أصبحت برامج التعلم والتدريب الإلكتروني واقعاً ملموساً ومحط أنظار العديد من المهتمين والممارسين، إذ لم تعد تلك البرامج أساليب وطرق قابلة للتجربة، خصوصاً بتطور تقنيات الاتصالات والمعلومات، حيث نالت الاهتمام الواسع من مختلف المؤسسات التعليمية والتدريبية، ومن أوجه ذلك الاهتمام إنشاء العديد من المراكز الخاصة بها، التي تعنى بشأنها منهجاً وتطبيقاً. فمن المسلم به، أن المؤسسات التعليمية والتدريبية أصبحت تبحث عن السبل والوسائل التي تساعدها في تقديم التعلم والتدريب بأنماط وأشكال مختلفة لتلبي الاحتياجات، ولتتغلب على بعض المعوقات التي تواجهها، ولتواكب أوجه التطور المتنوعة، كما أنه من جهة أخرى استثمار لما آلت إليه معطيات التقنية الحديثة. لقد شهد التعلم الإلكتروني في بداية هذه الألفية نمواً مستمراً وبمعدلات كبيرة، إذ يقدر بعض الباحثين عبدالكريم وهاشم (Abdul Karim and Hashim (2004أن معدل النمو لهذه البرامج في حقلي التعلم والتدريب يتراوح ما بين 10% إلى 15% سنوياً.
ففي الولايات المتحدة على وجه التحديد أشار كوبف (Kopf, 2007)إلى أن حصة التعليم الإلكتروني في السوق وصلت في عام 2007م إلى (17.5) بليون دولار أمريكي من إجمالي حصة التعليم، وأشار إلى أن أوروبا واليابان تعد متأخرة قليلة في تبني مثل هذه المشاريع مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث أن نسبة حصة هذا السوق في الولايات المتحدة الأمريكية إلى التعليم بصفة عامة، تمثل ما نسبته 60% ، في حين تمثل في أوروبا ما نسبته 25%، كما يتوقع أن تتراوح نسبة نمو استخدام التعلم الإلكتروني في آسيا من 25% إلى 30% في العام 2010م، كما يتوقع أن يتجاوز حجم السوق العالمي للتعلم الإلكتروني (52.6) بليون دولار أمريكي في العام 2010م.
وليس ذلك ببعيد في مجال التدريب الذي يشهد تنامياً واهتماماً كبيرين أيضاً ، إذ أكد بارتلي وقوليك Bartley and Golek (2004)أن فكرة التدريب على الإنترنت أضحت ذات قيمة كبيرة في عالم الأعمال، حيث بدأت العديد من الشركات والمؤسسات التعليمية والتدريبية تتحد للتشارك في المسؤولية، لبناء قوى عاملة مواكبة ومنافسة، ويعد التعلم والتدريب الإلكتروني وسيلة لتمكين هذه القوى العاملة بالمعارف والمهارات والقدرات اللازمة لتحقيق هذه المزايا. ويدعم ذلك ما أشارت إليه (Training Magazine, 2006: 5)أن العديد من المنظمات التدريبية تحولت في اهتماماتها من التركيز على المدرب وسيطرته على تقديم عملية التدريب إلى تصميم البرامج، والتعلم الإلكتروني وأنشطة الخدمات والدعم والمساندة، وأن حجم سوق التدريب الإلكتروني يصل إلى 15% من جميع أوجه وأنشطة التدريب المقدمة، والذي ارتفع بمقدار الثلثين منذ العام 2005م. وهذا مؤشر مهم على أن التدريب الإلكتروني يعتبر تياراً سائداً ومتنامياً في منظمات التدريب المختلفة، ومطلباً للعديد من المؤسسات، وفي الوقت نفسه، فإن الاعتماد على قاعات التدريب لتنفيذ عملية التدريب وجهاً لوجه قد انخفض من 70% إلى 62%. وفي دراسة أخرى أجرتها مجلة التدريب Training Magazineأكدت على أن منظمات التدريب التي تبنت التدريب الإلكتروني بدلاً من التدريب التقليدي وجهاً لوجه قد حققت وفورات اقتصادية تتراوح من 50% إلى 70% من الميزانية المخصصة للتدريب Johnson, 2009)).
وفي المملكة العربية السعودية أكدت دراسة تفصيلية صدرت عن المدار للأبحاث (Emirates News Agency, 2009)أن المملكة خصصت جزءاً كبيراً من ميزانية المملكة للتعليم والتدريب التقني، كما تبنت العديد من المبادرات التقنية التي تعزز استخدام التقنية والتي تجعل المملكة واحدة من أكبر أسواق التقنية في منطقة الشرق الأوسط، وقد أشارت الدراسة أن حصة السوق في التعلم الإلكتروني وصلت إلى (125) مليون دولار أمريكي في عام 2008م، وقد توقعت هذه الدراسة التفصيلية أنه سيكون هناك توسع في التعلم الإلكتروني بالمملكة حيث سيصل متوسط معدل نموه خلال الخمس سنوات القادمة إلى 33% نظراً للدعم الكبير من الحكومة للمبادرات والمشاريع الضخمة في التعليم والتدريب.
ومع هذا الاهتمام الكبير، وفي الوقت الذي تتنوع فيه مثل هذه البرامج المعتمدة على التقنيات مدفوعة بقوة وتنوع العديد من وسائط الاتصال والمعلومات التي تمخضت عن الثورة العلمية لتقنيات الاتصالات والمعلومات، فمن الأهمية بمكان استثمار هذا الاهتمام وهذه الوسائل الحديثة في إطلاق المشاريع التعليمية والتدريبية في البيئة العربية، وفي المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، والتي تعتمد على توظيف التقنية لإتاحة مزيداً من الفرص للتعلم والتدريب لمواكبة كافة الاحتياجات، وإمكانية التغلب على كافة المعوقات التي تواجه حقلي التعلم والتدريب.
إن تطبيق تلك البرامج التعليمية والتدريبية من خلال المستحدثات التقنية في العديد من المؤسسات التعليمية والتدريبية قد يشوبه بعض الصعوبة لعدم المعرفة الكاملة بمثل هذه البرامج ومنهجيات ومراحل التطبيق، خصوصاً للمؤسسات الناشئة في هذا المجال، أو في بيئات التعلم والتدريب التي تبحث عن تطبيق مثل تلك الوسائل التعليمية والتدريبية الحديثة بأفضل طريقة ممكنة. فالبرامج التعليمية والتدريبية منذ إطلاق منظومة التعليم عن بعد Distance Education، والذي يعد نهجاً في التعليم وليس فلسفة تعليمية، يستطيع من خلاله الطلاب أن يتعلموا وفقاً لما يتاح لهم من وقت وفي المكان الذي يختارونه دون الحاجة إلى الالتقاء المباشر في زمان أو مكان معينين (بيتس، 2007: 30)، والذي بدء في الاستفادة منه منذ ما يقارب من المائة سنة الماضية، ومن خلال توظيف التقنيات الحديثة أصبحت برامج التعلم والتدريب عن بعد اليوم أكثر انتشاراً مما كانت عليه في القرن الماضي، حتى شملت في بعض الدول المتقدمة جميع مراحل التعليم العام وأوجه التدريب المختلفة، وأبعد من ذلك بعض المناهج أو الموضوعات والمهارات المتخصصة في حقلي التعليم والتدريب والحقول المعرفية والتطبيقية الأخرى. ولما كان التعليم والتعلم والتدريب من أهم العمليات للموارد البشرية لتأثرها وتأثيرها على هذه الموارد، فإنه يجدر الاهتمام بالوسائل التي تساند تقديم تلك العملية التعليمية والتدريبية الحديثة، بغية تحسين أوجه الحياة البشرية ومسايرتها لركب التطور في هذا المجال وخصوصاً التطور التقني واستثماره بأقصى قدرة ممكنة.
ونظراً لتنوع مراحل وخطوات إطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني والتي تعكسها العديد من المبادرات والتجارب في بعض الدول، مما آثار اهتمام الباحث لتقديم مراحل وخطوات مبسطة كنموذج مقترح للعديد من المؤسسات التعليمية والتدريبية التي تسعى إلى إطلاق مثل تلك البرامج، لتحديد كيفية إطلاق هذه المشاريع وللتمكن من تطبيقها في البيئة المحلية والتوسع في انتشارها. ورغم أن إطلاق مثل تلك المشاريع ليس بالأمر اليسير، إلا أنه ليس بعيد المنال عن أي مؤسسة تعليمية أو تدريبية فالأمر ليس فقط توظيف تقنية أو أداة تعليمية أو تدريبية معينة بل مرتبطاً بأوجه تعليمية وتدريبية أخرى وكذلك بعوامل ومتغيرات بنيوية.
ومن هذه المنطلقات تحاول هذه الدراسة أن تسلط الضوء على عملية إطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، لإكساب الممارسين والمهتمين أهم الأسس واستخلاص أهم الدروس المستفادة التي تساعد في إطلاق مثل هذه المشاريع بفاعلية، ومن ثم تقديم مراحل وخطوات ميسرة كنموذج مقترح، بما يتيح إمكانية تطبيقه في مختلف المؤسسات التعليمية والتدريبية. ومن أجل تحقيق هذا الهدف نظمت هذه الدراسة في عدة مباحث رئيسة هي على النحو التالي:


المبحث الأول: الإطار العام للدراسة، ويتضمن: وصف مشكلة الدراسة وأسئلة الدراسة، وأهدافها وأهميتها ومنهج الدراسة.
المبحث الثاني: الإطار النظري للدراسة، ويتضمن التطرق إلى التعلم والتدريب الإلكتروني، من حيث المفهوم والأساليب وأهم المكونات ومبررات إطلاق مشاريع التعلم والتدريب الإلكتروني. كما يشتمل على مراجعة لأهم الدراسات السابقة ذات العلاقة بمعوقات تطبيق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، ورصد العديد من المبادرات المحلية والإقليمية والدولية حيال إطلاق مشاريع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني.
المبحث الثالث: النموذج المقترح لإطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، ويتضمن المراحل والخطوات التي تناولتها بعض الدراسات والبحوث لتطبيق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، كما يتضمن عدداً من المراحل والخطوات التي تشكل نموذجاً مقترحاً، لإطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني في المؤسسات التعليمية والتدريبية.
المبحث الرابع: النتائج والتوصيات والذي يشمل خلاصة نتائج الدراسة وأهم التوصيات التي يمكن أن تتبناها المؤسسات التعليمية والتدريبية لإطلاق برامج مشاريع التعلم والتدريب الإلكتروني.


المبحث الأول
الإطار العام للدراسة
مشكلة الدراسة
يعد استكشاف طرائق ووسائل حديثة للتعلم والتدريب من أهم التحديات التي تواجه المؤسسات التعليمية والتدريبية اليوم، خصوصاً مع التطورات الكبيرة في التقنية وتأثيرها على أوجه الحياة المختلفة، حيث برزت بعض النماذج التي تعتمد على التقنية ومنها التعلم والتدريب الإلكتروني، لتساهم في حل بعض هذه التحديات مثل زيادة الطلب على التعلم والتدريب وتوفيرهما بوسائل عديدة، واللذين حظيا باهتمام كبير. وفي المملكة العربية السعودية لم يكن ذلك الاهتمام وليد العصر إنما برز من خلال تأكيد الخطط التنموية على أهمية التعليم والتدريب وضرورة اعتمادها على الوسائل التقنية الحديثة، وأبعد من ذلك إستراتيجية وطنية للتقنية تركز على استثمار التقنية الحديثة لتقديم أحدث البرامج التعليمية والتدريبية بما يحقق جودة التعلم والتدريب والمساهمة بالتالي في دفع عجلة التنمية الشاملة.
وقد حظي تطبيق هذا النوع من التعلم والتدريب بأهمية كبيرة عالمياً، وكذلك من خلال ما كتب عنه من بحوث ودراسات وما خصص له مؤتمرات ومنتديات ولقاءات علمية متنوعة. ولقد تركزت تلك الجهود في إبراز ذلك النوع من التعلم منهجاً وتطبيقاً في مختلف دول العالم، والتي تتمثل في تقديم عملية التعلم والتدريب بما يتجاوز المكان والزمان للمستفيد وهو منهجاً لم يكن شائع الاستخدام ولمختلف الشرائح وعبر وسائط وأدوات تقنية مختلفة، ومن الأمثلة على ذلك الاهتمام ما حظي به هذا التوجه في بعض الدول ذات التجارب الرائدة في هذا المجال مثل المملكة المتحدة والولايات والمتحدة وكندا واليابان.
ولما كان التعلم والتدريب الإلكتروني من الاتجاهات الحديثة، ومع تنامي هذا التوجه نحو إطلاق مثل تلك البرامج التعليمية والتدريبية، أصبحت العديد من المؤسسات تتنافس في هذه العملية، بل أصبح يقاس تقدم بعض المؤسسات التعليمية والتدريبية بما توفره من وسائل في هذا المجال. إلا أن ما يلاحظ أن التجربة العربية بشكل عام في هذا المجال محدودة ولا تقارن بالعديد من التجارب الدولية (الفيومي، 7:2003؛ النجار، 2003: 10؛ غنايم، 2006: 6؛ زين الدين، 2006: 7).
لقد أدركت العديد من المؤسسات التعليمية والتدريبية في المملكة العربية السعودية أهمية هذا التوجه في التعليم والتدريب، وتبنت مبادرات في إطلاق مثل تلك البرامج حتى ولو كانت على مستوى محدود في شموليتها من حيث المستهدفين سواء أكانوا طلاباً أو أعضاء هيئة تدريس. ورغم أن تلك التطبيقات للتعلم والتدريب الإلكتروني تتسم بنفس صفات المنظومة التعليمية في الدول المتقدمة من حيث التنوع والاختلاف في هذا المجال، إلا أن تلك المؤسسات ما يلاحظ عليها أن مبادراتها لازالت تحت التجربة؛ مما يقلص من تعميم تلك التجارب والاستفادة منها بشكل أوسع رغم اتساع تلك التجربة لسنوات عديدة.
ولما كان معظم الدراسات والبحوث التي تناولت هذا النوع من التعلم والتدريب الإلكتروني محدودة على نطاق المملكة العربية السعودية، من حيث الكم ونوعية التوجه الذي قصرته على قياس الاتجاهات أو التعرف على المعوقات، مما آثار اهتمام الباحث ولفت انتباهه أن هناك قصوراً في التطبيق ومسئولية على المعنيين في هذا المجال بضرورة تسليط الضوء على سبل إطلاق هذه المشاريع كنماذج يمكن أن تستفيد منها المؤسسات التعليمية والتدريبية خصوصاً الناشئة في هذا المجال والتي ترغب أن يكون لديها ما يقودها إلى محاولة تطبيق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، لذا فإن مشكلة الدراسة تتحدد في إبراز هذا التوجه نحو إطلاق مشاريع التعلم والتدريب الإلكتروني إلى المعنيين في هذا المجال، سواء أكانوا طلاباً أو أعضاء هيئة تدريس، أو تدريب أو المعنيين بالشأن التعليمي والتدريبي من مخططين وكذلك من باحثين وممارسين في هذا المجال لتذليل العقبات نحو إطلاق مشاريع تلك البرامج التي تستند على استخدام التقنية في تقديم عملية التعلم والتدريب للمستفيدين بيسر وسهولة، ومتابعة لأوجه التطور من حيث نموذج التطبيق لمثل تلك البرامج، وحيث أن هناك توجهاً سائداً نحو استخدام التعلم والتدريب الإلكتروني، فإنه لابد من معرفة هذه المراحل ومن ثم الاستفادة من النموذج المقترح ومن أهم الدروس المستفادة من الممارسات في هذا المجال، ومن ثم إطلاق مثل تلك المشاريع بمرونة وهذا ما تحاول أن تساهم به هذه الدراسة.
أسئلة الدراسة:
تحاول الدراسة أن تجيب على الأسئلة التالية:


ما المقصود ببرامج التعلم والتدريب الإلكتروني، وما أهم مكوناتها الأساسية، وما أهم مبررات إطلاقها في بيئات التعلم والتدريب؟
ما أهم معوقات تطبيق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني التي تناولتها العديد من الدراسات والبحوث المختلفة؟
ما أهم المبادرات والتجارب المحلية والدولية التي انتهجتها المؤسسات الرائدة في مجال إطلاق مشاريع وبرامج التعلم والتدريب الإلكتروني؟
ما أهم النتائج والدروس المستفادة من عرض الدراسات والمبادرات وتجارب تطبيق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني؟
ما الآلية المقترحة التي يمكن أن تساعد المؤسسات التعليمية والتدريبية في إطلاق مشاريع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني؟ وما أهم متطلبات تنفيذها؟

أهداف الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى تحقيق ما يلي:


