خطة البحث


مقدمة

الفصل الاول : تطور الدراسات المقارنة في الادارة العامة

المبحث الاول : التسلسل التاريخي لدراسة الادارة العامة
المبحث الثاني : اهم الاسباب المساعدة في تطور الدراسات المقارنة
المبحث الثالث : العصر الذهبي للادارة العامة المقارنة

الفصل الثاني : تقييم حركة الادارة العامة المقارنة و نماذجها

المبحث الاول : نماذج الادارة العامة المقارنة
المبحث الثاني : نتائج الانتقادات الموجهة للادارة العامة المقارنة
المبحث الثالث : فترة ضعف حركة الادارة العامة المقارنة

خاتمة





المقدمة



الادارة العامة المقارنة هو الحقل الدراسي الذي يتخضض موضوعه في اليات رفع كفاءة منظمات الجهاز الحكومي، كما يعتبر هذا الفرع متسع الابعاد فكان حريا بنا دراسته من الناحية التاريخية بغرض التعرف على المراحل التاريخية التي مر بها خاصة و انه حظي باهتمام ثلة من الباحثين المعروفين امثال ريجز و فيرل هايدي و غيرهم كثيرون و مما يشد الانتباه وجهات نظرهم التي افادت بالكثيرة في مختلف الدراسات .

و وجدنا انه حري بنا ان نبادر الى طرح هذا السؤال
فيما تمثلت المحطات التاريخية لدراسة الادارة العامة المقارنة ؟
و هو السؤال الانسب لنافذة البحث هذه







الفصل الاول : تطور الدراسات المقارنة في الادارة العامة

المبحث الاول : التسلسل التاريخي لدراسة الادارة العامة


ترجع اصولها التاريخية الى الدراسات المقارنة للانظمة السياسية و الحكومات رغم ان الاهتمام بها منذ الخمسينات من هذا القرن، و الاصول التاريخية لهذا المدخل ترجع الى عهد الفلاسفة اليونان القدماء.

و يعتبر الفيلسوف ارسطو اول من حاول القيام بدراسات مقارنة لانظمة الحكم حيث قام بتجميع الدساتير اليونانية القديمة التي بلغت 158 دستور و قام بدراسة مقارنة عليها.

و تمحورت الدراسات القديمة المقارنة في البناء السياسي القانوني للحكومات المختلفة و ذلك بمقارنة نصوص الدساتير التي تعتبر ركيزة المؤسسات السياسية وكانت تتميز بخاصية الثبات و الاستقرار.

لكنها تعرضت للانتقادات كثيرة من الباحثين في مجال الادارة العامة و علم السياسة بحيث ان والدو 1956 قام في منتصف الخمسينات بتقييم الدراسات المقارنة عبر التاريخ و كان استنتاجه ان هذه الدراسات اهتمت بالنماذج الدستورية و انظمة الحكم الغربية و كذلك بالاطار القانوني للمؤسسات الحاكمة في الغرب و اهملت في نظره العوامل البيئية و الااقتصادية و الثقافية و الاجتماعية و اثارها و كذا انشطة هذه المؤسسات كما انها تعتبر اقرب الى الوصف منه الى المقارنة













د.احمد صقر عاشور ، الادارة العامة مدخل بيئي مقارن ، دار النهضة للطباعة و النشر ، بيروت ، ط1 ، ص50

المبحث الثاني : اهم الاسباب المساعدة في تطور الدراسات المقارنة



إن الجهد الحقيقي و الفعال في التحليل المقارن للادارة العامة لم يبدا الا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية اد اكتسبت الدراسات المقارنة دفعة قوية بفضل جهود بعض المتخصصين
اما العوامل المسؤولة عن هذا التطور فهي كثيرة منها : (1)

