إن للعملية التدريبية داخل المنظمات والشركات والمؤسسات أهمية كبيرة في مجال إعداد الكوادر البشرية العاملة، وتأهيلها للاندماج في سوق العمل، فالشركة أو المؤسسة التي تريد أن تتميز عن غيرها من الشركات التي تعمل معها في نفس المجال، أو في نفس القطاع سواء كان صناعيًا أم زراعيًا أم تجاريًا، عليها أن توفر الكوادر البشرية الماهرة والقادرة على التعامل مع التقنيات الحديثة، وهذا لا يمكن أن يتحقق لها إلا من خلال برامج تدريبية ممنهجة على أسس علمية مدروسة، لإكساب هذه الكوادر البشرية المهارات والخبرات المطلوبة.
والتـدريب هو نشاط إنساني مخطط له بطريقة علمية مدروسة لتحقيق أهداف مستقبلية، ويهدف إلى إحداث تغييرات في المتدربين من ناحية المعلومات والمهارات والخبرات والاتجاهات ومعدلات الأداء وطرق العمل والسلوك والالتزام بقيم المنظمة أو الشركة أو المؤسسة التي يعمل بها هؤلاء المتدربون، والتدريب أيضًا يعد من أهم الطرق والوسائل التي تلجأ إليه المنظمات والشركات والمؤسسات كي تُعلّم وتنمي وتحسن من كفاءات ومهارات وخبرات مواردها البشرية التي تعد أهم ثروة تملكها، حيث الاستثمار في هذه الموارد البشرية يعد من أهم الاستثمارات داخل المنظمات والشركات، وليس كما يعتقد البعض أنه استثمار ليس له عائد كبير.
أصبح التدريب ضرورة عصرية للهيئات والشركات والمنظمات والمؤسسات، لما تمثله التطورات التكنولوجية الهائلة في عالمنا اليوم. فالتدريب يمثل الآن عصب الحياة لهذه المنظمات وتلك الشركات، فهو أداة هامة للتنمية وتحقيق الرفاهية للموارد البشرية ومن ثم المجتمعات، فضلًا عن تحقيقه معدلات إنتاجية عالية لهذه المنظمات والشركات تمكنها من تحقيق عوائد ربحية عالية، مما يساعدها على إعادة استثمار هذه العوائد، وتوسيع نشاط الشركات ونموها، بالإضافة إلى ذلك هناك العديد من الدراسات والأبحاث التي أوضحت أن للتدريب دورًا أساسيًا في النمو الاجتماعي والثقافي في المجتمعات المهتمة والآخذة به بشكل جدي، فالتدريب أساس كل تعلم وتطوير وتنمية للمورد أو العنصر البشري، والمجتمع ما هو إلا مجموع للموارد أو العناصر البشرية، ومن ثم يتقدم وينمو بتقدم ونمو هذا العنصر أو المورد البشري.
التدريب مهم لتغير متطلبات الوظيفة
إن التدريب المستمر والممنهج يمكن الشركات والمؤسسات من الإعداد الصحيح للوظيفة أو للمهنة طالما أن متطلباتها متغيرة بتأثير عوامل عدة كالتطور العلمي المعرفي المستمر، والذي يظهر بوضوح في التقدم التقني (التكنولوجي) في جميع مجالات الحياة المعاصرة، وكذلك سهولة تدفق المعلومات من مجتمع إلى آخر ومن حضارة إلى أخرى نتيجـة التطور الهائل في أنظمة الاتصالات المتنوعة، وإن التدريب أثناء العمل أو الخدمة - أي أثناء وجود العامل أو الموظف على رأس العمل أو الخدمة أثناء العملية التدريبية - هو الأساس الذي يحقق تنمية العاملين بصفة مستمرة بشكل يضمن القيام بمهامهم ومسؤولياتهم وواجباتهم المنوطة بهم بالشكل الذي يتناسب مع مستجدات ومتغيرات أعمالهم الطارئة وغير الطارئة، التي لم تكن موجودة حين الإعداد قبل الخدمة، فالتدريب يقدم معرفة جديدة يواجه بها المتدرب ما يحدث في المستقبل، ويضيف معلومات متنوعة، ويعطي مهارات وخبرات وقدرات ويؤثر على الاتجاهات والقناعات، ويعدل الأفكار ويغير السلوك ويطور العادات والأساليب.
