أثر سياسات التحفيز
في الولاء التنظيمي بالمؤسسات العامة


الأستاذ الدكتور سليمان الفارس
كلية الاقتصاد
جامعة دمشق
الملخص
تعد العلاقة بين سياسات التحفيز والولاء التنظيمي من الموضوعات المهمة في إدارة الموارد البشرية
لأثر ذلك في الأداء والإنتاجية. هدفت هذه الدراسة إلى توضيح كل من مفهومي سياسـات التحفيـز
والولاء التنظيمي نظرياً بالاعتماد على ما ورد في هذا الشأن بالأدب الإداري وتبيـان العلاقـة بـين
سياسات التحفيز والولاء التنظيمي.
استُخدِم المنهج الوصفي/التحليلي في هذه الدراسة لاستنباط النتائج باستخدام عينة غيـر احتماليـة
ملائمة مؤلفة من أربع مؤسسات وبأخذ 324 مفردة دراسية (موظفون من مختلف المستويات) وبعد
أن عولجت البيانات التي وردت في الاستبانة باستخدام الأساليب الإحصائية المناسبة تم التوصل إلـى
أهم النتائج الآتية:
- عدم وجود إجماع في رؤى الموظفين على مفهوم السياسات التحفيزية والولاء التنظيمي وانقسام
الموظفين على درجة وجود الولاء التنظيمي.
- وجود علاقة إيجابية ذات دلالة إحصائية بين متغيرات الدراسة (العمر، الخبرة، المرتبة، المؤهل العلمي).
- وجود علاقة إيجابية بين الولاء التنظيمي والخبرة العملية، وعدم وجـود علاقـة مـع متغيـرات
الدراسة الأخرى.
- عدم وجود علاقة بين سياسات التحفيز المستخدمة والعوامل الشخصية للموظفين، ووجود علاقة
قوية وإيجابية بين التحفيز والولاء التنظيمي.
- عدم وجود فروقات ذات دلالة إحصائية من حيث طبيعة الوظيفة (إشرافية أو غير إشرافية) برؤية
الموظفين تجاه الولاء التنظيمي والسياسات التحفيزية. أثر سياسات التحفيز في الولاء التنظيمي بالمؤسسات العامة
70
مقدمة:
يتحدد السلوك الإنساني في أية منظمة بمجموعة من العوامل الشخصية والاجتماعية والتنظيمية يأتي
في مقدمتها نمط الشخصية ودافعية الفرد والاتجاهات والقيم والأعراف التي تربى عليها خلال تنشئته
الاجتماعية وما أصابها من خبرات ومعارف اكتسبها خلال حياته. وقد شهدت أدبيات الإدارة منذ مـا
يزيد على ثلاثة عقود العديد من البحوث التي ركزت على دراسة ماهية عملية التحفيـز وأهميتهـا –
كأداة إدارية – وآثارها في الأداء الفردي والمؤسساتي، وكل من مفهوم الولاء التنظيمي ومـستوياته
والمتغيرات التنظيمية ذات العلاقة (الخضري: 54,1993، المير:1995 ،63، العائدي : 2000،113 ،
الحامد:2003,111). ورغم هذه الدراسات وغيرها ذات الصلة بالتحفيز و الولاء التنظيمي، إلا أنها لم
تنل نصيبها من التركيز في الكشف عن جوهر العلاقة بين سياسات التحفيز المعتمدة ومستوى الولاء
التنظيمي المتولد عنها، وعن النتائج المترتبة على تلك السياسات وعلاقـة المتغيـرات الشخـصية
والتنظيمية بمستوى الولاء التنظيمي في المؤسسات العامـة. تحـاول هـذه الدراسـة أن تـسهم
وبموضوعية في تعرف على مفهوم السياسات التحفيزية وأهميته وأثر ذلك فـي الـولاء التنظيمـي
لأهمية الموضوع في تحقيق النتائج المستهدفة من العملية الادراية .
مشكلة الدراسة:
يعد الولاء التنظيمي من الموضووعات التي تحظى بالدارسة لآثاره في أداء وسلوك الأفراد وكذلك في
إنتاجية المؤسسات وانتظام أدائها على النحو المرغوب به. فضعف الولاء التنظيمي يقود إلى العديـد
من السلبيات مثل:
الغياب – التسرب الوظيفي وعدم الرضا، والهدر في الموارد، وعدم المحافظة على الممتلكات وتدني
الأداء.... وعكس ذلك في حال الولاء المرتفع حيث النتائج الإيجابية نتيجة إخلاص العاملين وتفانيهم
فــي العم ـل وتح ـسين الأداء وزي ـادة الإنتاجي ـة وس ـلوك المواطن ـة التنظيمي ـة المطلوب ـة
(Chen and Francesw:252/ 2000Ward and Davis: 179/1995)
ويلاحظ أن كل الدراسات قد أجمعت على أثر سياسات التحفيز (أو عملية التحفيز بمجملها) في الولاء
التنظيمي، بإثارة دافعية العمل لدى العاملين، الموظفين كون التحفيز يجعـل الأفـراد أكثـر حماسـاً
والتزاماً للعمل في منظماتهم. مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 27- العدد الأول-2011 سليمان الفارس
71
وقد تعددت وجهات نظر الباحثين تجاه مفهوم السياسات التحفيزية، إلا أن التركيز انصب علـى أثـر
هذه السياسات في مستوى الأداء الفردي والتنظيمي دون أن تـشير إلـى العوامـل- المتغيـرات-
الوسيطة بين التحفيز والأداء والتي يمكن أن نجمل هذه المتغيرات مبدئياً بالولاء التنظيمي. تحديـداً.
