لنجاح عملية تقييم أداء الموارد البشرية لابد من توافر مقيِّم متميز، يكون على رأس هذه العملية؛ حتى يتسنى للمنظمة أن تحقق الأهداف المرجوة من وراء عملية تقييم أداء الموارد البشرية العاملة لديها.. فعملية التقييم ليست عملية سهلة أو بسيطة لتسند إلى مقيِّمين ليسوا على درجة عالية من الكفاءة المهنية، والخبرات العملية، والمؤهلات العلمية المناسبة، وذات قدرات خاصة في عملية جمع وتصنيف، وتحليل المعلومات التي يقومون بجمعها عن الموارد البشرية محل التقييم، ولابد من توافر النزاهة والموضوعية، والعدل في هؤلاء المقيِّمين، حتى تتوافر هذه الصفات في التقارير التي يعدونها، ويقدمونها عن الموارد البشرية المكلفين بتقييم أدائها.
ويثار التساؤل حول:
• ما هو تعريف المقيِّم المناسب لعملية التقييم؟
• من هو المقيِّم المناسب في حالة الاختيار بين أكثر من مقيِّم؟
• وهل المقيِّم شخص فقط، أم عدة أشخاص، أم جهة تقيم، أم عدة جهات؟
وهناك مواصفات للشخص المقيِّم، أو الجهة المقيِّمة من ذلك:
• يجب أن يتوافر لدى الشخص (أو الأشخاص) المقيِّم، أو الجهة المقيِّمة قدرة عالية على الملاحظة والمتابعة، ليستطيع جمع أكبر قدر لازم من المعلومات عن الشخص محل عملية التقييم.
• يجب أن يتوافر لدى الشخص (أو الأشخاص) المقيِّم، قدر كبير من المعلومات عن الشخص محل التقييم؛ عن طريق المتابعة الجيدة، والاحتكاك اليومي، والإشراف المباشر وغير المباشر، ليتمكن المقيِّم من الحكم العادل والموضوعي على مستوى أداء مرؤوسه محل التقييم.
• يجب أن يتوافر لدى الشخص (أو الأشخاص) المقيِّم، القدرة والكفاءة على تحليل كافة المعلومات التي جمعها وحصل عليها والمتعلقة بالشخص محل التقييم، ثم يستخلص النتائج السليمة من هذه المعلومات؛ مما يؤدي في النهاية إلى الحكم الصحيح والموضوعي على أداء الشخص المقيَّم.
• يجب أن يتوافر لدى الشخص (أو الأشخاص) المقيِّم، الأمانة والنزاهة الشخصية، وأن يرسخ في نفسه أن حكمه على الشخص محل التقييم يجب أن يكون خاليًا من حظ النفس، وأن مستقبل هذا الشخص الوظيفي في المنظمة سوف يتأثر بشكل كبير بنتائج عملية التقييم.
يجب أن يتوافر لدى الشخص (أو الأشخاص) المقيِّم، القدرة على تحمل المسؤولية الخاصة بعملية التقييم، وتكون لديه الشجاعة، وعدم الخوف من تحمل هذه المسؤولية، وألا يخشى أحدًا عند وضع تقريره النهائي.
• يجب أن يتوافر لدى الشخص (أو الأشخاص) المقيِّم، الدافعية الذاتية، والعلم الراسخ، للوصول بعملية التقييم إلى الموضوعية والعدالة.
تعدد المقيمين يثري عملية التقييم..
من خلال إسقاط هذه الصفات والمواصفات الخاصة بالمقيِّم على مجموعة المقيِّمين تستطيع المنظمة أن تختار من بينهم من تتوافر فيه هذه الصفات؛ ومن ثم تسند إليه عملية التقييم؛ لضمان نجاح نتائجها؛ واتسامها بالموضوعية والعدالة.
وقد يكون الشخص المقيِّم فردًا، أو عدة أفراد، أو جهة تسند إلى أحدهم عملية التقييم، بشرط توافر الصفات والمواصفات السابق ذكرها في أي منهم.
