أصبح مصطلح البطالة في عالمنا اليوم الأكثر شيوعًا، فما من أحاديث تصدر من مسؤولين في معظم بلاد الأرض إلا وتنوه إلى خطر البطالة، وتنوه إلى خطط حكوماتهم في مواجهة هذا الخطر.
وما من شك أن البطالة ضاربة بقوة في معظم إن لم يكن في كل دول العالم، والبطالة تعد من أخطر ما تتعرض له شعوب الأرض على وجه العموم، وجموع الشباب من الجنسين على وجه الخصوص، إذ تعطل وتهدر البطالة طاقات الشباب التي تمثل القوة القادرة على العمل في المجتمع، ومن ثم يفقد هذا المجتمع قوته الضاربة والحيوية، وبالتالي يحصد التخلف، والفقر والجوع، وعدم الأمان.. وعلى النقيض من ذلك نجد المجتمع الذي يملك القدرة على توظيف طاقات شبابه، ويخلق لهم فرص العمل المناسبة، مستفيدًا أقصى استفادة من هذه الطاقات التي تساعده على الإنتاج والتقدم، والرقي وتحقيق رفاهية الفرد والأسرة، والتي تنعكس على رفاهية المجتمع بأكمله، ومن ثم تساعد هذا المجتمع على بناء مستقبله الزاهر، وحضارته الأصيلة، وتساعد المجتمع أيضًا على تجنب أخطار البطالة وما تحمله من تفكك، وانهيارات ثقافية وأخلاقية واجتماعية؛ فضلًا عن الانهيارات الاقتصادية.

وغني عن البيان ما للشباب من دور هام - منبثق من أنهم نصف الحاضر، وكل المستقبل لوطنه - في تحقيق آمال حكومة وطنه في تنفيذ الخطط التنموية التي ترجو تنفيذها على مدار عقود من الزمان، وهذه الخطط توضع في الأساس لخلق حياة كريمة، ورفاهية متميزة لهؤلاء الشباب الذين سيحملون راية الوطن في العقود الزمنية التي تغطيها الخطط التنموية؛ فدور الشباب في التخطيط والتنفيذ وإن لم يكن كما يأملون، وكما يطمحون في واقعهم الحاضر، فإن هذا الدور في المستقبل سيكون دورًا رئيسيًا بكل تأكيد، لأنهم سيكونون في موقف يؤهلهم للتخطيط، وإلى أن يصلوا لهذه المرحلة عليهم ألا يبخلون بجهد في نجاح الخطط التنموية التي وضعت أساسًا من أجلهم؛ فالتعاون البناء من قبل الشباب، وتحمل مسؤولية التنفيذ في المراحل التي تتطلب منهم ذلك؛ لا شك يساهم بالدور الرئيس في نجاح الخطط التنموية، فلكل دوره بما يتماشى مع المرحلة الزمنية؛ فلا يسبق الشباب مرحلتهم التنفيذية بالتطلع إلى مرحلة التخطيط وما تتطلبه من خبرات ومهارات وتجارب، هم لم يخوضوها بحكم السن، وبحكم ممارسة العمل، فالسلم أو الدرج لابد من صعوده درجة درجة، لأن القفز قد يتحقق لفرد - شاب - ذي مهارات، ولياقة بدنية فذة، ولا يتحقق لكثير من الأفراد - الشباب -، وهذا يفرض على الشباب عدم الاستعجال، بل السير بتؤدة مصحوبة بهمة ونشاط، وإصرار على الوصول إلى ما يريدون من أهداف واقعية يستطيعون تنفيذها على أرض الواقع، ويتجنبون الأهداف الخيالية التي لا تتناسب مع قدراتهم، ولا يمكنهم جعلها واقعًا ماديًا ملموسًا على الأرض.