والتدريب أيضًا يؤدي إلى رفع الروح المعنوية للعناصر أو الموارد البشرية المتدربة داخل المنظمات والشركات، حيث يشعرون بمدى أهميتهم في الشركة أو المنظمة، فهم يترجمون استثمار الشركة أو المنظمة في تنمية كفاءاتهم وزيادة معارفهم وخبراتهم في أن الشركة راغبة في بقائهم ويهمها إكسابهم المزيد من المهارات والقدرات، وهذا ينعكس على هؤلاء المتدربين بارتفاع درجات انتمائهم وولائهم لشركتهم، وبذل كل ما يملكون من طاقات وجهد، والعمل على الابتكار والإبداع، ومن ثم تحقيق أعلى معدلات من الكفاية الإنتاجية، وأعلى معدلات الجودة، ومن ثم تحقيق أعلى معدلات مبيعات وربحية تستفيد منها الشركة أو المنظمة، ويستفيد منها العنصـر البشري داخل الشركة، ويستفيد المجتمع ككل من النواحي الاقتصادية والاجتماعية.

التدريب.. رفع الكفاءة الإنتاجية
تتجه غالبية دول العالم الآن نحو الأخذ بوسائل التدريب المتقدمة لرفع وزيادة الكفاءة الإنتاجية؛ والتي تمثل إحدى الأهداف الرئيسية للتنمية البشرية، وإن اختلفت درجات هذا التوجه بين العالم المتقدم، والعالم الذي يقف على أبواب التقدم، والعالم النامي. فمعظم الدول أصبحت تعي أهمية التدريب، لما له من دور فعال في المحافظة على مكتسباتها الحالية، والمساعدة في تحيق استراتيجياتها المستقبلية.
وهناك علاقة وطيدة بين التدريب وتنمية الموارد البشرية في المجتمع، حيث ترتكز تنمية الموارد البشرية فيما ترتكز على:
1- وجود كفاءات منتقاة من المديرين، تم صقلها بأساليب تدريبية عالية، تكسبهم مهارات خاصة وخبرات كبيرة.
هؤلاء المديرون تعقد عليهم شركاتهم آمالًا عريضة في الانتقال بها نحو مصاف الشركات الناجحة، بل والمتميزة.
فالمدير الناجح يعمل دائمًا على رفع مستوى أدائه، ورفع مستوى أداء، وتنمية مهارات العاملين معه تحت إدارته.
وتظهر كفاءة المديرين من خلال نتائج عدة، أهمها: استمرار جودة المنتج وتطوره مع خفض التكاليف، وخلق أسواق جديدة للمنتج، مع المحافظة على حصة شركاتهم والعمل على زيادتها في الأسواق الموجودة فيها، مما يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية في شركاتهم، وينعكس ذلك بشكل إيجابي ومباشر على التنمية البشرية للعاملين في هذه الشركات، وعلى التنمية الاقتصادية للصناعة التي تنتمـي إليها هذه الشركات، فضلا على التنمية الاقتصادية للمجتمع والدولة ككل.
2- العمل على توافر وامتلاك المهارات المكتسبة عن طريق التدريب، وتنمية هذه المهارات واستغلالها الاستغلال الأمثل.
فالمهارات يمكن إكسابها للأفراد عن طريق الخطط التدريبية ذات الكفاءة العالمية، والمخطط لها بشكل علمي سليم، مع الحفاظ في ذات الوقت على المهارات الموهوبـة للفرد بعد اكتشافها، بالعمل على تنميتها وصقلها ببرامج تدريبية خاصة، وتوفير البيئة الصحيحة المساعدة على تأصيل هذه الموهبة.
