على فرض انك رائد أعمال وأنا المستثمر العنيد الذي يرفض فكرتك، عليك ان تقوم بأقناعي بمشروعك وأنها أفضل ما في السوق ، ولكن عليك ترك التعصب لفكرتك وتقبل النقد ممن حولك لأنك ستعرضها على اصدقائك المقربين قبل ان تصل إلى ادارج متكبي، وعليك ان تتقن فن الحديث عن لغة الارقام قبل الجلوس معي كمستثمر، إلى جانب الفكرة يهمنا ايضا أن نقتنع بطريقة تفكيرك. لذلك، كيف تقنع الطرف الآخر عليك ان تجتاز الاختبار التالي، وقم باختار واحدة من طرق الاقناع :
· توضح المسألة بكلمات سهلة الفهم؟
· تقدم رسما بيانيا؟
· تبدأ بالمديح ومن ثم تباشر التوضيح؟
سنخبركم لماذا هذه الخيارات الثلاث، لكن قبل ذلك لنلقي نظره على كتاب دانيال بينك "البيع فعل بشري". بذلك ندرك او نتذكر بأننا جميعا "بائعون"، والبيع ليس حكرا على رواد الأعمال الذين يستهدفون المستثمرين أو الاشخاص الذين يتولون هذا المنصب. فالحقيقة تقول أننا جميعا والكثير منا يقضي وقتا في محاولة "الاقناع" وهي تجربة عاشها كل من يقرأ هذا المقال، فهي امر دارج في حياتنا اليومية ان نحث من حولنا اتباع اسلوب امر ما قد لا يرغبون به. اذا، كيف لنا أن نقنع من حولنا أو من نريد على رؤية الاشياء من منظورنا الخاص؟ الباحثان برندن نيهان من جامعة دارتموث وجيسون ريفلر من جامعة ولاية جورجيا نظرا الى هذا السؤال من زاوية السياسة حيث غالبا ما تتعارض المعتقدات مع الحقائق. فقد أجريا تجارب عرضا فيها على افراد معلومات تتعارض مع توجهاتهم السياسية. وتعمدا اختيار مواضيع نتعاطف معها بشدة لدرجة التعصب، فقد قدمت للافراد الذين عارضوا استراتيجية ارسال القوات العسكرية إلى العراق ابان حكم بوش الابن دلائل على انها ساهمت حقا في خفض العنف هناك. وقدمت للافراد الذين رفضوا سياسة اوباما الاقتصادية براهين تثبت ازدياد فرص العمل خلال السنة الأولى من رئاسته.
لم يكن الغرض اثبات خطأ جهة ما أو الترويج لأجندة سياسية معينة. أراد الباحثان ببساطة معرفة الاسباب التي تجعل الناس يتقبلون أدلة تناقض معتقداتهم الراسخة. وقد اختبروا 3 استراتيجيات مختلفة:
· عرض فقرة نصية تلخص الدلائل الواقعية.
· عرض الدلائل ضمن رسم بياني.
· بناء الثقة بالذات عند عينة الدراسة ليشعروا بالاطمئنان
النتائج عند العينة المختارة كانت كالتالي: توضيح الحقائق بالكلمات أقل الاساليب فاعلية. أما بناء الثقة بالذات فلم يجد نفعا كذلك. وكان الاسلوب الاكثر نجاحا هو ببساطة عرض المعلومات في رسم بياني مبسط. وهي اللغة الأم للدماغ، والحقيقة هي أن جميع الوسائل البصرية المستخدمة في الدراسة كانت رسوما بيانية بسيطة، لذلك فإن قوتها لم تنبع من التصميم الجذاب أو ما شابه. لقد كانت مؤثرة لأنها خاطبت العقل بلغته الأم. فأدمغتنا تفضل المعلومات المرئية على أي نوع آخر، كما تخصص لهذه المعلومات قدرة أعلى للمعالجة. وأظهرت الدراسات اننا نفهم الصور اسرع من الكلمات ونتذكرها لمدة اطول. عندما يتعارض ما نراه مع ما نسمعه، تختار أدمغتنا الرؤية على الصوت. وتظهر التجارب العصبية ان الجهد الذي يحتاجه الدماغ لمعالجة الكلمات أكبر من الصور، مما يتيح المجال لمزيد من تلف المعلومات او التلاعب بها أو اساءة فهمها.
نتيجة لذلك، من المرجح أكثر أن نعتبر الوسائل البصرية "صادقة" وأن نرى في الكلمات مجالا "للتشكيك". حين يعرض الدليل بالكلمات، تميل ادمغتنا الى اعتباره جزءا من "جدال". لذلك، حين يتعارض الدليل مع معتقداتنا، يبدأ الدماغ بتكوين حجج مضادة.
أما اذا عرض الدليل ذاته بصريا فإننا نعالجه بطريقة مختلفة. نراه "حقيقيا" بعكس ما يحصل مع الكلمات الخالصة.
وبناءا على ذلك لا شك انك ستستعمل الرسوم البيانية في عروضك التي تقدمها للمستثمرين والعملاء والموظفين وغيرهم من الاطراف المعنية بعملك. لكن هذا البحث يقترح عليك أن تستخدمها على نحو مختلف: ليس لمجرد توضيح نقطة فقط، وانما لاثبات صحتها ايضا. وهكذا، في المرة المقبلة التي تحاول فيها اقناع شخص بصحة رأيك، يستحسن ان تلزم الصمت وأن تدع للرسوم أداء هذه المهمة.