تروي الأسطورة الصينية أن شيخًا أراد أن يعرف الفرق بين السعداء والتعساء، فسأل أحد الحكماء: «هلا أخبرتني ما الفرق بين الجنة والجحيم؟». أخذه الحكيم إلى قصر كبير، وما أن دخلا إلى البهو، حتى شاهد أناسًا كثيرين.. تمتد أمامهم الموائد عامرة بأطايب الطعام، وكانت أجسادهم نحيلة، وتبدو على سماتهم علامات الجوع، وكان كل منهم يمسك بملعقة ضخمة طولها أربعة أمتار، لكنهم لا يستطيعون أن يأكلوا. فقال الشيخ: «لقد عرفت هؤلاء.. إنهم التعساء». ثم قاده الحكيم إلى قصر آخر يشبه القصر الأول تمامًا.. وكانت موائده عامرة بأطايب الطعام، وكان الجالسون إلى الموائد مبتهجين، تبدو عليهم علامات الصحة والقوة والنشاط، وكانت في يد كل منهم ملعقة ضخمة طولها أربعة أمتار أيضًا. فما أن رآهم الشيخ حتى صرخ قائلًا: «وهؤلاء هم السعداء.. ولكنني لم أفهم حتى الآن الفرق بين هؤلاء وأولئك!». فهمس الحكيم في أذنه قائلًا: «السعداء يستخدمون نفس الملاعق.. لا ليأكلوا، ولكن ليطعم بعضهم بعضًا».
وهناك سمات أربع لمنظمات الأعمال السليمة هي:
1-أنها منظمات مفتوحة على البيئة الخارجية المحيطة والعوامل المختلفة التي لايمكنها التحكم فيها، لديها رؤية بعيدة وواسعة للأمور، وتنتهز الفرص المتاحة، وتتمتع بارتفاع في الروح المعنوية.
2-أنها منظمات تخلق بداخلها (الأمانة)، فلا تتجاهل المعلومات الخارجية أو تنكرها، وتحرص على نشر المعلومات الداخلية بقنوات نظامية وبصدق وشفافية.
3-أنها منظمات تعمل في ظروف طبيعية لا تسعى دائمًا للمزيد من التغيير وإدارة الأزمات، لأن التغيير المطرد قد يكون ناتجًا عن فشل المنظمة في أداء وظائفها تمامًا كالتغيير البطيء، وهو ما يحول المدير إلى مدير للأزمات.
4-أنها منظمات تعد بما تستطيع أن تفعل، وأحد تلك الوعود قد يكون من قبيل (إننا أسرة واحدة وسعيدة تهتم بالسمات الفردية وتقدم الفرص لتحقيق التناغم والتجانس).
ماذا تفعل لو كنت قائدًا؟
عندما تكون قائدًا، فإن السلطة والمكانة تكونان إلى جوارك، ومع السلطة تأتي المسؤولية. لذا من المهم أن تدرك أن:
•القيادة الناجحة هي حسن قيادة الأفراد نحو العمل بإتقان والتأثير عليهم إيجابيًا لتحقيق الأهداف.
•القيادة تمتزج بمجموعة من العواطف والأحاسيس،كونها تعتمد على محرك شخصي وإنساني، لذا فإن إنتاجية الموظف تكون عالية إذا أحب عمله بصدق، وتفاعل معه القائد في هذه المشاعر، وشجعه على الإبداع والتحسين والتطوير.
•علاقات العمل تختلف عن العلاقات الاجتماعية في اعتبار وضوح التوقعات فيما يُعدّ وما لا يُعدّ سلوكًا ملائمًا في العمل. وتوصيف الوظائف هو أساس تلك التوقعات، ولذا فإن أفضل الرؤساء هم من يتفهمون علاقات العمل تفهمًا جيدًا، وهؤلاء بالتالي هم من يتمكنون من إقامة علاقات وطيدة وطيبة مع جميع العاملين.
ومن هذا المنطلق بدأت أغلب منظمات الأعمال العالمية تتجه نحو ممارسة القيادة بالحب والقيادة بالمرح، كاستراتيجيتين تعتمدان على رفع درجة الانتماء وحب المنظمة لدى العاملين، عن طريق الاهتمام بهم ورعايتهم وتهيئة أجواء المرح والمتعة والإبداع فى بيئة العمل للوصول إلى أفضل أداء.