تتخلص مشكلة الدراسة في الإجابة عن الأسئلة الآتية:
1- كيف تنظر الإدارة وكيف ينظر العاملون في المؤسسات العامة إلى كل من مفهوم سياسات
التحفيز والولاء التنظيمي؟
2- هل يختلف مستوى تأثير سياسة تحفيزية محددة عن أخرى في الولاء التنظيمي؟
3- ما العوامل أو المتغيرات المؤثرة أكثر من غيرها في الولاء التنظيمي؟
4- أليس من الممكن أن يتغير تأثير السياسات التحفيزية مع تغيـر الخـصائص الشخـصية،
وخاصة تلك المتعلقة بالخصائص المهارية والمعرفية في مستوى الولاء التنظيمي؟
5- هل هناك من اختلاف في رؤى العاملين تجاه السياسات التحفيزية والولاء التنظيمي وفقـاً
لمستوياتهم الوظيفية وطبيعة الوظائف التي يؤدونها (إشرافية أو غير إشرافية)؟
أهمية الدراسة:
يعد التحفيز من أهم النشاطات التي يمارسها المديرون وأداة الدافعية الأساسية لكسب ولاء العـاملين
وحثهم على تحقيق أهداف مؤسساتية نظراً إلى ارتباطه بمتغيرات الأداء الكمية والنوعية ، بل قـد لا
نغالي إذا قلنا: إن عملية التحفيز أصبحت جزءاً مهماً من نظريات السلوك الإدارية التي ترى أنه مـن
الممكن –بل ومن اللازم- تغيير سلوك العاملين . بحيث يمكن تقوية الرغبة لديهم في تكرار الـسلوك
المرغوب به، وبالوقت نفسه إضعاف تلك الرغبة إزاء السلوك غير المرغوب – أو حتى منعه- وذلك
وفقاً للآلية التي تعمل لإثارة الدافعية عن طريق المثيرات الخارجية. إن غياب الاتفاق حـول المـدى
الذي يمكن أن تؤثر به سياسة تحفيزية معينة في الولاء التنظيمي وفي غيره من المتغيرات التنظيمية
قد قلل من الدراسات الميدانية وحد من المساهمة في أثراء أدبيات الإدارة في هذا المجال، حتـى أن
بعض الباحثين يذهب (على سبيل المثال Makin,1999) إلى أنه رغم صعوبة قياس أثـر الـسياسات
التحفيزية على المتغيرات الشخصية و التنظيمية و منها بطبيعة الحال الولاء التنظيمي ، فلابد لـه أن
يحظى باهتمام الباحثين والممارسين لأنه يمثل فرصة حقيقية للفاعلية والكفاءة في المنظمات. بالوقت
نفسه هناك دراسة (صفراني، 2007) توضح أن محددات الولاء التنظيمي ثلاثة هي: منـاخ العمـل،أثر سياسات التحفيز في الولاء التنظيمي بالمؤسسات العامة
72
إدراك الفرد لعدالة سياسات وإجراءات المنظمة، والتحفيز، وهذا يعني أنه عندما يكون هناك تحفيـز
فإنه يؤثر بصورة إيجابية وبمستوى معين في الولاء التنظيمي، أي إن هناك سياسـة تحفيزيـة، ذات
فعالية (فاعلية وكفاءة) أكبر من سياسة أخرى.
إن دراسة عملية التحفيز والولاء التنظيمي في منظمات اليوم أمر ضروري لفهـم طبيعـة العلاقـة
بينهما، ومن ثم إمكانية التنبؤ بسلوك الفرد في الأداء مستقبلاً . فدراسة هذا الموضوع أمـر حيـوي
للمديرين لأنها تعمل على تزويدهم بمعلومات نظرية وعملية عن الدور الذي يؤديه التحفيـز علـى
مستويات الولاء كأهم عامل لخلق مناخ جيد يتسم بدرجة عالية من الالتزام والولاء في بيئة العمل.
الإطار النظري للدارسة:
أولاً – مفهوم السياسات التحفيزية: من المعروف جيداً أن السلوك الإنساني هو سلوك موجـه نحـو
تحقيق أهداف معينة سواء كان الإنسان واعياً لما يبتغيه من أهداف أو غير واعٍ عندما يكـون
هذا السلوك لا شعورياً. وقد ساعدت نظرية التحليل النفسي لفرويد في الكشف عـن أهـداف
السلوك اللاشعوري ودافعية هذا السلوك. وبوجه عام يمكن القـول: إن الأفـراد العـاملين لا
يختلفون في قدراتهم وتصوراتهم للأعمال فحسب، بل في دافعتيهم أو في رغبتهم في القيام بها
وتحقيق إنجازات مرضية. فالدافعية ليست حاجة غير مشبعة أو ناقصة للإشباع بقدر ما هـي
قوة داخلية كامنة في أعماق الفرد وتحرك سلوكه وتوجه هذا السلوك لبذل أقصى جهود ممكنة
لتحقيق أهداف شخصية وتنظيمية. أما الحوافز فهي مثيرات خارجية تنشئ سلوك الأداء، فليس
الأجر وما يرتبط به من ميزات مادية هو المحرك الوحيـد لـسلوك العـاملين كمـا اعتقـدت
الاتجاهات التقليدية للإدارة، فالأجر والميزات، والمشاركة والسلطة والهيبة والنفوذ وغير ذلـك
من أشكال يصعب التعبير عنها بقيم مادية كلها تعد محركات ومحددات لسلوك الأداء. والتحفيز
-هو في واقع الأمر- قوة تستثير الفرد لأداء أفضل فيما إذا تمكنت الإدارة التحكم بهذه القـوة
وتوجيهها في إثارة الدافعية لبذل مجهودات أكبر، وذلك عن طريق الربط وفق آلية معينة بـين
الوضعية الخارجية (الحوافز) والوضعية الداخلية التي تتعلق ببيئة العمل وبـالفرد وخصائـصه
الفيزيولوجية والثقافية والمهارية والمعرفية في مواقف معينة، ومن هذه المواقف مثلاً الرضـا
الوظيفي الذي يكون فيه الفرد. وعلى هذا الأساس يعد الرضا الوظيفي أساسـاً للتحفيـز مـن
منطلق: مزيد من الرضا عن العمل يقود إلى بذل مجهودات أكبر تكون محصلتها أداء وإنتاجية
أفضل وولاء أعلى. وفي هذا المجال هناك نظريات عديدة تبنى عليها سياسات ونظم التحفيز-مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 27- العدد الأول-2011 سليمان الفارس
73
ترى في الرضا أساساً محفزاً للأداء وجسراً في الوصول إلى مستوى عالٍ من الولاء التنظيمي.
فالأجر مثلاً والمشاركة والدعم المعنوي والرقابة الذاتيـة، وأسـاليب القيـادة الديمقراطيـة،
ومحتوى العمل فيما إذا كان ينطوي على إتاحة فرص للتقدم وتحمل المسؤولية كلهـا وسـائل
تعمل على تحقيق الرضا ومن ثم الولاء التنظيمي، وهذا ما توصل إليه الباحثان بورتر ولـولر:
مع مراعاة المستوى الوظيفي الذي يوجد به الفرد الموظف، وحجم وطبيعة عمل المنظمة التي
يعمل بها.
وهناك سياسات تحفيزية بنيت على أساس الخبرات السابقة في الثواب والعقاب كأحد المواقف الـذي
يوجد به الموظف. كما هناك من يرى أن المدعمات الخارجية لا تقدم – على الرغم مـن أهميتهـا –
تفسيراً متكاملاً لآلية الحفز إذ إن هناك أبعاداً أخرى لتحفيز الأفراد و إثارة دافعيـتهم تتمثـل بثلاثـة
متغيرات شخصية هي: الإدراك، الأفكار، والتوقعات. فعلى سبيل المثال يقـول (Deal:17,2000): إن
جوهر سياسة التحفيز هو إعطاء الفرد ما يريده من العمل، فكلما كنت قادراً على إعطائه مـا يريـد
وجدت منه ما تريد من إنتاجية ورضا وولاء. وقد عرف مسيترز (بلوط: 2005، 67) التحفيز بأنـه:
"مجموعة من القوى التي تحرك الأفراد لأن يتصرفوا بطرائق أو باتجاهات معينة، وهذه القوى تحرك
سلوك الأفراد نحو تحقيق هدف أو أهداف محددة". كما يشير الصيرفي: (2005،43) إلى أن التحفيز
ما هو إلا: "مجهودات تبذلها الإدارة لحث العاملين على زيادة إنتاجيتهم، وذلـك مـن خـلال إشـباع
حاجاتهم الحالية وخلق حاجات جديدة لديهم والسعي نحو إشباع تلك الحاجات؛ شريطة أن يتميز ذلك
بالاستمرارية والتجديد".
