامج المتكاملة للتدريب والتأهيل المستمر لتطوير الموارد البشرية وكذلك نظم تقييم الأداء على قاعدة منح الحوافز الكافية لتشجيع الموظفين من جهة والروادع للحد من الترهل والفساد من جهة أخرى بغرض تسريع عملية الإصلاح.
وبالإضافة إلى التقصير الملموس لدى المفاصل المهمة لكثير من الإدارات الحكومية بمستوياتها المختلفة الوزارية والهيئات المركزية والفرعية في الالتزام بعملية الإصلاح الإداري إما نتيجة غياب الرؤية الموحدة في تنفيذها أو ضعف الإرادة لذلك فقد وجدت عمليات الإصلاح مقاومة ورفضاً من مفاصل إدارية مهمة خاصة أصحاب المحسوبيات والمتنفذين في البيروقراطية الحكومية إما لحسابهم بأنها ستضر بمصالحهم أو ستضعف هيمنتهم على المستويين المركزي والمحلي، أو لأنها تتعارض مع آلية العمل التي اعتادوا عليها
سلطان الأباريق السوري العجيب
يحكى أن رجلاً كانت وظيفته ومسؤوليته هي الاشراف على الأباريق لحمام عمومي، والتأكد من أنها مليئة بالماء بحيث يأتي الشخص ويأخذ أحد الأباريق ويقضي حاجته ثم يرجع الابريق الى صاحبنا، الذي يقوم باعادة ملئها للشخص التالي وهكذا.
في إحدى المرات جاء شخص وكان مستعجلا فخطف أحد هذه الأباريق بصورة سريعة وانطلق نحو دورة المياه، فصرخ به مسؤول الأباريق بقوة وأمره بالعودة اليه فرجع الرجل على مضض، وأمره مسؤول الأباريق بأن يترك الابريق الذي في يده ويأخذ آخر بجانبه، فأخذه الشخص ثم مضى لقضاء حاجته، وحين عاد لكي يسلم الابريق سأل مسؤول الأباريق: لماذا أمرتني بالعودة وأخذ ابريق آخر مع أنه لا فرق بين الأباريق، فقال مسؤول الأباريق بتعجب: اذن ما عملي هنا؟!
ان مسؤول الأباريق هذا يريد أن يشعر بأهميته وبأنه يستطيع أن يتحكم وأن يأمر وأن ينهى مع أن طبيعة عمله لا تستلزم كل هذا ولا تحتاج الى التعقيد، ولكنه يريد أن يصبح سلطان الأباريق!
ان سلطان الأباريق موجود بيننا وتجده أحياناً في الوزارات أو في المؤسسات أو في الجامعات أو المدارس أو في المطارات او البلديات، بل لعلك تجده في كل مكان تحتك فيه مع الناس! ألم يحدث معك، وأنت تقوم بانهاء معاملة تخصك، أن تتعطل معاملتك لا لسبب الا لأنك واجهت سلطان الأباريق الذي يقول لك: اترك معاملتك عندي وتعال بعد ساعتين، ثم يضعها على الرف وأنت تنظر، مع أنها لا تحتاج الا لمراجعة سريعة منه ثم يحيلك الى الشخص الآخر، ولكن كيف يشعر بأهميته الا اذا تكدست عنده المعاملات وتجمع حوله المراجعون.. انه سلطان الأباريق يبعث من جديد!
انها عقدة الشعور بالأهمية ومركب النقص بالقوة والتحكم بخلق الله! ان ثقافة سلطان الأباريق تنسحب أيضا على المدراء والوكلاء والوزراء.. تجدها في مبادئهم حيث انهم يؤمنون بالتجهم والشدة وتعقيد الأمور ومركزيتها لكي يوهموك بأنهم مهمون، وما علموا أن أهميتهم تنبع من كراسيهم أكثر من ذواتهم!!
ولقد جاء في الحديث الشريف الذي رواه الامام أحمد (اللهم من رفق بأمتي فارفق به ومن شق على أمتي فشق عليه)، ولكنك تستغرب من ميل الناس الى الشدة والى التضييق على عباد الله في كل صغيرة وكبيرة، ولا نفكر بالرفق أو اللين أو خفض الجناح، بل نعتبرها من شيم الضعفاء
المهم الان لدينا خطة وطنية جديدة طموحة للتنمية الادارية نرجو ان تخلصنا من سلطان الاباريق السوري الاداري العجيب