التعرف على أهم المعوقات التي تحد من إطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، بما يساعد على فهم هذه المعوقات والحد من تأثيرها.
التعرف على المبادرات والجهود المحلية والعربية والدولية في تقديم برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، التي يمكن من خلالها معرفة المراحل والخطوات التي تناولتها البحوث والدراسات والأدبيات العلمية، للاستفادة منها في تطبيق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني في مختلف المؤسسات التعليمية والتدريبية.
تقديم مراحل وخطوات مبسطة ومحددة كنموذج مقترح، يمكن أن يساعد المؤسسات التعليمية والتدريبية على تبني مثل هذه البرامج بشكل أقرب إلى الموضوعية وفق إمكانات تلك المؤسسات التعليمية والتدريبية ووفق مقومات تبني تلك التوجهات الحديثة في التعلم والتدريب الإلكتروني.
تقديم التوصيات التي يمكن أن تساهم في تفعيل استخدام برامج التعلم والتدريب الإلكتروني في المؤسسات التعليمية والتدريبية وإثراء الاهتمام بهذه التوجهات الحديثة.
أهمية الدراسة:
تنبع أهمية هذه الدراسة من خلال تسليط الضوء على برامج التعلم والتدريب الإلكتروني كأحد السبل الحديثة التي يمكن أن يقدم بها التعلم والتدريب في العديد من المؤسسات التعليمية والتدريبية، مما يزيد من فهم الأبعاد العلمية لهذا الموضوع. كما تستمد هذه الدراسة أهميتها من خلال ما يمثله التعلم والتدريب في حياتنا كأفراد، وما يشهده هذين الحقلين من تطور مستمر، إضافة إلى ما أفاضت به التقنية الحديثة على هذين الحقلين، مما يفرض علينا أفراداً وجماعات وأبعد من ذلك مؤسسات تعليمية وتدريبية التكيف مع تلك التطورات في هذا المجال والاستعداد لها ومحاولة تجريب الأدوات والوسائل الحديثة، من خلال تبني مثل تلك التوجهات.
كما تسهم هذه الدراسة في إثراء المعرفة النظرية حول التعلم والتدريب الإلكتروني تكويناً وتنظيماً لاسيما لحداثة تطبيقات هذه الأساليب، خصوصاً في المؤسسات التعليمية والتدريبية الناشئة، كما تسهم بالتعرف على أهم المعوقات وكيفية التغلب عليها لتطبيق هذه الأساليب بفعالية، ومدى إسهامها بالتالي في تطوير المؤسسات التعليمية والتدريبية. ولما كانت المؤسسات التعليمية والتدريبية في تحد مستمر من خلال النقد الواضح لأفراد المجتمع لمخرجات تلك المؤسسات وكذلك عدم تلبيتها لكافة أفراد المجتمع، فإن ذلك يضفي أهمية على ذلك الحقل بتبني سبل وأدوات ووسائل حديثة لتقديم ذلك النوع من التعلم والتدريب بأشكال ووسائل مختلفة، وهذا يضفي على الدراسة أهمية بتقديم مثل تلك التجارب في هذا المجال وتوضيحها لذوي العلاقة بهذا المجال.
فالعمل بمقتضى أدوات ووسائل حديثة قد يساعد مثل تلك المؤسسات التعليمية والتدريبية على التغلب على بعض المشاكل فيها وبالتالي تحقيقها أهدافها وبالتالي تلبية احتياجات أفراد المجتمع والمؤسسات المختلفة مما تقدمه من مخرجات تعليمية وتدريبية.
كما تضفي بعداً معرفياً آخر عن التعلم والتدريب الإلكتروني من خلال التعرف على الجهود الحثيثة في هذا المجال من حيث التعرف على المبادرات والتجارب التي يمكن استخلاص أهم الدروس المستفادة منها. كما ستزود هذه الدراسة بالعديد من النتائج والتوصيات للمعنيين بالتعلم والتدريب الإلكتروني من أجل تذليل أهم الصعاب لتطبيق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني لاسيما في مراحله الأولى سعياً لتحقيق وتطبيق أوجه التقدم الحديثة. كما تسهم هذه الدراسة في إبراز هذا النوع من التعلم والتدريب لاسيما وأن هناك نقصاً في الدراسات والبحوث في هذا المجال. ويضيف هذا البحث بعداً معرفياً للممارسين والمهتمين في هذا المجال وفي حقلي التعلم والتدريب حول التعلم الإلكتروني ومنظومته الواسعة، بما يعزز الاهتمام بهذا التوجه في التعلم والتدريب وتشجيع إجراء العديد من البحوث والدراسات لإثراء هذا الموضوع والحقل بمختلف النتائج والتوصيات.
ومن الناحية العملية يمكن أن تسهم هذه الدراسة في تحديد مراحل وخطوات محددة يمكن من خلالها مساعدة الجهات التعليمية والتدريبية والمسئولين فيها والمهتمين بالتعلم والتدريب الإلكتروني على تطبيق مثل هذه الأساليب الحديثة بكفاءة، والتي تمثل مراحل وخطوات يمكن الاستناد عليها لتيسير عملية إطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني.
منهج الدراسة:
تستند هذه الدراسة على المنهج الوصفي، والذي يعرف بأنه كل منهج يرتبط بظاهرة معاصرة بقصد وصفها وتفسيرها (العساف، 1995: 189)، حيث اعتمد الباحث في جمع البيانات والمعلومات على خلاصة الأدبيات العلمية التي تناولت التعلم والتدريب الإلكتروني وعلى نتائج البحوث والدراسات التي تناولت برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، من حيث المفهوم، وأهم المكونات وأساليب التعلم ومبررات التطبيق والمعوقات والمبادرات والتجارب ومراحل وخطوات التطبيق في عرض محتويات الدراسة وفقاً لأهداف وأهمية الدراسة، ومن ثم اعتمد الباحث على أسلوب التحليل الوصفي للإجابة على أسئلة الدراسة.


المبحث الثاني
الإطار النظري للدراسة
يستعرض هذا المبحث الخلفية العلمية للتعلم والتدريب الإلكتروني من حيث المفهوم، والمكونات الرئيسة، وأساليب التقديم، ومبررات إطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني. كما يتضمن هذا الجزء مراجعة نظرية للدراسات السابقة بالتركيز على معوقات تطبيق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، وتعقيب موجز على هذه الخلفية العلمية، إضافة إلى استعراض مبادرات وتجارب العديد من الدول وجهودها حيال إطلاق مشاريع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني.
أولاً: التعلم والتدريب الإلكتروني:
شهد الحقل التعليمي والتدريبي تطورات سريعة ومتلاحقة، ومنها توظيف ودمج معطيات التقنية الحديثة، ويعزى ذلك لانتشار وتنامي استخدام هذه المستحدثات التقنية في كافة المجالات، حيث يقدر بعض الباحثين أن استخدام التقنية لأغراض تعليمية وتربوية بدأ منذ حوالي أربعين سنة وذلك لتحقيق بعض الأغراض التعليمية، والتي بدورها وتنوع أدواتها المستخدمة أثرت على تنوع مسميات التعلم والتدريب الإلكتروني (Alessi and Trollip, 2001)). ونظراً للتطورات التقنية فقد تغيرت كثيراً من المفاهيم، ومنها التعلم والتدريب اللذين تأثرا بشكل مباشر بهذه التطورات المتسارعة في التقنية وخصوصاً تقنية الاتصالات والمعلومات، وكذلك طرائق تقديم وتوفير هذا النوع من التعلم والتدريب في قاعات التعليم والتدريب، ووفقاً لهذه المستحدثات التقنية فقد ظهر العديد من المصطلحات التعلم والتدريب الإلكتروني كما لا زالت تظهر العديد من المصطلحات تبعاً لتطور وتنامي هذه الوسائط التقنية.
فمن المسميات الشائعة في هذا المجال المرتبطة بالتعلم والتدريب الإلكتروني، التعلم المفتوح Open Learning، التعلم عن بعد Distance Learning، التعليم عن بعد Distance Education، التعلم الإلكتروني Electronic Learning، التعلم الرقمي Digital Learning، التعلم المتنقل Mobil Learning ، التعلم المباشر عبر الإنترنت Online Learning، التدريب الإلكتروني E-training، التدريب الافتراضي Virtual trainingالتعلم المدمج Blended Learning.... الخ من المصطلحات التي تركز على تقديم عملية التعلم والتدريب للمستفيدين باستخدام وسائط التقنية المختلفة من حاسب آلي وإنترنت ووسائط اتصالات والمعلومات مثل الأقمار الصناعية أو الألياف البصرية، ومهما تنوعت تلك الوسائل وكذلك تلك المسميات إلا أنها تتركز على توظيف أساليب ووسائط التقنية الحديثة وبالتالي تنمية عملية التفاعل بين أطراف العملية التعليمية والتدريبية.
إن هذا التنوع في المسميات والتعريفات والمفاهيم للتعلم والتدريب الإلكتروني أصبح محور اهتمام العديد من المنظمات الرئيسة التي تعمل في هذه المجالات وكذلك المستفيدين من خدماتها. حيث عرفت منظمة اليونسكو UNESCOالتعليم عن بعد Distance Education (DE)بصفة عامة باعتباره العملية التعليمية أو التربوية التي ينفذ فيها نسبة كبيرة من التدريس بشكل تزامني أو غير تزامني، وذلك بتوظيف أحد الوسائط سواء أكانت إلكترونية أو تقليدية (UNESCO, 2001). كما أوجز أحد تقارير اليونسكو (UNESCO, 2002)مراحل التعليم عن بعد هذه في عدة مراحل هي: (1) الاعتماد على أنظمة المراسلة التي استخدمت منذ نهاية القرن التاسع عشر ولازالت في تستخدم في بعض الدول النامية، من خلال نشر بعض المواد المطبوعة وتداولها عبر البريد العادي كوسيلة للتواصل بين المعلم والمتعلم. (2) توظيف أنظمة التلفزيون والراديو التعليمي، والتي تستخدم فيها تقنيات المحطات التلفزيونية والفضائية كوسيلة للتواصل سواء أكان ذلك التوصل مباشر أو غير مباشر. (3) توظيف أنظمة الوسائط المتعددة، ويشمل هذا النمط استخدام النصوص والصور والأصوات وأشرطة الفيديو والأشرطة الرقمية، في مختلف المؤسسات التعليمية والتدريبية. (4) توظيف أنظمة الإنترنت في التعلم وهي استخدام الإنترنت لنقل وسائط التعلم المتنوعة عبر أجهزة وبرامج من حاسبات آلية وقواعد بيانات ومواقع إلكترونية متخصصة والتي قد تتم بشكل متزامن أو غير متزامن. كما عرفته الجمعية الأمريكية للتعليم عن بعد أنه عملية اكتساب المعارف والمهارات عن طريق وسيط لنقل التعليم والمعلومات متضمناً في ذلك جميع أنواع التقنيات وأشكال التعلم المختلفة للتعلم عن بعد (ASDLA, 2004). كما عرفته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بأنه "نظام تعليمي يقوم على فكرة إيصال المادة التعليمية إلى الطالب عبر وسائط اتصالات تقنية مختلفة حيث يكون المتعلم بعيداً ومنفصلاً عن المعلم" (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 2005: 36).
أما المهتمون والممارسون فقد أطلقوا عدة تعريفات ومفاهيم متباينة للتعلم والتدريب الالكتروني والتي تنطلق من عدة أوجه مختلفة مثل البيئة والمكونات وطريقة الاتصال ووسائل الاتصال ومن هذه المفاهيم أن عملية التعلم والتدريب الإلكتروني ما هي إلا تلك البيئة التي تتاح من خلال شبكة المعلومات وخاصة عبر شبكة الإنترنت، عندما يكون المعلم أو المدرب والطالب أو المتدرب منفصلين عن بعضهما في مكانين أو أماكن مختلفة، والتي في الغالب تعمل كل من وسائل ووسائط التعلم المتاحة مثل البيانات والرسومات والمرئيات والسمعيات وغيرها في تناغم وتلاحم مع أساليب الاتصال لكي تتحقق عملية التفاعل (الهادي، 2005).
وهناك من ركز على الأساليب التقنية، حيث عرف التعلم الإلكتروني بأنه "الذي يعمل على توفير إمكانات التعلم عبر أساليب تكنولوجية مثل: الإنترنت، الإنترانت، الأقراص المضغوطة والمتنوعة الرقمية، أشرطة الكاسيت، أشرطة الفيديو، الهواتف الخلوية، المساعد الرقمي الشخصي، والمفكرات الإلكترونية الشخصية (بسيوني، 2007: 220). وهناك من عرف التعلم والتدريب الإلكتروني بأنه "تقديم البرامج التعليمية والتدريبية عبر وسائط الكترونية مثل الأقراص المدمجة وشبكة الإنترنت وذلك بأسلوب متزامن أو غير متزامن وباعتماد مبدأ التعلم الذاتي أو التعلم بمساعدة مدرس" (استيتيه، سرحان، 2007: 282). ومن حيث طريقة التعلم عرف التعلم الإلكتروني بأنه طريقة للتعليم باستخدام آليات الاتصال الحديثة من حاسب وشبكات ووسائطه المتعددة مثل الإنترنت والإنترانت سواء أكان عن بعد أو في الفصل الدراسي لإيصال المعلومة بأقصر وقت وأقل جهد وأكبر فائدة" (مازن، 2009: 80)
ولقد أشارت منظمة اليونسكو أن التعلم عن بعد في الأقطار العربية يعتبر حديثاً، ومحدود التطبيق مقارنة بغيرها من الدول الأخرى، إلا أن هناك اهتمام متزايد في إمكانات التعليم عن بعد لحل بعض التحديات التعليمية التي تواجها المنطقة، مثل تلبية الطلب المتزايد على التعليم في المنطقة (UNESCO, 2002). ويرتبط بارتفاع معدلات النمو السكاني في الوطن العربي بصفة عامة حيث يقدر أن يبلغ عدد السكان في الوطن العربي (380) مليون نسمة في العام 2010م، وأن يبلغ حوالي (465) مليون نسمة في العام 2025م مما يزيد من أعباء الطلب على التعليم الذي يقدر بـ 45%-50% من إجمالي عدد السكان (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 2005: 10). كما بادرت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، في تبني إستراتيجية عربية للتعليم عن بعد لمواجه العديد من المشاكل المرتبطة بالعولمة، وضرورة تقديم التعليم بجودة عالية، إضافة إلى أهمية توظيف التقنية بشكل أمثل، وقد تجسدت تلك الإستراتيجية في توفير تعليم يناسب المرحلة بحيث يكون تعليماً يتميز بالشمولية لكافة فئات المجتمع (أوسع)، وتعليماً مستمراً، وأفضل، وأفعل، وأجود، وأحدث، وأرحب، وأعمق (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 2005: 11).
ويمكن أن يصمم التعليم ليناسب المرحلة بما يضمن التعايش مع العولمة، وما أطلق عليه أحد الباحثين بأنه ذلك الجهد الذي يتضمن مجهودات تغيير المحتوى العلمي وأسلوب توصيله لإعداد المتعلمين بشكل جيد لتحقيق المواطنة في عصر العولمة (النوري، 2005). وبناء على الأفكار السابقة والتوجهات والاهتمامات بالتعلم والتدريب الإلكتروني، فإنه يمكن القول أن هذا النهج يمكن تعريفه بأنه ذلك الاتجاه الحديث من التعلم والتدريب الذي يهدف إلى تنمية عملية التفاعل بين المستفيد والقائم بالعملية التعليمية والتدريبية عبر وسائط تقنية متنوعة والتي تمكن المستفيد من الوصول إليها في أي وقت ومن أي مكان. وحتى يتم ذلك النوع من التعلم والتدريب الإلكتروني فهناك مكونات أساسية لجميع نظم التعلم عن بعد يمكن تحديدها كما وصفتها منظمة اليونسكو في: المحتوى والمقرر الأكاديمي، استراتيجيات وطرائق التدريس والتدريب، مصادر ومواد التعلم، وتقنيات الاتصال المستخدمة بين القائمين بالعملية التعليمية والتدريبية، والدعم الإداري والفني، ومدى توفر النظم الفرعية لإدارة الموظفين والطلاب، والتقييم لهذا النشاط (UNESCO, 2002: 25-28). كما أن هناك عوامل تؤثر على فعالية التعلم عن بعد منها: عدد المتعلمين، وحجم المقرر والمحتوى الذي يقدم عن بعد، عدد السنوات التي يقدم فيها المحتوى سنوياً دون تغيير، احتواء تكاليف التطوير، والتشارك في تكاليف التطوير، ومستوى التقنية المختارة، ومستوى الدعم الذي يقدم للطلاب، والتطبيقات العملية في الميدان، والتطبيق المتاح في سوق العمل، والتمارين التنظيمية (UNESCO, 2002: 73-78).
وعن مكونات التعلم الإلكتروني فهو يتكون من (1) مكونات أساسية تتضمن المعلم، والمتعلم، وطاقم الدعم التقني وضابط الدعم التقني، والطاقم الإداري المركزي. (2) تجهيزات أساسية تتضمن الخوادم ومحطات عمل للمعلم والمتعلم، واستخدام الانترنت (المبيريك، 1423: 6-7). كما أشار (النجار, 2003) إلى أنه يجب أن يشتمل التعلم الرقمي على المكونات التالية: (1) المكون التعليمي والذي يضم الطلاب والأساتذة، والمواد التعليمية، والموظفين من إداريين وماليين، والمكتبة والمعامل ومراكز الأبحاث والامتحانات. (2) المكون التكنولوجي الذي يتكون من الموقع الإلكتروني، والحاسبات والشبكة وعملية تحويل المكون التعليمي. (3) المكون الإداري والذي يضم أهداف وفلسفة التعليم الرقمي والخطط والموازنات والجداول الزمنية والإستراتيجية والأهداف لكل من الأجل القصير والأجل الطويل.
ويمكن أن يقوم التعلم الإلكتروني على مكونين أو نظامين أساسين هما: (1) النظام التعليمي من خلال تحويل المقررات إلكترونياً عبر الحاسب الآلي وشبكاته والوسائط الرقمية الأخرى، التي يمكن من خلالها التفاعل بين المعلم والمتعلم بطريقة تزامنية أو غير تزامنية. (2) النظام الإداري الذي يهتم بنظام إدارة التعلم الذي يعد مسؤلاُ عن إدارة العملية التعليمية الإلكترونية والذي يتضمن القبول والتسجيل، إدارة المقررات الكترونياً، الصفوف الإفتراضية، الاختبارات والواجبات الإلكترونية وتوفير وسائل التواصل الإلكتروني من بريد ومنتديات إلكترونية. وما يتضمنه يتكون من عمليات التسجيل، والمقررات والفصول الافتراضية وجميع الأنشطة التعليمية الأخرى من واجبات واختبارات وعمليات تواصل بين الطلاب والمعلمين (السعود، 2008: 279-28).
كما يرى (محمود، 2008) أن عناصر نظام التعليم الإلكتروني تتكون من المحتوى ، الوسيط، المتعلم الإلكتروني، المعلم الإلكتروني، بيئة التعليم الإلكترونية، ومدير النظام. وحيث يعد التعلم والتدريب الإلكتروني صناعة باعتماده على التقنيات الحديثة فقد أشار كاليسكي، كالينوسكي، شومان، سكوت، وشين Kaliski, Kalinowski, Schumann, Scott, and Shin (2008) أن صناعة التعليم والتدريب الإلكتروني مثل كافة الصناعات الأخرى في الاقتصاديات الحديثة، حيث تنمو هذه الصناعة وفق المستحدثات التقنية وخاصة الإنترنت، إلا أن هناك العديد من المحركات التي لها أثر كبير على هذه الصناعة والتي يمكن تبويبها في ثلاث فئات هي: (1) محركات اقتصادية تبنى على اقتصاد المعرفة مثل نقص العمالة الفنية الماهرة التي يمكن أن تساعد في إدارة مثل هذه التجهيزات، ومن ثم التمكن من استخدام التقنية. (2) محرك التعاون بين الجهات المعنية مثل الجامعات والكليات المعنية بالتعليم والتدريب التقني، وذلك لتيسير عملية التطبيق من خلال معرفة التجارب واكتساب الخبرات، (3) محرك المتعلم من التقنية وأدواره المختلفة، من حيث إكسابه المعارف والمهارات اللازمة التي تمكنه من استخدام هذه التقنية.
كما يقترح مور وكيرسلي Moore and Kearsely(2009) أن منظومة التعليم عن بعد لا بد أن تتكون من نظام فرعي لنقل مواد وأنشطة التعلم، ومدرسون ودارسين يتفاعلون في بيئة التعلم، ونظام فرعي لرصد وتقويم مخرجات التعلم، ومؤسسة ذات سياسة محددة وبنية إدارية لربط الأجزاء السابقة. وعند اختيار هذه التقنيات فقد اقترح المختصين العديد من النماذج التي تساعد في توظيف التكنولوجيا في التعليم والتدريب، ومن هذه الاجتهاد ما أشار إليه بيتس وبول (2006) تحت مصطلح ما يعرف بـ ACTIONS؛ والذي يعني Accessوهي إمكانية الحصول على هذه التقنية؛ وCostوتعني مدى تكلفة هذه التقنية؛ و Teaching and Learningوتعني ما هي أنواع التعلم التي يكون هناك حاجة لها؛ وInteractivityوتعني نوع التفاعل الذي تعمل عليه هذه التقنية ومدى سهولة استخدامها؛ وOrganizational Issuesوتعني ما هي المتطلبات التنظيمية والقيود التي يجب إزاحتها للتمكن من استخدام هذه التقنية؛ و Noveltyوتعني مدى جدة وحداثة هذه التقنية؛ وSpeedوتعني مدى سرعة إعداد المحتوى لتتلاءم مع هذه التقنية المرغوب استخدامها ومدى سرعة تغير هذه المواد.
وحيث أن التقنيات التي يمكن توظيفها في تفعيل عملية التعلم يمكن استخدامها في التدريب، وبناء على ماهية التعلم والتدريب الإلكتروني وما يرتبط بهما من مكونات رئيسة. وحيث أن التعلم والتدريب يسبقان توظيف هذه التقنية يمكن القول أن منظومة التعلم أو التدريب الإلكتروني تتكون من:
1. المنظومة التعليمية أو التدريبية والتي تشتمل على كل ما يربط بعمليتي التعلم والتدريب من عناصر رئيسة مثل المقرر التعليمي والمحتوى التدريبي وجميع الأنشطة المساندة له.
2. المنظومة التقنية وتضم جميع الأنظمة وأدوات التعلم والوسائط التقنية التي يتم توظيفها في هذه البرامج.
3. المنظومة البشرية التي تضم جميع العناصر البشرية المرتبطة به من قيادة وإدارة ومستفيدين سواء أكانو طلاب أو متدربين، ومن مسئولين عن الخدمات الإدارية والفنية (الدعم الإداري والفني).
4. المحركات الفاعلة لنجاح هذا النظام والتي تضم التنظيم الإداري المناسب، القيادة الفاعلة، وإدارة التغيير الفاعلة، والبيئة المناسبة، وتوفر الموارد المالية للمشروع،
ويجسد الشكل رقم (1) هذه المكونات.