3- وجـود خطط تدريبية عامة وخاصة: فتدريب العاملين أمر هام وضروري، خاصة العاملين أصحاب المهن الفنية المعقدة، باتباع طرق التدريب الأساسي والتدريب التخصصي.
فالصناعات الدقيقة والمعقدة تتطلب دائمًا عمالة فنية ذات مهارات عالية، وهذه العمالة تحتاج أيضًا وبشكل مستمر إلى برامج تدريبية متخصصة، لكي تؤهلهم وتمكنهم من التعامل مع الصناعات القائمة، وما يستجد عليها من تطوير وتقنيات حديثة.
ولا يخفى على أحد أن العمالة الماهرة المدربة، تتهافت عليها كبريات الشركات العالمية، ولها كادر مميز من حيث الرواتب والمكافآت والحوافر.. لا تتوافر لغيرها.. فالتدريب المتخصص يساعد على تنمية الموارد البشرية.
4- انفتاح العمالة (المدرب والمتدرب) على العلم في مجال التخصص والثقافة بشكل عام، والعمل على اكتساب لغات الدول المتقدمة صناعيًا وتكنولوجيا، حتى تتمكن هذه العمالة من مسايرة كل جديد في مجال تخصصها، فضلًا على خلق فرص عمل ذات مميزات خاصة لها عن طريق الالتحاق بالوظائف المميزة في الشركات متعددة الجنسيات التي أصبحت منتشرة حول العالم كمظهر من مظاهر العولمة، أو ترغيب هذه الشركات في الاستثمار في بلدان هذه العمالة الماهرة، مما ينعكس بدوره على إنعاش اقتصاديات أوطان هذه العمالة، وخلق فرص عمل جديدة، وبالتالي تنمية الموارد البشرية والاستثمار فيها، وهذا كله يصب في تقدم بلدانهم صناعيًا واجتماعيًا وثقافيًا.
ما أهمية تدريب العاملين في الهيئة الإدارية؟
إن التدريب بوجه عام يمثل أحد الأركان الأساسية التي ترتكن إليها المنظمات والهيئات والشركات والمؤسسات في تنمية وتطوير وتحسين أداء الموارد البشرية لديها.. وهذه الموارد البشرية تشتمل على فئتين هامتين هما عمادا العمل داخل المنظمات والشركات ألا وهما:
أ- الهيئة الإدارية داخل المنظمة أو الشركة:
وتتكون الهيئة الإدارية من مجموعة المديرين في الإدارة العليا والإدارة الوسطى، والمشرفين في الإدارة التنفيذية المباشرة؛ الذين يقومون - من ضمن ما يقومون به من أعمال - بعمليات التخطيط والتنظيم والتوجيه والإشراف والرقابة واتخاذ القرارات... إلخ كل حسب موقعه في الهيكل التنظيمي في المنظمة أو الشركة أو المؤسسة.. وهذه الهيئة الإدارية هم المشرفون المباشرون وغير المباشرين على كافة العمالة داخل المنظمة أو الشركة أو المؤسسة.
ب- الموارد البشرية (العمالة) من غير الهيئة الإدارية في المنظمة أو الشركة:
وتشتمل هذه الموارد البشرية على كافة الموارد البشرية العاملة داخل المنظمة أو الشركة من غير الهيئة الإدارية، ومهمتها تنفيذ الخطط والبرامج والقرارات التي تتخذها وتضعها الهيئة الإدارية.