يلاحظ عدم وجود اختلافات جوهرية بين الباحثين حول مفهوم التحفيـز لا علـى أهدافـه ولا علـى
اتجاهاته، وإنما الاختلاف يكمن في الزاوية التي ينظر من خلالها الباحث إلى الآلية التي تعمـل بهـا
عملية التحفيز من حيث مصدر هذه الآلية إن كان الفرد ومشاعره وحاجاته، أو فيما إذا كان المصدر
المواقف المحيطة بالفرد والمؤثرة في سلوكه والتي يأتي في مقدمتها المثيرات الخارجية (الحـوافز)
التي تعمل على إشباع حاجاته المادية والمعنوية.
اعتماداً على ما سبق وعلى ما ورد و في أدبيات الإدارة يمكن إيجاز السمات الأساسية للتحفيز فيمـا
يأتي:
1-تنبع الأهمية الأساسية للتحفيز من أهمية العنصر البشري ذلك المورد الذي لا يمكن محاكاتـه أو
منافسته من قبل الآخرين فيما إذا تم استثماره على النحو الذي يـضمن تحقيـق أهـداف الفـرد
والمنظمة والمجتمع (استقطاب وجذب الأكفياء، زيادة مداخيل العاملين، خلـق الـشعور بالرضـاأثر سياسات التحفيز في الولاء التنظيمي بالمؤسسات العامة
74
والولاء والاستقرار، تخفيض كلف العمل، وتلافي العديد من مشاكل العمل كالغياب والتـسرب....
الخ).
2-تقوم عملية التحفيز على استخدام محفزات لإثارة دافعية الأفراد لأداء أعمالهم بشكل أفضل.
3-إن الغموض الذي يكتنف مفهوم عملية التحفيز هو نتيجة ارتباطها بمجموعة من العوامل النفسية
التنظيمية والاجتماعية المتشابكة، فعلى سبيل المثال هناك ميل لدى العديد من منظمـات الأعمـال
إلى العالمية في ممارسة نشاطاتها، مما يجعلها مضطرة في بعض الأحيان إلـى دفـع العـاملين
للانتقال إلى مجتمعات أخرى، مما قد يكون استخدام المحفزات في هذه الحالة أفضل الوسائل لخلق
الولاء التنظيمي بإثارة الرغبة لديهم في العمل خارج أوطانهم.
4-تعتمد فعالية التحفيز على استقبال المثيرات الخارجية وإدراك مضامينها للدفع الإيجابي نحو سلوك
أفضل وأداء أعلى، مع الأخذ بالحسبان التفاوت في قوة الدفع بين المثيرات بالاتجاهات الـسلوكية
المرغوب فيها.
5-تتكون عملية التحفيز من مجموعة عناصر تتفاعل فيما بينها إيجابياً (وأحياناً سلبياً ) في ضـوء
المواقف والاعتبارات التي تحكم هذه العناصر في أثناء عملية التفاعل. وبوجه عام تتكون منظومة
سياسة التحفيز من مكونات ثلاثة هي: الفرد، الوظيفة، والموقف. ويذهب آخرون (الهيتـي:140،
2005) إلى إضافة مكونين آخرين هما: المنظمة، والبيئة. وسياسات التحفيز التـي تقـوم علـى
أساس نظرية (x) أو نظرية (y) أو نظرية (z) (نظرية الإدارة اليابانية) تقود المنظمة إلى أساليب
تحفيزية قد تختلف من منظمة إلى أخرى ومن وقت إلى آخر.
6-كون عملية التحفيز عملية سلوكية فإنها عملية معقدة، إذ يلاحظ أن الكتاب يختلفون فيما بينهم في
اعتماد السياسات التحفيزية وفقاً للقواعد المعرفية والنظرية التي يعتقـدون بـصحتها (أي علـى
أساس نظريات التحفيز، فهناك من يركز على التحفيز بوسائل مادية، في حين يركز قسم آخر على
* الوسائل المعنوية وآخرون على كلا النوعين من الحوافز
.
7-تعد عملية التحفيز أحد أساليب الرقابة والتقييم الذاتي وأداة التأثير الفعالة في توجيه السلوك.


* هناك عدة نظريات للتحفيز من أهما: نظرية هرمية الحاجات، نظرية (x) و(y)، نظرية التعزيز، نظرية الحاجة إلـى الإنجـاز،
نظرية العوامل الوقائية والدافعة، نظرية المساواة، نظرية التوقع، نظرية الدرفير وغيرها من النظريات التي وردت فـي أدبيـات
الإدارة والتي لا نرى حاجة لتناولها في سياق هذه الدراسة .مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 27- العدد الأول-2011 سليمان الفارس
75
8-يتوقف نجاح التحفيز في تحقيق أهدافه وخاصة في تحسين مستوى الولاء التنظيمي على بعـض
المتطلبات الأساسية التي من أهمها:
- عدم التعارض بين الأهداف الفردية و الأهداف المنظمية.
- أن يبنى على أساس كمية الجهد المبـذول ونوعـه، والأقدميـة والمهـارة، والعدالـة،
والمساواة، والقوة...
9-ضرورة اقتران سياسات التحفيز ببيئة العمل، وقد ظهر في السنوات الأخيرة قضايا بيئية تستوجب
من المديرين التعرف إليها ومراعاة تأثيراتها في التحفيز ليتصف بالكفاءة و الفاعلية . ومن أهـم
هذه القضايا:
أ- ضرورة ارتباط السياسات بنوع الحوافز المقدمة وقوتها وبين مستوى الأداء والـولاء
التنظيمي، وذلك كما يوضحها النموذج الآتي:
(نموذج العلاقة بين سياسات التحفيزوبين مستوى الأداء والولاء التنظيمي)




أثر سياسات التحفيز في الولاء التنظيمي بالمؤسسات العامة
76
وفي هذا المجال يمكن التمييز بين الأنواع التالية للحوافز (المثيرات الخارجية) :
- حوافز فردية وأخرى جماعية تهدف إلى التنافس الفردي وتشجيع روح الفريـق وتعزيـز
التعاون. لذا فإن على الإدارة استخدام توليفة من الحوافز الفردية والجماعيـة (الأجـور
التشجيعية مثلاً).
- حوافز داخلية (حوافز ترتبط بالعمل ومحتواه، كأن يمثل العمل تحدياً لإبداعات مـن يقـوم
به، وأيضاً برامج الإثراء الوظيفي وإعادة تصميم الأعمال) وحوافز خارجية يعود مصدرها
إلى مراجع خارجية (الأجور وملحقاتها من الميزات الإضافية).
- حوافز مادية وأخرى معنوية وهذه قد تكون فردية وقد تكون جماعية.
تتوافق الحوافز المادية بأشكالها المختلفة مع نظرية التوقع في التحفيز لأنهـا تـستجيب
لتوقعات العاملين في المنظمة، أما الحوافز المعنوية فإنها تكون أكثر انسجاماً مع نظريات
الحاجة إلى الإنجاز، والتعزيز ونظرية الدرفير.