شكل رقم (1) مكونات منظومة التعلم/التدريب الإلكتروني


المكون البشري :
القيادة – الإدارة- أعضاء هيئة التدريس/التدريب-الطلاب-المتدربون- الدعم الإداري-الدعم الفني- خبراء التصميم التعليمي
المكون التعليمي/التدريبي:

المقرر التعليمي (المنهج، المادة)- المحتوى التدريبي (المقرر، الحقيبة، المادة)- الأنشطة التعليمية – الأنشطة التدريبية- الملفات العلمية- الوسائل التعليمية والتدريبية (السمعية والبصرية).
نظام
التعلم/التدريب
الإلكتروني
محركات فاعلة
القيادة الفاعلة
إدارة التغيير
البيئة المناسبة
الموارد المالية
المكون التقني:


الأجهزة التقنية -الأنظمة التقنية- أدوات التعلم- البوابة أو الموقع الإلكتروني، الوسائل التقنية المساعدة.
التنظيم الإداري


ومن المتعارف عليه أن التعليم والتدريب الإلكتروني يقدم من خلال نمطين هما الأسلوب المتزامن Synchronous e-learning/e-trainingأو الأسلوب غير المتزامن Asynchronous e-learning/e-training . فمن خلال الأسلوب المتزامن تتم عمليتي التعلم والتدريب من مكانين أو عدة أماكن مختلفة في وقت واحد بشكل مباشر وتفاعلي بين أطراف العمليتين باستخدام الصوت، الصورة، النص أو أي وسيلة اتصال أخرى وذلك عبر وسائط التقنية متعددة سواء أكانت حاسب آلي أو إنترنت أو إنترانت. فمن خلال هذه العملية يمكن تقديم عملية التعلم والتدريب من خلال المناقشة الفورية شفهياً أو كتابياً لمواضيع الدروس أو التدريب أو من خلال توفر فصول وقاعات تدريب افتراضية تتم عبرها عملية التفاعل لتحقيق التعلم والتدريب. أما الأسلوب غير المتزامن فتتم فيه عملية التعليم والتدريب في مكانين وزمانين مختلفين، من خلال وضع أدوات ووسائل التعلم والتدريب من خطط وموضوعات للنقاش واختبارات ودراسات وحالات وبحوث على بيئة التعلم والتدريب التقنية ثم يقوم المستفيد بالإطلاع عليها في أي وقت يرغب أو وفق محددات المعلم أو المدرب، ويمكن أن يتواصل كل منهما بإحدى أساليب الاتصال الصوت أو النص أو الصورة عبر وسائط التقنية الحديثة وأساليب التواصل مثل البريد الإلكتروني، وفصول و/أو غرف المحادثة.
ومن خلال الأسلوبين السابقين، فإنه ينصرف جهد المتلقي على أن التعلم والتدريب الإلكتروني عند تقديمها قد يركزان على الأسلوب غير المتزامن، إلا أن العديد من المؤسسات التعليمية والتدريبية تطبق ذلك الأسلوب نظراً للممارسات والمبادرات الأولية في هذا المجال وكذلك لاستفادة العديد من الطلاب لهذا النوع من التعلم والتدريب، إضافة إلى ضعف بنية الاتصالات في بعض البلدان والتي لا تمكنها من تطبيق الأسلوب المتزامن.


ولاشك أن استخدام التقنية في كافة المجالات ومنها الحقل التعليمي والتدريبي تنامى منذ حقبة السبعينيات فقد أتاحت أنماطاً من التعلم التي قد تكون ممتعة، وتحقيق الفردية في التعلم، وتأصيل التعلم التفاعلي عبر تلك الوسائط، وتقليل وقت التعلم من 30%-50%، وتوفير معلومات مرئية من خلال توظيف وسائط التقنية المختلفة (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 2008: 22). ولا شك أن أي تحول إلكتروني وخصوصاً في المجال التعليمي والتدريبي، يعتبر أسلوباً ناجعاً لدعم هذه العملية وتحويرها من طرائقها التقليدية إلى طور الحداثة والإبداع والتفاعل وتنمية المهارات.
ومن المسلمات أن التقنية بصفة عامة والإنترنت بصفة خاصة بتطوراتها الكبيرة قد أحدثت تغيراً كبيراً في مختلف مناحي الحياة، ومنها الجانب التعليمي والتدريبي، وعادة ما يوصف التعلم والتدريب المعتمد على الإنترنت بأنه للتغلب على كافة معوقات التعلم والتدريب المرتبطة بالمكان والزمان وآلية وسرعة التعلم (Clark, 2004). ولتسارع هذا التطور فقد أفرزت أساليب متنوعة في التعلم ومنها التدريب والتعلم عن بعد واللذان يوظفان معطيات التقنية ووسائل الاتصال المتعددة في هذا النشاط، ومن هذا المنطلق برزت أهمية التعلم والتدريب الإلكتروني من منطلق مواكبة التقدم التقني المطرد. وبناء على الأفكار السابقة والتوجهات والاهتمامات بالتعلم والتدريب الإلكتروني، فإنه يمكن القول أنه مهما تنوعت المكونات وتطورت من حقبة لأخرى وتغير أدوار هذه المكونات إلا أنها تظل عوامل مؤثرة في أداء هذا النوع من التعلم والتدريب.
ثانياً: مبررات إطلاق مشاريع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني
لاشك أن التعلم والتدريب هما الركيزتان الأساسيتان في تطوير معارف ومهارات وقدرات الموارد البشرية التي يعتمد عليها لتحقيق أهداف التنمية. ونظراً لما يشهده العالم المعاصر من تطورات نوعية وكمية غير مسبوقة في التقنية وخصوصاً تقنية الاتصالات والمعلومات وتوظيفها في مجال التعلم والتدريب خاصة الانترنت وشبكات الاتصالات والبيانات، التي ساعدت بدورها على تيسير أساليب التعلم والتدريب دون التقيد بحدود الزمان والمكان. لذا أحدثت هذه التقنية، تغيراً نوعياً ونقلات كبيرة أثرت في حقلي التعليم والتدريب الإلكتروني، مما أضفى أهمية كبيرة لتوظيف هذه التقنيات. فالتقنية بهذا التطور كما أشار أحد الباحثين سوف تغير طريقة الاتصال بين الناس وسوف تحدث ثورة كبيرة في التعليم والتدريب، وأن التعلم الإلكتروني من أسرع الاتجاهات نمواً، وهذا النمط ليس مجرد تنفيذه عن بعد أو عبر وسائط تقنية معينة، أو عبر الإنترنت، إنما هو إيصال المحتوى في التعلم والتدريب عبر جميع الوسائط الإلكترونية بما في ذلك شبكة الإنترنت، والإنترانت، وإلإكسترانت، والبث الفضائي، والأشرطة السمعبصرية، والتلفاز التفاعلي، والأقراص الرقمية (Gold, 2001).
لذا ومن هذا المنطلق فإنه لابد من الأخذ بمختلف السبل والاتجاهات الحديثة التي تحقق تلك الأهداف، وإذا كانت هذه الأهمية للتعلم والتدريب، وكذلك بأن التقنية
تعد السبب الرئيس للدفع بهذا النهج وتطبيقه في التعلم والتدريب. كما أنه يجدر بنا التعرف على الأهمية والمبررات الحقيقية التي تدفع بمؤسسات التعليم والتدريب إلى تبني وإطلاق مثل هذه المشاريع؟ إن إطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني برزت لمعالجة بعض أوجه القصور في هذين الحقلين من ناحية، وكذلك لأهمية استثمار أدوات ووسائل التقنية الحديثة لتطوير أنماط التعلم والتدريب المتعارف عليها. كما يمكن القول أن مبررات إطلاق مشاريع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني تنطلق من مسلمة أنها أصبحت واقعاً ملموساً في هذين الحقلين خصوصاً مع تنامي الاهتمام بها مع بداية القرن الحادي والعشرين. وقد تعددت هذه المبررات كما أن هناك العديد من العوامل التي دفعت إلى الأخذ بهذه الأساليب وتناميها تدريجياً في المؤسسات.
ونظراً لأن حقلي التعليم والتدريب يشهد إقبالاً واسعاً في مختلف دول العالم لاكتساب المعارف والمهارات والقدرات، وبالتالي الحصول على فرص حياة أفضل لكافة الأفراد، إلا أنه مع تنامي هذا الإقبال لم تستطع بعض من تلك المؤسسات في توفير مختلف الفرص التعليمية والتدريبية، لذا فإن برامج التعلم والتدريب الإلكتروني ومن خلال وسائط التقنية الحديثة التي تجاوزت حدود الزمان والمكان اعتبرت سبلاً واسعاً لتوفير مثل تلك الفرص.
وحيث أن الوضع الاقتصادي أحد المحركات الرئيسة للاهتمام بهذا النوع من التعلم والتدريب وتوظيف التقنية بشكل مناسب، فإنه يعد من أهم مبررات التعلم الإلكتروني وتوظيف التقنية في هذين المجالين والذي يتطلب الجهود المضنية من الشركات والمؤسسات المعنية وكذلك مؤسسات التعلم والتدريب في تبني مفاهيم اقتصاد المعرفة، وكذلك توسيع نطاق الشراكة لتحقيق المسؤولية لبناء قوى بشرية فاعلة، وكذلك القدرة على خوض تجارب المنافسة، كما أن التعليم والتدريب الإلكتروني يعتبر من أهم الأساليب الذي يمكن القوى البشرية من الحصول على العديد من المعارف والمهارات والقدرات التي تمكنهم من المنافسة في سوق العمل ((Bartley and Golek, 2004. وحيث أن عملية التحول الإلكتروني تعتمد في المقام الأول على التغيير وأهمية إدارته فقد أشار أونيل، سنقه، و أودونقهيو (O'Neil, Singh, and O'Donoghue, (2004أن لعملية التطبيق آثاراً متعددة الأوجه حيث يتطلب من المؤسسة نفسها التغير والتحول والتكيف من النواحي المادية والثقافية والإدارية، وأن العوامل الحاسمة لتحقيق النجاح سوف تتغير مع تنفيذ التعليم الالكتروني ومنها الخبرة السابقة في استخدام التقنية، والبنية التقنية المناسبة، والقائمين بعملية التعلم.
ومن المبررات لإطلاق مثل هذه البرامج والتي حظيت بأهمية كبيرة أيضاً، ما أشار إليه الهادي (2005) أنه بالاعتماد على هذه المستحدثات التقنية يمكن أن تصل إلى جمهور عريض من الطلاب والمتدربين، وتلبية الحاجة لغير القادرين على الالتحاق ببرامج التعليم والتدريب الأساسية، تضمين متحدثين آخرين قد يصعب تواجدهم بالطرق التقليدية، تحقيق ديمقراطية التعلم والتدريب للجميع حيث قد يصل وينسجم العديد من الطلاب والمدربين ذوي الخلفيات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية المختلفة.
ولما للتكلفة من أهمية في تدشين مثل هذه المشاريع التعليمية والتدريبية، وكذلك لأهمية القوى العاملة كأحد المكونات الرئيسة لهذه البرامج، فإنها تعد من أهم المبررات لإطلاق هذه البرامج التعليمية والتدريبية، وهي تعد من أهم العوامل التي تعزز عملية تطبيق التدريب الإلكتروني، فعلى سبيل المثال لا الحصر أوضحت إحدى الدراسات Aydin and Tasci (2005)أن شركة IBMعند تبنيها لمبادرة التدريب الإلكتروني في عام 2000م حققت وفورات اقتصادية وصلت إلى (16) مليون دولار أمريكي، كما أن منظمات الأعمال تفضل التدريب الإلكتروني لما يحققه لها من المزايا منها أنه يساهم في المحافظة على القوى العاملة وعدم تسربها، ويساهم في تسريع عملية التطور لمعارف ومهارات هذه القوى وكذلك تلك المنظمات، كما يساهم في نشر وتحديث محتوى التدريب بين عدد كبير من المستفيدين، كما يوفر تدريب فاعل بحيث يكون متاح للعديد من الأفراد في أي وقت وأي مكان.
كما لخصت (يماني، 2006) مبررات استخدام التدريب الإلكتروني التي تعد ناتجاً عن تحديات العصر الرقمي في التفجر المعرفي والتقدم التكنولوجي، وثورة الاتصالات وسرعة نقل المعلومات، وتطور الأوضاع الديموغرافية، والقصور في توفير الكوادر التدريبية المؤهلة، ومحدودية جهود مؤسسات المجتمع السعودي في التعليم المستمر وخدمة المجتمع، وعجز مؤسسات التدريب التقليدية عن تقديم فرص التدريب لفئات معينة من المجتمع.
ولأهمية استخدام التقنيات في التعلم أكدت (سكتاوي، 2008) أن هناك عوامل تعزز هذه الأهمية والتي تتمثل في تزايد معدل النمو السكاني، تزايد معدل النمو المعرفي والتكنولوجي، تعدد أوعية ومصادر المعرفة، تعدد الأدوات التي يتعامل ويفاعل معها الانسان خارج المؤسسة التعليمية وتعقدها، وحل مشكلات التعليم.
كما أشارت (العريني، 2009) إلى أن هناك مبررات أساسية للدول العربية بصفة عامة والمملكة العربية السعودية بصفة خاصة تدفع إلى تطبيق برامج التعلم الإلكتروني والتي يمكن تلخيصها في مبررات جغرافية تتمثل في تجسير الفجوة المكانية بين المتعلم وبين المؤسسات التعليمية، حيث يوجد العديد من المتعلمين في مناطق بعيدة وشاسعة ومترامية الأطراف، مما يؤدي إلى صعوبة إتاحة فرص التعليم والتدريب لهم في تلك المناطق، إضافة إلى عدم توفر التجمعات البشرية المناسبة مثل الأرياف والقرى والهجر البعيدة والمناطق النائية وعدم استقرارهم، مما يصعب توفير وإتاحة فرص التعلم والتدريب لمثل هذه الفئات. ومبررات اجتماعية وثقافية من خلال زيادة فرص التعلم واستيعاب كافة المتغيرات الحضارية والاجتماعية والتكنولوجية، والذي أتاح الفرص للتقنية بأن تستوعب مثل تلك التغيرات وتحد من تأثيراتها الكبيرة على مختلف المجتمعات البشرية، والاهتمام بالمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة وتمكينهم من التعلم، حيث وفرت هذه التقنية مجالات رحبة لمن فاتهم ركب التعلم والتدريب في سنوات معينة، أو المرأة كربة بيت، حيث أتاحت مثل هذه التقنيات فرصاً أوسع أمام هذه الفئات لتنمية المعارف والمهارات والقدرات. ومبررات اقتصادية تتجسد في تقديم الخدمة التعليمية لشرائح متنوعة من المجتمع بتكلفة أقل، حيث أتاحت مثل هذه التقنيات توفير هذه الأنماط من التعليم عن بعد للعديد من فئات المجتمع، بل تجاوز ذلك إلى أن بادرت بعض مؤسسات المجتمع الدولي مثل هيئة الأمم المتحدة إلى تبني مبادرات رصينة بتقديم وسائل التقنية لفئات معينة في مختلف قارات العالم بنفقات وتكاليف زهيدة، وهذا أدى إلى ترشيد نفقات التعلم وإمكانية تعليم أعداد كبيرة من المستفيدين بتكلفة أقل. ومبررات نفسية وصحية تقوم على أن برامج التعلم عن بعد تدرك الفروق الفردية بين المتعلمين، وإعادة الثقة للمتعلمين بالحصول على فرص التعلم مهما كانت حالتهم الاجتماعية والصحية وهو ما يؤثر نفسياً على المتعلم وتعزيز ثقته بنفسه، إضافة إلى تحقيق الطموحات المختلفة التي يصبوا إليها المتعلم في التعلم تحقيق الأهداف الذاتية والإسهام بإيجابية في المجتمع.
ولعل هذه المبررات السابقة، وغيرها من المبررات تحفز المؤسسات التعليمية والتدريبية في مختلف أنحاء العالم، لتطبيق برامج التعلم الإلكتروني، حتى يمكن للمؤسسات التعليمية والتدريبية أن تبادر إلى تبني مثل هذه الأساليب الابتكارية في التعلم والتدريب لسد احتياجات وأولت هذا الأمر عناية كاملة، ومن هذا المنطلق برز دور تقنيات الاتصالات والمعلومات ووسائط التقنية الحديثة في تذليل مثل هذه العقبات وإتاحة فرص التعلم والتدريب وانتشار مثل هذه الأساليب وتناميها بشكل مستمر، ولقد أتاحت مثل هذه المعطيات التقنية فيض هائل من أساليب التعلم والتدريب للأفراد وفي المؤسسات التعليمية والتدريبية. فعند إطلاق مثل هذه المشاريع التقنية فإنها تتسم بالعديد من السمات، حيث تهيئ كثير من التفاعل المفتوح بين القائمين بالعملية التعليمية والتدريبية، كما تنمي جانب المشاركة بين المسئولين عن هذه الأنظمة من إداريين وفنيين وطلاب ومتدربين ومدربين ومعلمين ومساعدين، مما يخلق وينمي روح عمل الفريق في مثل هذه المشاريع، كما تتيح استثمار أساليب وأوجه أخرى في التعلم والتدريب وتوظيفها من طرائق وأدوات ووسائل قد لا يتاح أو يمكن توظيفها في الأسلوب التقليدي للتعلم والتدريب.