القيادة بالحب
الحب هو مركز المشاعر النبيلة، والأداة الرئيسة للفلسفة الجديدة القائمة على «أن الإدارة الحنونة هي المدخل الصحيح لبناء منظمات أعمال متكاملة ومتوازنة ومرنة ذات مبادئ وأخلاق»، ولذلك تركز القيادة بالحب على الدور القيادي للعاملين ورفع مستوى مشاركتهم في التخطيط والتنفيذ والتقويم واتخاذ القرارات، وعلى البعد الاجتماعي والقيم الثقافية للمنظمات وأهميتها في صيانة رأس المال الاجتماعي.
رسالة المنظمة المدارة بالحب
إذا أردت أن تكون قائدًا حنونًا لمن تقود فكن قائدًا حنونًا لنفسك، وإذا أردت أن ترعى الآخرين فأحب نفسك.
جوهر رسالتنا العطاء الذي يرتقى بالعاملين معنا ويرتفع بأدائهم ويهذب سلوكهم ويزيد تفاعلهم. إن الحب في منظمتنا يتدفق في كل الاتجاهات وعلى كل المستويات، لا توقفه سدود ولا تحده حدود.
ما هي الأركان الخمسة للقيادة بالحب؟
هناك خمسة أركان للقيادة بالحب هي:
أولًا: حب القائد لمنظمته:
ومن أهم مظاهر هذا الحب معرفة رسالة المنظمة وفهمها، والإيمان بأهدافها وقيمها، وتعليم الآخرين عمق هذه الرسالة. ولابد أن يشارك العاملون قائدهم هذا الحب حتى يتولد لديهم التزام قوي بأداء رسالة المنظمة وتحقيق أهدافها على الوجه الأكمل.
حب المنظمة ونجاحها وجهان لعملة واحدة، والقائد المحب لمنظمته هو الذي يستطيع أن يضبط إيقاع هذا الحب ويترجمه إلى سلوك أخلاقي يرقى بأداء المنظمة.
ثانيًا: حب القائد للعاملين معه:
ومن أهم مظاهر هذا الحب رعاية العاملين واحترامهم، ومساعدتهم في الكشف عن قدراتهم وتنمية مهاراتهم وتمكينهم من إطلاق كامل طاقاتهم؛ لتأكيد ثقتهم بأنفسهم وحبهم واحترامهم لذاتهم.
جوهر رسالة القيادة بالحب هو العطاء الذي يرتقي بالعاملين ويرتفع بأدائهم ويهذب سلوكهم
ويزيد تفاعلهم. ولطالما أن الحب غير مشروط والعطاء غير مؤقت والنمو غير محدود، فإن القيادة بالحب طريق للإبداع والابتكار، والإحساس المتوازن؛ لأن القائد لا يميز بين موظف وآخر، ولأن الحب المتوازن هو المصلحة العامة، والمصلحة العامة بالنسبة للقائد المحب هي قول وفعل وليست شعارًا لفرض سياسات أو تبرير نتائج.
ثالثًا: حب القائد لعملاء المنظمة:
إن حب العملاء وخدمتهم بصدق من أهم ركائز وأسباب ازدهار الأعمال؛ لأن ذلك يُترجَم إلى كفاءة في الأداء وأدب في اللقاء، وينطوي هذا الحب على ركيزتين أساسيتين هما:
1-إذا أحببت من تقوم بخدمته، فبالتأكيد ستقدِّم له خدمة متميزة.
2-إننا جميعًا عملاء لخدمة معينة أو منتج ما.
وبذلك فحب العميل قيمة عليا من قيم العمل، وأحد عناصر الضمير المؤسسي، ومبدأ ومنطق تؤكده الفطرة.