وعلى أفراد المجتمع وفي القلب منهم الشباب الراغب بحق، والساعي بجد إلى الحصول على فرصة عمل متميزة أن يحصن نفسه بالعلم القابل للتطبيق، عن طريق مزيد من الاطلاع في تخصصه، ومزيد من الاحتكاك بذوي الخبرة فيه، ثم بكثير من التدريب، وأن يأخذ بأسباب البحث الفعال عن فرصة العمل التي يريدها، وأن يأخذ بالوسائل العلمية والعملية التي تمكنه من الحصول على هذه الفرصة بدءًا من المقابلة الشخصية.
فكثيرًا مـا نسمـع من الشبـاب البـاحث عن العمـل، أن لديـه مقـابلة عمل في شركة ما، ولكننا لم نسمع من كثير منهم أنه قد أتم الاستعداد الكافي لاجتياز تلك المقابلة، والحصول على العمل الذي يتمناه، لتحقيق ذاته، والشعور بمدى أهميته، وبأنه عضو نافع منتج في مجتمعه، أو يسعى للحصول عليه لدفع شبح الفقر الذي يسيطر عليه، ويشبع حاجاته الفسيولوجية من مأكل، ومشرب، وملبس، ومسكن...إلخ.
وهكذا يذهب كل شاب إلى إجراء مقابلة العمل، وهو محمل بطموحاته الشخصية المختلفة عن طموحات الآخرين، فقد تتفق درجة المؤهلات العلمية فيما بينهم، ولكنهم يختلفون - بلا شك - في تقديراتهم ودرجاتهم العلمية التي حصلوا عليها أثناء دراستهم، ويختلفوا أيضًا من حيث القدرات الشخصية، والخبرات الخاصة، ومستوياتهم العلمية الأخرى، باختلاف ما حصلوا عليه من دورات تدريبية متنوعة، سواء في مجالاتهم المتخصصة، أو في اللغات، أو في الكمبيوتر، أو في مجالات عملية أخرى، فالشاب ذو العقلية المتفتحة، والمهارات المتميزة، والثقافة العالية في شؤون أو مناحي حياتية كثيرة، تكون فرصته أكبر من ذاك الشاب الذي اكتفى بالمؤهل العلمي - الجامعي أو غيره - وفقط.
والآن دعونا نتعرف أكثر على أهمية مقابلات العمل الشخصية، وأنواع مقابلات العمل، وكيف يستعد الشاب المتميز - صاحب المهارات المتنوعة، والثقافة العالية - لخوضها، حتى يحقق حلمه بالفوز بالوظيفة المناسبة والمتميزة التي يتمناها.
ودعونا نقر بداية - حتى لا ننسى - أن التوفيق في الحصول على العمل أو الفرصة الوظيفية المناسبة من الله سبحانه وتعالى، الذي قدر لنا أرزاقنا وأقواتنا، وجعلنا متفاوتون في الدرجات، والقدرات، والإمكانيات الجسدية، يقول الله تعالى: }يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير{ (المجادلة: 11). ويقول تعالى: }إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقـدر إنه كان بعبـاده خبيرًا بصـيرًا{ (الإسراء: 30). ثم بما نسلّح به أنفسنا من العلم المتخصص، والدورات التدريبية المساعدة والمنمية لمعارفنا، وبمحافظتنا على اكتساب المهارات المتنوعة في مجالات عدة، وبدأبنا المتواصل في تحصيل الخبرات.
• أهمية مقابلة العمل الشخصية:
إن المقابلة الشخصية تعتبر من أهم خطوات الفوز بالوظيفة المناسبة، والمتميزة، والتي يحلم بالحصول عليها الكثير من الشباب، فهي أولى مراحل الحياة العملية.