وهناك العديد من الفوائد لبرامج التعلم والتدريب الإلكتروني فهي تزيد وتنمي عملية الاتصال بين المشاركين في هذه العملية، كما تنمي المسؤولية لدى المتعلم وتنمي فيه حس التعلم الذاتي والمثابرة على التعلم، كما أن تطبيق مثل هذه البرامج وإطلاقها عبر استثمار وسائط التقنية تساهم في سهولة الوصول إلى المعلم والمدرب في أي وقت وفي أي مكان، كما تضفي هذه الطريقة أسلوبا جديدا في تحوير طرائق التدريب والتدريس بما تناسب مع احتياجات المستفيدين، كما توفر مثل هذه الأساليب المساعدة الإضافية في أي وقت وأي مكان عبر المساعدين المتواجدين لدعم العملية التعليمية والتدريبية ودعم المستفيدين، كما توفر هذه الأساليب المحتوى والمقرر في أي وقت عند تضمينه في بوابات التعلم والتدريب، أو تحميله في وسائط التقنية المختلفة، كما تتيح مثل هذه الأساليب طرائق متعددة في تقييم وقياس مستوى تقدم الطالب أو المتدرب، كما أن مثل هذه الأساليب تساهم في التشجيع على استثمار الوقت، كما أنها تقلل من أعباء التعلم والتدريب، وكذلك تحقق اقتصاديات التعلم بتخفيض تكاليف التعلم والتدريب في المؤسسات التعليمية والتدريبية، وأخيراً تساهم مثل هذه المشاريع عند إطلاقها على ترشيد حجم العمل في بيئات التعلم والتدريب والتقليل من حجم ذلك العمل. وقد أشار ميتشيل وجيفا- ماي Mitchell and Geva-May (2009)إلى أن المؤسسات التعليمية يجب أن تتحول وتستجيب إلى احتياجات المتعلمين المتعددة الذين لا يتطلب تعليمهم التعليم التقليدي، وهذا التغيرات يمكن أن تتضمن أنواع جديدة من مواد التعلم وأساليب التعلم المختلفة، وطرائق مختلفة للاتصال وترتيبات إدارية وتنظيمية مختلفة. كما أشار تشوي (Choy, 2007) إلى أن العديد من المنظمات تطبق التعلم الإلكتروني لرغبتها في تطوير خدمات التعلم المختلفة التي تقدمها، وبالتالي تحقيق أهدافها بفاعلية.
ومما سبق يمكن إيجاز مبررات إطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني في المؤسسات التعليمية والتدريبية فيما يلي:



تلبية احتياجات عدد كبير من الطلاب والمتدربين، نظراً لإمكانية تنفيذها في أي زمان ومكان.
تحقيق وفورات اقتصادية لمنشآت التدريب وللمستفيدين من طلاب ومتدربين.
إيجاد أنماطاً جديدة من التفاعل بين عناصر العملية التعليمية والتدريبية.
مواكبة التطور في مجال استثمار التقنية الحديثة ومعطياتها.
إيجاد بيئات تعلم وتدريب جديدة ذات مواصفات حديثة.
خلق بيئة تنافسية المنافسة بين المؤسسات التعليمية والتدريبية في تقديم أوجه جديدة من التعلم الإلكتروني.
إيجاد بيئة ذات شراكة فاعلة مع منظمات اقتصادية أخرى، مما يفعل دورها في عملية التعلم والتدريب.
تلبية احتياجات فئات خاصة من المستفيدين من الطلاب والمتدربين مثل ربات البيوت، وذوي الاحتياجات الخاصة، أو الطلاب والمتدربين الذين تحدهم بعض الظروف لتنمية معارفهم ومهاراتهم.
وبهذا يمكن القول أن المؤسسات التعليمية والتدريبية التي تدرك وتعمل في ظل هذه الاتجاهات الحديثة وتؤمن بأهمية تبنيها، فإن تظل مؤسسات رائدة ومواكبة لكافة التطورات ومستجيبة لمختلف الاحتياجات ومحققة للأهداف المطلوبة منها. وأن هذه المؤسسات بمختلف توجهاتها ستبقى وتخلق جواً من المنافسة بين أفراد المجتمع، كما أنه تعتبر رافداً مهماً ومحفزاً قوياً لمحركات التنمية.

ثالثاً : الدراسات السابقة
حظيت عملية إطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني باهتمام الباحثين والممارسين خصوصاً في الدول الغربية في مختلف الأوجه والاهتمامات، وما يلفت النظر أن هذا الجانب لم ينل الاهتمام المناسب من الباحثين والممارسين في الدول العربية وفي المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص. لقد ركزت العديد من هذه الدراسات على المعوقات التي تحد من تطبيق مثل هذه المشاريع التقنية. ففي دراسة أجراها كل من سالمون وقايلز Salmon and Giles(1998) على عينة بلغت (300) من المشاركين والممارسين للتعلم الإلكتروني في الجامعة المفتوحة بكلية إدارة الأعمال بالمملكة المتحدة للتعرف على عدد من المعوقات لاستخدام الحاسب الآلي في مؤتمرات التعلم عن بعد. وقد خلصت الدراسة إلى أن هناك معوقات رئيسة تواجه تلك البيئة التعليمية والتدريبية تتمثل في تكلفة الاستخدام للأجهزة والبرامج، تحديد الأجهزة بدقة لضمان التوافقية في الاستخدام، توفر نظام الدعم والمساندة وكذلك التدريب المساند للموظفين، مساعدة المستخدمين بسهولة للدخول للأنظمة، ومساعدة المستخدمين لاستخدام الأنظمة لتنمية ورفع فاعلية التعلم ومخرجاته المناسبة. وقد أشارت الدراسة إلى أنه يشترط لنجاح التطبيق توفر النية لدى المستخدمين، وتشجيعهم وحثهم على الاستخدام، إضافة إلى التدريب المناسب لهم، والدعم والمساندة وأخيراً الصيانة لتلك البرامج والنظم. ولأهمية التكلفة كأحد المقومات الرئيسة لنجاح عملية التطبيق وضرورة تلافيها، وكذلك توفر البنية التحتية التي تساعد على نجاح عملية التطبيق أشار يوه وراه Jung and Rha (2000)أن التكلفة تعد من أكثر المعوقات التي تحد من تطبيق التعلم الإلكتروني والتي تتمثل تحديداً في تكلفة الاتصال إضافة إلى ضعف البنية التحتية.
وعن استعداد منظمات التدريب لإطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني - خاصة مع بدء انتشار التدريب الإلكتروني – وكذلك معرفة بعض المعوقات التي تحد من إطلاق تلك البرامج أجرى سوفريس (Sofres, 2001)دراسة مقارنة بين منظمات الأعمال في الولايات المتحدة وكندا، تضمنت إجراء (300) مقابلة شخصية مع عدد من مسئولي ومديري الموارد البشرية والتدريب في عدد من منظمات الأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، مئتان منها في الولايات المتحدة الأمريكية والمائة الأخرى في كندا. وقد خلصت الدراسة إلى أن غالبية منظمات الأعمال لديها خطط لتطبيق هذا النهج من التدريب، في حين أن ما نسبته (24%) ليس لديها خطط واضحة لتطبيق التدريب الإلكتروني في كلا البلدين، كما أشارت الدراسة أن المعوقات الأخرى لتلك المنظمات التي ليس لديها خطط تتمثل في عدم وجود ميزانية مخصصة للتدريب الإلكتروني (21%)، وأن هذه المنظمات لديها ضعف واضح في البنية التحتية لتقنية الاتصالات (10%) لتطبيق التدريب الإلكتروني. كما أشارت نسبة ضئيلة أخرى (7%) قلقها أن هذا الاتجاه حديث، وأن الموظفين قد لا يعرفون الشيء الكثير عنه، كما أن (6%) من العينة أشارت إلى أنه يمكن أن يواجه هذا الاتجاه مقاومة من الموظفين وبالتالي لن يقبلوا به، وبنفس النسبة (6%) أشارت الدراسة إلى أن عدد من الموظفين يفضلون التدريب في قاعة التدريب وجهاً لوجه.
ولأهمية الإعداد والتحضير لإطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني وتوافر العديد من المحركات الدافعة لذلك من قبل المؤسسات التعليمية والتدريبية، أكد ملهيم (Milheim, 2001) أن هناك العديد من القضايا التي يجب أخذها في الاعتبار قبل تطبيق التعلم الإلكتروني والتي منها الدعم الكامل من المؤسسة مثل توفير التدريب، والمنح، والدعم الفني، إضافة إلى توفر الوقت الكافي للتطبيق. كما بين هندرسون (Henderson, 2003)العديد من المعوقات التي يمكن أن تيسر على المؤسسات التعليمية تطبيق التعلم الإلكتروني ومن هذه المعوقات المقاومة الطبيعية للتغيير، الحاجة إلى مهارات جديدة، الحاجة إلى تقنيات جديدة، محدودية نطاق الاتصال في الإنترنت، مدى توفر البرامج والمقررات الإلكترونية، والميزانية.
ومن التحديات الأخرى التي تعيق عملية التحول إلى التعلم الإلكتروني أو أي صيغة لتوفير التعلم والتدريب بالاعتماد على التقنيات الحديثة والتحول من الجانب التقليدي إلى الحديث، ما أشار إليه (الهادي، 2005: 94) والتي تتمثل في "أن تستخدم مثل هذه التقنيات الحديثة بنسب وتطبيقات ملائمة، الحاجة إلى طرق جديدة للتعلم نظراً لتنوع المتزايد في العملية التعليمية بالنسبة للطلاب، أهمية اكتساب الكفاءات المرنة لتواءم الحياة المتغيرة نظراً لتنوع هيكل العمل الذي يبنى على عمل الفريق". وعن دور بعض المكونات وأهميتها لتيسير عملية التعلم الإلكتروني، أجرى إنتونادو ودياز Entonado and Diaz (2007) دراسة شارك فيها (342) مدرساً تهدف إلى تحديد وتطوير التدريب المناسب لمدرسي التعلم عن بعد، وخاصة التدريب اللازم للتعلم والتدريب الإلكتروني، وقد خلصت الدراسة إلى أن هناك خمس سمات رئيسة ينبغي أن يتم التركيز عليها والتي تتمثل في المحتوى النظري للمادة، النشاطات المستخدمة، آليات التفاعل بين المستفيدين، أدوات الاتصال، وآليات تصميم المحتوى التدريبي، وأكدت الدراسة إلى أن تلك السمات مهمة في بناء تلك النظم التعليمية والتدريبية.
ولأهمية الاتجاهات حيال عملية التطبيق ودورها في تفعيل برامج التعلم والتدريب الإلكتروني أجرى ميتشيل وآخرون Mitchell et al. (2009)دراسة للتعرف على اتجاهات أعضاء هيئة التدريس وعدد من المديرين الأكاديميين حيال تطبيق التعلم الالكتروني في مؤسسات التعليم العالي في كندا، والتي استخدم فيها المقابلة الشخصية، وتحليل المحتوى لعدد من الوثائق ذات العلاقة، والاستبانة لقياس هذه الاتجاهات وقد بلغ حجم عينة الدراسة التي أجريت في خمس من مؤسسات التعليم العالي ما مجموعة (382) منهم (346) من أعضاء هيئة التدريس، و(36) من المديرين الأكاديميين، وقد اختير منهم حوالي (39) عشوائياً لإجراء المقابلة الشخصية. وقد خلصت الدراسة إلى أن هناك ضعف إلى حد ما في قبول أعضاء هيئة التدريس والإداريين، حيث يتأثر هذا القبول باتجاهاتهم بعدد من المتغيرات المرتبطة بعملية التحول والتغيير إلى التعلم الإلكتروني وهي المتغيرات المرتبطة بالمقاومة الفكرية، ومدى توفر الدعم، والتغير، ومدى تحقيق المنفعة بناء على التكلفة، وقد تراوح نسبة متوسط الاتجاه نحو التطبيق من 2.41% إلى 2.61%.
وحيث أن الإنترنت تعتبر الوسيلة الرئيسة الحديثة التي يعتمد عليها لإطلاق مثل هذه المشاريع، وأن توافرها يطلق مثل هذه المشاريع بفاعلية، أوضحت دراسة أجريت من قبل أسبار للدراسات والبحوث والإعلام، عن استخدامات الإنترنت في المجتمع السعودي (الاستخدام ودوافعه وأنواعه وتأثيراته المحتملة). وهذه الدراسة عبارة عن دراستين، شملت الأولى مستخدمي الإنترنت وغير المستخدمين لها، واستهدفت (2170) من الذكور والإناث في جميع مناطق المملكة العربية السعودية بالتساوي. في حين شملت الدراسة الثانية مستخدمي الإنترنت فقط واستهدفت (1464) مشارك من الذكور والإناث في جميع مناطق المملكة. ومن أهم ما أشارت إليه الدراسة من نتائج أن الأغراض التعليمية هي أحد أهم أهداف استخدام الإنترنت في المملكة العربية السعودية عند حوالي 60% من المبحوثين، وتشمل هذه الأغراض التعليمية البحث والتعلم عن بعد، حيث يتم زيارة المواقع التعليمية للمؤسسات التعليمية والتدريبية من قبل 70.9%، وتزيد هذه النسبة لصالح الإناث بواقع 36.9%، مقارنة بالذكور 31.6%، كما أشارت الدراسة إلى أن نسبة الاستخدام للإنترنت تزيد في كل من المنطقتين الغربية والجنوبية من المملكة، وبين الموظفين في القطاعين العام والخاص وبين الجامعيين، وبين الفئة العمرية 25-34 سنة (مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام، 2004).