رابعًا: حب القائد لمجتمعه:
لا تنفصل أية منظمة عن المجتمع الذي يحتضن نشاطها، وبالتالي فحب المنظمة الحقيقي للمجتمع هو أقصر الطرق لتحقيق الربح، ومن هذا الربح يمكن أن تُعبِّر المنظمة عن المزيد من حبها لمجتمعها، فتحافظ على البيئة، وتفكر في مستقبل المجتمع ككل. والقيادة بالحب تعتبر خدمة المجتمع المحيط بها وثروته الطبيعية من أهم مسؤولياتها ووسائلها للنهوض بحياة العاملين والعملاء وأسرهم؛ لأن المنظمات القوية لا يمكن أن توجد وتنمو في مجتمعات ضعيفة أو مريضة.
ولذلك تساهم منظمات الحب بالجهد والمال في تحسين أحوال مجتمعها، وتشجع العاملين على التطوع لخدمة مجتمعهم، وتقع على قيادة هذه المنظمات مسؤولية المشاركة في التخطيط لمستقبل المجتمع.
خامسًا: حب القائد لنفسه:
ويقصد به الحب الأخلاقي الذي يخلو من الأنانية وحب التملك والسيطرة، وهذا بحد ذاته وسيلة مهمة إلى حب ورعاية الآخرين. والقائد المحب لنفسه يكون واقعيًا في توقعاته؛ لأن الواقعية والتوقعات المنطقية تعتبر من أهم أساليب حب النفس. فالقائد المحب لنفسه يدرك أن التعرف على الواقع وفهم متناقضاته يحميه من مشاعر الندم والاستياء والغضب التي قد تصيبه عندما يقابله الآخرون بالتجاهل وسوء التقدير والإنكار.
لاشك أن الإنسان الذي يحب ويحترم ذاته لا يصعب عليه قيادة نفسه، كما لا يجد صعوبة في قيادة الآخرين ورعايتهم.
يمكن الحكم على حب القائد وحنوه من:
• رعاية الجميع وتوفير فرص التعلم لهم.
• انسجام القرارات مع منطق القواعد والسياسات.
• استناد السياسات إلى المبادئ والأخلاق.
• تطبيق اللوائح والقوانين دون تمييز أو عنصرية.
• عدم كسر القواعد إلا في حالات نادرة ولظروف استثنائية.
• عدم استغلال المرونة كذريعة للاستثناء والتمييز.
أنت قائد محب وحنون إذا:
• عرفت أهداف العاملين وساعدتهم على تحقيقها.
• قدرت جهودهم واعترفت بإنجازاتهم أمام الآخرين.
• استمعت إليهم بعقلك وقلبك معًا.
• نقدتهم نقدًا بناء وزودتهم بالتغذية المرتدة المناسبة.
• عاملتهم بعدل ومساواة دون تمييز أو تعصب.
• شاركتهم المعلومات الهامة.
• وازنت بين مستقبلهم ومستقبل منظمتهم.
وماذا عن القيادة بالمرح؟
أثبتت الدراسات العلمية الطبية التأثير الحيوي والإيجابي الذي يتركه الضحك في النفس والبدن، وما ينطوي على اتخاذه كأسلوب حياة من قوة ساحرة تساعد على التغيير والإقبال على الحياة. كما أثبتت أن المرح يؤدي إلى تكاثر خلوي تلقائي للكريات الليمفاوية في جسم الإنسان يؤدي إلى تكوّن عدد أوفر من الخلايا (ت) Tcellsالتي تعتبر مقوِّمًا هامًا في الجهاز المناعي للإنسان. وهذا يعني أنه يمكن من خلال الضحك والمرح خلق جو من الجدية وتأدية الأعمال بدون أية عوائق، وإضفاء جو من الحيوية على المنظمة.
المرح في العمل:
1- البعد الإنساني للضحك:
الضحك لغة عالمية، يتكلمها ويفهمها مختلف الأفراد في مختلف الأعمار. والمرح في العمل ليس هدفًا بحد ذاته، إنما المدخل الذي يكسر حاجز العزلة بين بيئة العمل وحياتنا الطبيعية، مما يعني أن الضحك في بيئة العمل ضرورة لا رفاهية، فهو يشعر الفرد بالرضا عن الدور الذي يقوم به في المنظمة؛ لأننا نعرف من خلاله أن هناك تأثيرًا لأعماله وأقواله في حياة الآخرين.