وعليك أيها الشاب - أو الفتاة - المتميز - قبل تحديد موعد المقابلة الشخصية - القيام بإعداد وكتابة سيرتك الذاتية (CV)، بشكل متميز، يجذب انتباه قارئها - سواء كان صاحب العمل نفسه، أو رئيس قسم الاختيار والتعيين التابع لإدارة الموارد البشرية، أو المدير المسؤول عن وحدته الإدارية -، ويشبع فيه حاجته إلى معرفة كل، أو جل ما يريد معرفته عنك، وبناءً على سيرتك الشخصية، ترشح إلى المقابلـة الشخصيـة، ومن ثم يحدد لك موعدها.
ولعل من المناسب أن نستعين في هذا المقام باستطلاع أجري في موقع WorkingMotherعلى شبكة المعلومات الدولية Internetلاستطلاع آراء مديري أفضل عشرة شركات عاملة في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بهدف التعرف على أفضل المهارات التي يجب توافرها في الشاب أو الفتاة الراغب في الالتحاق بأفضل الشركات في أي مكان في العالم، وقد اختصر هؤلاء المديرون هذه المهارات في عشر مهارات يجب على الشاب أو الفتاة أن يكتسبوها كلها أو جلها، كي يتحقق لهم الحصول على فرصة عمل متميزة، تعود عليهم بالنفع المالي المناسب، الذي يحقق لهم الحياة الكريمة والرفاهية الاجتماعية، فضلًا عن تحقيق التقدير المعنوي من خلال شغل وظيفة متميزة، تحقق لهم مكانة مرموقة..
وهذه المهارات العشر التي حددها المديرون وأوردها الموقع المشار إليه آنفًا هي-بتصرف ــ:
1- الطموح الوظيفي:
يقوم «مايكل شيرمان -نائب الرئيس التنفيذي لبنك BankofAmerica»بالبحث في السير الذاتية المقدمة إليه من راغبي التوظف في البنك عن الطموح الوظيفي لهؤلاء المتقدمين؛ ويقوم بالاستفسار والاستفهام من المتقدِّم إلى شغل الوظيفة عن تطلعاته وطموحاته المهنية، ورؤيته لمستقبله المتوسط والبعيد المدى، وذلك من خلال طرح هذا السؤال بشكل دائم على كل راغب في التعيين في البنك: أين ترى نفسك بعد خمس سنوات؟ ومن خلال إجابة المتقدم على السؤال يستطيع أن يتعرف على رؤيته لمستقبله الوظيفي، والتي يتعرف من خلالها على مدى طموحه الذي سيكون من الحوافز المؤثرة في طريقة أدائه، وهل سيفيد البنك وراء هذا الأداء أم لا؟
2- الكاريزما :
وتبحث باتي بوجميلر -مديرة الموارد البشرية بشركة Deloitte- عن الكاريزما في المورد البشري المتقدّم للوظيفة المطلوبة، بالإضافة إلى المهارات الأخرى الواجب توافرها للقيام بأعمال الوظيفة المعلن عنها، إلا أن الفيصل بين متقدّم وآخر هو الكاريزما المميّزة للشخصية المتقدّمة التي تمكّنه من التواصل مع العملاء بشكل ممتاز، وخلق انطباع إيجابي عن الشركة، وهو ما يُفيد في نشر العلامة التجارية للمؤسسة ومنتجاتها. وهذا يساعد على نجاح العمليات الترويحية، والعمليات التسويقية التي تقوم بها الشركة، وتصب في خانة نجاح عمليات البيع، ومن ثم تحقيق الأرباح الوفيرة، التي تعظم من القيمة الحقيقية للشركة.
3- الابتكار:
أما ستيفاني ليلاك -مدير الموارد البشرية بشركة GeneralMills- فيقول: إن الابتكار هو أساس العمل في شركتنا؛ لذا فإن المورد البشري الذي يتمّ اختياره يجب أن يكون قادرًا على التفكير الإبداعي والاندماج مع الآخرين، والعمل معهم بأفكارهم المختلفة للوصول إلى أفضل النتائج. والوصول إلى أفضل النتائج، يساهم بدور كبير في الحصول على أعلى جودة في السلع المنتجة أو الخدمات المقدمة، وهذا يساعد في الوصول إلى رضا العملاء على هذه المنتجات وتلك الخدمات، ومن ثم الإقبال على شرائها.