كما بينت دراسة أخرى عن استخدام الإنترنت في المملكة العربية السعودية أجرتها هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات عام 2007م، بعنوان مشروع دراسة استخدامات الإنترنت في المملكة العربية السعودية. تهدف هذه الدراسة إلى تقييم الوضع الحالي للإنترنت في المملكة العربية السعودية وذلك بالتعرف على أهم مؤشرات استخدام الإنترنت في المملكة، وبالتالي تحديد مدى انتشار استخدام هذه الخدمة، ومعرفة عادات وأنماط المستخدمين والإمكانات المستقبلية لها، كما تتعرف هذه الدراسة على البنية التحتية، إضافة إلى رضا المستخدمين للإنترنت، ومعرفة المعوقات التي تحد من استخدام الإنترنت. ومن منطلقات هذه الدراسة أنها ستعاد على ثلاثة دورات متتالية. وقد أنجزت الدورة الأولى منها خلال العام 1429هـ (2007م/2008م)، وقد غطت الدراسة فئات تشمل مستخدمي الإنترنت من أفراد، وجهات حكومية، ومؤسسات تعليمية وشركات، وطبقت الدراسة الأسلوب الكمي بين المجيبين إضافة إلى إجراء عدد من المقابلات مع عدد من الخبراء للتأكد من صحة بيانات ومعلومات الدراسة، وقد شملت فئة الدراسة الأفراد التي تزيد أعمارهم عن (15) عاماً وتقل عن (60) عاماً، كما أجريت مقابلات شخصية مع مديري تقنيات المعلومات، وخدمات الاتصالات والمسئولين المعنيين باتخاذ القرارات، أو أصحاب الوظائف المماثلة في عدد من القطاعات الصحية والتعليمية وقطاع الأعمال والقطاع الحكومي.
ومن أهم النتائج التي خلصت إليها أن نسبة انتشار الإنترنت بين السكان في المملكة العربية السعودية تصل إلى (30.5%)، كما أن نسبة انتشار الانترنت في قطاع التعليم تصل إلى (20%)، والتي تأتي في المرتبة الرابعة بعد القطاع الحكومي (52%)، وقطاع الأعمال (49%)، وقطاع الصحة (33%). كما خلصت الدراسة إلى أن (26%) من مؤسسات القطاع التعليمي لا يوجد بها خدمة الإنترنت. كما لخصت الدراسة معوقات الاستخدام في أن ما نسبته (53%) من المنتمين لهذه المؤسسات لا يرون ضرورة توفرها في تلك المؤسسات (المدارس)، كما أن ما نسبته (36%) تتمثل في عدم توفر أجهزة الحاسب الآلي، و (11%) تشير إلى أن تكلفة الاتصال بالإنترنت عالية، ثم يرى (15%) أنه قد يكون هناك إساءة استخدام الموظفين للإنترنت (هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، 2007م).
ولأهمية الاتجاهات أيضاً حيال عملية التطبيق ودورها في تفعيل برامج التعلم والتدريب الإلكتروني أجرى (العتيبي، 2006) دراسة لمعرفة معوقات التعلم الإلكتروني في وزارة التربية والتعليم بالمملكة العربية السعودية من وجهة نظر القادة التربويين، وقد شملت عينة الدراسة (420) من القيادات الرجالية والنسائية في مدينة الرياض، وكان من أهم نتائج الدراسة أن من أهم معوقات تطبيق التعلم الإلكتروني عدم توفر البنية التحتية وتدني جاهزية شبكة الاتصالات لتطبيق التعلم الإلكتروني.
وفي دراسة أجرتها (غلام، 2008) عن معوقات التعليم الإلكتروني في الجامعات السعودية بالتطبيق على جامعة الملك عبدالعزيز، والتي هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على واقع استخدام تقنيات التعليم الإلكتروني من خلال واقع انتشار هذه التقنيات، وكذلك التعرف على أهم المعوقات الإدارية والتنظيمية التي تواجه المستخدمين، وقد شملت الدراسة ثلاثة فئات هم عينة عشوائية تمثل (112) من أعضاء هيئة التدريس، وعينة عشوائية تمثل (1387) من الطلاب والطالبات، والثالثة عينة عشوائية مختارة من أعضاء هيئة التدريس والإداريين والفنيين المختصين في مجال التعليم الإلكتروني. وكان من أهم نتائج الدراسة هي انخفاض انتشار تقنيات التعليم الإلكتروني، وعدم توافر كادر إداري مؤهل للتعامل مع التقنيات الحديثة، وعدم توفر حاسبات آلية في القاعات المرتبطة بالإنترنت، وقلة توفر التمويل اللازم لدعم برامج التعليم الإلكتروني مع جمود اللوائح والأنظمة، وغياب الأنظمة واللوائح المانحة للدرجات العلمية لطلاب وطالبات التعليم الإلكتروني، وقلة عدد المختصين في عملية تطبيق التعليم الإلكتروني، وصعوبة الحصول على البرامج باللغة العربية.
كما أشار (مازن، 2009a) إلى أن من أهم أخطاء تطبيق أنظمة التعلم الإلكتروني هو عدم مشاركة المعنيين بالنظام واتخاذ القرار من الإدارة العليا فردياً، وكذلك عدم تهيئة العاملين بالمؤسسة التعليمية وتعريفهم وإقناعهم بأهمية هذا الاتجاه في التعلم وتدريبهم وتعريفهم بأدوارهم المناطة بهم، كما أشار إلى أن من الأخطاء عدم وضع خطة واضحة ومفصلة للتعريف بالمشروع وأهدافه ووسائل تنفيذه ومراحل تطبيقه والميزانية اللازمة لكل مرحلة، وتكوين اللجان التي ستتولى التنفيذ والمتابعة، والتوسع في إدخال التقنيات الإضافية دون التأكد من استخدام التقنيات الموجودة بالشكل المطلوب، كما أضاف أنه يمكن القول أيضاً أن عدم التخطيط الجيد والتسرع وغياب الرؤية الواضحة هي من أكبر أسباب الفشل للمشروع.
ومن حيث التحديات أشار (مازن، 2009b) أيضاً أنه على الرغم من المزايا المتعددة للتعليم الإلكتروني إلا أن المؤسسات التعليمية لا زالت تواجه الكثير من التحديات من أجل تحقيق التعليم الإلكتروني في القطاعات المختلفة، وقد رصد أن تلك المعوقات في البلدان العربية تتمثل في تخلف البنية التحتية للاتصالات، عدم الاهتمام باستخدام التكنولوجيا المتقدمة واهتمامه بنيل الشهادة فقط بلا جهد، عدم انتشار الحاسب الآلي في كثير من الدول العربية، وضعف الوعي التكنولوجي.
وفي دراسة أجراها (باصقر، 2009) للتعرف على اتجاهات أعضاء هيئة التدريس حول التعليم الإلكتروني في قسم علم الاجتماع بجامعة أم القرى وما هي الايجابيات والسلبيات التي تواجههم خلال استخدام هذه التقنية، وقد أجريت الدراسة على أعضاء هيئة التدريس في القسم خلال العام الدراسي 1428هـ/1429هـ، خلصت الدراسة إلى أن جميع أعضاء هيئة التدريس بالقسم يؤيدون استخدام التعليم الإلكتروني، كما يرى (85%) أن أكبر عائق يواجه الطلاب في استخدام التعليم الإلكتروني هو حداثة التجربة في المؤسسات التعليمية، وخلصت الدراسة إلى عدد من التوصيات، من أهمها تبني تطبيق هذه الخدمة داخل الجامعة وخصوصاً عن طريق جهة مؤهلة ومتخصصة في هذا المجال.
وحيث تعتمد برامج التعلم والتدريب الإلكتروني على الإنترنت كبيئة مناسبة لتوفير التعلم والتدريب الإلكتروني من حيث الأجهزة والاتصال، أشار تقرير صادر عن هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة العربية السعودية في العام 2008م يشير إلى تنامي عدد مستخدمي الإنترنت من مليون مستخدم في عام 2001م إلى (7.7) مليون مستخدم في نهاية عام 2008م، وقد بلغ متوسط النمو السنوي (34%)، كما يقدر انتشار استخدام الإنترنت بحوالي (31%)، وهي أعلى من المتوسط العالمي الذي يقدر بـ (23%)، كما أنه أعلى من متوسط الدول العربية الذي يقدر بـ (14%) (هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، 2008: 23). ويوضح ما سبق الشكل البياني التالي:






الشكل رقم (2)
نمو استخدام الإنترنت في المملكة العربية السعودية
خلال الفترة من عام 2001م إلى 2008م


المصدر: هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، التقرير السنوي، 2008م، ص23

كما أنه من جهة أخرى، تشير آخر الإحصاءات الصادرة عن معهد IBMلتقييم الأعمال الذي يهتم بمدى جاهزية الدول الكترونياً خلال عامي 2008م، 2009م، أن المملكة العربية السعودية، حظيت في العام 2008م بالترتيب (46) عالمياً، في حين حظيت في العام 2009م بالرتبة (51). أما على المستوى العربي فقط حصلت في عام 2008م على الترتيب الأول برصيد من النقاط بلغ (5.23)، في حين حظيت في العام 2009م على الترتيب الثالث، بعد كل من الإمارات والأردن برصيد من النقاط بلغ (4.88).






جدول رقم (1)
ترتيب دول العالم الاستعداد الإلكتروني خلال عامي 2008م و 2009م


Source: Economist Intelligence Unit (2009). E-readiness rankings 2009: The usage imperative: A report from the Economist Intelligence Unit, P5.
ومما سبق يمكن أن يستنتج من الدراسات السابقة عن إطلاق وتطبيق مشاريع التعلم والتدريب الإلكتروني أن عملية التطبيق والتحول والتغيير إلى أنماط التعلم والتدريب الإلكتروني لها من المعوقات الكثير، ورغم ذلك فإن الحكم على نجاح التجربة يعتمد على عوامل ومتغيرات أساسية بحسب بيئة التطبيق والعوامل ذات العلاقة سواء أكانت جوانب تنظيمية أو بشرية أو مادية من أجهزة وبرامج، ولن يتضح ذلك بشكل علمي رصين إلا مع تزايد هذه التجارب، وحيث أن الكثير من هذه الدراسات في هذا المجال ركزت على المعوقات، لذا تختلف هذه الدراسة عن الدراسات السابقة كونها تركز على تقديم نموذج مقترح، يمكن من خلاله تيسير عملية إطلاق مثل تلك البرامج وتلافي الكثير من المعوقات التي تحد من عملية التطبيق.
رابعاً : المبادرات السابقة
رغم أن هناك العديد من المعوقات التي تحد من إطلاق وتطبيق مشاريع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، إلا أن هناك العديد من المبادرات والتجارب لاستثمار معطيات التقنية الحديثة وتوظيفها في عمليتي التعلم والتدريب، والتي انتشرت في بداية الألفية الجديدة بشكل كبير في جميع أرجاء العالم. تهدف هذه المبادرات إلى تقديم نمطاً من التعليم والتدريب المعتمد على التقنية ووسائطها المختلفة لتوفير خيارات وحريات أوسع في التعلم والتدريب الإلكتروني.


ففي المملكة المتحدة تعتبر الجامعة البريطانية المفتوحة Open University التي أنشئت في العام 1971م، إحدى أهم التجارب الثرية في مجال توظيف التقنية في التعلم. لقد كان من أسباب نشأة هذه الجامعة وتقديمها لبرامج محددة في التعليم عن بعد عدم تلبية برامج التعليم التقليدية الاحتياجات التعليمية لمن هم على رأس العمل والمطالبة بتوفير فرص تعلم أوسع لجميع أفراد المجتمع، وتنامي تطبيقات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات بدءاً بالإذاعة والتلفزيون وانتهاءاً بالإنترنت. وقد بدأت الجامعة في قبول أولى الدفعات في العام 1971م في عدد من التخصصات النظرية والتطبيقات البحتة، إلى أن بلغ عدد الطلاب المنتسبين إليها من خارج بريطانيا حوالي 24 ألف دارس، كما يتلقى حوالي40 ألف طالب دروسهم عبرشبكة الإنترنت في منازلهم أو في أماكن عملهم.
وفي ماليزيا أشارتحميد(Hamid, 2005) أن برامج التعلم الإلكتروني تم إطلاقها بمبادرة من الحكومة الماليزية في إطار المبادرات التي تسمى المدرسة الذكية والتعليم الالكتروني من أجل الحياة Smart School and e-Learning for life (ELFL)، حيث يهدف مشروع المدرسة الذكية إلى وضع وتنفيذ حلول التعليم الالكتروني لجميع المدارس في ماليزيا. أما مشروع التعلم الالكتروني من أجل الحياة، فهو مبادرة مشتركة يشمل منطقة آسيا والمحيط الهادئ والخاصة بتطوير برنامج تنمية المعلومات، الذي تأسس من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالاشتراك مع شركة كوكا كولا ووزارة التربية في ماليزيا. وتهدف هذه المبادرة أو المشروع إلى سد الفجوة الرقمية من خلال توفير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للوصول إلى المجتمعات النائية.
أما على المستوى التعليم العالي فقد حققت ماليزيا العديد من النجاحات في التعلم الإلكتروني في العديد من الجامعات وفق تجاربها المختلفة مثل جامعة University Tun Abdul Razak (UNITAR)، التي بدأت في العام 1998م برؤية واضحة بأن تكون إحدى الجامعات الرائدة عالميا في توفير التعلم الالكتروني، والجامعة الماليزية المفتوحة Open University Malaysia (OUM)، التي أنشئت في عام 2000م، لتحقق رؤيتها بأن تكون إحدى الجامعات الخاصة الرائدة في التعليم المفتوح والتي تتمثل رسالتها في أن تكون مساهماُ فاعلاً في توفير التعليم الحر، لتطوير نوعية التعليم من خلال وضع متعدد تقنيات التعليم، ولتطوير وتعزيز خبرات التعلم نحو تطوير المجتمع القائم على المعرفة، وجامعة الوسائط المتعددة Multimedia University (MMU)، التي أنشئت في العام 1999م، والتي تعد أولى الجامعات الخاصة في ماليزيا التي حظيت بتقدير واعتماد أكاديمي متميز لجودة البرامج الأكاديمية التي تقدمها، وجامعة ساراواك University Malaysia Sarawak (UNIMASK)، وجامعة السلطان إدريس The University Pendidikan Sultan Idris (UPSI).
كما أشار عبدالكريم وآخرون Abdul Karim et al. (2004)أن رغم النجاحات التي تحققت للتعلم الإلكتروني في البيئة التعليمية الماليزية إلا أنها كغيرها من البيئات الأخرى واجهت عدد من التحديات منها صعوبة الحصول على التقنية، والمساواة في الاستخدام، الصيانة، توفر البنية التحتية والأمن والسلامة، الاختيار المناسب للأجهزة والبرامج التعليمية، الدعم الفني والإداري خصوصاً من الإدارة العليا، تصميم المناهج والمقررات، ومدى توفر فرق التطوير، مدى توفر المهارات التربوية، التدريب لأعضاء هيئة التدريس والطلاب وموظفي الدعم الفني، الاعتماد الأكاديمي، دعم التبني والإبتكار، وأخيراً الملكية الفكرية وحقوق النشر والتأليف.


وفي الأردن أشار (الفيومي، 2003) أنه اعتمدت سياسة وطنية للتعلم الإلكتروني عبر بناء شبكات المعرفة الوطنية لاستخدامها كقاعدة للتحول إلى نظام التعلم الإلكتروني عبر توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتركز هذه على تنمية المعرفة بين المستفيدين من خلال شبكات المعرفة والاستفادة من التقنيات الحديثة وصولاً إلى مجتمع معرفي. وتتطلب هذه الشبكة الانتقالية موارد بشرية مؤهلة والقادرة على استخدام إدارة وتشغيل واستخدام التقنيات الحديثة وإدارة التغيير ترتكز على استراتيجيات للتغيير والتحول نحو النظام الجديد ووضع أسس وأنظمة لإدارة هذا التغيير لتلافي الفوضى وتبعثر الجهود، وكذلك بنية تحتية متكاملة لربط مؤسسات التعليم من مدارس وجامعات، ذات شبكة عالية القدرة، وهيكلة وبرمجيات تعليمية توفر تطبيقات التعلم الفعالة
وفي استراليا أشار ميسكو، شوي، هونق، ولي (Misko, Choi, Hong, and Lee, (2004إلى تطور التعليم الإلكتروني في الجامعات الاسترالية وفي مؤسسات التدريب والتعليم المهني من البرامج التقليدية إلى البرامج عن بعد، وقد تنامى ذلك مع تطور تقنيات الاتصالات والمعلومات. في قطاع التعليم الفني والمهني على سبيل المثال كان ينظر على أنها منهجية وطريقة لجعل التدريب أكثر يسراً وسهولة، حيث كان يتوفر هذا التوفر للأفراد غير القادرين على الحصول عليه في أوقات محددة، كما أن توفره بمرونة فائقة اعتبر مهماً للمستفيدين، كما أن استخدام التقنيات المتقدمة والحديثة اعتبر مهماً من حيث لتأهيل الطلاب لأماكن العمل الجديدة وإثراء برامج التدريب المتوفرة، كما اعتبرت خيارات التدريب عن بعد متاحة وأصبحت اتجاهاً يمكن أن تخفض تكلفة التدريب وذلك من حيث توفير قاعات التدريب وما تتطلبه من بنى مادية التي لم تعد متطلبة في مثل تلك البيئات.
كما أشار تشوي (Choy, 2007) أن الحكومة الاسترالية على مدى السنوات الماضية استثمرت أكثر من (95) مليون دولار أمريكي لتعزيز التعلم الالكتروني في قطاع التعليم المهني والتدريب، والتي تهدف إلى تطوير الجودة في التعلم والقدرة على الحصول على التقنيات الحديثة، وتسريع استخدام تلك المعطيات التقنية والارتقاء بالخدمات المقدمة، قد بدأ ذلك منذ بداية التسعينيات من خلال مجموعة من المبادرات التنظيمية والوطنية، وذلك ضمن إطار التعلم المرن في استراليا الذي بدأ فعلياً في العام 2004م بوضع مجموعة من المؤشرات لإثني عشر معيارا لاستخدام وتأثير التعلم الالكترونيفي قطاع التعليم الفني والتدريب.
وفي جنوب أفريقيا أشار رافجي (Ravjee, 2007)أن فكرة التعلم الإلكتروني كانت مفهومه من خلال تيسير عملية التعلم عبر تقنيات الشبكات المختلفة، وقد ظهر التعلم الإلكتروني في مؤسسات التعليم العالي في جنوب أفريقيا منذ التسعينيات، كما ظهر في بيئات التعلم الأخرى وفق سياقات ومفردات مختلفة، وبنى وسياسات تنظيمية متنوعة وميزانيات مؤسساتية كبيرة، كما ظهر هذا النوع من التعلم في ظل إحدى السياقات المختلفة لاستخدام وسائط وأدوات التقنية المتنوعة مثل البريد الإلكتروني، والمجلات عبر الإنترنت، والمكتبات الرقمية، إلى أن تم تطوير حلول إلكترونية خلاقة لأداء مهام متنوعة في التدريس والبحث.
أما في سنغافورة فقد أشار بشير وخان Basher and Khan (2007)أن سنغافورة تشهد نموا سريعا في التعليم الالكتروني، والذي قدر في عام 2005م بــ (106) مليون دولار أمريكي، وأن للبنية التحتية الملائمة والسياسات الحكومية الملائمة دور في تعزيز النمو في التعليم الالكتروني، وقد كان من المحفزات الرئيسة لهذا التنامي البنية التحتية الملائمة، وتنامي قطاع تقنية الاتصالات والمعلومات، والتغييرات في البنية الديموغرافية، وزيادة الطلب على العاملين في مجال المعرفة، والاعتماد على التعاقدات الخارجية، والحوافز الحكومية الممنوحة. وفي هذا السياق اعتمدت الحكومة استراتجيات كبيرة لتطوير مجموعة كبيرة من القوى العاملة ذات المهارة العالية لتستطيع أن تنافس عالمياً، وقد اعتبر التعليم الالكتروني إستراتيجية رئيسية لمستقبل تنمية رأس المال البشري في سنغافورة، حيث تبنت عدد من الهيئات والمؤسسات الحكومية مثل وزارة القوى العاملة Ministry of Manpowerتعزيز التعليم الالكتروني عبر الإنترنت، وكذلك من خلال تبني إستراتيجية تحويل القوى العاملة، والتي تهدف لإعداد مجموعة من الأيدي العاملة الماهرة لصناعة التعليم الإلكتروني، وقد تكفلت الحكومة بما مقداره (50%) من تكاليف هذا البرنامج كإعانة لإطلاق مثل هذه البرامج وتشجيعها، كما منحت حوافز ضريبية ومساعدات مالية للتعليم الإلكتروني المرتبط بالمنظمات من أجل جذب المزيد من المهتمين بهذه الصناعة، كما تعمل الحكومة سوياً مع مؤسسات القطاع الخاص لتسهيل أوجه التعليم القائم على التكنولوجيا في جميع مراحل التعلم المختلفة.
وفي كندا أشارمقريل وأنديرسون McGreal and Anderson (2007)أن هناك سمة رئيسة للتجربة الكندية في التعلم الإلكتروني تنطلق من التركيز على المبادرات الإقليمية التقنية التي تركز على تعزيز عملية التعليم من خلال العديد من المشاريع المثيرة والبرامج والمبادرات. وقد انطلق الاهتمام بالتعلم الإلكتروني من خلال زيادة الاهتمام بتطوير عملية التعلم في كندا من خلال أولى المبادرات التقنية لربط جميع المقاطعات الكندية في عام 1977م، وفي عام 1993م بدأ فعلاً استخدام التعليم عن بعد TeleEdication، عبر مشروع برينسويك Brunswick، وقد كانت هذه الشبكات المميزة بدأت بتوظيف الوسائط السمعية في عملية التعلم إلى أن تم استخدام المؤتمرات عن بعد وتطبيقات الحاسب في عملية التعلم إلى أن تم استخدام التعلم الإلكتروني وذلك في مختلف المقاطعات الكندية، وكانت هذه الشبكات تدعم مواقع التعلم الإلكتروني لمختلف المؤسسات التعليمية في كندا، كما أن بعض الشبكات التقنية المستخدمة تدعم بعض المؤسسات التعليمية الناشئة التي تقدم بعض البرامج التعليمية أو جزء من تلك البرامج من خلال استخدام الإنترنت، وقد أشار الباحثان أن معظم المقررات الدراسية التي تقدم في الجامعات الكندية لديها على الأقل بعض العناصر، وقد أفضى هذا التطور في استخدام الشبكات إلى بناء ائتلاف أو شبكات تعاونية لتقديم التعلم الإلكتروني، حيث يضم اتحاد الجامعة الافتراضية في كندا جميع أقسام التعلم الإلكتروني في (12) جامعة كندية تتوزع على (8) مقاطعات كندية وذلك في موقع إلكتروني مشترك، وفي كندا تعتبر جامعة ألبرتا Alberta Universityمن الجامعات الرائدة في التعلم الإلكتروني مع جامعة أثاباسكا Athabasca University.
أما في الصين فقد تضمن تقرير Market Avenue (2008)أنه بعد سنوات من التنمية والتطور، لوحظ نمو التعلم الإلكتروني في الصين، حيث بلغ حجم سوق هذا التعلم (17.5) مليار يوان في العام 2007م، وقد أشار التقرير أن هناك حوالي (12.2) مليون فرد يستخدمون التعلم الإلكتروني في العام 2007م في الصين، وقد ارتفعت هذه النسبة بما مقداره (25.1%) مقارنة بعام 2006م.
وفي نيوزيلندا أشار ماكييف وفوكس Mackeogh and Fox (2009)أن أولى مبادرات استخدام التعلم الإلكتروني نتجت من المجموعة الاستشارية للتعليم الإلكتروني التي أوصت وزارة التربية بأنه ينبغي على اتحاد التعلم الإلكتروني أن يشكل لتنسيق عملية تطوير التعليم الالكتروني في قطاع التعليم العالي، وعلى اثر ذلك أنشي إستراتيجية مؤقتة للتعلم الإلكتروني في عام 2004م، ورغم هذه الجهود إلا أن وزارة التربية مولت العديد من مبادرات التعلم الإلكتروني بما فيها الصندوق التعاوني للتعلم الإلكتروني بمبلغ يصل إلى (28) مليون دولار خلال الفترة من عام 2003 إلى العام 2007م.