ب- لكي تكون سياسات التحفيز أكثر فاعلية وكفاءة يجب أن تتصف بثلاث صفات أساسية
هي: المساواة، القوة، العدالة.
ج – يتغير ما يسعى إليه العاملون من حوافز مع تغيـر المواقـف التـي يتعرضـون لهـا
والتغيرات التي تحصل في الخبرات والمعـارف والاهتمامـات والقابليـات والميـول
والاتجاهات. فالآباء والأمهات يفضلون حوافز مادية آنية لمواجهة مـصاريف تعلـيم
الأبناء، فيما يفضل الموظفون المتقدمون بالسن الميزات الآجلـة وخاصـة لمرحلـة
التقاعد. والشيء نفسه فإن هذا الأمر ينسحب على متغيرات شخـصية عديـدة مثـل:
درجة التعلم، الخبرات المكتسبة، البيئة الاجتماعية التي يعيش فـي كنفهـا، الجـنس،
العمر وإلى ما شابه ذلك.
د- يتجه الناس في المجتمعات كلّها إلى أن يسلكوا في العمل السلوك الذي تكـافئهم عليـه
المنظمة، ولكن قوة تأثير الحوافز وفعاليتها تختلف في المجتمعات المتقدمة عنها فـي
المجتمعات النامية، ففي دراسة يـذكر أحـد البـاحثين (Howard:9/ 1996) أن أهـم
الحاجات في الدول المتقدمة خمس عشرة مرتبة على النحو الآتي: استخدام القـدرات،
الإنجاز، التقدم والترقي، السلطة، سياسة الشركة، التعويض المالي، العلاقة مع زملاءمجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 27- العدد الأول-2011 سليمان الفارس
77
العمل، الإبداع، الاستقلالية، التقدير، المسؤولية، الأمان، المركز الاجتمـاعي، ظـروف
العمل، طبيعة الإشراف.
ولكن لا ينسحب هذا الأمر على المجتمعات الأقل نمواً وتقدماً، مما يستوجب مراعـاة
* مثل هذه القضية سواء على صعيد البحث والدراسة أو على صعيد الممارسة
.
هـ_ لا يقتصر تأثير عملية التحفيز على العاملين في المنظمات فقط وإنما يمتد تأثيرها إلـى
الأفراد الذين يبحثون عن العمل في سوق العمل، وذلك بقصد استقطاب وجذب الأكفياء
منهم.
ثانياً: مفهوم الولاء التنظيمي:
تتعدد وجهات النظر الخاصة بمفهوم الولاء التنظيمي فهناك من ينظر إليه من زاوية عاطفية بوصـفه
درجة الارتباط النفسي للفرد بالمنظمة من خلال المشاعر مثل الانتماء والالتزام الذي هو نتيجة ذلـك
الانتماء،حيث تصف مشاعر الأفراد العاملين وارتباطهم بالمنظمة.
ويعد الولاء العاطفي أكثر التعريفات استخداماً فـي الدراسـات (Chang:44/1999)، إذ إنَّـه يمثـل
مجموعة من المواقف الإيجابية القوية نحو المنظمة يتم إظهارها من خلال الالتزام والتمسك بأهـداف
وقيمة المنظمة (Brawn:82/1996). وهناك من ينظر إلى الولاء التنظيمي على أنه حالـة شـعورية
مستمرة مبنية على العلاقة المتبادلة بين الفرد والمنظمة، حيث يحصل الفـرد بموجـب ذلـك علـى
مميزات معينة كالأمن والأمان والطمأنينة ويتجنب الخسائر التي يحققها من جراء ترك العمل من جهة
ثانية. يدعى هذا الولاء بـ (الولاء المستمر) ويعني تفضيل الفرد لخيار بقائه في المنظمة بـدلاً مـن
تركه العمل والوقوع في خسائر. وهناك طرف ثالث يقول (بالولاء المعيـاري) حيـث يـشعر الفـرد
بالواجب والمسؤولية للبقاء في المنظمة (الفوزان: 2004/96). يتعلق الولاء المعيـاري بالـضغوط
الداخلية لدى الفرد التي تقوده إلى القيام بعمل يتوافق مع أهداف المنظمة ومصالحها.
ولكن نتيجة اختلاف استجابة الأفراد للمشاعر والأحاسيس ذات الصلة بظاهرة الولاء التنظيمي، وحتى
اختلاف الاستجابة من منظمة إلى أخرى ومن وقت إلى آخر، يرى براون:2002/ 101 أنه من الخطأ
تصنيف ظاهرة الولاء التنظيمي، وأنه يمكن وضع تعريف عام وشامل لبنـاء المفهـوم إذ يـرى أن
الأساس في موضوع الولاء التنظيمي يتركز حول فكرة استمرار العمل حتى في ظل المشاعر السيئة.


* - في الدول النامية يكون لنظرية التوقع في التحفيز أثر كبير في سلوك العاملين وولائهم. أثر سياسات التحفيز في الولاء التنظيمي بالمؤسسات العامة
78
لذا يمكن أن يوصف مفهوم الولاء التنظيمي بأنه الالتزام بالمشاركة في العمل، أي هو التـزام الفـرد
ودعمه للمنظمة خارج نطاق توقعات الوظيفة والمكافآت، وكذلك الالتزام باستمرار الـدعم والتأييـد
للمنظمة بغض النظر عن التحولات والتغيرات التي تحصل في المشاعر والظروف. فمثلاً قـد يـزداد
ولاء الفرد عندما يتوقع مكافأة من العمل (الولاء الاستمراري) ولكن يفترض أن يكون لدى هذا الفرد
ولاء حتى لو لم تتم مكافأته من قبل المنظمة. ويذكر جايمون (Jaemoon:110/2000) أن هناك مـن
الباحثين من أعطى تعريفاً شاملاً للولاء التنظيمي يرتكز على وجود مشاعر قوية لدى الفـرد تجـاه
قبول أهداف المنظمة وقيمها وتوفر الرغبة الجادة في العمل والاستمرار في المنظمة.
اعتماداً، يتضح أن الولاء التنظيمي هو حالة شعورية تفرض طوعياً – لا قسراً – التزام الفـرد فـي
العمل في المنظمة وفقاً لأهدافها وقيمها حتى لو كان جزءاً من هذه الأهداف والقيم لا يتوافـق مـع
أهدافه وقيمه الخاصة. وتستطيع المنظمات تحقيق درجة عالية من الولاء التنظيمي من خلال بـرامج
وسياسات تخص الموارد البشرية مثل سياسات التوظف (اسـتقطاب، اختيـار، وتعيـين) وتـصميم
الوظائف وتحليلها والتدريب وتقويم الأداء والتعويضات والأجور التنافسية الفردية والجماعية – إذ إن
كل هذا يصب في نهاية المطاف في وعاء زيادة الكفاءة والفاعلية والإنتاجية ويشجع العاملين على أن
يكونوا جزءاً من المنظمة يعملون بكل جد وإخلاص في تحقيق أهدافها.
