كان النمساوي آرنولد شوارتزينغر صبياً ضعيف الجسم حينما أصر خلافاً لرأي والديه على ممارسة رياضة رفع الأثقال. كان يذهب للنادي الرياضي في حيهم السكني ثلاث مرات في الاسبوع، مضافاً إلى تمارينه التي كان مواظباً عليها في البيت عدة ساعات عصر كل يوم. وهو الآن بطل في الكمال الجسماني، وأعلى نجوم السينما العالمية أجراً.
أما كوندوليزا رايس فقيل لها حينما كانت طالبة في الثانوية أن درجات امتحانها تشير إلى أنها ربما لن تكون طالبة موفقة في الجامعة. ألا إنها لم تعبأ لهذا الكلام، واتخذت من أجدادها قدوة لها، حيث كان أحدهم يعمل ثلاثة أعمال لتوفير نفقات عائلته، وتخرج أحدهم عام 1920 من الجامعة. صبّت كوندوليزا كل طاقاتها على الدراسة، حتى أنها التحقت في الخامسة عشرة من عمرها بجامعة دنيفر، وتخرجت منها وهي في سن التاسعة عشرة. واليوم فإن رايس ولها واحد وأربعون عاماً أحدث رؤساء جامعة استانفوردسناً على امتداد تاريخ الجامعة، وهي المرأة الأولى والملون الأول الذي يحرز مثل هذا الموقع الرفيع الحساس.
الذي جعل هذان الشخصان يبلغان ذروة الموفقية، كل في مجال عمله؟ قبل مدة سألوا آرنولد في لقاء تلفزيوني عن سر نجاحه، فأجاب: (العمل الدؤوب، الانضباط الشديد، التفكير الإيجابي).
من المهم جداً التوفر على حافز وطموح في أي فرع أو مجال. ألا أنني بصفتي متخصص نفساني عمل مع الرياضيين والفنانين والشباب، توصلت إلى نتيجة فحواها أن الذين يحرزون أعلى المراتب في كل مجال، ليسوا أصحاب مواهب ذاتية خارقة، إنما هم المثابرون المكبون على العمل بلا كلل ولا ملل.
وقد دلت البحوث الجديدة لعلماء النفس على أهمية مواصلة العمل الصعب. ففي عام 1988 قارن آنردس اريكسون من جامعة ولاية فلوريدا وزملاؤه في ألمانيا طريقتي عمل فريقين من العازفين الشباب. وقد تم تشخيص الفريق الأول ذي الأعضاء العشرة كموهوبين ممتازين، بينما لم ينل الأعضاء العشرة في الفريق الثاني سوى درجة (جيد).
ودرس اريكسون عشرة عازفي فيالون من الأوركسترات العالمية الهشيرة، كأوركسترا فيلارمونيك ببرلين. وطلب من الفريقين كتابة برامج تمارينهم اليومية، فبدا أن أعضاء الفريق الذي لم ينل سوى درجة (جيد) لم يتمرنوا أكثر من 7500 ساعة، بينما أنفق أعضاء الفريق الذي أحرز درجة (ممتاز) ما مجموعه 10000 ساعة أي ما يضاهي سنة كاملة من التمارين.
ويقول اريكسون: (أن هذا هو الفارق بين طالب جديد، وطالب في السنة الأخيرة من الجامعة).
كما كانت ساعات تمارين الفريق (الممتاز) مساوية تقريباً لساعات تمارين عازفي الفيالون العشرة الذين اختارهم اريكسون من بين أشهر الأوركسترات العالمية.
العمل الدؤوب أو الصعب يختلف طبعاً عن العمل المجهد أو الاستنزافي. فإذا عملتم بلا توقف وبدون استراحة، كنتم قد أجهدتم أنفسكم بلا فائدة. ومن الأهمية بمكان أن تنظموا أوقاتكم لممارسة أي عمل، ولا تنحصر المشكلة في عدد الساعات التي تنفقونها للعمل، فمن أجل أن تقتطفوا ثمار العمل الدؤوب لا بد أن يكون عملكم مؤثر مدروس.