* الحاجة الواضحة لتوسيع نطاق الدراسة في الادارة العامة كموضوع متخصص و اكتساب كثير من المتخصصين للخبرات الادارية بسبب وجودهم في دول مختلفة ايام الحرب و بسبب ظهور و تاثير الحركة المعاصرة الجديدة في الدراسات السياسية المقارنة و منها ايضا توافر الفرص للمختصين في الادارة سواء داخل اوطانهم او خارجها حتى يبحثوا او يدرسوا مشاكل الادارة المقارنة اما الدلائل على هذه التطورات فقد اتضحت معالمها خلال العقدين الذين عقبا الحرب العالمية الثانية فقد تزايد عدد الكليات و الجامعات التي تدرس مساقات هذا الحقل و قد تحقق اعتراف كثير من الجمعيات العلمية المتخصصة بموضوع الإدارة المقارنة كموضوع متخصص وتجلى ذلك من خلال تشكيل الجمعية الأمريكية للعلوم السياسية لجنة خاصة بالإدارة المقارنة .
و بعدها تأليف جماعة الإدارة المقارنة في سنة 1960 كفرع من الجمعية الأمريكية للإدارة العامة إذ تلقت هذه الجماعة تأييدا كبيرا من مؤسسة فورد ساهم في تطورها و نموها و قامت هذه الجماعة تحت إشراف الأستاذ فرد رجز بدراسات و برامج دراسية شاملة مثل عقد الندوات العلمية و المشاريع التعليمية التجريبية و قامت بإدارة حلقات البحث في الاجتماعات المتخصصة و تنظيم المؤتمرات و قد تبلورت هذه النتائج فيما تم نشره حول موضوع الادراة العامة المقارنة التي وصلت إلى حجم المجلدات. (2)
















(1) فيرل هيدي ، ترجمة محمد قاسم القريوتي ، الادراة العامة منظور مقارن ، الجزائر ديوان المطبوعات الجامعية ، ظ2 1983 ، ص17
(2) نفس المرجع ص18

و قد صنف فيرل هيدي الدراسات موضوعيا بدلا من التصنيف التاريخي لان معظم هذه الكتابات ظهرت في فترة زمنية واحدة حيث قسمها إلى
1- دراسات تقليدية معدلة
2- دراسات ذات اتجاه تنموي
3- دراسات تهدف إلى تكوين مفاهيم نظرية
4- دراسات تهدف إلى تكوين نظريات وسيطة (1)

لقد كانت الدراسات من الفئة الأولى بشكل عام استمرارا للدراسات التقليدية التي تميزت بضيق الأفق و النطاق فموضوع هذه الدراسات لم يكن مختلف و إن كان تركيزها قد انتقل من دراسة الأنظمة بشكل فردي إلى إجراء المقارنات بينها و يمكن تصنيف هذه الدراسات من زاوية تناولها للموضوع إلى نوعين دراسات إدارية فرعية للمواضيع المعروفة من زاوية مقارنة و تشمل دراسات في التنظيم الإداري و إدارة شؤون الموظفين و الادراة المالية و العلاقات بين المراكز و الفروع و إدارة المؤسسات العامة و الإدارة الرقابية أما الفئة الأخرى دراسات تشمل الأنظمة الكاملة للإدارة فتشمل الدراسات الوصفية و هذا النموذج ذو ثلاثة أبعاد للمقارنة هي التركيز على الشكل التنظيمي للتنظيمات الإدارية و الرقابة في النظام الإداري و كيفية ضمان الطاعة و الموافقة من الأقسام الإدارية في السلم الإداري.

أما أصحاب الفئة الثانية فقد سعوا إلى التركيز على المتطلبات الإدارية لتنفيذ السياسات العامة و يعرف ويدنر التنمية بأنها حالة ذهنية أو رغبة أو اتجاه أكثر منها هدف محدد .

















(1) فيرل هيدي ، مرجع سابق ص 18

كما يشير سوير دلو فان للدول النامية خصائص من شانها أن تخلق دورا مختلفا للحكومة و قد وسعت هذه الخصائص دور الحكومة و أكدت عليه خاصة في مجال النمو الاقتصادي مما يجعل الدور الإداري للحكومة في هذه الدول دورا مختلفا تماما و مع هذه الاختلافات يمكن القول أن الادراة العامة هي إدارة تنمية (1)

أما الدراستان المتبقيتان فقد كانتا أكثر تمثيلا للرأي السائد أمام طلاب الإدارة المقارنة و على النقيض من النوعين الأولين فقد كان التأكيد عليها مقصودا على أن تكون التصنيفات موجهة لأهداف المقارنة و أن تكون حيادية و كما لاحظ والدو فان المشكلات الأساسية في بناء النماذج في دراسة الإدارة العامة المقارنة هي اختيار نموذج عام إلى درجة تشمل ما يجب شموله من هذه الظاهرة و أن لا يكون هذا النموذج مشوشا يصعب من خلاله فهم الإدارة و الوقائع الحقيقية أدت بالباحثين و طلاب الإدارة العامة المقارنة بالمناداة للاهتمام بالنظريات الوسيطة و ليس النظريات العالمية (2)