فضلاً عن التحفيز هناك عوامل عدة تؤثر في درجة الولاء التنظيمـي مثـل المتغيـرات الشخـصية
والتنظيمية: الثقافة التنظيمية، المستوى الوظيفي، العمر، الجـنس، الخبـرة، المـستوى المهـاري
والمعرفي، حجم الأهداف، درجة الإنجاز وغيرها... فاتّباع الـنهج الإداري الـسليم المعتمـد علـى
سياسات وأنظمة تحفيزية فعالة يعد من الأدوات القادرة على المساهمة في خلق الولاء التنظيمي. أما
إذا تكونت لدى الأفراد مشاعر سلبية، فإنهم سيعيشون في بيئات عمل يغلب عليهـا طـابع الـصراع
والتوتر مما قد يؤدي إلى تدني مستوى الولاء التنظيمي والانتماء الوظيفي (اللـوزي:2003 /151).
ويجمع علماء الاجتماع والسلوك على ثلاث ركائز إذا توافرت في التنظيم فإنها تساعد على تماسـك
الولاء التنظيمي واستمراريته. وهذه الركائز هي:
- ركيزة الولاء المستمر.
- ركيزة الولاء النفسي / العاطفي.
- ركيزة الولاء الارتباطي.
تعني ركيزة الولاء المستمر أن يصرف الفرد حياته ويضحي بمصالحه لبقـاء التنظـيم أو الجماعـة
واستمراريتها، أما الركيزة العاطفية فتشير إلى الحالة النفسية المدركة والتي تتصل بقـيم المنظمـة
ومبادئها. أما الركيزة الثالثة فتشير إلى العلاقات الترابطية بين شخصية الفرد وثقافة المنظمة. مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 27- العدد الأول-2011 سليمان الفارس
79
مما سبق يمكن استخلاص المقومات الأساسية لموضوع الولاء التنظيمي وهي:
1- قبول أهداف المنظمة وقيمها وثقافتها.
2- توافر مستوى عالٍ من الانتماء إلى التنظيم.
3- الرغبة الشديدة في البقاء والاستمرار بالتنظيم والدفاع عنه.
4- الإخلاص والرغبة في تقييم التنظيم بصورة إيجابية.
5- التضحية ببعض جوانب السلوك الشخصي مقابل آمال ورغبات المنظمة وزملاء العمل فيها.
يتحقق الولاء التنظيمي باستخدام المحفزات على مراحل يصعب الفصل فيما بينها بفواصـل زمنيـة.
فالولاء يبدأ أولاً من خلال خبرات الفرد السابقة – وقبل الالتحاق بالعمل – عن سمعة المنظمة وبيئة
العمل بها، إذ عندما يدخل الفرد إلى العمل في المنظمة يكون لديه فكرة مـسبقة واسـتعداد للـولاء
(تطبيع السلوك المسبق)، وبعد انخراطه في جو العمل يصبح لديه فرصة التأكد – أو عـدم التأكـد –
من أفكاره وقناعاته السابقة (مدة اختبار المدركات والتصورات السابقة)، لينتقل بعد ذلك إلى مرحلـة
ما يسمى بمرحلة النضج في الولاء التنظيمي عندما يرى الفرد أن هناك توازناً بين الجهود المبذولـة
والحوافز أو المكافآت المقدمة له.
إن البحث في تكوين مراحل الولاء التنظيمي ذو أبعاد متداخلة، حيث تعد دراسات روبـرت مـارش و
ماناري (اللوزي، 2003) من الدراسات المتميزة في هذا الشأن، وقد أشار الباحثان أيضاً إلى العوامل
المساعدة على تشكيل الولاء التنظيمي، وهي:
1- وجود سياسات عمل داخلية تعمل على إشباع حاجات الأفراد العاملين في المنظمـة بـشرط أن
يكون الفرد قادراً على إشباع هذه الحاجات. فإذا ما أشبعت هذه الحاجات فسيترتب على ذلـك
اتباع نمط سلوكي إيجابي يسمى بالسلوك المتوازن، والذي يقود بدوره إلى الـشعور بالرضـا
والاطمئنان والانتماء ومن ثم درجة عالية من الولاء التنظيمي، وهذا ما أشارت إليه نظريـات
ماسلو وبورتر والدرفر في التحفيز.
2- الوضوح في الأهداف التنظيمية، فكلما كانت الأهداف محددة وواضحة تكونـت قناعـات أكثـر
رسوخاً لدى الأفراد في الانتماء والالتزام ومن ثم كلما كان الولاء التنظيمي أكبر.أثر سياسات التحفيز في الولاء التنظيمي بالمؤسسات العامة
80
3- إشاعة مبدأ المشاركة فكرياً ووجدانياً لأن هذا يشجع الفرد على المساهمة بحماس أكبر لتحقيق
الأهداف التنظيمية.
4- العمل على تحسين المناخ التنظيمي في بيئة العمل بكل تفاعلاتها وخصائصها وعلى نحو يسهم
في تشكيل سلوك وظيفي وأخلاقي لدى العاملين وخلق أجواء إيجابية يـشعر فيـه العـاملون
بأهميتهم في العمل، وهذا بطبيعة الحال يقود إلى زيادة درجة الرضا والروح المعنوية والـولاء
التنظيمي.
5- إعادة النظر باستمرار في نظم الحوافز لتكون دوماً مناسبة ومتطابقـة مـع درجـة الإشـباع
المطلوبة.
6- بناء ثقافة مؤسسية تحاول ترسيخ معايير متميزة للأفراد وتوفير جو يسوده الاحتـرام والثقـة
المتبادلة بين الأطراف كافةً.
الدراسات السابقة:
تناولت أدبيات الإدارة دراسة كل من سياسات التحفيز والولاء التنظيمي. ففيمـا يتعلـق بالـسياسات
التحفيزية فغالباً ما تمت دراستها في ضوء بيئة العمل الداخلية والخارجية من خـلال التطـرق إلـى
تأثيرها في كل من المواقف الخاصة بالعمل (الرضا، الولاء، المشاركة، الاتزان) وفي نتائجها السلبية
(الغياب، ترك العمل، التهاون، التوتر... إلخ). فإذا اتسمت هذه السياسات بالفعالية العالية من كفـاءة
وفاعلية، فإن ذلك يؤثر إيجاباً في بيئة العمل. وقد توصلت الدراسات التي تم الاطلاع عليها إلى نتائج
متباينة بعض الشيء وذلك فيما يخص العلاقة بين سياسات التحفيز و بعض المتغيـرات التنظيميـة
ومنها متغير الولاء التنظيمي. فقد وجد باركر وآخرون (parker:115/2002) أن العلاقة بين التحفيـز
والرضا والولاء ليست مباشرة وإنما من خلال متغيرات تنظيمية وشخصية وبيئيـة وسـيطة، كمـا
أشاروا إلى أن الولاء التنظيمي ليس متغيراً جامداً ويتأثر بصور تلقائية بالتحفيز ويتأثر أيضاً بتـأثير
متغيرات بيئية وسلوكية أخرى مثل الموقف، نمط شخصية الفرد، مستوى إداراكه، قيمـه واتجاهاتـه
وبالسياسات التنظيمية المستخدمة في العمل.
