علم تطوير الذات أو فن تطوير الذات إن صح التعبير هو فن العصر، فلا نُنكر إقبال أفراد المجتمع بكافة شرائحه – بخاصة شريحة الشباب – على تعلّمه واكتساب مهاراته، فلا يمضي الشهر على أحد منا إلا وقد حضر دورة لأحد الخبراء في تطوير الذات، أو قرأ كتابًا يتناول مهارات تطوير الذات ، أو حتى شاهد برنامجًا تلفزيونيًا في الموضوع نفسه.
أما على الصعيد الشخصي فإنني شغوفة بهذا الفن، وأرى أنه من أرقى الفنون لارتباطه المباشر بشريعتنا الإسلامية السمحة، قد تستغربون ويتبادر إلى أذهانكم ما علاقة هذا الفن بالشريعة الإسلامية، بكل بساطة إننا عندما نقرأ كتابًا عن قوة الشخصية على سبيل المثال نجده يدلّنا على التحلي بصفة العفو والتسامح مع النفس أولًا ومع الآخرين، هنا نتذكّر قول الله عز وجل }خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ{ سورة الأعراف آية (199)، كما نتذكّر سيدنا محمد عليه أفضل السلام وأتم التسليم وكفار قريش وعفوه الدائم عنهم وتسامحه معهم رغم صنوف التعذيب والأذى الذي تعرّض له (صلى الله عليه وسلم).
قال عليه الصلاة والسلام (إنما العلم بالتعلّم) رواه البخاري، إنّ كل علم ينتفع فيه الفرد في نواحي حياته الصحية والشخصية والاجتماعية إنما هو علم حثّ الدين الإسلامي عليه ورغّب في تعلّمه.
ذات يوم كنت أجلس في مكتبتي (مكتبة الكلية التقنية للبنات بالرياض) منارة عقلي، وشعلة أفكاري، وراحة فؤادي، وإذا إحدى الزائرات تتجه إليّ وتحمل كتاب (أسرار القوة الذاتية – د. إبراهيم الفقي) - الذي طالما دوّنته في سجل المستعيرات، وطالبتهن بالالتزام بالموعد المحدد لإرجاعه.
ـ السلام عليكم أستاذة، هذا الكتاب تأخرت في إرجاعه، وها أنا أُعيده، وسأدفع الغرامة المترتبة على تأخّري في إعادته.
وتطبيقًا لأنظمة المكتبة استلمت الكتاب والنقود، ووضعت الكتاب بجانبي، لقد كانت هذه اللحظة هي بداية علاقتي مع كتاب أسرار القوة الذاتية، حينها قلّبت صفحاته فأبحرت مع ذاتي، وتأمّلت قدراتي، وسموت بها، من خلال سبعة أسرار عرضها الكاتب للقوة الذاتية، هي:
1. قوة المعرفة.
2. قوة الغاية .
3. قوة الإيمان.
4. قوة الحب.
5. قوة الطاقة الإيجابية.
6. قوة التركيز.
7. قوة القرار.
الكتاب في مجمله تميّز بالآتي:
استدلال الكاتب - رحمه الله - بأقوال وآراء الخبراء المشهورين في تطوير الذات، وبآيات قرآنية ، وأحاديث نبوية شريفة تُعزّز أفكار الكتاب وتقوّيها.
بعد سرد الأفكار والاستدلال بالأقوال والآيات والأحاديث عرّج الكاتب على تجاربه الشخصية لكونه أحد العلماء الكبار في تطوير الذات.
شرح الكاتب بعض التمرينات النفسية التي تُعين القارئ على تنمية قوته الذاتية.
الكتاب سهل في أسلوبه، عظيم في أفكاره ، يحاكي الذات الإنسانية ويسمو بها، ما إن تبدأ في قراءته إلا وتتمنى ألا تصل إلى آخر صفحاته فتنقضي لذة الاستمتاع التي كنت تعيشها وأنت تقرؤه.
(إن أي شيء يستحق التحقيق يتطلب بعض الجهد، ولهذا انظر إلى أبعد من كفاحك وسترى النجاح في مسعاك، لأن الألم سيزول أما قوتك فتبقى إلى الأبد).. عبارة ختم بها الكاتب كتابه كالوقود المحفّز للذات.
يعتبر هذا الكتاب أحد النماذج المُشرقة والفعّالة في مجالات تطوير الذات، وليس هو الوحيد بلا شك، فالنماذج كثيرة والتجارب مطروحة في ساحات الكتب الشاسعة.