عندما يشترك اثنان في الضحك، يقام بينهما جسر معنوي وقناة اتصال تنقل رسالة غير منطوقة لا تنقصها الفصاحة تقول: «نحن بشر سواء، وإن اختلفنا في المراكز أو المؤهلات أو غيرها، فلسنا غرباء بعضنا عن بعض».
2- اخرج من القالب القديم:
ويعني إلغاء المفهوم الخاطئ أن «نشر المرح وإشاعة البهجة تتعارض مع الجدية والتركيز!»، وتبني المفهوم الجديد «إذا أردت أن يكون العاملون معك في حيوية دائمة، فيجب ألا تمنع عنهم الضحك والمرح». وهذا يتطلب بناء بيئة عمل بعيدة عن الروتين، وقريبة من التفاعل والتناغم، ومفعمة بالروح الإنسانية المرحة التي فطرنا الله عليها.
نحن بحاجة إلى التغاضي عن السلوكيات التي تعبِّر عن المرح فقط، واللجوء لكل حيلة ممكنة للخروج من قالب الجدية الذي تصطبغ به معظم منظماتنا، وهذا لا يعني أن يتحول المرح والضحك الهادف إلى سخف ودعابات سطحية، تتحول مع الوقت إلى استهتار وعدم التزام.
3- جني الثمار:
اصبغ قوالبك الإدارية بقليل من المرح والفكاهة لتحصل على فرق عمل متناغمة ومرتفعة الأداء، ولا تحتاج إلى إدارة الضغوط؛ لأن معنويات أعضائها العالية تستهدف الإنتاج، ولا تحتاج إلى منشطات تدريبية ومحفزات خطابية لاستثارتها.
هذه الفرق الباسمة يسودها ولاء طويل المدى في منظمة لا تعاني من تسرب بعض الموظفين، وتوتر بعضهم الآخر.
4- عميل الداخل أولًا:
إذا كنت ترجو لمنظمتك أن تنفرد بتقديم خدمة متميزة للعميل، فعليك أولًا أن تولي الاهتمام والاحترام للعميل الداخلي (الموظف)، ابحث عن صوت يتسم نبراته بالسرور والمرح؛ لأن هذه النبرات تنم عن موظف يمارس العمل بطريقة ممتعة، والمرح بطريقة منتجة؛ لأن السعادة والمرح ينتقلان بالعدوى. فعندما تستحث بيئة العمل العاملين على الاحتفاء بنجاحاتهم، وعندما يلقى المرح الاستحسان والتقدير، يتغلغل في المنظمة روح الاعتزاز والثقة بالنفس، وهذا ينتقل تلقائيًا إلى العميل الخارجي؛ لأنه يختار منظمة يشعر بالراحة والزهو والرغبة في أن يكون ضمن عملائها.
لا تنتظر من الموظف أن يمنح العميل خدمته مغلفة بابتسامة ما لم تمنحه أنت ما يستحق الابتسام، وإذا وجد موظفوك متعة حقيقية في أداء أعمالهم، فإن الأعراض تصبح واضحة: نهم وولع في الأداء من جهتهم، وإقبال من الآخرين على التعامل مع منظمتك، لذا (ألق بذورك في حقول موظفيك، تجنِ ثمارك من سلال العملاء).
مدخلان لغرس المرح في بيئة العمل:
1-اعرف نوعية الأفراد الذين تقودهم، وحدّد أسلوب المرح الذي يفضلونه، والكيفية التي يتم من خلالها توفير أسلوب العمل والمرح الذي يبهجهم خارج أوقات العمل.
فكرّ بالطرق التي تفاجئ بها العاملين من حين لآخر، وابحث عن الأشياء التي تبدو صغيرة لكنها تشيع البهجة في قلوبهم، وتبدد شعورهم بالتعب؛ لأن سر سعادتهم هو شعورهم بأنك عندما تفكر في المهام التي تسندها إليهم، فإنك تفكر فيهم كبشر يهمك أمرهم، لا كآلات لاترى فيها سوى معدلات إنتاجها.
2-خذ بزمام المبادرة، وتخل عن الجدية والجمود التي تقلل الإنتاجية، وتقود إلى زيادة تسرب العاملين الأكفاء، وابدأ فورًا في بث روح المرح في المنظمة وتغلّب على الخوف من التغيير أو فقدان هيبتك كقائد للمنظمة.