إن عملية التدريب الخاصة بالموارد البشرية بشكل عام في المنظمة أو الشركة يجب أن تراعي الاختلافات والتوافقات القائمة بين الموارد البشرية العاملة في الهيئة الإدارية والموارد البشرية غير العاملة في الهيئة الإدارية.. بمعنى أن هناك تشابهًا وتوافقًا في البرامج التدريبية في حالات معينة، وهناك اختلاف في هذه البرامج في حالات أخرى كي تحقق هذه البرامج الأهداف المأمولة من وراء تنفيذها.. ومن ثم يمكن توضيح أن عملية التدريب والتنمية الخاصة بالهيئة الإدارية تختلف في نقاط وتتفق في نقاط أخرى مع عملية التدريب والتنمية الخاصة بالموارد البشرية غير الإدارية كما يلي:
نقاط الاتفاق والاختلاف:
• تتفق عملية التدريب والتنمية الخاصة بالهيئة الإدارية مع عملية التدريب والتنمية الخاصة بالموارد البشرية غير الإدارية في الأسس والمبادئ الخاصة بعملية التعلم.
• نظرًا لأهمية الهيئة الإدارية وخاصة الإدارة العليا فإن البرامج التدريبية تشغل حيزًا كبيرًا من الاهتمام بالمقارنة مع البرامج التدريبية الخاصة بالموارد البشرية غير الإدارية، وذلك يرجع إلى أهمية القرارات التي تتخذها الإدارة العليا، وتأثيرها الخطير على حاضر ومستقبل المنظمة أو الشركة.
• هناك اختلاف المادة التعليمية والتدريبية بين عملية التدريب والتنمية الخاصة بالموارد البشرية غير الإدارية وعملية التدريب والتنمية الخاصة بالهيئة الإدارية، وذلك بسبب اختلاف طبيعة العمل الذي تقوم به الهيئة الإدارية عن طبيعة العمل الذي تقوم به الموارد البشرية غير العاملة في الهيئة الإدارية.. فالتدريب الذي يحتاجه المورد البشري عضو الهيئة الإدارية يختلف عن التدريب الذي يحتاجه المورد البشري الذي يعمل في الورش الإنتاجية داخل الشركة على سبيل المثال.
• إن عملية تدريب الهيئة الإدارية تقوم على استشراف المستقبل والأحداث التي قد تقع فيه، وكيفية التعامل معها لتفادي آثارها السلبية، أو التعامل مع العوامل الجالبة للآثار الإيجابية، أما تدريب الموارد البشرية غير الإدارية فتعتمد على تنمية المهارات، ورفع كفاءة هذه الموارد لتحسين أدائها العملي.
• هناك اختلاف بين عملية التدريب والتنمية الخاصة بالموارد البشرية غير الإدارية وعملية التدريب والتنمية الخاصة بالهيئة الإدارية في طرق وأساليب عملية التدريب ذاتها، ويرجع ذلك اختلاف ماهية العمل بين العاملين في الهيئة الإدارية والعاملين في الوحدات الأخرى داخل المنظمة أو الشركة.
• هناك اختلاف بين عملية التدريب والتنمية الخاصة بالموارد البشرية غير الإدارية وعملية التدريب والتنمية الخاصة بالهيئة الإدارية من حيث كم البرامج التدريبية المخصصة للإداريين نظرًا لتنوع الأعمال، والرغبة في إكسابهم الكثير من المهارات التي تتناسب مع هذا التنوع بالمقارنة مع التنوع في الأعمال التي تؤديها العمالة غير الإدارية.
• من أهداف تدريب وتنمية الهيئة الإدارية داخل المنظمة أو الشركة:
تعمل المنظمات والشركات والمؤسسات وغيرها على إعداد البرامج التدريبية الخاصة بالهيئة الإدارية، أو الاستعانة بالمراكز التدريبية المتخصصة في تدريب وتنمية الهيئات الإدارية، وتهدف المنظمات والشركات في ذلك إلى:
• إن لجوء الإدارة في منظمة أو شركة ما إلى إعداد برامج تدريبية، أو الاستعانة ببرامج تدريبية من جهات مختصة، لا يتم إلا بعد رفع الواقع، وتلمس الحقائق العملية داخل الهيئة الإدارية، ومن ثم تحديد السلبيات والعقبات التي يجب القضاء عليها، أو الوقوف على حقيقة الروتين أو القيام بأداء الأعمال الإدارية بأساليب قديمة لا تواكب التطورات الحديثة والمتقدمة، وما يترتب على ذلك من فقدان المزيد من الجهد والوقت الذي يترجم إلى خسائر مالية.. إن وقوف إدارة الشركة أو المنظمة على هذه الحقائق يعد هدفًا جوهريا في حد ذاته، إذ من خلاله تستطيع الإدارة معالجة الخلل من ناحية، ومن ناحية أخرى مواكبة التقدم التكنولوجي والعلمي الهائل في المجال الإداري.