4- التواصل الفعّال:
أما بولا لوب -مديرة شركة برايس ووتر هاوس كوبرز PwC- فتبحث عن الموارد البشرية أو الأفراد أصحاب المهارات الإنسانية الممتازة القادرين على التواصل الفعّال مع العملاء، مشيرة إلى أنها لا تكتفي بالمهارات الموجودة في السيرة الذاتية، وإنما تكتشف أثناء المقابلة الشخصية توافر مهارات الاتصال المثمر في الشخص المتقدّم للوظيفة أو عدمه. وهذا يدل على نظرة بعيدة المدى، إذ الاتصال المثمر بين المورد البشري العامل في الشركة مع العملاء، يساعد في شراء هؤلاء العملاء لمنتجات أو خدمات الشركة، وتفضيلها عن غيرها من المنتجات والخدمات التي تطرحها الشركات الأخرى.
5- العمل مع فريق متنوّع:
يرى ويندي إدجر -مدير التوظيف بشركةErnst& Young- أن مصطلح العمل الجماعي عبارة واسعة ومطاطة، ولا يكتفي في المقابلة بسماع هذا المصطلح من المتقدم لشغل الوظيفة، ولكن يعرف منه كيف يتعامل مع الآخرين حقًا، وكيف يواجه الاختلاف في فريق العمل الذي ينضمّ إليه، ويرى إدجر أيضًا ضرورة أن يكون المتقدّم إلى شغل الوظيفة قادرًا على تكوين فريق عمل قائم على الاختلاف والتنوّع بين أفراده؛ بهدف الحصول على نتائج ومكاسب أفضل للشركة، ويرى إدجر أيضًا أن العملاء يحتاجون إلى الشعور بالثقة في المؤسسة؛ لذا فنحن نجلب الكثير من العقول المختلفة لخدمتهم على الوجه الأكمل. وهذا يصب في صالح الشركة بالتأكيد إذ إن رضا العملاء يعد الهدف الأول الذي تسعى الشركة لتحقيقه، والمحافظة عليه، إذ يعني هذا الرضا إقبال هؤلاء العملاء على شراء المنتجات السلعية أو الخدمية التي تقدمها الشركة، وتفضيلهم لها، مما يزيد من المبيعات، ومن ثم الربحية، وضمان الاستمرار والبقاء.
6- ثقافة المنافسة:
أما أدريا ألبرت -نائب المدير التنفيذي لشركة Discoveryللاتصالات- فتبحث بين السير الذاتية المرسلة إليها، ومن خلال المقابلات الشخصية عن الموارد البشرية أو الأفراد الملمين بكل المعلومات عن الشركات المنافسة، وما تُقدِّمه هذه الشركات من خدمات لعملائها ليستطيع هذا الموظف تطوير وتجويد العمل باستمرار لخدمة العملاء على الوجه الأكمل. وهذا الأمر يوفر للشركة قاعدة معلومات كبيرة عن المنافسين، تستخدمها من دون شك في عملياتها الإنتاجية، والترويجية والتسويقية، والبيعية، وتحقق من ورائها المزيد من الجودة لمنتجاتها وخدماتها التي تقدمها للعملاء، ومن ثم تحقق المزيد من المبيعات، التي تنعكس بشكل مباشر وغير مباشر على ربحية الشركة، وعلى توسع استثماراتها، وكسب المزيد من الحصص السوقية.