و مع بداية الستينات كان النموذج الوسطي لدراسة الإدارة الذي لاقى اهتماما و شهرة هو النموذج البيروقراطي الذي قدمه ماكس فيبر و قد وجد والدو هذا النموذج مفيدا و جديرا بالاهتمام و ذلك لكونه إطار شامل و من كل هذا نعرف أن الإطار البيروقراطي للدراسات المقارنة كان قائما على أساس جيد خلال الفترة التأسيسية لحركة الإدارة العامة المقارنة و قد حدد و شجع فرد رجز اتجاهات التحول في الإدارة المقارنة في مقال نشره سنة 1962 و
هي :

1- الانتقال من الاتجاه المثالي و الأخلاقي إلى الاتجاهات التجريبية
2- الانتقال من الدراسات الفردية إلى الاتجاهات العامة
3- الانتقال من الدراسات غير الايكولوجية إلى الدراسات الايكولوجية كأساس للدراسات المقارنة (3)















(1) فيرل هيدي مرجع سابق ص 19
(2) نفس المرجع السابق ص 20
(3) المكان نفسه

المبحث الثالث : العصر الذهبي للإدارة العامة المقارنة


لقد اتسمت حركة الإدارة العامة المقارنة بالحيوية و التأثير خلال العقد الأول الذي بدا سنة 1962 و هي السنة التي تلقت فيها جماعة الإدارة المقارنة بداية الدعم من مؤسسة فورد و ذلك من خلال الجمعية الأمريكية للإدارة العامة و قد اظهر طلاب الإدارة المقارنة خلال هذه الفترة إنتاجية ممتازة أدت إلى شهرة هذا الميدان الدراسي و قد انعكس هذا النشاط في عضوية جماعة الدراسات المقارنة المختصين و المهنيين في الولايات المتحدة الأمريكية ووصل رقمها في سنة 1968 إلى ما يزيد عن 500 عضو و قد ترأس فرد رجز لجنة الإدارة في بداية تأسيسها سنة 1960 إلى سنة 1970 أما الدعم الأساسي لهذه المؤسسة فقد كان من مؤسسة فورد

و من الناحية الجغرافية فقد تطور الهيكل التنظيمي للجنة الإدارة المقارنة حيث توسعت نشاطاتها و موضوعاتها فشملت جغرافيا دول مختلفة في آسيا و أوروبا و أمريكا اللاتينية و إفريقيا أما التوسع في الموضوعات فقد تمثل في تشكيل لجان فرعية في مجالات التشريعية المقارنة و الإدارة الدولية و نظريات التنظيم و نظرية النظم و لقد تمثلت أعمال لجنة الإدارة المقارنة في النشرات التي صدرت عنها بالإضافة إلى هذا التطور على مستوى الأبحاث كان هناك تطور موازي في الدراسات الجامعية التي تركز على الإدارة العامة المقارنة إذ أوضح المسح الاجتماعي الذي قامت به لجنة الإدارة العامة المقارنة سنة 1970 إن عدد المؤسسات التعليمية التي تدرس هذا الموضوع قد زاد من مؤسسة واحدة سنة 1945 إلى ما يزيد على ثلاثين مؤسسة سنة 1970 إن هذا السجل الذهبي للإدارة المقارنة ليس إلا امتدادا و استمرارا لما بدا بعد الحرب العالمية الثانية و خلال هذه الفترة كان الخبراء في الإدارة العامة في الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا موزعين في مختلف دول العالم (1)


















(1) فيرل هيدي مرجع سابق ص 20


محاولين نقل الخبرات الإدارة من الولايات المتحدة إلى الدول النامية و لاحظ خبير في الإدارة العامة أن سنة 1955 هي السنة الأساس و وصفها بأنها فترة الأمل بان الإدارة العامة يمكن أن تقود الدول النامية للتطوير و التحديث و لخص سيفين بدقة اتجاهين ميزا هذه الفترة حيث أن الفترة الأولى تميزت بالاتجاه الالى أو التكنولوجي و هو التوجه الذي عكسته المواضيع التالية مثل إدارة شؤون الموظفين و الإدارة المالية و إعداد الميزانيات و غيرها أما الفترة الثانية ففيها تم التركيز على الهياكل و الترتيبات التنظيمية و أن التنظيمات التي يتم توصية الدول النامية بتقليدها هي التي يؤلفها هؤلاء الخبراء في بلادهم الأصلية . (1)

و بشكل عام يمكن القول أن حركة الإدارة العامة المقارنة في أوج ازدهارها تميزت بنظرة تفاؤلية فيما يتعلق بجدوى الطرق و الأساليب لتحقيق التغيير المطلوب و لقد كانت دراسة الإدارة من وجهة نظر مقارنة تتمتع بصفة متميزة و هي الاهتمام بإدارة العمل في عالم الواقع و خلق تنظيمات لمعالجة مشاكل محددة و أن الإيمان بإمكانية التغيير من خلال التدخل الهادف للإداريين هو ميزة أصلية لحركة الإدارة العامة المقارنة .