ولكن يشير الخضري (1993/ 86) إلى أن العلاقة بين التحفيز وسلوك العاملين في منظمات القطـاع
العام هي علاقة مباشرة أوضحها بنموذج مبسط يتكون من حوافز تؤدي إلى خلـق طاقـات وبـذل
مجهودات إضافية وتحصيل أداء أفضل. مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 27- العدد الأول-2011 سليمان الفارس
81
وتشير الدراسة المذكورة إشارة غير مباشرة يشوبها اللبس وعدم الوضوح إلى أن الأداء المحقق ما
هو إلا نتاج رضا وولاء عاليين، كما هناك بعض الدراسات التي توصلت إلـى وجـود علاقـة بـين
مدخلات تنظيمية معينة ومنها نظام الحوافز والولاء التنظيمي (سيترز: 2005 /17) فإذا ما تـوافرت
هذه المدخلات فإن هذا سيدفع الأفراد تلقائياً للعمل بهدف الحصول على مخرجات الـولاء التنظيمـي
والمتمثلة في:
- سهولة استجابة التنظيم للمتغيرات التنظيمية
- سلوك إيجابي تجاه التنظيم
- تدني نسب الترك و الغياب
- زيادة الشعور بالاستقرار الوظيفي
- ارتفاع الروح المعنوية
- ارتفاع معدلات الأداء
وفي الوقت نفسه تؤكد دراسات أخرى (الهيتي:2005 /28) عدم وجود علاقة بين الحـوافز الماليـة
وبين الإنتاجية و سلوك الأداء ومنه سلوكي الرضا والولاء بل قالت العكس تماماً إن التحفيز يمكن أن
ينعكس سلباً على الإنتاجية والولاء التنظيمي عندما تهمل الأسـباب المتعلقـة بالـصراع التنظيمـي
وتتصدع العلاقات مما يخلق شعوراً بعدم المساواة والعدالة بين الأفراد العاملين.
لذا فإن هذا الأمر يتطلب من الإدارة العليا توجيه عملية التحفيز ودعمها مـن أعلـى الـسلم الإداري
لتحجيم نتائجها السلبية والعمل على إظهار نتائجها الإيجابية.
وكذلك فقد وجد فيكودا (vigoda:115/2000) أن هناك علاقة بين المستوى التعليمي ورؤية الموظفين
تجاه السياسة التحفيزية وفي دراسة أخرى(hoch water:12/ 1999) وجدت أن هناك علاقـة بـين
السياسة التحفيزية وبين بعض المتغيرات الديموغرافية وأهمها العمر.
وفي دراسة أخرى يقول المعاني:1989/17 إن أنظمة الحوافز والولاء التنظيمي هي إحدى مقومـات
الإبداع الوظيفي لدى العاملين.
كما أشارت دراسة الحامد : 2002/18 إلى أن هناك فروقات في درجة تأثير السياسات التحفيزية في
كل أداء العاملين بجميع متغيراته في المستشفيات العامة والخاصة الأردنية. أثر سياسات التحفيز في الولاء التنظيمي بالمؤسسات العامة
82
يلاحظ أن أغلب الدراسات السابقة في مجال السياسات التحفيزية جرى في بيئات غربية، أما فـي البيئـات
العربية فهناك قلة في هذه الدراسات (وفي حدود علم الباحث لا توجد أية دراسـة فـي سـورية تناولـت
موضوع العلاقة بين السياسات التحفيزية والولاء التنظيمي) حتى إن معظم الدراسات الغربيـة كـان يـدور
حول أثر السياسات التحفيزية في متغيرات تنظيمية عدة وليس أثرها في الولاء التنظيمي تحديداً.
وعلى الرغم من تناول موضوع الولاء التنظيمي في أدبيات الإدارة ورغم التعريفـات العديـدة لهـذا
المصطلح فإن صورة المفهوم الواضح له لم تكن متوافرة، علماً بأن الباحثين يجمعون على اعتبـاره
من أفضل المفاهيم لقياس السلوك الإنساني في المنظمات (jamoon:2000/143) كما يعترف أغلـب
الباحثين أن المنظمات التي يوجد بها ولاء تنظيمي مرتفع تتميز بإنتاجية عالية وأداء مرتفع وفاعلية
تنظيمية أكثر من المنظمات التي يكون ولاء الموظفين فيها منخفضاً (whtener:31/2001) وقد درِس
مستوى الولاء التنظيمي في المنظمات والعلاقة التي تربطه ببعض المتغيرات التنظيمية. ووجد القطان
(1987/18) في دراسة لقياس مستوى الولاء التنظيمي لأربع مجموعات من العمالة في الـسعودية
(آسيوية، عربية، غربية، سعودية) إن العمالة الآسيوية أكثر التزاماً وولاء تجـاه المنظمـات التـي
يعملون بها مقارنة بغيرها، أما العمالة العربية (والمصرية منها خاصة) فأتت في ولائهـا بالمرتبـة
الثانية وكانت الفروقات بينها و بين العمالية الآسيوية طفيفة. وفي دراسة أخرى أجريت في الإمارات
العربية المتحدة وجد الزهران (1999/24) مستوى مرتفعاً من الـولاء التنظيمـي لـدى المـوظفين
الأسيويين فاقت كثيراً مستوياتها للموظفين الإماراتيين وحتى الغربيين.
أما القتيبي (1993/30) وفي دراسة مقارنة لمجموعة من الموظفين من جنسيات مختلفة فقد وجد أن
العمالة الوطنية السعودية تتميز بانخفاض مستوى الولاء التنظيمي مقارنـة بالعمالـة الوافـدة مـن
جنسيات أخرى. ووجد الفضلي (1997/23) أن هناك ولاء تنظيمياً منخفضاً لموظفي القطـاع العـام
مقارنة بموظفي القطاع الخاص في المملكة العربية السعودية.
أما فيما يتصل بالعلاقة بين الولاء التنظيمي و التحفيز فقد أشارت دراسة جايمون (2000/31) إلـى
وجود علاقة سلبية بين الولاء التنظيمي وكل من الإجهاد الوظيفي والرغبة في تـرك العمـل نتيجـة
مستوى منخفض من الولاء التنظيمي. أما لوك (2001/32) فقد وجود علاقة إيجابية بـين الـسلوك
القائم على التشجيع والتحفيز والمشاركة وبين الولاء التنظيمي.
وفيما يتصل بالعلاقة بين بعض الخصائص الشخصية والولاء التنظيمي فقد وجـد البـاحثون علاقـة
إيجابية بين العمر والولاء التنظيمي (chen and Francesco 42/2000 - القطان 1987/18، القتيبي
(1995/ 17:المير ،1993/29مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 27- العدد الأول-2011 سليمان الفارس
83
أما من حيث المستوى التعليمي فهنالك من الباحثين من وجد علاقة بينه و بـين الـولاء التنظيمـي
(peker :22/ 1999)، أما فيما يتعلق بالخبرة العملية فمن البـاحثين (القطـان 1987/20، القتيبـي
1993/31) ما وجد علاقة إيجابية بين الخبرة العملية للموظف وبين الولاء التنظيمي، ولكـن أشـار
الفضلي إلى علاقة سلبية بينهما (1997/41)
منهج الدراسة:
نظراً إلى أن الهدف من هذه الدراسة استقصاء انطباعات الأفراد الموظفين في المؤسسات العامة فقد
استُخدِم المنهج الوصفي / التحليلي لمسح آراء العينة من موظفي هذه المؤسسات.