7- التفكير النقدي:
ويبحث والتر ماكلارتي -مدير الموارد البشرية بشركة TreeHealth- عن المورد البشري القادر على التفكير النقدي، ويمكنه التعامل مع كل الحالات والمشكلات التي قد تطرأ في المؤسسة بعقلية ناقدة تبحث عن الأفضل من بين المقترحات كافة، وتبحث طرق العمل المطروحة بعد تقييمها، واختيار الأنسب للمنافسة بين المؤسسات التي تعمل في نفس المجال. ما من شك أن العقلية النقدية تدل على تمتع صاحبها برؤية فكرية ما، وطالما تمتع المورد برؤية فكرية، دل ذلك على عقلية تختار إذا ما قورنت بمورد بشرية لا يحمل رؤية فكرية، فصاحب الرؤية الفكرية سيكون إضافة للشركة بالتأكيد.
8- أخلاق القيادة:
أما يانا فالون -نائب رئيس شركة PrudentialFinancial- فتبحث عن الموارد البشرية أو الأفراد الذين لديهم بوصلة أخلاقية قوية ويعرفون أخلاقيات الأعمال؛ بحيث تتأصّل هذه الأخلاقيات في قيادتهم لفريق العمل، مشيرة إلى أن شركتها تضع معايير رفيعة جدًا من ناحية أخلاقيات العهود والوفاء بها، والتي تخلق المكانة القوية التي تتمتّع بها الشركة في مجال الأعمال التجارية. وهذا يمثل جانب قيمي يحقق للشركة في الحاضر والمستقبل ميزة تنافسية كبيرة بين نظيراتها من الشركات.
9- مهارات إبداعية في حل المشكلات:
أما أيلين ريمون -المدير التنفيذي لشركة KPMG- فيقول: إنه لا يكتفي بالمهارات الفنية الجيدة التي تمكِّن صاحبها من حل المشكلات والعمل بشكل جماعي، ولكن يبحث عن أشخاص لهم رؤية سباقة في إزالة المعوقات والتعامل معها، ويستشهد ريمون بأحد المتقدّمين إليه والذي خلق حلولاً إبداعية لمواجهة انكماش الأعمال بسبب الأزمة المالية؛ لأن بفعل توجّهاته لم تسرِّح الشركة أحد من العاملين، بل توسّعت في بعض القطاعات التي جلبت لها مكاسب كبيرة على المستويين المادي والمعنوي.
10- المسؤولية الاجتماعية:
أما جورج أندرسون -نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة WellStarHealth- فيقوم بالبحث عن توافر جانب المسؤولية الاجتماعية للمتقدّم لشغل وظيفة بمؤسسته، والقادر على توفير أعلى مستويات الرعاية الصحية للآخرين، وهو ما يستلزم توافر درجة عالية من التراحم والتعاطف لدى المتقدِّم لشغل الوظيفة، ويبحث أيضًا ويشترط أندرسون المورد البشري المتقدم والراغب في شغل الوظيفة أن يكون قادرًا على إحداث فرق إيجابي في المجتمع المحلي الذي تعمل في محيطه المؤسسة.
• أهم أنواع مقابلات العمل الشخصية:
1- مقابلة العمل الشخصية الجماعية:
في هذا النوع من المقابلة يقوم صاحب العمل، أو المسؤول عن الاختيار والتعيين في أية شركة بإجراء مقابلة جماعية لعدد من الراغبين والمتقدمين للحصول على الوظيفة، بهدف قياس القدرات الشخصية لهم، من خلال رصد ردود أفعالهم وآرائهم تجاه موضوع ما يطرح عليهم لأخذ رأيهم، ورصد قدرات الأفراد في التجاوب والتعاون مع الآخرين، ومدى إلمامه بأدب الحوار، والنقاش الهادئ، وقدرته على التفكير السريع، وقدرته على ترتيب أفكاره، واختيار ألفاظه عند الحديث، ثم يقوم صاحب العمل، أو المسؤول عن الاختيار والتعيين باختيار من يرون مناسبته، للانتقال إلى المقابلة الشخصية الفردية.