وفي الكويت أشار الدوب، قودوين، والهنيان Al-Doub, Goodwin, and Al-Hunaiyyan (2008)أن جامعة الخليج للعلوم والتقنية التي تعد إحدى الجامعات الخاصة قد أسست مركز التميز للتعلم الإلكتروني وقد بدأت في تطبيق التعلم الإلكتروني منذ العام 2005م، وتعد من أولى الجامعات التي طبقت التعلم الإلكتروني في منطقة الخليج العربي لدعم عملية التعليم في الجامعة، وذلك عبر توفر شبكة الإنترنت وشبكة الاتصال اللاسلكي في جميع أنحاء الجامعة، لذا فإنه يمكن الاستفادة من التعلم الإلكتروني من أي مكان وفي أي وقت.
أما في الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد رائدة في التعلم الإلكتروني، وقد بدأت منظومة استخدام التقنية منذ الخمسينيات من القرن الماضي وذلك مع الاستخدام الواسع للحاسب الآلي في المؤسسات التعليمية والتدريبية، إلا أنه تم توظيف الإنترنت في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، وفي أواخر التسعينيات بدأت بعض المدارس في استخدام برامج التعلم الإلكتروني مثل في ولاية فلوريدا، وبحلول القرن الحادي والعشرين تم استخدام التعلم الإلكتروني على نطاق واسع في جميع أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية. وقد بني ذلك على استراتيجية قومية تستهدف أطراف عملية التعلم من معلمين وطلاب وضرورة استخدامهم للتقنية وإتقانهم لكافة المهارات التي تمكنهم من التفاعل مع التقنية. وفي هذا السياق أشار بيسكانو وسيمان Picciano and Seaman (2009)في مسح شامل لمديري المناطق التعليمية أجري في السنة الدراسية 2007م/2008م، والذي يهدف إلى تتبع مدى تطبيق التعلم الإلكتروني في التعليم العام K-12في كافة المناطق التعليمية في الولايات المتحدة الأمريكية التي تزيد عن (15.000) منطقة تعليمية. وقد تبين أن (75%) من المناطق التعليمية تطبق التعلم الإلكتروني (التعلم المزيج Blended Learning). كما أوضح المسح أن العدد الإجمالي للطلاب المشتركين في التعلم الإلكتروني في العام الدراسي 2007م/2008م يقدر بحوالي (1.030.000) طالب، وهذا يمثل نسبة نمو تصل إلى (47%) منذ العام الدراسي 2005م/2006م. كما أشار المسح إلى أن التعليم الإلكتروني المقدم يفيء باحتياجات الطلاب بمختلف شرائحهم، كما أن المناطق التعليمية تعتمد على عدد من المصادر لتنفيذ هذا النمط من التعلم بما فيها المؤسسات ما بعد الثانوي، والمدارس الافتراضية في كل ولاية، وعدد من المزودين المستقلين إضافة إلى تصميم وتطوير بعض البرامج الخاصة في تلك المناطق والمدارس.
وفي اليابان أشار أوزكل وأوكي Ozkul and Aokiأن تطبيق التعلم الإلكتروني في اليابان يأتي من خلال إطلاق مبادرة إستراتيجية اليابان الإلكترونية في العام 2001م والتي تهدف إلى أن تجعل اليابان قائد للتقنية في العالم بحلول عام 2005م. وقد تولى تطوير هذا النمط من التعلم وزارة التربية والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (MEXT)في مؤسسات التعليم العالي وذلك كجزء من الإستراتيجية السابقة والتي تتضمن جملة من الأهداف منها مضاعفة أعداد الجامعات اليابانية لاستخدام التقنيات المتقدمة في العام 2005م، ولتسهيل تكيف مؤسسات التعليم العالي مع التعلم الإلكتروني، وبناء على ذلك فقد زادت وزارة التربية في اليابان نسبة أعداد المقبولين إلى (60%) من ما مجموعة (124) شهادة ممنوحة عبر التعلم الإلكتروني في العام 2001م، والتي تقدم عبر التعلم المتزامن. وقد أشار الباحثان أن مؤسسات التعليم العالي كان لها بداية بطيئة في تطبيق التعلم الإلكتروني، حيث أن (41.4%) من مؤسسات التعليم العالي الخاص تقدم برامج عبر التعليم الإلكتروني، في حين أن (69.3%) من المؤسسات الوطنية تقدم برامج عبر التعلم الإلكتروني، ومن هذه المؤسسات (31.4%) تقدم برامج عبر التعلم الإلكتروني المزيج Blended Learning، في حين (20.8%) تقدم برامج التعلم الإلكتروني كمواد مساعدة لأنشطة التعلم المختلفة، كما أنه فقط (10%) من هذه المؤسسات يقدم التعلم الإلكتروني بمفهومه الواسع وذلك بحيث لا يتطلب للطالب بأن يكون موجوداً في الفصل الدراسي. ولتعزيز تطبيق التعلم الإلكتروني في مؤسسات التعليم العالي اليابان قامت وزارة التربية في اليابان ببناء برنامج يدعى "Gendai GP" في العام 2004م يهدف إلى تمويل الكليات والجامعات التي قدمت جهداً مميزاً ولديها خطط واضحة لتطبيق التعلم الإلكتروني والتي يجب أن يتعامل مع عدد من المجالات التي حددتها وزارة التربية وهذه المجالات هي: (1) المساهمة في الأنشطة الإقليمية. (2) تعزيز تعليم حقوق الملكية الفكرية. (3) حفز اليابانيين الذين يستطيعون استخدام اللغة الإنجليزية في بيئة الأعمال المختلفة. (4) تقوية الأنظمة التعليمية في اليابان من خلال العديد من الوسائل التعاونية مع المؤسسات الأخرى. (5) التعاون مع المؤسسات الصناعية من خلال تبادل الموارد البشرية. (6) التدريب على التعلم الإلكتروني من خلال استخدام تقنيات الاتصال والمعلومات. ومن خلال هذا البرنامج تم تمويل (14) مؤسسة تعليمية في العام 2004م، كما تم تمويل (13) مؤسسة تعليمية في العام 2005م (p.5).
وعلى مستوى معاهد الإدارة والتنمية الإدارية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي تبرز تجربة معهد التنمية الإدارية بدولة قطر، الذي تم تدشينه بشراكة بين المجلس الأعلى للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ومعهد التنمية الإدارية، حيث تم توفير بوابة للتعلم والتدريب الإلكتروني تضم (4000) برنامج تدريبي مجاني يستهدف موظفي الحكومة وطلاب الجامعات وأفراد المجتمع لتنمية معارفهم ومهاراتهم في العديد من المجالات مثل الإدارة والأعمال والتطوير المهني وتقنيات المعلومات وتقدم هذه البرامج باللغة العربية بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية والفرنسية من خلال توظيف العديد من الوسائط المتعددة كما أن هذه البرامج معترف بها ومعتمدة من العديد من المؤسسات الدولية. وقد أشار التقرير الشهري للمرحلة التجريبية (معهد التنمية الإدارية، 2008) أن عدد المشاركين في برامج التدريب عن بعد خلال الفترة من ابريل 2008 إلى مارس 2009 بلغ (2062)، منهم (42%) من النساء، و(58%) من الرجال (معهد التنمية الإدارية، 2009).
أما في المملكة العربية السعودية فقد واكبت هذه التغيرات النوعية في التعلم والتدريب، من خلال العديد من الخطوات والمبادرات التي تستهدف إدخال معطيات التقنية الحديثة ودمجها في حقلي التعلم والتدريب، حيث أكدت خطة التنمية الثامنة أن السياسة الوطنية للعلوم والتقنية– الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (112) وتاريخ 17/4/1423هـ، الموافق 8/7/2002م، تتبنى رؤية شاملة لتنمية قطاع العلوم والتقنية، كما تتبنى خطة التنمية مجموعة متكاملة من البرامج ومنها ما يتعلق بتطوير منظومة وظائف العلوم والتقنية وما يتعلق ذلك بالتعليم والتدريب. (وزارة الاقتصاد والتخطيط، خطة التنمية الثامنة، ص 405). ولدمج التقنية بشكل أمثل في عملية التعلم بادرت العديد من الجامعات السعودية في إطلاق برامج التعلم عن بعد من خلال مبادرات وجهود ذاتية مثل جامعة الملك عبدالعزيز في العام 1425هـ، وجامعة الملك خالد في العام 1426هـ، وجامعة الملك فهد للبترول المعادن، إضافة إلى ما أوصت به الخطة الوطنية لتقنية المعلومات، التي أقرت بقرار مجلس الوزراء رقم (160) في تاريخ 11/5/1428هـ الموافق 28/5/2007م، بتبني التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد وتطبيقاتهما في التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية وإنشاء مركز أو هيئة وطنية لتوفير الدعم الفني والأدوات والوسائل اللازمة لتطوير المحتوى الرقمي، وبناء على هذه التوصية تم تأسيس المركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعلم عن بعد ليتولى بدوره عملية توفير الدعم الفني والأدوات والوسائل اللازمة لتطوير المحتوى التعليمي الرقمي، مما أضفى أهمية على مثل تلك البرامج التعليمية والتدريبية، وحفزاً للأفراد والجماعات والمؤسسات التعليمية والتدريبية على تبني هذه البرامج.

وهذه الممارسات تقودنا إلى استنتاج شامل بأن إطلاق مشاريع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني رغم حداثته قياساً بتطور تقنيات الاتصالات والمعلومات في مختلف الدول النامية والمتطورة، ما هي إلا محاولات للتغلب على كافة أوجه التعلم والتدريب وزيادة الطلب للموارد البشرية في أرجاء العالم، ومن ناحية أخرى استثمارا رصيناً لمعطيات التقنية وما آلت إليه من أوجه تقدم مختلفة، كما أنه يمثل نوعاً من التغيير في أنماط وأشكال التعلم التي تعودت عليها كافة الأجيال في التعاطي مع التعلم والتدريب. ورغم ذلك فإن هذا التوجه له من المؤيدين والمعارضين الكثير، كما أن له من الإيجابيات والسلبيات الكثيرة أيضاً. كما يتبين من الطرح السابق أن التعلم والإلكتروني رغم حداثة انطلاقه إلا أنه يعتبر منهجاً وأسلوباً مميزاً في حقلي التعلم والتدريب بصفة عامة، وقد اقترن بشكل رئيس بالمستحدثات التقنية وخصوصاً في تقنيات الاتصال والمعلومات. وحيث أن منظومة التعلم والتدريب والمؤسسات القائمة عليها والمستفيدين من خدماتها تعتبر من أهم الجهات التي تعاني من مشكلات كبيرة، لذا فإنها تسعى لتطبيق أي توجهات لتحقيق أهدافها بكفاءة وفعالية ومن هذه التوجهات توظيف معطيات التقنية الحديثة من خلال برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، ولقد وجدت هذه المنظومة ضالتها في الحد من بعض معوقات توظيف هذه البرامج للارتقاء بهذه الخدمة من ناحية، وكذلك لزيادة شمولية هذه الخدمات التعليمية والتدريب وتوسيع نطاق استخداماتها المختلفة. ومن ناحية أخرى فإن مبررات استخدام هذه التقنية عبر هذه البرامج التعليمية والتدريبية، يعد أمراً مسلم به في هذا العصر الحديث، كون التقنية الحديثة وكافة وسائلها وأدواتها أضحت جزءاً من حياة البشر في كافة المجالات ولاسيما في المجال التعليمي والتدريبي.
ورغم هذه الأهمية لمثل هذه البرامج ودواعي استخدامها فإن ما يجب التنبه له أن وجود أي معوقات تحد من الاستخدام لا ينظر إليها على أنها تحد من عملية التطبيق لمثل هذه التوجهات الحديثة ، وآن ما يمكن الاستناد عليه هو إجراء مثل هذه التجارب واستخلاص الدروس المفيدة منه في بيئات التعلم المختلفة. ومن وجهة نظر الباحث فإن ما يمكن استخلاصه من الدراسات والجهود المبذولة في إطلاق مثل هذه المشاريع مهما كانت قيمة وحجم هذه المشاريع، أن هذا التوجه أصبح عالمي الاتجاه، وأن جميع المنظومات الإدارية والتعليمية تسير في توظيف التقنية بكامل إمكاناته عبر مشاريع متنوعة تعددت وتنوعت في مسمياتها وتطبيقاتها، لذا فإنه من الأهمية بمكان السير في ركب مثل هذه التوجهات طالما أنها تساعد في حل بعض المعضلات التي تواجهها مثل تلك المؤسسات التعليمية والتدريبية، كما أن الدروس المستفادة في هذا المجال أن هناك تسابق كبير في تطبيق مثل هذه التجارب في مختلف أوجه التعلم سواء أكان التعليم العالي أو التعليم العام، إضافة إلى مختلف أنماط التدريب سواء أكان التدريب الإداري أو الفني المتخصص، وهذا يقود إلى دور التقنية وتكيفها مع كافة الأنشطة الإنسانية وإمكاناتها في تذليل أوجه الصعاب المختلفة. وعليه فإنه من السهولة بمكان إطلاق هذه المشاريع عند التحسب لهذه المزايا والمثالب لهذا الاتجاه، والأخذ بكافة الممارسات والخبرات في هذا المجال، حيث يمكن تطبيق هذا التوجه شكلاً ومضموناً باعتباره أنه يمثل نهجاً وليس فلسفة في تطوير عمليتي التعلم والتدريب، وكونه يخلق آفاقاً أوسع للتعلم والتدريب لكافة القوى العاملة والعناصر البشرية بشكل عام.