ومما لا شك فيه أن تعدد المقيِّمين وتنوعهم يثري عملية تقييم أداء الموارد البشرية داخل المنظمة أو الشركة. فعندما يكون هناك أكثر من فرد، وأكثر من جهة تقوم بعملية التقييم: مثل الرئيس المباشر (الذي يوصف بأنه المقيِّم الأساسي، وصاحب أكبر قدر من المعلومات عن الموارد البشرية محل التقييم)، والمرؤوس، وفريق العمل، وزملاء العمل، والمورد البشري لذاته، والعميل (الزبون) الداخلي، والعميل الخارجي.
كل هؤلاء أو بعضهم يشاركون في نجاح عملية تقييم أداء الموارد البشرية، ويكمل تقرير كل منهم - والذي يوضع على حدة - تقرير الآخر، لحصول إدارة الموارد البشرية على تقرير متكامل عن أداء الموارد البشرية، مع ملاحظة الأهمية النسبية لكل تقرير التي تبنى على درجة الاحتكاك المباشر بين المقيِّم، والفرد أو الأفراد الخاضعين لعملية التقييم، وبناء عليه تعطى الأهمية النسبية.. فالرئيس المباشر يكون أكثر احتكاكًا بالمورد البشري محل التقييم، والرئيس المباشر هو أحرص ما يكون على تحسين أداء المرؤوسين العاملين تحت إدارته، لأن نجاحهم وتميزهم، يعود عليه بالنفع المباشر، ومن ثم يعطى الرئيس المباشر أهمية نسبة أكبر من الآخرين. وكذلك الحال بالنسبة لزملاء المورد البشري أو الموارد البشرية محل التقييم في الوحدة الإنتاجية أو الإدارية داخل المنظمة، فزميل العمل هو الأكثر احتكاكًا بالموارد البشرية محل التقييم، فهو يعمل معه في نفس المكان، وفي نفس الزمان، ولذا هو أجدر من يقوم بعملية التقييم، وتحديد جوانب القوة وجوانب الضعف في الفرد أو الأفراد محل التقييم. وهكذا بالنسبة للمرؤوس الذي يقيِّم أداء رئيسه المباشر، وكذلك العملاء الخارجيين، والعملاء الداخليين.
وسنعرض فيما يلي نوعيات مختلفة من المقيِّمين، وكيف يكون المقيِّم مصدرًا للمعلومات، ومقيِّمًا في الوقت ذاته..
الرئيس المباشر في حالة كونه مقيِّمًا ومصدرًا للمعلومات
مما لا شك فيه أن الرئيس المباشر للشخص محل التقييم هو أجدر من يقوم بعملية التقييم، وذلك يرجع للعديد من الأسباب.. من أهمها:
• أن الرئيس المباشر في العمل يعد مصدرًا رئيسيًا وجيدًا للمعلومات الخاصة بمرؤوسه محل التقييم، وذلك يرجع للوجود المباشر واليومي مع المرؤوس في مكان العمل بالمنظمة، وهذا الوجود يوفر للرئيس كمًا هائلًا من المعلومات الدقيقة عن المرؤوس، مما يمكن الرئيس من أداء عملية التقييم بشكل فعال وسليم.
• أن الرئيس المباشر يتمتع بإلمام كبير بمتطلبات العمل اليومي في القسم - أو الوحدة الإنتاجية أو الوحدة الإدارية - الذي يشرف عليه، ويعرف بشكل دقيق الأعمال والمهام التي يجب إنجازها يوميًا من قبل مرؤوسيه في القسم أو الوحدة الإنتاجية، وهذه المعرفة تمكن الرئيس من استخدامها كمعايير لأداء مرؤوسيه بشكل يومي، فإن هم أنجزوا الأعمال والمهام المحددة يكونون بذلك أنجزوا المحدد معياريًا، ويكون الحكم على أدائهم إيجابيًا، والعكس صحيح.