2- مقابلة العمل الشخصية الفردية:
في نظام مقابلة العمل الشخصية الفردية - وهو قد يتم بعد مقابلة العمل الجماعية، أو يتم مباشرة طبقًا لنظام صاحب العمل أو الشركة - يقـوم صـاحب العمل، أو المسـؤول عن الاختيار والتعيين، بمقابلة شخصية مع المتقدم الراغب في شغل الوظيفة المعلن عنها، بهدف التعرف على هذا المتقدم الراغب في شغل الوظيفة بشكل دقيق، يمكنه - صاحب العمل، أو المسؤول عن الاختيار والتعيين - من الحكم على قدراته الذهنية، وأفكاره، ومعتقداته الشخصية، والقيم التي يؤمن بها، فضلًا عن اكتشاف مدى كفاءته العلمية والعملية، وهل يصلح فعلًا - بشكل تقديـري يعتمـد على خبرة صاحب العمل أو باتباع الأسس العلمية القياسية الموضوعة لنظام المقابلة - للقيام بمهام وتبعات الوظيفة المرشح لها، أم لا؟ ولكي يكتشف أيضًا - صاحب العمل، أو المسؤول عن الاختيار والتعيين- مدى ما يتمتع به المتقدم لشغل الوظيفة من مهارات الإنصات، والتفكير، وعدم التسرع في الردود، وطبيعة ردوده، ومدى عمق إجاباته على الأسئلة المطروحة عليه، ومدى قدرته على التحكم في أعصابه من خلال طرح أسئلة غير متوقعة عليه، ومدى قدرته على التعامل مع مشكلة ما تعترضه بشكل طارئ، ويستطيع صاحب العمل، أو القائم على عملية الاختيار والتوظيف، أن يكتشف سمات وصفات شخصية في المتقدم لشغل الوظيفة، من خلال مظهره الخارجي، ومدى اهتمامه به، ومن خلال طلاقة حديثه، وبشاشة وجهه، كل هذه الأمور وغيرها يستطيع صاحب العمل، أو المسؤول عن الاختيار والتعيين في الشركة من اكتشافها، وتحديدها بوضوح من خلال المقابلة الشخصية الفردية المبنية على أسس ونظام علمي مدروس، وليس على الخبرة الشخصية التي يتمتع بها صاحب العمل، أو المسؤول عن الاختيار والتعيين فقط.
• خطوات اجتياز مقابلة العمل الفردية:
أ-الاستعداد التام لمقابلة العمل الشخصية والفردية، وإعطاؤها الأهمية المطلوبة، وهذا الاستعداد يبدأ قبل المقابلة ذاتها، وذلك من خلال قيامك بجمع الكثير من المعلومات العامة عن الشركة، أو المؤسسة، - أو أي مكان تريد الالتحاق للعمل فيه- وتشتمل هذه المعلومات - في حال التقدم إلى شركة كبيرة ومعروفة - على معلومات خاصة بنشاط الشركة، ومنتجاتها الرئيسية، وأماكن فروعها، وموقفها المالي، وموقعها التنافسي، وحصتها السوقيـة، وكل هذا وغيره تستطيع أن تحصل عليه من خلال وسائل متعددة منها: موقع الشركة على شبكة الإنترنت، أو من التقارير المالية التي تنشرها الشركة في الصحف، أو من خلال كتيبات تعريفية تقوم الشركة بطباعتها وتوفيرها في قسم الاستقبال في مقر الشركة، وقد تتساءل: وماذا يفيد جمعي لكل هذه المعلومات ؟ ونقول لك: إن جمعك لهذه المعلومات، واستحضارها في ردودك وإجاباتك أثناء المقابلة الشخصية يعطي انطباعًا إيجابيًا - للقائم بإجراء المقابلة معك - عن مدى اهتمامك بالشركة، وهذا قد يعطي مؤشرًا له بأن درجة ولائك وانتمائك للشركة - إذا ما تم اختيارك - ستكون جيدة، ويعطي انطباعًا أيضًا عن مدى حرصك على الفوز بهذه الوظيفة، والحرص على تحقيق الشيء غالبًا ما يجعل الفرد حريصًا على عدم التفريط فيه، وعلى تحقيق النجاح والتميز فيه أيضًا، وهذا يعود بالنفع على الشركة في المستقبل، حيث ولاء وانتماء العاملين فيها لها من أهم وسائل نجاحها في تحقيق أهدافها، ومدى حرصك هذا قد يكون المرجح لك عند المقارنة بغيرك - في حال تساويكما في كثيـر من مسـوّغات التعيين العـامة «الشهادة الجامعية»، أو الخــاصـة «الدورات التدريبية»- الذي لم يقم بنفس ما قمت به من جمع معلومات عن الشركة.