و خلال الستينات كان مصطلح إدارة التنمية يستعمل عنوانا لكثير من المقالات و قد كانت هذه الدراسات محل اهتمام الدول النامية التي تسعى لتحقيق أهدافها التنموية إلا أن إدارة التنمية تقدمت بخطى بطيئة و قد ذكر رجز في مقدمة كتابه تحت عنوان حدود ادارة التنمية انه ليس هناك إجابة واضحة للسؤال كيف تختلف إدارة التنمية عن الإدارة المقارنة أو عن الإدارة العامة بشكل عام ؟ و قد حدد جانبين من هذا الموضوع إدارة التنمية و تنمية الإدارة و بالمعنى الأول فان إدارة التنمية تشير إلى البرامج التنموية أما المعنى الثاني فيشمل القدرات الإدارية لتحسين إمكانية النجاح في تنفيذ برامج التنمية الحالية. (2)


















(1) فيرل هيدي مرجع سابق ص 23
(2) نفس المرجع ص24

الفصل الثاني : تقييم حركة الإدارة العامة المقارنة و نماذجها


المبحث الأول : نماذج الإدارة العامة المقارنة

برز في الدراسات المقارنة عدد من النماذج المقارنة على أساسها تستخدم هذه النماذج لجمع المعلومات و البحث للتوصل إلى النتائج و من أشهر هذه النماذج هو نموذج فرد رجز للإدارة العامة في المجتمعات الزراعية و الصناعية الذي يقوم على المقارنة بين أنظمة الإدارة العامة من منظور كلي من خلال تفاعل بين الإدارة العامة و البيئة و ذلك بإتباع خمس متغيرات بيئية هي البناء الاقتصادي ، البناء الاجتماعي ، النظام السياسي ، الإطار العقائدي و نظام الاتصالات .

و هناك أيضا نموذج سوتون الذي صنف فيه الدول إلى مجموعات لكل خصائصها و الذي برهن فيه انه من خلال الصفات المجتمعية يمكن استقراء نظام الحكم .

دون أن ننسى دراسة ساير في مجال البيروقراطية حيث درس السلوك البيروقراطي و تفاعله مع البيئة السياسية و هذا النموذج أعطى قيمة للدراسة التي أعدها أساتذة من جامعة إنديانا عن تركيا ، مصر ، فرنسا ، بوليفيا ، الفلبين و تايلاند و من هنا جاء رأي والدو الذي يقول إن المشكلة الأساسية في بناء نماذج لدراسة الإدارة العامة المقارنة يكمن في اختيار نموذج عام يشمل الظاهرة الإدارية ككل . (1)

















(1) محمود محمد فتحي ، الإدارة العامة المقارنة ، الرياض ، جامعة الملك سعود ، ص 48

المبحث الثاني : نتائج الانتقادات الموجهة للإدارة العامة المقارنة


لقد تم توجيه جملة من الانتقادات إلى الدراسات المقدمة في مجال الإدارة العامة المقارنة نذكر من بينها :

1- أنها لم تتخطى دور الريادة فما قدمته من تحليلات تعتبر في نظر بعض الباحثين المعاصرين شديدة العمومية و التجريد حيث أصبح من الصعب الاستدلال على الواقع التجريبي الذي تمثله و هذا ما اعترف به فرد رجز .

2- يكمن في شموليتها العديد من المتغيرات البيئية و الواقعية بحيث انه لابد لها من أن تخرج من عزلتها داخل الأبراج العاجية لنماذج فرد رجز شديدة التجريد .