• إن وجود الرئيس المباشر في المكان ذاته الذي يوجد فيه المرؤوس محل التقييم، ووجودهما لوقت طويل - وهو وقت الدوام - مما يسمح للرئيس برؤية أداء مرؤوسيه بشكل مباشر، ومن دون ضغط من الوقت، إذ يتيح الدوام اليومي متسعًا من الوقت لجمع المعلومات، ونجاح عملية التقييم.
• أن تحمل الرئيس المباشر المسؤولية المشتركة مع مرؤوسيه في حال انخفاض مستوى أدائهم، وانخفاض إنتاجيتهم، يفرض على الرئيس المباشر الحرص الكامل على تحسين أداء مرؤوسيه بشكل مستمر؛ حتى يحافظوا على مستويات عالية لأدائهم داخل القسم أو الوحدة، وتحسين أداء المرؤوسين من قبل الرئيس المباشر لا تنطلق من نقطة تحمل المسؤولية فقط، بل تنطلق أيضًا من كونه قائدًا لمرؤوسيه داخل القسم أو الوحدة التي يعملون بها، فدوره القيادي يفرض عليه أن يعمل بشكل متواصل على تحسين وتجويد أداء مرؤوسيه، لا أن يقيِّم هذا الأداء فقط، ويتبع في سبيل ذلك قيامه بدور المدرب، والموجه، والمرشد والناصح لمرؤوسيه داخل المنظمة أو الشركة أو المؤسسة. ولكي يتمكن الرئيس من استجابة مرؤوسيه لتوجيهاته وإرشاده ونصائحه عليه العمل الدؤوب لكسب ثقتهم، التي تتأتى عن طريق الأفعال التي تترجم حرصه عليهم، وعلى تحسين أدائهم، وليس بالكلام الفضفاض الذي يتبعه التقييم؛ القائم على الحكم الشخصي، والذي قد يبدو فيه الرئيس المباشر متحيزًا ضدهم، متربصًا لهم، متصيدًا لأخطائهم، ساعيًا إلى توقيع الجزاء عليهم. ولكي لا يتأثر العمل بالآثار السلبية لشعور بعض المرؤوسين بتحيز الرئيس المباشر نتيجة لأهواء شخصية متعمدة، أو أخطاء في الحكم الشخصي غير متعمد، تقوم إدارة المنظمة بتدريب الرؤساء المباشرين المكلفين بعمليات التقييم، وتوعيتهم بالابتعاد التام بعملية التقييم عن منطقة الحكم الشخصي غير القائم على دراسة حقيقية لواقع المرؤوس محل التقييم، فضلًا عن عدم تدخل الأهواء الشخصية في عملية التقييم، وعلى الإدارة أن تضع لائحة مفصلة بما للرئيس المباشر من حقوق وما عليه من واجبات أثناء عملية التقييم، وعليها أن تحدد عقوبات معلنًا عنها في حال اكتشاف التعنت أو الظلم المبني على هوى شخصي من قبل الرئيس المباشر تجاه مرؤوسه.
المرؤوس في حالة كونه مقيِّمًا لرئيسه المباشر..
إن كثير من المنظمات والشركات العالمية المنتمية إلى العديد من الدول الصناعية المتقدمة تأخذ بأسلوب تقييم المرؤوس لأداء رئيسه المباشر، وأعتبر هذه المنظمات وتلك الشركات المرؤوس مصدرًا مهمًا للمعلومات يساعد في وصول الإدارات العليا إلى تقييم أداء الرئيس المباشر له، لما للمرؤوس من مزايا أهمها الاحتكاك اليومي المباشر برئيسه في العمل، والذي يوفر للمرؤوس رؤية واضحة لما يتمتع به رئيسه من نقاط قوة ونقاط ضعف.
ولكي يؤتي هذا الأسلوب في عملية تقييم أداء المرؤوس لرئيسه، ثماره لابد أن يتوافر في المرؤوس:
• القدرة والإمكانات الشخصية على ملاحظة أعمال وأنشطة رئيسه، ليتمكن المرؤوس من استخلاص النتائج الإيجابية والموضوعية.