ب- قم بجمع أكبر قدر من الأسئلة العامة والخاصة، التي تطرح عادة في مقابلات العمل الشخصية، عن طريق أصدقائك الذين خاضوا مثل هذه المقابلات، أو عن طريق الكتب المرشدة لذلك، أو استدع من ذاكرتك مثل هذه الأسئلة، إذا كنت أجريت مقابلات سابقة، وبعد هذا الجمع صنف الأسئلة من حيث الأهمية، وقم بطرحها على نفسك، أو استعن بقريب أو صديق لك يمثل دور صاحب العمل، وتدرب على طريقة الإجابة عليها قبل اللقاء، فقيامك بهذا العمل يزيد من ثقتك بنفسك، ويخفف عنك حدة التوتر أثناء اللقاء.
ج- يجب عليك أثناء المقابلة الالتزام - قدر الإمكان - بما يلي:
1- قم بتحديد النقاط التي تريد الاستفسار عنها من صاحب العمل، أو المسؤول عن إجراء المقابلة الشخصية، واكتبها في مفكرتك الشخصية، ولا تقاطعه أثناء حديثه، واستوعب تمامًا ما يقول، فقد يجيب عن استفساراتك أثناء حديثه، وإن لم يجب عليها فاستفسر عنها بعد فراغه من حديثه، دون أن يتملك الخجل من طرح الاستفسار، فقد تفيدك الإجابة، وقد يعطي هذا الاهتمام من قِبَلِك للقائم على أمر المقابلة، بأنك مستمعٍ جيد، ومستوعب لما يقول، ومهتم بمعرفة إجابات لأسئلتك واستفساراتك، وكل هذا يعد مؤشرًا جيدًا في صالحك.
2-اختر الألفاظ المناسبة لما تتحدث فيه، ولا تسترسل كثيرًا فتكثر أخطاؤك، وكن محددًا في طرحك، وإجاباتك، وأن يكون ردك على السؤال الموجه إليك ردًا مفيدًا ومحددًا.
3-كن حريصًا على أن يكون الانطباع الأولي عنك انطباعًا إيجابيًا، حيث ينطبع ذلك في ذهن القائم أو القائمين على إجراء المقابلة معك.
4-كن رصينًا، ومتزنًا، وهادئًا في حركاتك الجسمانية، فلا تكثر منها، واحذر توجيه الإصبع في وجه من يقوم بإجراء المقابلة معك، وتجنب كثيرًا من حركات الذراعين والأرجل أثناء جلوسك.
5-احرص تمامًا على مظهرك الخارجي، فهو يدل في كثير من الأحيان على مدى حرصك، وذوقك، وشخصيتك.
6-احرص على أن تحضر في الوقت المحدد للمقابلة، وأن تحرص على عدم تجاوز الوقت المحدد لها إن كان محددًا سلفًا وتعلمه، وألا تشعر القائم بالمقابلة، بتململك من طول وقت المقابلة، أو كثرة الأسئلة.
7-كن مهذبًا في حديثك، وفي استئذانك بالدخول، والخروج من المقابلة.