• إكساب الهيئة الإدارية المعارف والعلوم الإدارية الحديثة كي تتواكب مع التطورات العلمية والتكنولوجية المتنامية، وكي لا يتأخر المستوى العلمي المعرفي للهيئة الإدارية في منظمة أو شركة ما عن نظيراتها في المنظمات والشركات الأخرى، وما لهذا التأخر من آثار خطيرة على المنافسة بين الشركات والمنظمات، فمن المعلوم أن الإدارة المتميزة بالعلم والتطور يكون لها السبق والأفضلية في واقع المنافسة الشرسة مع المنظمات والشركات في سوق الأعمال والخدمات.
• إكساب الهيئة الإدارية المهارات والخبرات، والسلوكيات المتوازنة اللازمة لوضعها في مصاف الإدارات المتميزة، وكل ذلك يساعد الإدارة على اتخاذ القرارات السليمة التي تمكن الشركة أو المنظمة من تحقيق أهدافها، فضلًا عن حل المشكلات العملية بأساليب علمية حديثة، فضلًا عما تحققه هذه المهارات وتلك الخبرات من تنمية حقيقة لدى العاملين في الهيئة الإدارية تعدهم وتؤهلهم بشكل علمي مدروس لتحمل أعباء أعمال ووظائف مستقبلية، وتساعدهم أيضًا في عملية الترقي والتقدم الوظيفي بما يعود عليهم بالنفع المادي والمعنوي.
• ضرورة تدريب وتنمية الهيئة الإدارية داخل المنظمة أو الشركة:
ما من شك أن عملية تدريب وتنمية الهيئة الإدارية داخل المنظمة أو الشركة ضرورة من الضروريات الكبرى التي تقع مسؤولياتها على عاتق الإدارة العليا، لما تمثله هذه العملية التدريبية من أهمية كبرى في إحداث نقلة نوعية إلى الأمام في المعارف والمهارات لكافة العاملين في الهيئة الإدارية داخل المنظمة أو الشركة.. فالهيئة الإدارية المتميزة لا يتحقق لها هذا التميز من فراغ أو من ممارسة العمليات الروتينية المعتادة، وإنما يأتي من التعرف على تجارب الآخرين العملية، وتأتي أيضًا من المعرفة الحقيقية للنظريات والاتجاهات الإدارية الحديثة، وتأتي أيضًا من خلال المعايشة المهنية مع العاملين في نفس المجال إذا أتيحت الفرصة لذلك في دورات تدريبية مشتركة.. وكل هذا وغيره تحققه البرامج التدريبية.