• الشجاعة اللازمة في المرؤوس، وعدم خوفه من رئيسه، ليتمكن من الحكم على أدائه، وعرض نقاط القوة، ونقاط الضعف لديه بكل جرأة.
• عدم خضوع المرؤوس لهواه الشخصي في الحكم على أداء رئيسه المباشر، وأن يكون حكمه موضوعيًا وعادلًا، وأن تكون المعلومات التي يقدمها خالية من التحيز سواء كان لصالح رئيسه أو ضده.

عن طريق فريق العمل.. كيف نقيم أداء الموارد البشرية؟
يعتبر عضو فريق العمل أحد المقيِّمين، وأحد مصادر المعلومات في عملية تقييم الفريق ذاته. فغني عن البيان أن التوجه الحديث في كثير من المنظمات يقوم على تبني أسلوب فرق العمل في تنفيذ الأعمال والمهام المنوطة بالمنظمة، فكيف لهذا الفريق أن يقيِّم أفراده كموارد بشرية عاملة في المنظمة؟
إن الانطلاق من روح التعاون والتنسيق والانسجام بين أعضاء الفريق، ومن أجل توافر التماسك، والحفاظ على روح الفريق الواحد في العمل، يتم تبادل التقييم بين أعضاء الفريق، حيث يقوم كل عضو بالفريق من خلال ما يملكه من معلومات وفيرة عن أداء زملائه في الفريق، ومن خلال معايشته لهم والتعرف على نقاط قوتهم، ونقاط ضعفهم، بتقييم أداء زميله، ويقوم الزميل المقيَّم بتقييم من قيَّمه، وهكذا تتم عملية التقييم بالتبادل، وتتم العملية نفسها مع باقي أعضاء الفريق؛ كل يقيِّم أداء زميله في الفريق.
ومن مزايا هذا الأسلوب في عملية تقييم الأداء أنه يوفر مصادر عديدة للمعلومات، كما يوفر أعدادًا كبيرة من المقيِّمين؛ فكل أعضاء الفريق لديهم معلومات عن بعضهم البعض، وكلهم يقيِّمون بعضهم البعض.
ولكي يأتي هذا الأسلوب الحديث في عملية تقييم الأداء ثماره لابد من:
• قيام قائد الفريق بعقد العديد من الاجتماعات مع أعضاء الفريق لوضع آلية يتفق عليها الجميع لنجاح عملية التقييم من دون ترك أية آثار نفسية في نفوس الأعضاء تجاه بعضهم البعض، أي تجنب الحساسية بينهم، وأن هدفهم في النهاية هو اكتشاف مناطق قوتهم، والعمل على تقويتها وتنميتها من خلال التدريب، لضمان التحسين المستمر في أدائهم، هذا من جانب، ومن جانب آخر اكتشاف مناطق الضعف في أدائهم، والعمل على علاجها للتخلص منها، وألا تكون سببًا في ضعف أدائهم، وتعرضهم للفصل من عملهم، أو التأخر في ترقيتهم، أو عدم الحصول على الحوافز المالية والمعنوية التي يرغبونها.
• التدريب المستمر لأعضاء فريق العمل على تنفيذ آليات عملية تقييم الأداء، لكي ينجزونها على الوجه المطلوب.
• ترسيخ مبدأ الصالح العام في نفوس أعضاء الفريق، إذ ما يقومون به من عملية تقييم متبادل إنما هو في صالح المنظمة التي يعملون بها، فضلًا عن كونه في صالحهم الشخصي أيضًا.