وجّه هذا السؤال للعاملين معك: «ماهي مقترحاتكم من الحيل لبث روح المرح وإشاعة البهجة في نفوسكم على مدى الأسبوعين التاليين؟» وتكون أنت الفائز...
تطبيق الإدارة المرحة في شركة PlayFair
كما تولّد طواحين الهواء الكهرباء من لاشيء، هكذا نحن في Play Fair نولّد بالمرح تيارًا لاينقطع من الجدية والالتزام، ونختزن شحنات كثيفة من الثقة والولاء، نكسر الجمود ونحطم مقاييس الأداء!
مات وينستين
تعمل شركة Playfairويديرها MattWeinstein(مؤلف كتاب ManagingToha-eFun) على تأهيل الموظفين ليتعلموا لغة الضحك والفكاهة الهادفة، من منطلق أن امتلاك الشعور بالبهجة يحوِّل العمل إلى متعة، والنتيجة استجابة جميع الموظفين وتعديل سلوكياتهم. ويعتبر برنامج «إذابة الجليد» أحد البرامج التحفيزية التي طورتها الشركة، وتنفذه فرق عمل تتبنى استراتيحيات متجددة لتحفيز الآخرين، شعارها «العمل من أجل الفرد لا الفرد من أجل العمل».
استراتيجية (حيلة جديدة كل أسبوع):
أدركت شركة Playfairأن الخروج من قالب الجدية ومظاهر الوقار ببيئة العمل يحتاج إلى حيل كثيرة؛ لأن الإنسان بطبيعته يقاوم الخروج عن المألوف ويخاف من التجديد،لاسيما في السلوكيات والعلاقات، فكان لابد من التسلح بحيلة أسبوعية لإيقاع العاملين في مهرجان المرح. واستمدت من العاملين برنامجًا يحتوي على (52) حيلة يتم تنفيذها على مدار العام لبث روح المرح وإشاعة البهجة في نفوسهم ببيئة العمل. وفيما يلي بعض الحيل التي تمارسها الشركة:
صور الطفولة:
يتم نصب لوحة جدارية في الشركة ويتولى أحد الموظفين جمع صور فوتوغرافية من الزملاء، لقطة لكل منهم وهو طفل، وتعلق الصور على اللوحة، صورة المدير جنبًا إلى جنب مع صور مدير الحسابات وبقية الموظفين، ويأخذ المشاهدون بالتعليق على الصور تعليقات متفاوتة تزيل الحاجز النفسي بين الرئيس والمرؤوسين، وتساهم في تنمية روح المشاركة التي تتخطى الرسميات، وتزيل الهيبة المفتعلة التي تصنعها المناصب.
قم بأشياء غير متوقعة:
وتعني تصرفات عفوية وبأساليب جديدة كل يوم، تسهم في إحياء اللحظة الحاضرة وعيشها بالفعل؛ لأن اللحظة المكررة دائمًا هي لحظة مملة، والحياة هي تدفق وتجدد، وعلى سبيل المثال في إحدى الليالي وضع أحد مسؤولي الأمن في الشركة جهازه اللاسلكي في إحدى الدمى التي يلهو بها الأطفال، وتركها في مكان يكثر تردد الموظفين عليها، وكلما تصادف مرور أحد الموظفين أمام الدمية يبدأ (الموظف) في محادثته عبر جهاز الإرسال، وهو جالس في حجرة مجاورة في موضع لا يلحظه أحد(مثل الكاميرا الخفية)، هذه الدعابة جعلت النشاط يدب في الموظفين من جديد.