مجتمع البحث وعينة الدراسة:
يتكون مجتمع البحث من الموظفين العاملين بالمستويات العليا والوسطى والدنيا كافةً في المؤسسات
العامة بمدينة دمشق وضواحيها، وقد اختيرت مؤسسات عامة عشوائياً من أصل أكثر من أربع عشرة
مؤسسة، كما واختيرت عينة بالتساوي بين هذه المؤسسات باستخدام أسلوب العينة غير الاحتماليـة
الملائمة نظراً إلى صعوبة استخدام العينة العشوائية لعدم الدقة في حصر عـدد مؤسـسات مجتمـع
البحث وطبيعة عملها، إذ اكتفى الباحث بأربع مؤسسات اثنتان تعملان في المجال المالي واثنتان فـي
المجال الإنتاجي، وسحِبت العينة من المستويات الإدارية الثلاثة التي ذُكِرتْ.
وقد حدد حجم العينة بـ 324 مفردة من مواقع وظيفية مختلفة، تعاون مـنهم 232 أي مـا نـسبته
71.3 % تقريباً، وهي نسبة جيدة في مجال العلوم الاجتماعية.
أداة جمع البيانات:
استخدم الباحث أسلوب الاستبانة لجمع بيانات الدراسة والتي تكونت من ثلاثة أجزاء خصص الجـزء
الأول لموضوع السياسات التحفيزية ويتكون من اثنتا عـشرة عبـارة تعكـس سياسـات التحفيـز
وباستخدام مقياس ليكرت المتدرج حيث أعطي للإجابة موافق جداً (5) وغير موافق علـى الإطـلاق
(1) وهكذا، بعد ذلك احتُسِب معامل الثبات الداخلي للسياسة التحفيزية حيث بلغ 0.78 وهذا معدل يعد
ثابتاً ومرتفعاً بعض الشيء .
أما القسم الثاني من الاستبانة، فقد تضمن عبارات تدل على الولاء التنظيمي بعدد خمس عشرة عبارة
تعكس في مجملها شعور الفرد الموظف تجاه المنظمة التي يعمل بها واستخدم أيضاً مقياس ليكـرتأثر سياسات التحفيز في الولاء التنظيمي بالمؤسسات العامة
84
(likert) المتدرج، وأعطيت القيم نفسها، كما ورد في القسم الأول، وكان معدل الثبات الداخلي 0.75
وهو مرتفع أيضاً. أما القسم الثالث فتضمن مجموعة من الخصائص الشخصية مثل العمر، المرتبـة
الوظيفية، المستوى التعليمي، الخبرة، وطبيعة الوظيفة إشرافية أو غير إشرافية.
معالجة البيانات:
بعد أن جمِعتِ البيانات تمت عملية الترميز والإدخال إلى الحاسب الآلي باستخدام البرنامج الإحـصائي
SPSS وبعد ذلك أُجريتِ التحليلات الإحصائية المناسبة. وللإجابة عـن التـساؤل الخـاص بنظـرة
الموظفين تجاه الولاء التنظيمي وسياسات التحفيز فقد استُخدِم الإحصاء الوصفي ممثلاً في المتوسط
الحسابي والانحراف المعياري، أما الأسئلة المتعلقة بين متغيرات الدراسة فقد استُخدِم معامل الارتباط
الذي يحدد قيمة العلاقة ويصف طبيعتها، والتساؤلات الخاصة بالعوامل المؤثرة في الولاء التنظيمـي
فقد تم الاعتماد على معامل الانحدار المتدرج. ولمعرفة هل كان لطبيعة الوظيفة دور في اختلاف رؤية
الموظفين تجاه كل من سياسات التحفيز والولاء التنظيمي احتُسِب اختبار "ت". وفيمـا يلـي عـرض
البيانات وتحليلها وفقاً لتسلسل الدراسة، وذلك على النحو الآتي:
في التحليل الوصفي تم إيجاد المتوسطات الحسابية لمتغيرات الدراسة فيما يتعلق بـالتحفيز والـولاء
وتحليل هذه المتوسطات لمعرفة درجة الموافقة، حيث تكون قيم المتوسط الحسابي الواقعة بـين (1)
و(1.8) تعبر عن عدم الموافقة إطلاقاً والقيمة الواقعة بين (1.81) و (2.6) تعبر عن عدم الموافقـة
والقيمة الواقعة ما بين (2.61) و (3.40) تدل على عدم التأكد و القيمة ما بـين (3.41) و (4.20)
تدل على الموافقة، وأخيراً القيمة الواقعة ما بين (5) ،(4.21) تدل على موافق جداً.
وكانت نتائج التحليل كما عكسها الجدول رقم (1) :
جدول رقم (1)
المتوسط الحسابي والانحراف المعياري لمتغيرات الدراسة
المتغير المتوسط الحسابي الانحراف المعياري
12.3 36 العمر
1.2 3.85 العلمي المؤهل
8.1 10.8 العملية الخبرة
3.2 6.72 الوظيفية المرتبة
0.74 3.1 التحفيزية السياسة
0.61 3.34 التنظيمي الولاءمجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 27- العدد الأول-2011 سليمان الفارس
85
يوضح الجدول رقم (1) البيانات الخاصة بأفراد العينة، فقد بلغ متوسط أعمار أفراد العينة 36 سـنة،
معظمهم من الجامعيين وبعضهم أعلى من الشهادة الجامعية وبعضهم أقل من الـسمتوى الجـامعي،
وذلك كما يشير الانحراف المعياري. وبلغ المتوسط الحسابي للخبرة العملية 10.8 سنوات، وهذا يعني
أن معظم أفراد العينة يتمتعون بخبرة جيدة. والمتوسط الحسابي للمرتبة الوظيفية بلغ نحو 6.72 مما
يعني أن معظم الموظفين يشغلون مراتب متوسطة مع وجود بعض منهم في مراتب عالية وأيضاً في
مراتب متدنية. وهذا يدل على تمثيل الشرائح الوظيفية المختلفة، كما تبـين ذلـك قيمـة الانحـراف
المعياري.
ويوضح الجدول أيضاً النتائج الخاصة بمستوى سياسات التحفيز والولاء التنظيمي، إذ بلغ المتوسـط
الحسابي للسياسات 3.1. تشير هذه القيمة إلى انقسام أفراد العينة حول مفهـوم وممارسـة عمليـة
التحفيز في العمل. ففي حين يوافق بعضهم على وضوح مفهـوم الـسياسات وممارسـة المنظمـة
للتحفيز، فإن بعضهم الآخر لا يوافق على ذلك.
نستنتج من ذلك أن الموظفين منقسمون فيما يتعلق بمدى وضـوح الـسياسات التحفيزيـة، وأيـضاً
باستخدام سياسات تحفيزية معينة.