إن البرامج التدريبية تعمل بحق على جعل الهيئات الإدارية متماشية مع تطورات واقعها العملي والعلمي، وبالتالي تساعدها على التكيف مع الجديد والحديث بشكل مستمر، ومن ثم تمكنها من التعامل الفعال مع التغيرات المستمرة والمعقدة التي يتسم بها سوق المنافسة بين الشركات والمنظمات في واقعنا اليوم.. ولذلك يعد من الضروري على الإدارة العليا في الشركة أو المنظمة اللجوء إلى المختصين سواء من داخل المنظمة أو الشركة أو من خارجها إعداد برامج التدريب المناسبة لكافة أعضاء الهيئة الإدارية بدءًا من الإدارة العليا التي يعد لها برامج تدريبية متخصصة تمكنها من حسن التخطيط والتوجيه، وبناء الاستراتيجيات العامة، واتخاذ القرارات السليمة الراشدة.. مرورًا بالإدارة المتوسطة التي تشتمل على الإدارة المالية والإدارة التسويقية وإدارة المبيعات وإدارة الإنتاج وإدارة الموارد البشرية وغيرها من الإدارات، والتي يعد تدريب وتنمية هيئتها الإدارية أمرًا ضروريًا لإكسابهم المعارف والمهارات والخبرات الخاصة بهم لتمكنهم من أداء أعمالهم على الوجه الأفضل، بما يتماشى مع الخطط الموضوعة من قبل الإدارة العليا، وتعد الإدارة المتوسطة هي همزة الوصل بين الإدارة العليا والإدارة المباشرة أو التنفيذية التي تقوم بتنفيذ الخطط وجعلها واقعًا ملموسًا، وكذلك يعد من الأهمية بمكان إعداد البرامج التدريبية المناسبة والفعالة لأعضاء الهيئة الإدارية للإدارة المباشرة أو التنفيذية لإكسابها المزيد من المهارات العملية والخبرات والسلوكيات، بما يمكنها من إنجاز أعمالها بالطريقة الأنسب. إن البرامج التدريبية تعمل في نهاية المطاف على إعداد الكادر الإداري وتنميته سواء كان في قمة الهرم الإداري أو في وسطه أو في قاعدته، بما يمكنهم جميعًا من تحقيق أهداف المنظمة أو الشركة المخططة سلفًا، بل تحقق البرامج التدريبية لهذه الكوادر الإدارية القدرة على الإبداع والتطوير في هذه الخطط إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
• البرامج التدريبية ومهارات الإدارة الحديثة:
لكي تؤتي البرامج التدريبية أكلها المطلوبة لابد أن توفر للإدارة الحديثة أو المعاصرة في المنظمة أو الشركة العديد من المهارات الجديدة أو التطوير والتنمية فيما يملكون من مهارات وخبرات.. فالتدريب الإداري ليس غاية في حد ذاته، وإنما هو وسيلة ارتقاء بمستوى المهارات والمعارف والخبرات للعاملين في الهيئات الإدارية بمستوياتها المختلفة الإدارة العليا والإدارة المتوسطة والإدارة المباشرة أو التنفيذية.. ومن أهم المهارات التي يجب أن توفرها البرامج التدريبية لتحقيق المأمول من ورائهـا:
• إكساب العاملين في الهيئة الإدارية مهارات العملية الإدارية المتكاملة.. كالتخطيط والتنظيم والتوجيه والإشراف والمتابعة والرقابة.
فالتخطيط السليم الفعال كأحد أعمدة العملية الإدارية والمتوافق مع البيئة الداخلية والخارجية للمنظمة أو الشركة على سبيل المثال؛ يحقق للمنظمة أهدافها طويلة المدى ومتوسطة المدى والقصيرة المدى فضلًا عن الأهداف الحالية. فإكساب العاملين في الإدارة وخاصة الإدارة العليا مهارة التخطيط السلم المبني على العلم والخبرة يعد من أهم أولويات برامج التدريب الإداري.
• إكساب العاملين في الهيئة الإدارية مهارات العمل من خلال الاستراتيجيات.. فالمنظمات والشركات الناجحة تعتمد في أعمالها على الإدارة الاستراتيجية.. فتضع الرؤية والرسالة والغايات والأهداف والبرامج والسياسات لكافة أعمال الشركة، فنجد الإدارة العليا تضع الاستراتيجية العامة للمنظمة أو الشركة، ونجد الإدارات الأخرى مثل: الإدارة المالية وإدارة الإنتاج وإدارة المبيعات وإدارة الموارد البشرية... إلخ كل منها يضع الاستراتيجية الخاصة بإدارته.. فيجب أن يتدرب كافة العاملين القائمين على التخطيط في الشركة على آليات التخطيط الاستراتيجي طويل المدى.