رحلة إلى متجر الألعاب:
قام مدير الدعاية والإعلان في الشركة ذات يوم بجولة في متجر للألعاب لاختيار لعبة يهديها لطفلته، ووقع اختياره على لعبة في شكل «موزة كبيرة»، ولدى عودته إلى المنزل،أدرك أنه أخطأ الاختيار؛ حيث أثار حجم الموزة فزع طفلته، وجعلها تكره الاقتراب منها، فأخذ الموزة ووضعها على مكتبه في الشركة، ولم يلبث زملاؤه أن افتتنوا بمنظرها المثير للضحك، وإذ بواحد منهم يلبسها نظارة شمسية وآخر يلبسها قبعة. وسرعان ما تحولت اللعبة إلى مشهد كوميدي مثير وممتع، لدرجة أن الجميع تسابقوا إلى وضعها على مكاتبهم. وعلّق أحدهم على ذلك بقوله: «عندما يفوتني إنجاز مهمة ما في وقتها المحدد، ويتسرب التوتر إلى داخلي،أذكِّر نفسي بأن الدمية تنتظرني على المكتب، وأنها ستنتظر وصولي صباح اليوم التالي، وأصبحت أعزي نفسي قائلًا : لقد تأخرت بالفعل، لكن الأمر ليس بهذه الخطورة، فمن الممكن دائمًا أن يستعيضوا عن وجودي بالدمية الكبيرة!»
قم بزيارة خاطفة إلى متجر الألعاب لتختر لعبة مثيرة، ليس من أجل أطفالك، ولكن من أجل زملائك.
الاقتراع باللبان (العلك):
ابتكر أحد موظفي الشركة طريقة جديدة لإشاعة الحيوية في الاجتماع الأسبوعي الذي يعقده للعاملين. دخل في مستهل الاجتماع حاملًا في إحدى يديه باقة من الزهور، وفى اليد الأخرى صينية عليها علم من اللبان (العلك)، وأعطى كل واحد من الحاضرين زهرة وعلبة لبان، وطلب منه أن يعبر عن تأييده أو معارضته للرأي الذي يدلى به أي متكلم بإلقاء زهرة على هذا المتكلم في حالة التأييد، أو إلقاء قطعة لبان عليه في حالة الرفض. ألقى هذا الموظف نفسه قطعة لبان على أحد المتحدثين لإدلائه برأي لم يعجبه، ولشد ما كانت دهشته عندما اكتشف أنه ليس الشخص الوحيد الممتعض، إذ سرعان ما انهالت على المتحدث قذائف اللبان من جميع الحاضرين!
ابحث عن طريقة مرحة تكسر الرتابة التي تتسم بها الاجتماعات الدورية، وتخفف من حدة التوتر التي تسودها عندما تتباين الآراء، وتفيد في إمداد المتكلم برد فعل فوري، وكأنها اقتراع ساخر لغربلة الآراء المتعددة.
رسالة في ملابسك:
طلب رئيس أحد فروع الشركة من الحائك الذي يخيط له بدلة العمل الرسمية أن يطعِّمها من الداخل بنسيج صوفي مزركش، وكان هدفه من ذلك على حد قوله : «عندما يكون من المقرر عقد اجتماعات أو مفاوضات موسعة، يشارك فيها عدد كبير من المديرين، فإنني أتعمد الذهاب إلى العمل في مثل هذه المناسبة مرتديًا تلك البزة السوداء من الخارج والمزركشة من الداخل لأنني أتوقع أنه سيكون يومًا مليئًا بالتوتر، وبذلك أسخر من لحظات التوتر والانفعال، وأحتفظ بهدوئي عندما تحتد المناقشات؛ لأنني أنظر إلى داخلي محاولًا إعادة اكتشاف نفسي، قبل أن أنظر للآخرين».
والآن عزيزي القائد، بادر بإعادة النظر في أسلوب قيادتك، وتعاملك مع العاملين معك، وقم بتجديد تصميم بيئة العمل، وإحداث التغيير الثقافي فيها لنشر الحب والمرح والسعادة، والإنتاجية المرتفعة المعززة بروح التفاؤل والتفاني، وابذل جهدًا لأن تتكامل هذه القيم فيما بينها لصياغة معايير الأداء وضوابط السلوك، وأساليب حل المشكلات، وطرق اتخاذ القرارات، ولاتنس إتاحة الفرص في ظل قيادتك المحبة والراعية والمرحة لأدوار قيادية على كل المستويات لضمان توليد قادة جدد؛ لأنك بالفعل تؤمن بهذه القيم، وبأهمية تحويل السلوك التنظيمي إلى صورة مطابقة لقيم ومعتقدات القيادة بالحب والقيادة بالمرح... ألا تتفق معي في أنه قد آن الأوان لاتخاذ مثل هذه البادرة الرائعة...

بقلم: صفاء الحضيف