8-كن حسن الإنصات، ولا تشعر القائم بإجراء المقابلة، بعدم اهتمامك بحديثه، إن تعرض لأمر ليس له قيمة من وجهة نظرك، أو كان شرحه لنقطة ما، أو إجابته على استفسار ما أقل مما تعلمه أنت، فقد يكون ذلك اختبارًا منه لك، يكتشف من خلاله مدى احترامك لمديرك أو لرئيسك في العمل.
9-كن واثقًا بنفسك في تواضع، وواثقًا بقدراتك، فلا تدع للتوتر سبيلًا إليك، فيؤثر في إجاباتك، أو يظهر على ملامحك، فتفقد ما تسعى وتطمح إليه.
10-إذا وجدت مبشرات للقبول، من علامات على وجه القائم بالمقابلة أو إشارات منه توحي بذلك، فلا يؤثر ذلك في اتزانك، وهدوئك الذي حافظت عليه طيلة المقابلة.
11-إذا صرح لك القائم بالمقابلة بقبولك، فاشكره على ذلك، وأبد له - باتزان - سعادتك بالعمل في شركتهم المتميزة، وأن هذا كان حلمًا جميلًا بالنسبة لك وقد تحقق.
12-لا تتعجل بالسؤال عن الراتب، والمزايا الأخرى، بل اترك القائم بالمقابلة يخبرك بكل ذلك، وإن كان هناك استفسار من قبلك فاطرحه بحرص شديد.
13-اترك للقائم بإجراء المقابلة يحدد لك آلية الإجراءات التالية لاستكمال إجراءات التعيين، دون أن تسأله عنها، أو عن موعد حضورك القادم.
14-كن حريصًا على ألا تبادر بإنهاء المقابلة، واترك للقائم على المقابلة تحديد ذلك، واتركه يمد يده إليك أولًا بالمصافحة بما يوحي بانتهاء المقابلة.
وأخيرًا: إن الوصول إلى المورد البشري ليس المناسب فقط وإنما المتميز هدف أصيل من ضمن أهداف المنظمة - الهادفة وغير الهادفة للربح - أو الشركة أو المؤسسة... إلخ على وجه العموم، وهدف أصيل أيضًا بالنسبة لإدارة الموارد البشرية على وجه الخصوص، لما لهذا التميز من إسهام مباشر وفعال في تمكين المنظمة أو الشركة من تحقيق أهدافها الاستراتيجية البعيدة المدى، وأهدافها الآنية، وأهدافها المتوسطة المدى، فالمورد البشري المتميز يوفر للمنظمة أو الشركة عامل الأمان، وعامل الاستقرار، وعامل المنافسة، فهو من يقوم بالابتكار، والإبداع، والإنتاج ذي الجودة العالية، ولا ينافسه في ذلك الآلة التي لا تملك خاصية التفكير، التي يتميز بها الإنسان فقط.. ومن ناحية أخرى فالمورد البشري يحتاج إلى المنظمة أو الشركة القوية التي توفر له الأمان والاستقرار الوظيفي، وتوفر له الجانب المادي الذي يسعى من خلاله إلى تحقيق الحياة الكريمة، والجانب المعنوي الذي يسعى من خلاله إلى تحقيق الذات، ويحتاج من المنظمة أو الشركة المساعدة في توفير البيئة الخلاقة التي تساعده على الابتكار والإبداع، ويحتاج منها أيضًا توفير البيئة التي تساعده على إحياء وخلق الطموح الوظيفي في نفسه.. والمورد البشري المقبل على شغل وظيفة ما في منظمة أو شركة ما يجب عليه أن يمتلك ليس فقط المسوغات المعتادة، بل يمتلك من المهارات والإبداعات بما يميزه عن غيره حتى يظفر بالوظيفة التي يحلم ويتمنى الفوز بها.

بقلم: محمود عيسى