• إكساب العاملين في الهيئة الإدارية مهارات خاصة بالعمل في إدارة الجودة داخل المنظمة؛ وهذه المهارات مهمة للغاية لما تمثله الجودة من عصب الحياة للمنظمة أو الشركة، إذ خلو المنتجات أو الخدمات التي تنتجها أو تقدمها الشركة أو المنظمة من الجودة العالية يعرض الشركة حتمًا إلى الخسائر المالية والمعنوية، فرضا العميل عن المنتج أو الخدمة مبني على جودة السلعة أو الخدمة، والعميل الذي لا يجد هذه الجودة في السلعة أو الخدمة التي يشتريها سينصرف قطعًا عنها، ويترتب على هذا خسائر مالية ومعنوية قد تؤدي إلى توقف نشاط الشركة أو المنظمة، فالجودة العالية هي السلاح الفعال في حرب المنافسة الشديدة والشرسة بين الشركات والمنظمات على المستوى الدولي والإقليمي والوطني.
• إكساب العاملين في الهيئة الإدارية مهارات عملية اتخاذ القرارات، فالقرارات السليمة تؤدي من دون شك إلى النتائج المرجوة، وعملية اتخاذ القرارات السليمة بعيدة كل البعد عن الفهلوة، وعن إدعاء العلم ومعرفة كل شيء، فالقرار السليم لابد أن يبنى على علم راسخ، ومعرفة كاملة بالمتغيرات والعواقب والنتائج التي ستترتب على هذا القرار، خاصة إذا كان متعلقًا بأعمال مهمة للشركة أو المنظمة، ويكون له آثار مهمة على حاضرها أو مستقبلها. ومتخذ القرار السليم لابد أن يمتلك أيضًا العقل السليم، والآلية المتعارف عليها في عملية اتخاذ القرار مثل: رفع الواقع وتحليل البيانات ووضع الخطط واستشراف المستقبل وتفريغ الخطط في جداول زمنية قابلة للتنفيذ الفعلي.. وغيرها من الآليات التي تسبق عملية اتخاذ القرار.
• إكساب العاملين في الهيئة الإدارية مهارات إدارة الاجتماعات، فكم من جهد يهدر ووقت يضيع ومال ينفق في غير طائل بسبب الفوضى التي تحدث في الاجتماعات، أو بسبب عدم التركيز على جدول الأعمال المعد سلفًا... إلخ
• إكساب العاملين في الهيئة الإدارية مهارات التعامل وإدارة فرق العمل ؛ وما تحقق من إيجابيات كبيرة داخل المنظمة أو الشركة.
• إكساب العاملين في الهيئة الإدارية مهارات التدريب الذاتي، والمتبادل بين الرؤساء والمرؤوسين، وهذا يعود بالنفع على كافة العاملين بالهيئة الإدارية.
• إكساب العاملين في الهيئة الإدارية مهارات التفاوض الناجح المؤثر، وترسيخ مبدأ اربح واترك مفاوضك يربح أيضًا.
• إكساب العاملين في الهيئة الإدارية مهارات الاتصال الفعال، فالعاملون في الإدارة هم رمانة الميزان في الشركة أو المنظمة، ولابد أن يكونوا على دراية عالية بمهارات الاتصال الفعال بكافة العاملين في المنظمة أو الشركة، وهذا الاتصال يأخذ عدة أشكال منها: الاتصال الشفهي والاتصال الكتابي.. ولعل من نافلة القول إن مهارة الاتصال الفعال السلس تؤدي دورًا بارزًا في زيادة التعارف، والتعاون والتآلف ورفع الروح المعنوية وزيادة الأواصر الاجتماعية بين العاملين في الهيئة الإدارية والعاملين في المنظمة أو الشركة ككل.

بقلم: محمود عيسى