3- المطلوب من الدراسات المقارنة ألا تسعى إلى بناء نماذج نظرية يمكن أن تتسع لكل نظم الإدارة العامة في التاريخ القديم و المعاصر فمثل هذا الطموح قد ينتهي بهذه الدراسات إلى عدم قدرتها على تفسير شيء على الإطلاق فعليها تفسير أوجه الاختلاف و التماثل بين أنظمة الإدارة العامة . (1)

4- يرى بيتر سافاج أن الإدارة المقارنة بدأت و انتهت دون أن تصل إلى قوانين أو نماذج معينة و هذا أدى إلى وجود فوضى في النماذج أدت إلى فشل في بلورة الحدود و القوانين و القواعد في حقل الإدارة العامة المقارنة . (2)


















(1) نفس المرجع السابق الذكر ، احمد صقر عاشور ص 54
(2) نفس المرجع السابق الذكر ، فيرل هيدي ص 25


و نتيجة لهذه الانتقادات و غيرها بدا الاهتمام بدراسة عوامل و ظروف بيئية للمجتمعات المختلفة و أثارها على أبنية و ممارسات الأجهزة الحكومية و الإدارة العامة و لم يقتصر على هذا النحو من المقارنة بل اتجه إلى إطار العلاقات المتداخلة بين أجزاء و أنشطة و جوانب أنظمة الحكومة و تفاعلها مع الظروف البيئية التي تعمل فيها .

و من خلال الدراسات المقارنة المعاصرة بدأت تحل مشكلة أنظمة الإدارة العامة و ممارساتها الفعلية في المجتمعات المختلفة و تقارن بينها من حيث أوجه الشبه و الاختلاف في ضوء العوامل البيئية التي تدور هذه الأنظمة في فلكها .

و يتمثل مضمون الاتجاه المعاصر للدراسات المقارنة في رفض مقولة أن ثمة نظاما امثل للحكومة أو الإدارة العامة و وفقا لهذا الاتجاه فان أنظمة الإدارة العامة في المجتمعات هي نتاج للظروف البيئية التي نشأت و نمت فيها فالنظام الرئاسي في الحكومة الأمريكية لا يمكن أن يطبق و يعمل ليحقق نفس النتائج التي يحققها في المجتمع الأمريكي إذا ما طبق في فرنسا أو انجلترا .

و من بين المفاهيم التي قدمها المدخل المقارن في صورته المعاصرة مفهوم تحديث أنظمة الإدارة العامة في المجتمعات بحيث يجب أن تبدأ بتحليل و دراسة البيئة السياسية ، الثقافية ، الاجتماعية و الاقتصادية للمجتمع الذي يراد تطوير أنظمة الإدارة العامة فيه و الغرض هو تغيير و إعادة بناء أنظمة الإدارة العامة في المجتمعات بحيث تكون متلائمة و الواقع الذي تصمم له و تكون فعالة فيه أيضا . (1)





















(1) نفس المرجع السالف الذكر احمد صقر عاشور ص 51
المبحث الثالث : فترة ضعف حركة الإدارة العامة المقارنة



يمكن اعتبار السنوات الأخيرة سنوات تناقص الدعم و ضمور التوقعات بالنسبة لحركة الإدارة المقارنة فقد حلت النظرة التأملية محل النظرة التفاؤلية و لقد أحدثت السبعينات تغييرات مباشرة و تحقيقات في مجال نشاطات حركة الإدارة المقارنة و انقطاع دعم مؤسسة فورد دون أن يتم إيجاد بديل يعوض أو يقارب مبلغ الدعم الذي توافر خلال الستينات و رفضت طلبات كثيرة للجماعة للحصول على دعم بعض الدراسات الميدانية في الدول النامية حتى أن مجلة الدراسات المقارنة هي الأخرى توقفت عن الصدور .
إن الدلالة الرمزية على انخفاض الاهتمام بالدراسات المقارنة هي حل جماعة الإدارة المقارنة في سنة 1973 و قد صاحبت مؤشرات انخفاض الأهمية مجموعة من المقالات الناقدة لحركة الإدارة المقارنة .
و نقطة بداية هذا التقييم تمثلت في انه مضى على حركة الإدارة المقارنة ما يزيد على 25 عاما بما فيها عشرة أعوام من الدعم الكبير مما كان يوجب عليها أن تثبت نفسها و ضرورة فحصها لمعرفة النتائج و قد وصفت الإدارة المقارنة بأنها حقل مضطرب و في انحدار و انه لم يتحقق في هذا الحقل إلا تقدم طفيف و أن إدارة التنمية كموضوع أكاديمي ليست مهيأة لان تكون بمستوى تحديات العصر الذي تواجهه في هذا الظرف و قد تساءل كيث أندرسون سنة 1969 حول مشكلة الهوية في الدراسات المقارنة : ما هو الشيء الذي لا يدخل في مجال الدراسات المقارنة للإدارة العامة ؟
إن طلاب الإدارة المقارنة قد بذلوا جهودا تبعث على الملل في محاولة لوضع النظريات لكنهم لم يوفقوا حتى الآن إلى تقديم ما يمكن قبوله و فحصه تجريبيا حيث يقول سافاج أن الدراسات تبدو مزيجا من تكوينات نظرية و وجهات نظر تتصف بالمزاجية و أن كثيرا منها يمكن إدراجه تحت قائمة الخيال الشخصي و الأكاديمي . (1)
