الزملاء في القسم..من أهم المصادر لجمع المعلومات
الزملاء في القسم أو الوحدة يعتبرون من أهم المصادر التي يمكن أن يجمع منها معلومات عن الشخص أو الفرد أو الأفراد محل التقييم، ويعتبرون أيضًا مقيِّمين لأعمال هذا الفرد.. فالزميل يوجد بشكل دائم ومستمر مع زميله أو زملائه محل التقييم في القسم أو الوحدة، ونتيجة للاحتكاك اليومي المباشر والمستمر يتكون لدى الزميل الأقدم والأكثر خبرة والملم بخبايا العمل؛ والذي يتم تكليفه بتقييم أداء زملائه؛ معلومات كثيرة ووفيرة عن زميله أو زملائه الخاضعين لعملية تقييم الأداء. وغني عن البيان أن الاحتكاك المباشر والمتواصل والمستمر، فضلًا عن الخبرة في مجال العمل نفسه يمكنان الزميل الأقدم من النجاح في عملية تقييم أداء زميله أو زملائه، أكثر من الرئيس المباشر الذي قد لا تتوافر له نفس المساحة الزمنية من الاحتكاك بمرؤوسيه، وقد لا تتوافر له المعرفة الكاملة بخبايا العمل كما تتوافر للزميل الأقدم بحكم ممارسته اليومية لهذا العمل في أرض الواقع.
إن الزميل الأقدم في العمل نتيجة لقربه من زملائه تكونت لديه رؤية واضحة عن مناطق القوة ومناطق الضعف في أداء زملائه، وهو الذي يستطيع أن يقوي مناطق القوة، ويساعد في معالجة مناطق الضعف بأسلوب مباشر أو غير مباشر، وعلى الزميل الأقدم أن يكون حريصًا على توجيه زملائه، ونصحهم، وألا يترك في نفوسهم شكًا أو ريبة تجاهه، وأن يسعى إلى اكتساب ثقتهم، وألا يترك لهواه الشخصي تجاه أحدهم أن يحابيه، أو يظلم آخر لهوى في نفسه، وأن يعلم تمام العلم أن تقييمه لزميله لابد أن يتسم بالموضوعية والعدالة، والشفافية، وأن يكون أمينًا في حكمه على زميله أو زملائه، وذلك لضمان نجاح عملية التقييم التي تعود عليه وعليهم، وعلى المنظمة بالنفع الكبير في حال تقوية جوانب القوة في العمالة، والعمل على زيادتها لزيادة الإنتاج، وضمان جودته، ومن ناحية أخرى اكتشاف جوانب الضعف في العمالة، والعمل على علاجها.
المورد البشري يقيِّم ذاته لتحسين أدائه
من المستغرب أن يقيِّم المورد البشري أدائه، فهو سيكون بين أمرين إما محاباة ذاته - وهذا أمر لا شك فيه - ليدر على نفسه أكبر منفعة ممكنة، وإما أن يجلد ذاته ويظلمها ويعرض نفسه للفصل من العمل، أو عدم الحصول على منافع مادية أو معنوية - وهذا أمر مستبعد -. وللخروج من هذا على الإدارة الحديثة أن تؤصل في نفس المورد البشري أن عملية تقييمه لأدائه، تصب في مجرى واحد فقط وهو أن يضع يده على مواطن القوة لديه، ويعمل على تنميتها وزيادتها، لتؤهله من تحسين أدائه وتطويره، وكذا معرفة مواطن ضعفه والعمل على علاجها، وتحويلها إلى مواطن قوة، تزيد من فرص بقائه في عمله، وتزيد من فرص تقدمه الوظيفي، وما يعود عليه من نفع مالي ومعنوي.
وقد يلجأ المورد البشري بشكل من الأشكال إلى رئيسه المباشر ليعينه في عملية تقييمه لذاته من أجل تطويرها، كأن يطلب منه أن يوضح له جوانب القوة في أدائه، وما هي هذه الجوانب وفي أية أعمال ومهام تظهر بشكل جلي، لكي ينميها أكثر وأكثر، وكذلك الحال مع جوانب الضعف وفي أية أعمال ومهام تظهر بشكل جلي أيضًا، ليعمل على علاجها والتخلص منها بمساعدة رئيسه المباشر، وذلك كله في إطار تحسين وتطوير الذات.