المبحث الثالث
النموذج المقترح لإطلاق مشاريع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني
يتضمن هذا المبحث من الدراسة استعراضاً لأهم مراحل وخطوات تطبيق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، والتي تطرقت وأوصت بها العديد من البحوث الدراسات، إضافة إلى النموذج المقترح من الباحث لإطلاق مشاريع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني.
أولاً: مراحل وخطوات التطبيق
برهنت المبادرات والتجارب السابقة على مدى تطبيق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني عالمياً، وهذا الاهتمام بعملية التطبيق في المقام الأول شيء يسير غير أن إطلاق مثل هذه المشاريع وتطبيقها غير ذلك، حيث تتطلب الكثير من الجهود. ويمكن وصف هذه الجهود في مختلف البيئات بأنها جهود تسعى لتوظيف التقنية، لذا واجهت مثل تلك المشاريع بعض المعوقات في التطبيق. ولا شك أن هذه المبادرات انطلقت من مجموعة من المراحل العامة التي تم تناولها في العديد من البحوث والدراسات والتي يمكن الاستناد إليها وتحديد مراحل عامة كنموذج مقترح.
لقد حظيت عملية إطلاق مشاريع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني بالاهتمام من خلال تعدد مراحل التطبيق وإطلاق مثل هذه المشاريع، وحيث أنه ليس هناك أسلوباً واحداً متفق عليه بين الباحثين والمهتمين والممارسين يمكن عن طريقه الاستناد عليه ومن ثم إطلاق مثل تلك المشاريع في بيئات التعلم والتدريب، إلا أنه يمكن القول بأنه هناك مجموعة من الرؤى والأساليب والمراحل التي طرحت ونوقشت علمياً والتي يمكن من خلالها للمؤسسات التعليمية والتدريبية وللمسئولين عن هذه المشاريع الاسترشاد بها في عملية إطلاق هذه المشاريع.
ومن هذه ما أشار إليه هورتون Horton (2001)لتطبيق التعلم الإلكتروني بكفاءة أن هناك حاجة لخطة محددة لإطلاق مشروع التعلم الإلكتروني، تتكون من ست خطوات ويمكن إيجازها في: (1) الحصول على دعم رفيع المستوى. (2) إعداد خطة تفصيلية لتقديم التعلم الإلكتروني تتكون من أهداف واضحة ومباشرة، وتحليل دقيق للمستفيدين، والحصول على موافقة على الخطة التفصيلية، وتحديد المقررات والمناهج التي سيطبق عليها التعلم الإلكتروني، وحل أي مشكلات محتملة. (3) الحصول على الدعم المالي. (4) توفير التقنية المناسبة. (5) تنفيذ التدريب المناسب. (6) تقييم عملية التدريب (pp 121-125).
ولأهمية بيئة التعلم والتدريب وضرورة تهيئها للتطبيق أشار كروس ودبلون Cross and Dublin (2002)أنه يمكن تهيئة أي منظمة لتطبيق التعلم الإلكتروني بنجاح من خلال فهم المنظمة كنظام، حيث أن أي تغيير في نظام معين يؤثر ويتأثر بغيره، وأوضح أن هناك العديد من النماذج التي طورت لفهم هذه الحقيقة منها نموذج (The McKinesy 7 – S Model)، الذي ابتكره كل من توم بيتيرز وروبيرت واتيرمان Tom Peters and Robert Watermanويتلخص هذا النموذج في: البنى التنظيمية Structure، الإستراتيجية Strategy، المهارات Skills، الموظفين Staff، أسلوب العمل Style، الأنظمة Systems، وأخيراً القيم المشتركة Shared Values. وقد رأى الباحثان أنه يمكن تطبيق التعلم الإلكتروني في أي منظمة من خلال منهج النظم الذي يتضمن فهم ثقافة المنظمة وقابليتها للتغير والتطور Culture، ومدى جاهزية المنظمة تقنياً Technological Readinessحيث توفر الأجهزة اللازمة، والبنية التحتية المناسبة والدعم الفني والمعلوماتي المناسب، والقدرات المتوفرة في المنظمة Capabilityوالتي تعود إلى المهارات المتوفرة Skills، المعرفة Knowledge، والقدرات Abilitiesالمطلوبة لضمان نجاح عملية التطبيق، والتي تستهدف تقديم الدعم الفني، وخبرات المحتوى والمقرر، وإدارة عمليات التشغيل، وإدارة عملية التغيير المطلوبة في المنظمة، والذي يراقب ويضمن عملية الاتصال بفاعلية، والجوانب التنظيمية في المنظمة والتي تعود إلى مدى جاهزية المنظمة من حيث البنى التنظيمية Structures وقابليتها لإحداث التغيير، إضافة إلى توفر القيادة المناسبة لإحداث التغيير.
ولأهمية المتطلبات في عملية التطبيق لهذه المشاريع أكد أحد التقارير الصادرة عن Sun Microsystems (2003)أن المتطلبات الأساسية لأي بنية للتعلم الإلكتروني بغض النظر عن نوع المنظمة التي ترغب في التطبيق يتكون من ثلاثة عناصر رئيسة هي: (1) توفر الموارد وهذه الموارد تتضمن الموظفين المؤهلين، البنية التحتية، والملكية الفكرية، وغيرها من الأًصول الرقمية. (2) والمقومون الرئيسيون، والتي تتكون من الطلاب، أعضاء هيئة التدريس، والموظفين، ويمكن أيضاً أن تشمل الخريجين، وأولياء الأمور، والمشرعون، والموردون، وغيرهم من المؤسسات والمنظمات التعليمية، (3) الإستراتيجية التي يمكن أن توضع على مراحل ومنهج منظم، وفق أولوية الطلب على هذه الخدمات المقدمة (P.17).
كما اقترحت حميد Hamid (2005)إطاراً عاماً للتعلم الإلكتروني أطلقت عليه خارطة طريق للتعلم الالكتروني في ماليزيا للفترة من 2005م إلى 2015م بناء على تحليلها لرؤية ورسالة وأهداف عدد من الجامعات الماليزية التي تبنت التعلم الإلكتروني، وقد تم بناء هذا النموذج من خلال أربعة عناصر هي: (1) الإستراتيجية Strategyوتتضمن الرؤية Vision، والرسالة Mission، والهدف Goal، وهي محرك للمرحلة التالية. (2) تطوير الكفاءات Competence Developing(3) تطوير البنية التحتية Infrastructure Developing. (4) تقديم التعلم الإلكتروني E-learning Delivering، وتتضمن هذه المرحلة مصادر معرفية ثرية Knowledge Repositories، وشبكة للمعلومات، ومتعلمين أفراداً أو جماعات. وقد أشارت أن الإستراتيجية تتعامل مع اتجاهات السوق المتبناة من خلال مؤسسات التعلم الإلكتروني من خلال تأسيس رؤية ورسالة وأهداف واضحة لهذه البرامج. كما يمكن لمؤسسات التعلم الإلكتروني تطوير الكفاءات، من خلال الاعتماد على مواردها المتاحة بمختلف فئات هذه الكفاءات الإدارية والفنية وأعضاء هيئة التدريس. أما تطوير البنية التحتية لهذه الأنظمة فيركز على تطوير الحلول التقنية لكيفية تقديم التعلم الإلكتروني، وهذا يمكن أن يكون من خلال الاستثمار في التطبيقات التقنية المتاحة والأدوات والخدمات المساعدة. أما تقديم التعلم الإلكتروني فيتعامل مع آلية لكيفية تقديم هذا النمط من التعلم للمستفيدين من المتعلمين مع بعضهم لبعض مع مواد مساعدة ومعلومات عبر الشبكة العنكبوتية وغيرها من ذخائر المعرفة الأخرى (p.4).
ولتطبيق التدريب الإلكتروني أشار إيتنقير، هولتون، وبلاس Ettinger, Holton, and Blass (2006)إلى التجارب والصعوبات لعدد من الشركات عندما حاولت تطبيق التدريب الإلكتروني، حيث أوضح أنه ليس من الضروري أن يستخدم ليحل محل التدريب التقليدي ولا يعد حلاً لكل المشاكل التي تواجهها هذه الشركات في التدريب. وأشار إلى أهمية تحديد الاحتياج التدريبي بدقة الذي يقود إلى استخدام التقنية دون مجرد تطبيق التقنية، كما أشار إلى أهمية اختيار الوقت المناسب لتطبيق التدريب الإلكتروني والأفراد لضمان مشاركتهم ونجاح تجربة التطبيق، وقد أشار إلى عدد العاملين الذين يجب أن تتاح لهم عملية التعلم عبر أجهزة الحاسب الآلي، وأشار إلى تأثير ذلك على العمل. كما أن هناك صعوبات محددة تتعلق بعملية تطبيق التعلم والتدريب الإلكتروني لدى عدد من الشركات من حيث الوقت والموظفين والتقنية المستخدمة، وقياس أثر التدريب.
كما حدد الصالح (2007)، سبعة نماذج أو قضايا ينبغي لأي مبادرة للتعلم الإلكتروني أن تناقشها وتتخذ قرارات حيالها وهذه النماذج أو القضايا التي أثارها تتعلق بتطبيق التعلم الإلكتروني هي: (1) النموذج التنظيمي Organizational Formوهو النموذج الذي يركز على كيفية تقديم التعلم التنظيمي في مؤسسات التعليم العالي مثل نموذج الائتلاف باشتراك عدد من الجامعات أو الكليات في تقديم هذا النوع من التعلم، أو النموذج الافتراضي للمؤسسة التعليمية. (2) النموذج البيداغوجي Pedagogy Form وهي ذلك النموذج الذي يركز على أسس علم التدريس وضرورة أخذها في الاعتبار عند بناء أي مشروع للتعلم الإلكتروني إذ أن التقنية ما هي إلا أداة لعملية التعلم. (3) النموذج الاجتماعي Social Formوهو ذلك النموذج الذي يرتبط بجمهور المستفيدين ومدى نظرتهم للاستفادة من معطيات ذلك البرنامج. (4) النموذج الأكاديمي Academic Formوهو ذلك النموذج الذي يرتبط بنوعية البرامج الأكاديمية المقدمة، والدرجات العلمية الممنوحة، وطريقة تطوير مقررات التعلم الإلكتروني. (5) النموذج المهني Professional Formوهو ذلك النموذج الذي يتعلق بالقائمين بعملية التدريس. (6) النموذج التقني Technological Formوهو ذلك النموذج المرتبط بالتقنية كأداة ومتطلباتها من أجهزة وبرامج. (7) نموذج الجودة Quality Form وهو ذلك النموذج الذي يركز على جودة ما يقدم عبر هذه النوعية من البرامج ومدى اعتمادها أكاديمياً وما يتطلبه ذلك من توفر أدوات ووسائل ومعايير تضمن عملية الجودة.
وحتى يكون التعلم فاعلاً أشار الغديان (2007) في دراسة أجراها تهدف إلى قياس مدى الاستعداد التقني لدى طالبات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للدراسة عبر نظام التعليم الإلكتروني، والتي شملت عينة عشوائية من الطالبات بلغت (144) طالبة يتوزعن على عدد من كليات الجامعة، حيث أوصت الدراسة أن التعليم الإلكتروني لكي يكون فاعلاً لابد من توافر العديد من العناصر التي تتفاعل بعضها مع بعض وحتى تتحقق أهدافه وهذه العناصر تتمثل في الطالب والطالبة، المعلم، وتوفر البنية التحتية للتعليم الإلكتروني من شبكات متقدمة في الاتصالات السلكية واللاسلكية، والمقرر الإلكتروني.
كما اقترحت لي- بوست Lee-Post (2009)في احد بحوثها استخدام نموذج نجاح التعليم الالكتروني للاسترشاد به في تصميم وتطوير ، وتقديم مبادرات التعلم الالكتروني، والذي تم تبنيه من نموذج Delone and Mclean's Information systems، ويتكون هذا النموذج المقترح من ستة أبعاد لعوامل نجاح التطبيق وهي: (1) جودة النظام System Qualityوالذي يتضمن سهولة الاستخدام، وثباته، وأمنه، وسرعته، واستجابته السريعة. (2) جودة المعلومات Information Qualityالتي يتضمنها والتي تشمل مدى تنظيميها، ومناسبتها من حيث الحجم، ومدى عرضها بشكل فاعل، ووضوح كتابتها، ومدى فائدتها، ومدى حداثتها. (3) جودة الخدمة المقدمة Service Qualityوالتي تشمل الاستجابة السريعة، وتحقيق هذه الخدمة، وشموليتها من حيث المعرفة، وإتاحتها. (4) الاستخدام Useوالذي يشمل طرق العرض المختلفة من عروض تقديمية، ونصوص مكتوبة، ومواد مسموعة، وحالات دراسية، وحل مشكلات عملية، وواجبات، واختبارات عملية، ودروس ذاتية. (5) الفوائد الإجمالية Net Benefitsوالتي تتضمن جوانب إيجابية تشمل تعزيز عملية التعلم، تمكين عملية التعلم، والنجاح التعليمي، وحفظ الوقت، وجوانب سلبية تشمل ضعف عملية الاتصال، تعزيز العزل، والمخاوف حول الجودة، والاعتماد على التقنية. (6) رضا المستخدم User Satisfactionوالتي تشمل الرضا التام، التجربة الممتعة، النجاح التام، والتوصية بالاستخدام للآخرين. وقد لخصت لي- بوست Lee-Postهذه المراحل في ثلاث مراحل رئيسة هي: (1) تصميم النظام System Designوالتي تشمل جودة النظام والمعلومات والخدمات. (2) توفير النظام System Deliveryوالتي تتضمن استخدام النظام. (3) مخرجات النظام System Outcomesوالتي تتضمن الفوائد الصافية من النظام ورضا المستخدم.
وعن كيفية التحول من التدريب التقليدي إلى التدريب الإلكتروني أشار حسن (2009) أنه يمكن أن يتم ذلك عبر تطبيق ثلاث مراحل هي: (1) التخطيط لنظام التدريب والتي تعتبر في المقام مسئولية الجهة المستفيدة من هذا التدريب وما يجب أن تراعيه من احتياجات وأنظمة ولوائح تقنن هذه التدريب وفق التوجهات والخطط التنموية وتحديد الأهداف العامة والخاصة له بدقة. (2) تنفيذ التدريب وهي عملية ترجمة السياسات والاستراتيجيات والإجراءات لتحقيق أهداف التدريب، ويجب أن يشكل فريق يتكون من مديري إدارات التدريب، ومصممي البرامج التدريبية، والفنيين المختصين بعملية التحول من مبرمجين وتقنيين وأكاديميين وتربويين، على أن تتم عملية التنفيذ في بيئة افتراضية وفق اختيارات محددة لعدد من البرامج، على أن يتم الاستفادة من تجارب الآخرين في هذا المجال. (3) تقويم التدريب وفق أسس ومعايير ومؤشرات لتعديل وتطوير عملية التدريب ومن هذه الأسس تحديد الأهداف بدقة، وشمولية عملية التقييم واستمراريتها، وترابط منظومة التدريب وتكامل الجهود وجودتها.
كما أشار ماكييف وفكس Mackeogh and Fox (2009)أنه لتطوير إستراتيجية للتحول إلى التعلم الإلكتروني في الجامعات والمؤسسات المعنية لمقابلة الطلب المتزايد من أجل والتغيير والتحديث في أنماط التعليم العالي، فإنه لتطوير هذه الإستراتيجية ينبغي أن يكون هناك رؤية واضحة للنتائج المرجوة مثل التعلم من أي مكان، والتعلم المستمر، والقدرة على الحصول على فرص التعلم العالي، كما يجب أن يكون هناك فهم شامل للإمكانات الحالية والاتجاهات لذوي العلاقة، كما يجب أن يكون هناك مجموعة منتظمة ومترابطة من الخطوات للانتقال من الوضع الراهن للنتائج المطلوبة.
وتختلف هذه الدراسة الحالية، عن الأدبيات السابقة التي تناولت مراحل وخطوات إطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني والتي حاولت أن تتصدى للعديد من النماذج والطرق لعملية الإطلاق وذلك بالتركيز على مراحل محددة ومختصرة، في حين أن هذه الدراسة لها منظور شمولي أوسع في تناول هذه المراحل ومن ثم رصدها ليسهل الاستناد عليها عند الرغبة في إطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني. ونظراً لأن خلاصات الأدبيات السابقة لهذه المراحل ما هي إلا أطر نظرية لموضوع الدراسة، حيث لم ينل هذا الموضوع أي اهتمام من حيث الدراسة الميدانية، فإن هذه الدراسة تتميز أيضاً وتعد امتداداً معرفياً للأدبيات السابقة والتي يمكن من خلالها أن تعزز هذه المراحل. كما تتميز هذه الدراسة أنها ركزت على بيئات التعلم والتدريب الإلكتروني في المملكة العربية السعودية من خلال ما تم استخلاصه من نتائج الأدبيات السابقة لعملية الإطلاق في بيئات تعلم وتدريب أخرى، مما يثري الاهتمام بهذه الجوانب التطبيقية وينعكس على عملية التطبيق في بيئات التعلم والتدريب السعودية بشكل أفضل.
ثانياً: النموذج المقترح
إن رصد الجهود السابقة في تحديد مراحل وخطوات محددة يساعد في إطلاق مشاريع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، يمثل أحد أهم الركائز الأساسية للاهتمام بمثل هذه التوجهات في توظيف التقنية في حقلي التعليم والتدريب. وحيث أن من أهداف الدراسة تقديم نموذج مقترح لإطلاق مشاريع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، لذا يأتي هذا النموذج المقترح، والذي يهدف إلى تحديد مراحل وخطوات عملية يمكن الاستناد عليها في إطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني.
وهذه المراحل لها متطلبات رئيسة يأتي في مقدمتها التركيز على مواكبة التقنية الحديثة والاستفادة منها بشكل أمثل في قطاعي التعلم والتدريب، والذي يحقق بدوره نقل المعرفة والمهارة وفق الاتجاهات الحديثة. كما ينبغي لنجاح إطلاق مثل هذه البرامج أن يكون هناك تدرج في تنفيذ مثل هذه المشاريع، وذلك حتى يمكن إتقان التجربة والممارسة العلمية والعملية من ناحية، ومن جانب آخر أن مثل هذه المشاريع ليس من السهولة بمكان إطلاقها مرة واحدة، كما ينبغي أن يتوفر الدعم الكامل الإداري والفني والمالي من قيادة المنظمة، والتنظيم المناسب لتنفيذ أوجه المشروع وما يكتنف ذلك من تحديد لجان لعمل المشروع، كما يتطلب القوى البشرية الكفؤة من مخططين ومنفذين للمشروع، إضافة إلى الدعم المالي لتنفيذ المشروع. كما يحتاج المشروع إلى إدارة تغيير فاعلة تسهم في تنفيذه وفق استراتيجيات إدارة التغيير ومداخل التطوير المختلفة سواء أكانت التنظيمية أو الإجرائية أو التقنية.
يتكون النموذج المقترح من سبع مراحل عامة شكل رقم (3)، وعدد من المكونات الرئيسة لكل مرحلة. ولقد بني هذا النموذج المقترح على عدد من المرتكزات وهي على النحو التالي:


أن تحقيق التميز في مثل هذه المشاريع يتأتى من خلال القناعة التامة من قبل قيادة المنظمة التعليمية والتدريبية، وبالتالي تقديم أوجه الدعم المختلفة إدارياً وفنياً ومالياً.
أن طبيعة هذه المشاريع في تنامي مستمر وتنافس كبيرين مما يتطلب من المؤسسات التعليمية والتدريبية أن تواكب هذه المرحلة المتطورة.
أن هناك حاجة ملحة لمثل هذه المشاريع لسد أوجه الاحتياجات المختلفة، وكذلك لاستثمار كافة المستحدثات التقنية وتوظيفها لتحقيق الريادة التعليمية والتدريبية.
أن تطبيق هذه المشاريع وإطلاقها في مختلف المؤسسات التعليمية والتدريبية لم تعد فلسفة أو منهجاً تقليدياً بل أصبحت واقع ضمن المنظومة التعليمية والتدريبية.
أن هذه المشاريع تعد إضافة حقيقية لمكونات المنظومة التعليمية والتدريبية وستصبح في المستقبل القريب أحد العناصر الرئيسة التي تتكون منها أي منظومة تعليمية وتدريبية.
ويمكن توضيح هذه المراحل العامة لإطلاق مشاريع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني على النحو التالي:
أولاً: مرحلة الإعداد

هي مرحلة التحضير والتأسيس لإطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، والتي يمكن أن تتم بجهود ذاتية من المؤسسة التعليمية والتدريبية، أو من خلال الاستعانة بخبرات متخصصة في هذا المجال، ويمكن أن تستغرق هذه المرحلة فترة لا تقل عن ثلاثة شهور، وتشتمل هذه المرحلة على ما يلي:



الإطلاع على التجارب والممارسات الداخلية والخارجية في تطبيق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني في المؤسسات التعليمية والتدريبية الأخرى، والتعرف على مكامن الضعف والقوة ومعرفة مدى ملاءمتها للجهة واستخلاص أهم الدروس المستفادة منها في عملية إطلاق مشاريع التعلم والتدريب الإلكتروني.
تحديد البنية التنظيمية للإشراف على مشروع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، المتمثلة في إنشاء وحدة إدارية وتحديد مهامها بدقة والتي تتولى مهمة الإعداد والإشراف وتنظيم ومتابعة وضبط تطبيق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني. وتتضمن هذه الوحدة عدد من الكوادر الإدارية والفنية المتخصصة في مجال الإدارة والتقنية، ويمكن أن تتطور هذه الوحدة تبعاً لتطور مهام تطبيق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني.