(1) فيرل هيدي ، مرجع سابق ص 28


أما سيلجمان فيشبه المأزق الذي تمر فيه الإدارة المقارنة بمأزق الدول النامية حيث أن كليهما يدور في حلقة مفرغة .

و يرى جونز أن هذه الكتابات يمكن أن تصنف تحت عنوان السياسة المقارنة أكثر من الإدارة المقارنة و أنها لا تقدم إلا القليل لمن يبحث عن الفائدة العملية كإصلاح نظام محاسبي قديم أو تطعيم برنامج إداري ديناميكي بمنهجية حديثة و باختصار فانه تهم جماعة الإدارة العامة المقارنة بأنها ثبتت مفهوم إدارة التنمية لمصلحتها الخاصة دون أن تقدم شيئا حقيقيا.

أما برايان لفمان فيضع جماعة الإدارة المقارنة مع علماء الديمقراطية اللبرالية و خلاصة رأيه أن اللبرالية الديمقراطية و الاشتراكية تكلف مجتمعات الدول النامية الكثير و لا تقدم شيئا لان هذه النماذج تدعو إلى مجتمع موجه .

و يرى فريق من النقاد أن حركة الإدارة المقارنة قد تدخلت إلى حد خطير و هذا سبب معارضة هؤلاء النقاد لنتائج برامج المساعدات و إدارة التنمية في الدول النامية و لكن قلة قليلة ترى أن حركة الإدارة المقارنة قد حققت الدرجة التي يرغب فيها أعضاؤها أو ممولوها.

و النتيجة المؤكدة هي أن ليس كل المعلقين محقين و لكن الذين يرون وجود تعاون وثيق بين حركة الإدارة المقارنة كشخصية معنوية و بين صانعي القرارات الرسمية لم يوفقوا في تقديم دلائل ملموسة على صحة تفسيراتهم . (1)




















(1) فيرل هيدي ، مرجع سابق ص 29






الخاتمة




مما سبق يتضح لنا و لكم جليا حقيقة أن الإدارة العامة المقارنة أتت لغاية تطوير الأنظمة الإدارية بغرض جعلها أكثر نجاعة و لإيجاد حلول و آفاق أفضل لعديد المشكلات تلك الأجهزة الحكومية بالية بسيطة و هي إجراء مقارنة بين ما هي عليه أنظمة الإدارة العامة في الدول النامية رغم أنها تلقت انتقادات وافرة إلا أن الأمر الذي لا يختلف عليه أنها قد حققت جزءا من أهدافها في هذا المجال و لا نكون قد أذعنا سرا لو قلنا أن المراحل التاريخية التي مرت بها لعبت دور الأسد في إضافة شيء جديد في حقل الإدارة العامة المقارنة .











قائمة المراجع



1- احمد صقر عاشور ، الإدارة العامة مدخل بيئي مقارن ، بيروت : دار النهضة العربية ، ط1 ، 1979 .


2- محمود محمد فتحي ، الإدارة العامة المقارنة ، الرياض : جامعة الملك سعود ، 1985 .

3- فيرل هيدي ، ترجمة : محمد قاسم القريوتي ، الإدارة العامة منظور مقارن ، الجزائر : ديوان المطبوعات الجامعية ، ط2 ، 1979 .










الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
وزارة التعليم العالي و البحث العلمي
جامعة د. مولاي الطاهر – سعيدة

السنة الرابعة علوم سياسية
تخصص تنظيم سياسي و إداري الفوج 03
مقياس إدارة عامة
بحث بعنوان







من إعداد الطالبين : تحت إشراف الأستاذ :
* حجاج مريم * بن كادي
* جواد محمد أمين

السنة الدراسية الجامعية