العميل الداخلي مقيم مهم للموارد البشرية..
يعد العميل (الزبون) الداخلي وهو مورد بشري يعمل في وحدة أخرى داخل المنظمة، واقتضت طبيعة عمله أن يوجد في وحدة عمل أخرى ليحصل على مستلزمات إنتاجية لوحدة أو يقيّمها أو أن خطوات عمل منتج ما تتم على مراحل ولضمان سلسلة الجودة يتطلب أن يكون مورد بشري من وحدة أخرى موجودًا بصفة دائمة في وحدة أخرى لضمان سلسلة الجودة الداخلية... إلخ يعد هذا العميل الداخلي مصدرًا مهمًا، ومقيِّما لأداء الموارد البشرية التي يحتك بها بصفة مستمرة في وحدة عملها. ويتميز أسلوب تقييم أداء العاملين طبقًا للعميل الداخلي وسلسلة الجودة الداخلية بأن درجات التحيز قد تكون معدومة، لأن المنتج الذي سيخرج من الوحدة التي يوجد فيها العميل الداخلي لابد أن يتصف بالجودة العالية، قبل أن ينتقل في مرحلة إنتاجية أخرى في وحدة العميل الداخلي الذي لا يرضى أن يضار إذا أقر أن المنتج الخارج من الوحدة محل التقييم خال من العيوب، ثم تتحمل وحدته هذه العيوب.

العميل الخارجي لا يقل شأنًا عن الداخلي
إن كثيرًا من منظمات الأعمال حاليًا تعمل في إطار جو شديد الصعوبة من المنافسة، مما يجعل إداراتها تبحث عن الجديد دومًا، ومن هذا الجديد لجوء كثير من الإدارات إلى العميل (الزبون) الخارجي كمقيِّم ومصدر للمعلومات عن مواردها البشرية، وذلك عن طريق تقديم العديد من الاستبيانات، تحتوي على العديد من معايير التقييم التي تتفق وتناسب طبيعة عمل المنظمة، وترسل إلى العميل الخارجي، أو تقدم له عند زيارته للمنظمة أو الشركة أو المؤسسة، ليجيب عن أسئلة الاستبيان التي تتضمن تقييمًا لأداء الموارد البشرية، وتقوم إدارة الموارد البشرية في المنظمة بتحليل إجابات وآراء العملاء الخارجيين، ليتضح لها مدى رضا العملاء الخارجيين عن المنتجات أو الخدمات التي تقدمها المنظمة، ويتبين أيضًا جوانب القوة والضعف في أداء الموارد البشرية العاملة لدى المنظمة، مع ملاحظة عدم التعويل على إجابات العميل الخارجي، واتخاذها كمصدر أساسي للمعلومات التي يقيَّم على أساسها المورد البشري داخل المنظمة، ويمكن اعتبارها مصدر معلومات مساعدًا؛ إذ إن العميل الخارجي غير محتك بشكل دائم أو مستمر بالعمالة داخل المنظمة، ومن ثم لا يستطيع أن يحكم حكمًا موضوعيًا وعادلًا على أدائهم.
ويفيد أخذ رأي العميل الخارجي في معرفة مدى رضاه عن أداء المنظمة ككل، من خلال رضاه عن منتجاتها وخدماتها التي تقدمها للعملاء، ومن ثم تتمكن إدارة المنظمة من تقوية الجوانب الإيجابية في آراء العملاء الخارجيين، والعمل على تلافي وعلاج الجوانب السلبية التي ظهرت في آرائهم، وذلك للحيلولة دون انصراف هؤلاء العملاء الخارجين عن منتجات وخدمات المنظمة أو الشركة، ومن ثم تتعرض المنظمة لانتقاص حصتها السوقية، الذي يتبعه تحقيق خسائر قد تؤدي إلى فقدان الشركة أو المنظمة لبقائها داخل السوق.
بقلم: محمود عيسى