تشكيل فريق عمل أو لجنة متخصصة تتولى إدارة وقيادة مشروع التطبيق الشامل والتخطيط والتنظيم للمشروع. تتمثل في أعضاء من الوحدة المتخصصة بالمشروع ومن الجهات المرتبطة بالمشروع داخل الجهة، أو بمشاركة جهة خارجية متخصصة.
توفير الكوادر البشرية المؤهلة إدارياً وفنياً المتمثلة في إدارة وقيادة الوحدة الإدارية وتصميم البرامج والمقررات من خلال خبراء التصميم التعليمي والمختصين في التقنية من مبرمجين وأخصائي دعم فني.
شكل رقم (3)
مراحل إطلاق برامج التعلم/التدريب الإلكتروني المقترحة
(1) مرحلة الإعداد
البنية التنظيمية
فريق عمل/لجنة
كوادر بشرية
التجارب والممارسات
(2) مرحلة التخطيط
الرسالة
الأهداف
مجال التطبيق
نموذج التطبيق
الرؤية
(3) مرحلة التصميم
البنية التقنية
التصميم التعليمي
تجربة التصميم
الاعتماد
تحديد البرامج
(4) مرحلة التدريب
أدوات التعلم
التقنيات
الفئات
الطرائق
تحديد الأنظمة
(5) مرحلة التطبيق (التجريبي)

التكلفة
التوثيق
نشر الثقافة
تحديد البرنامج
وقت التنفيذ
مكان التنفيذ
تفعيل الأنظمة
تحديد الفئات
الضبط والمتابعة
(6) مرحلة التقويم
كفاءة التقنية

كفاءة الدعم الفني

كفاءة البرنامج
كفاءة الأنظمة

كفاءة أدوات التعلم

كفاءة التنظيم الإداري

(7) مرحلة التطوير
تنفيذ التطوير
تحديد أوجه التطوير















ثانياً: مرحلة التخطيط
هي إعداد خطة إطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، ويمكن أن تستغرق هذه المرحلة فترة تتراوح ثلاثة شهور إلى ستة شهور، وتشتمل هذه المرحلة على ما يلي:



إعداد الرؤية والرسالة وأهداف مشروع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، والتي ينبغي أن تنطلق من رؤية ورسالة المؤسسة التعليمية والتدريبية، كما ينبغي أن تستهدف مكونات المؤسسة والمستفيدين من خدماتها من طلاب ومتدربين وأعضاء هيئة تدريس وتدريب، إضافة إلى استثمار أوجه التقدم المختلفة في التقنية لتقديم تعلم وتدريب فاعل، وتحتاج هذه الخطوة التوجه الفاعل من القائمين بها والمشاركة الفاعلة من جميع المكونات داخل المنظمة والدعم والمساندة من قيادة المؤسسة التعليمية والتدريبية.
تحديد مجال التطبيق ومتطلباته بدقة والتي يجب أن تكون شاملة لكافة البرامج في الجهة التعليمية والتدريبية على المدى البعيد. أما من حيث التطبيق فينبغي أن تكون العملية تدرجية، والتي تتضمن المتطلبات البشرية والتقنية والمادية، حتى يمكن إطلاق تلك المشاريع بفاعلية، من حيث البرامج والخدمات التي تستهدفها عملية التطبيق، والمشمولين بعملية التطبيق من مستفيدين وأعضاء هيئة تدريس وإداريين وفنيين.
تحديد نموذج التطبيق الذي ينبغي أن تتم فيه عملية الإطلاق والذي يمثل منهجاً واضحاً للمؤسسة التعليمية والتدريبية في تطبيق المشاريع اللاحقة، والذي ينبغي أن يتفق مع كافة المعايير المطبقة في التعلم والتدريب الإلكتروني، وينبغي أن يستهدف النموذج برامج أو مقررات محددة بعينها، مع تحديد كافة المتطلبات لتطبيق هذا النموذج. ويمكن أن يعتبر هذا النموذج على مستوى المؤسسة التعليمية والتدريبية خطة إستراتيجية لبناء وإطلاق مشاريع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني.
تحديد التكلفة المبدئية المتوقعة للمشروع.

ثالثاً: مرحلة التصميم
هي المرحلة التي يتم فيها البدء في الجانب الفني للمشروع، وتأتي بعد تحديد مجال ونموذج التطبيق بدقة، ويمكن أن تستغرق هذه المرحلة فترة تتراوح من ستة إلى تسعة شهور، وتشتمل هذه المرحلة على ما يلي:



تحديد البرامج أو المقررات – وفق مجال التطبيق المعتمد - والتي يتم اعتمادها لإطلاق مشروع التعلم والتدريب الإلكتروني، والتي تمثل مشاريع متتالية لإطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني.
تحديد البنية التقنية وتوفيرها للمشروع، والتي يمكن أن تكون من داخل الجهة، أو بالاعتماد على جهات خارجية متخصصة في مجال تصميم وتطوير البرامج.
تطبيق مراحل التصميم التعليمي المتعارف عليها Instructional Designوالتي تتسم بمراحل علمية ذات منهجية وخطوات متنوعة، ومنها نموذج ADDIE، والذي يقصد به التحليل Analysis، التصميم Design، التطوير Development، التطبيق Implementation، التقويم Evaluationوالتي تهدف إلى تصميم المقررات والمناهج بطريقة علمية وتهيئتها الكترونياً.
تجربة التصميم واعتماده
توثيق عملية التصميم

رابعاً: مرحلة التدريب
هي التركيز على تطوير معارف ومهارات وقدرات المعنيين بالتعلم والتدريب الإلكتروني في المؤسسة التعليمية، والتي ينبغي أن تكون بحسب خطة معينة تستهدف الإلمام التام باستخدام أنظمة التعلم الإلكتروني، كما ينبغي أن تكون هذه المرحلة مستمرة، ويمكن أن تستغرق هذه المرحلة فترة تتراوح من شهر إلى ثلاثة شهور، وتشتمل هذه المرحلة على ما يلي:



تحديد أنظمة وأدوات التعلم والتدريب الإلكتروني.
تحديد التقنيات المستخدمة.
تحديد الفئات المستهدفة من التدريب والتي تتمثل في أعضاء هيئة التدريس والتدريب والطلاب والمتدربين والمعنيين بالخدمات الإدارية والفنية للمشروع
تحديد طرق التدريب المستخدمة وأنماطها وطرائقها المتعددة.
تدريب الفئات المستهدفة على أنظمة وأدوات التعلم والتقنيات المستخدمة، بما يمكنهم من استخدامها بكفاءة.
نشر ثقافة التعلم والتدريب الإلكتروني داخل الجهة وبين المستفيدين من خدماتها من خلال العديد من البرامج مثل الندوات وورش العمل والحلقات التطبيقية والمحاضرات، وذلك بغية تهيئة جميع مكونات المشروع ومحركاته لعملية التطبيق في المستقبل للحد من أي معوقات ولتفعيل أوجه المشاركة في تطبيق المشروع.

خامساً: مرحلة التطبيق (التجريبي)
هي مرحلة استخدام أنظمة وأدوات التعلم والتدريب الإلكتروني المختلفة والإلمام بالتقنيات المستخدمة في المجالات التي تم التدرب عليها. وهي ترجمة حقيقية لما تم إعداده والتخطيط له لتطبيق التعلم والتدريب الإلكتروني، وينبغي أن تتم هذه المرحلة تدريجياً حتى يتم اكتمال كافة الأنظمة والإلمام بها بشكل تام، ويمكن أن تتم عملية التطبيق على عينة تجريبية مستهدفة أو على نموذج حقيقي للتعلم والتدريب الإلكتروني، ويمكن أن تستغرق هذه المرحلة فترة تتراوح من ثلاثة إلى ستة شهور، وتشتمل هذه المرحلة على ما يلي:



تحديد البرنامج/المقرر المطلوب ووقت ومكان تنفيذه.
تفعيل الأنظمة والأدوات الإلكترونية والتقنيات المستخدمة
تحديد الفئة المستخدمة لهذه الأنظمة والأدوات الإلكترونية والتقنيات المستخدمة والمتمثلة في أعضاء هيئة التدريس والتدريب والطلاب والمتدربين والقائمين بالخدمات الإدارية والفنية.
ضبط ومتابعة عملية التطبيق وتصحيح أي انحرافات في العملية.

سادساً: مرحلة التقويم
هي مرحلة قياس كفاءة عملية التطبيق لبرنامج التعلم والتدريب الإلكتروني، وذلك وفق أسس ومعايير ومؤشرات لتطوير عملية التطبيق، لتحديد مكامن القوة والضعف في البرنامج، وبالتالي تطوير مستوى أداء عملية التطبيق إلى الأفضل، وعادة تبنى هذه المرحلة على معايير وأهداف محددة تشمل عناصر العملية التعليمية والتدريبية الرئيسة ويمكن أن تستغرق هذه المرحلة فترة تتراوح من شهر إلى ثلاثة، وتشتمل هذه المرحلة على ما يلي:



تقييم كفاءة البرنامج ومدى تحقيقه لأهدافه، من قبل أعضاء هيئة التدريس والتدريب وكذلك من قبل الطلاب والمتدربين.
تقييم كفاءة التقنية المستخدمة ومدى قدرتها على تيسير عملية التعلم من قبل أعضاء هيئة التدريس والتدريب وكذلك من قبل الطلاب والمتدربين، والمعنيين بالخدمات الإدارية والفنية.
تقييم الأنظمة والأدوات الإلكترونية ومدى قدرتها على تيسير عملية التعلم من قبل أعضاء هيئة التدريس والتدريب وكذلك من قبل الطلاب والمتدربين، والمعنيين بالخدمات الإدارية والفنية.
تقييم كفاءة التنظيم الإداري والفني ومدى قدرته على تيسير عملية التعلم والتدريب الإلكتروني قبل أعضاء هيئة التدريس والتدريب وكذلك من قبل الطلاب والمتدربين.

سابعاً: مرحلة التطوير
هي مرحلة تطوير عملية التطبيق لبرامج التعلم والتدريب والإلكتروني والتي تشتمل على منظومة عملية التطبيق المادية والبشرية والتقنية، ويمكن أن تستغرق هذه المرحلة فترة تتراوح من ثلاثة إلى ستة شهور، وتشتمل هذه المرحلة على ما يلي:



تحديد أوجه التطوير المطلوبة.
تنفيذ عملية التطوير.



المبحث الرابع: النتائج والتوصيات
من خلال العرض السابق، وبناء على أهداف الدراسة، فقد تم التوصل في هذا الدراسة إلى عدد من النتائج والتوصيات يمكن إيجازها فيما يلي:

أولاً: النتائج:
من خلال العرض السابق، يمكن تحديد العديد من النتائج وهي:



أن برامج التعلم والتدريب الإلكتروني أصبحت واقعاً ملموساً وذات أهمية كبيرة للعديد من المؤسسات التعليمية والتدريبية، وتشهد نمواً متسارعاً في التطبيق، للمواكبة مختلف التطورات، وكذلك لسد بعض الاحتياجات ولحل بعض المعوقات التي تواجه تلك المؤسسات التعليمية والتدريبية.
أن هناك العديد من المسميات الشائعة لهذا النوع من التعلم والتدريب، إلا أنها تظل ضمن منظومة التعلم والتدريب عن بعد، وكذلك توظيف التقنية في تحقيق أهداف التعلم والتدريب المختلفة.
أن المكونات الأساسية لهذه النوعية من البرامج تستتند على الجانب التقني والبشري والتعليمي، كما تحتاج إلى العديد من المحركات الفاعلة في المؤسسات التعليمية لنجاح هذه النوعية من أنظمة التعلم والتدريب.
أن هناك مبررات عديدة لإطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني من أهمها مواكبة مختلف التطورات، واستثمار التقنية بشكل أمثل والبحث عن سبل ووسائل تفاعل يمكن أن تحقق أهداف التعلم والتدريب بكفاءة.
أن إطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني كأحد الاتجاهات الحديثة في التعلم والتدريب، تصطدم بالعديد من المعوقات أسوة بغيرها من الاتجاهات والتغييرات المطلوبة إحداثها في بيئات التعلم والتدريب، ومن هذه المعوقات ما يتعلق بالجوانب الفنية من أجهزة وبنية تحتية، أو ما يتعلق بالقوى البشرية من حيث توفر المعارف والمهارات، أو جوانب تنظيمية تعود للجهة المستفيدة، إلا أن تلك المعوقات يمكن التغلب عليها وإطلاق مثل تلك البرامج بنجاح في بيئات التعلم والتدريب المختلفة.
أن هناك اهتمام كبير بإطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني في مختلف الدول، وفق مبادرات وجهود للإستفادة من معطيات التقنية الحديثة، وقد نبعت تلك الجهود والمبادرات من منطلق استثمار التقنية المتاحة في تلك الجهات وتوحيد الجهود بين العديد من المؤسسات، وحفز تلك الجهود على المستوى المحلي إدارياً ومالياً، بما يجعل تلك الجهود والمبادرات جديرة بالإهتمام والدراسة.
أن العديد من المؤسسات التعليمية والتدريبية في العديد من الدول في أرجاء العالم بادرت في إطلاق مشاريع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني من خلال تطبيق مراحل وخطوات عملية، كما أن تلك المراحل غير متفق عليها، وكذلك تلك التجارب والممارسات جديرة بالاهتمام والدراسة بحسب بيئات التعليم والتدريب المختلفة.
أن التطورات النوعية والمتلاحقة في التقنية أفضت إلى بزوغ هذا النوع من التعلم والتدريب وجعلته واقعاً ينبغي مسايرته من قبل المؤسسات التعليمية والتدريبية.



ثانياً: التوصيات:

انطلاقاً من الأهمية المتنامية لبرامج التعلم والتدريب الإلكتروني، كون التعلم والتدريب الإلكتروني أحد الاتجاهات الحديثة، وبناء على ما تم استعراضه في هذه الدراسة وما خلصت إليه من نتائج، ولإطلاق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني بنجاح توصي الدراسة بما يلي:


أن يبادر المختصون في هذا المجال والمؤسسات التعليمية والتدريبية على حد سواء بنشر ثقافة استخدام وتطبيق برامج التعلم والتدريب الإلكتروني، لسد فجوة عدم فهم هذه المنظومة تعريفاً وأهمية وتكويناً مما يساعد في توظيفها في حقلي التعليم والتدريب بيسر وسهولة.
أن تبادر المؤسسات التعليمية والتدريبية اطلاق مثل هذه المشاريع مهما كان حجمها، حتى يمكن توظيف التقنية واستثمارها بشكل أمثل، وكذلك خلق فرصاً للتعلم والتدريب للمستفيدين وحل بعض المعوقات التي تواجهها وكذلك الوصول إلى عدد أكبر من المستفيدين وطالبي خدمات هذه الجهات.
أن تبادر المؤسسات التعليمية والتدريبية في اتخاذ القرارات الحاسمة التي تقضي ببناء نماذج محلية لإطلاق برامج تعليم وتدريب إلكترونية، إذا ما توافرت لديها الخبرات في هذا المجال خاصة الخبرات التقنية، أو أن تعتمد على الحلول الجاهزة التي يزخر بها السوق التقني حتى تبني لها نماذج الخاصة.
أن تتيح المؤسسات التعليمية والتدريبية فرصاً أوسع للقطاع الخاص لمساعدتها في بناء مثل هذه المشاريع التعليمية والتدريبية، ومن ثم نقل التجربة للمؤسسات التعليمية والتدريبية الحكومية.
أن تعمد المؤسسات التعليمية والتدريبية على بناء شراكات محلية ودولية مع المؤسسات التعليمية والتدريبية التي تمتلك تجارب في هذا المجال من حيث الجانب المعرفي والتقني والتطبيقي، وأن يتم تبادل هذه المعارف والمهارات والتجارب حتى يمكن بناء نظم تعليم وتدريب إلكترونية فاعلة.
أن تعمد المؤسسات التعليمية والتدريبية بتبني مركز وطني رقمي، يمكن عن طريقه حفظ وتخزين كافة المنتجات الرقمية من مواد وتطبيقات تعليمية وتدريبية حتى يمكن استرجاعها بيسر وسهولة وتبادلها بين الجهات ذات العلاقة.
أن تقوم المؤسسات التعليمية والتدريبية بإطلاق مشاريع برامج التعلم والتدريب الإلكتروني وفق المراحل التي تتناسب مع بيئتها التنظيمية والتقنية، وأن تستفيد من كافة التجارب والممارسات في الجهات الأخرى.

بقلم: د. عجلان الشهري