يستيقظون صباحًا، ثم يتوجهون إلى الملعب لبدء التدريب. هاهو المدرب(Coach) يقدم لهم النصائح، الخطط والتكتيكات، يجعلهم يقدمون أفضل مالديهم من أداء أثناء التمرين، كل هذا من أجل هدف واحد مشترك بينه وبين أعضاء الفريق: الفوز بالمباراة القادمة. هذا هو بالتحديد ما يجري في عالم الأعمال؛ عندما يتعلق الأمر بمصطلح التدريـب الإشرافي (BusinessCoaching)؛ فالمدرب الإشرافي (Coach) هو شخص صاحب خبرة في مجال معين، إنه ليس موظفًا عندك -كأن يتخذ قرارات أو يقوم بمهامك- بل يعمل من أجل الرقي بمستوى أدائك العملي إلى شكل أفضل عبر تقديم النصائح، التكتيكات، والأداوات الملائمة حسب طبيعة كل منصب. هذا المدرب الإشرافي (Coach) لا يعمل على نقل معلومة إليك (كما هو الحال مع المدرب Trainerخلال الدورة التدريبية)، إنه يعمل على تحقيقك للهدف الذي تسعى إليه.
المدرب الإشرافي في الأعمال له سمات أخرى تميزه: مثلًا، المدرب في غالب الأحيان يدرب أكثر من شخص في وقت واحد، أما المدرب الإشرافي فهو غالبًا ما يدرب شخصًا واحدًا فقط. عادة ما يقوم المدرب الإشرافي بتدريب شخص من المستوى الأول من المدراء في المنظمة، كالمدير التنفيذي أو مدير التسويق مثلًا. أما المدرب Trainer، فهو يقدم دورته التدريبية لمجموعة من الأشخاص، بغض النظر عن منصبهم داخل المنظمة وأخيرًا وليس آخرًا، بينما يعطي المدرب Trainerدورته خارج أوقات الدوام أو داخلها، فإن المدرب الإشرافي Coachلا يعمل إلا أثناء الدوام جنبًا إلى جنب مع المتدرب، حتى يحقق الهدف المنشود.
لكي تتضح الصورة أكثر، سأذكر مثالا عن طبيعة عمل مدرب إشرافي للقيادة LeadershipCoach: لنفترض أنك مدير تنفيذي لإحدى الشركات، تتمتع بمعرفة عالية في مجالك، لديك مهارة وأداء رائعان، لكن مع ذلك، هناك مشكلة بسيطة وهي أن الموظفين لا يثقون بك كما ينبغي، مما يؤدي إلى عدم تأثرهم بك بالشكل المطلوب، وهذا كما تعلم يؤثر بشكل سلبي على أدائهم وأداء من هم دونهم في هرم المؤسسة.
القدرة على التأثير هي صفة (قيادية)، ولذلك لكي تصبح مُؤثِّرًا، فهذا أحد اختصاصات المدرب الإشرافي للقيادة LeadershipCoach. لنفترض أنك قررت التدرب مع أحدهم؛ أول شيء يجب فعله، الجلوس على طاولة مستديرة، وشرح حالتك في المنظمة بالتحديد، ثم تقوم بتوضيح الهدف الذي تسعى لتحقيقه. بعد ذلك، سوف يحدد المدرب الإشرافي للقيادة المدة التقديرية التي تحتاجها من أجل تحقيق هدفك، وتصبح أكثر تأثيرًا ومصداقية لدى مرؤوسيك. علاوة على ذلك، سيخبرك بعدد ساعات العمل التي يحتاجها للعمل معك، وبكل تأكيد التكلفة الإجمالية. سوف يبدأ المدرب الإشرافي للقيادة بمرافقتك، تقديم النصائح، الخطط والتكتيكات اللازمة بشكل يومي وأثناء العمل. على رأس كل أسبوع، سوف يقوم بتقديم تقرير تقييمي عن أدائك، عن مكامن الضعف، عن نقاط القوة، وكذا عن التحسن الذي تم تحقيقه خلال تلك الفترة، وسيستمر عمله إلى أن يتحقق الهدف الذي تسعى إليه.
إذا قررت أنك لا تريد التدرب مع المدرب الإشرافي بالقيادة، واكتفيت فقط بالذهاب إلى دورة للقيادة أو دورة عن صناعة التأثير، بلا شك سوف تتعلم الكثير من الأشياء المفيدة التي من الممكن تطبيقها أثناء العمل، لكن هذا لن يجعلك بالضرورة أكثر تأثيرًا بالفعل: فقد تنسى الكثير من الأشياء التي تعلمتها، أو قد لا تعرف كيفية تطبيق ما تعلمته، ولا تنس أن شخصيتك تختلف عن شخصية بقية المدراء.
وضعيتك في المؤسسة أو الشركة، هي حالة خاصة بك أنت فقط، وأكيد أن هدفك يختلف عن أهداف الآخرين.لذلك، النتائج التي ستجنيها مع المدرب الإشرافي للقيادة أكثر من تلك التي سوف تجنيها من دورة عن القيادة، مهما كانت مدتها ومستوى قُرب هدفها من هدفك.
هذا النوع من التدريب ينمو سريعًا في الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا وسائر الدول الأوروبية لقناعتهم بمردوديته وفائدته الكبيرة في القطاعات التجارية. عدد من يدخل مجال التدريب الإشرافي في الأعمال يتزايد يومًا بعد يوم، فهو مجال مربح وممتع في آن واحد. فكل حالة تعالجها تُحسَب لك، وتزيد من قيمة ساعتك في سوق العمل. في نفس الوقت، هناك من يدخل هذا المجال وهو لا يملك المعرفة ولا المهارة، ولا حتى الخبرة للتدريب الإشرافي، وهذا قد يؤدي إلى مشاكل مع المتدرب؛ فالمتدرب في نهاية المطاف هو عميل يدفع المال ليحصل على مقابل.
أتمنى أن أرى مدربين إشرافيين في مجال الأعمال بالسعودية لإيماني بفائدة هؤلاء على الشركات العاملة في بلدنا. كما أتمنى أيضًا أن تدرك هذه الشركات والعاملون بها أهمية التدريب الإشرافي في مجال الأعمال: إنه يعتمد على تحقيق الهدف، وليس على نقل معلومة قد تُنسى.

بقلم: محمد باحشوان