نرى أن هذه النتيجة منطقية في الظروف الوظيفية السائدة في المؤسسات العامة، علـى اعتبـار أن
سياسة التحفيز هي انعكاس لما يراه هؤلاء الموظفون. ففي الوقت الذي يرى بعضهم في سياسـات
ونظم التحفيز على أنها واضحة ومفهومة وأن الإدارة لا توفر جهداً في ممارستها في العمـل، يـرى
بعضهم الآخر من الموظفين خلاف ذلك. فالإدارة لا تمارس سياسات تحفيزية على النحو الـلازم ولا
تقوم بتطوير هذه السياسات من حين إلى آخر. وبرأينا، قد يعود انقسام الموظفين هنا إلى حقيقـة أن
بعض الموظفين ينظرون إلى التحفيز أنه يجب أن يكون وسيلة لسد الثغرة بـين تكـاليف المعيـشة
المتزايدة والحوافز المقدمة.
فضلاً عن ذلك الاختلاف في النظرة إلى نوع الحوافز ومقداره بين المؤسسات موضع الدراسة (اثنتان
تعملان في القطاع المالي واثنتان في القطاع الصناعي)، حتى أن بعض الموظفين كـان ينظـر إلـى
وجود اختلاف وعدم مساواة في السياسات المتبعة بين أقسام أو إدارات المؤسسة الواحدة.
أما مستوى الولاء التنظيمي فقد بلغت قيم المتوسط الحسابي والانحراف المعياري نحو 3.34 و 0.61
على التوالي. إن قيمة المتوسط الحسابي هذه تدل أيضاً على انقسام الموظفين حول هـذا المتغيـر.
فبعضهم يوافق على وجود ولاء تجاه المؤسسة التي يعمل فيها (الأكثرية)، في حـين هنـاك مـن لاأثر سياسات التحفيز في الولاء التنظيمي بالمؤسسات العامة
86
يوافق على ذلك. ويمكن أن تعزى إلى أن بعض الموظفين يرى في العمل بيئة مناسبة لتحقيـق مـا
يطمح إليه من حوافز ومكافآت، في حين يرى موظفـون آخـرون (الأقليـة) أن هنـاك ممارسـات
وتصرفات سلبية في بيئة العمل، ويمكن أن نضيف إلى ذلك أن حداثة بعـض المـوظفين إذ إن قلـة
الخبرة في العمل تجعل الموظف أقل دراية بإمكانيات العمل وفرصه بصورة أكثر موضوعية، كما تبين
أن بعضهم من هؤلاء كان يصعب عليه تحديد موقفه تجاه المؤسسة. أما فيما يخـص العلاقـة بـين
متغيرات الدراسة فقد استُخرِجتْ معاملات الارتباط المبينة في الجدول رقم (2).
جدول رقم (2)
معاملات الارتباط لمتغيرات الدراسة
المتغير العمر المؤهل العلمي الخبرةالعملية المرتبة التحفيز الولاءالتنظيمي
العمر ~
المؤهل العلمي 0.1
0.07- 0.61 العملية الخبرة
- 0.54 0.24 0.5 الوظيفية المرتبة
0.02 0.02 0.05 0.07 التحفيزية السياسة
0.55 0.04 0.13 0.04 0.050 التنظيمي الولاء
تشير معلومات الجدول رقم (2) إلى وجود بعض العلاقات ذات الدلالـة الإحـصائية بـين متغيـرات
الدراسة، فالعلاقة إيجابية بين كل من العمر والخبرة العملية والمرتبة الوظيفية تراوحـت مـا بـين
(0.24) و(0.61). أما بالنسبة إلى المتغيرات التنظيمية، فتوجد علاقة إيجابية بين الـولاء التنظيمـي
والخبرة، حيث بلغ مقدار تلك العلاقة (0.13). ويمكن تفسير هذه النتيجة بـأن المـوظفين أصـحاب
الخبرة الطويلة يوافقون على وجود ولاء تنظيمي مرتفع لديهم على عكس قليلي الخبرة والذين لديهم
مستوى متدنٍ نسبياً من هذا الولاء، وقد يكون السبب في ذلك أن الموظفين ذوي الخبـرة الطويلـة
تكونت لديهم معرفة بالعمل والمؤسسة ومن ثم يستطيعون تحديد موقفهم من المؤسسة على عكـس
قليلي الخبرة الذين تنقصهم المعلومات عن المؤسسة لحداثتهم في العمـل. أمـا بقيـة المتغيـرات
الشخصية فلا تربطها علاقة بالولاء التنظيمي. كما لا يوجد علاقة بين سياسات التحفيز المـستخدمة
والعوامل الشخصية للموظفين، ما يعني أن كبار وصغار السن وأصحاب المؤهلات التعليميـة العليـا
والدنيا ذوي الخبرة الطويلة والقصيرة وأصحاب المراتب الوظيفية العليـا والـدنيا منـسجمون فـي
رؤيتهم، أي لا توجد تأثير لهذه العوامل في رؤيتهم تجاه ممارسة السياسات التحفيزيـة، أمـا عـن
العلاقة بين السياسة التحفيزية والولاء التنظيمي فقد وجدوا أن هناك علاقة إيجابية بينهما مقـدارهامجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 27- العدد الأول-2011 سليمان الفارس
87
0.55، ويمكن تفسير ذلك بأن الموظفين الذين يقرون بوجود سياسات تحفيزية في العمـل يوافقـون
على وجود مستوى جيد من الولاء التنظيمي تجاه المؤسسة. وهذه نتيجة منطقية علـى اعتبـار أن
عملية التحفيز هي عملية إيجابية في نظر الموظفين.
ولمعرفة العوامل المؤثرة في الولاء التنظيمي فقد استُخدِم معامل الانحدار المتـدرج لتحديـد تـأثير
العوامل الشخصية وممارسة السياسات التحفيزية الواضحة في الولاء التنظيمي.
والجدول رقم (3)
يوضح نتائج معامل الانحدار لمتغيرات الدراسة
المتغير قيمة بيتا
سياسات التحفيز 0.52
الولاء التنظيمي 0.13
تشير نتائج معامل الانحدار في الجدول السابق إلى وجود عاملين يؤثران في الولاء التنظيمـي فـي
العمل هي سياسات التحفيز والخبرة العملية، أما بقية العوامل الأخرى مثل العمر والتعليم والمرتبـة،
فليس لها تأثير في الولاء التنظيمي في المؤسسات موضع الدراسة. أما أكثر العوامل المـؤثرة فـي
الولاء فهو السياسات التحفيزية أو لنقل عملية التحفيز بذاتها حيث بلغت قيمة بيتا 0.52، وهذا يعني
أنه كلما كانت السياسات التحفيزية أكثر وضوحاً وأكثر فاعلية كان الولاء التنظيمي مرتفعاً. أما متغير
الخبرة العملية فيأتي في المرتبة الثانية من حيث تأثيره الإيجابي حيث بلغت قيمة بيتا 0.13 . ويمكن
النظر إلى هذه النتيجة على أن الموظفين ذوي الخبرة الطويلة في العمل لديهم ولاء تنظيمي أكثر من
الموظفين ذوي الخبرة القصيرة. وهذه نتيجة منطقية أيضاً نظراً إلى أن الخبرة تولد المعرفة بالعمـل،
وهذه تحقق الاستقرار الوظيفي والشعور بالأمن والطمأنينة.
أما فيما يتعلق بطبيعة الوظيفة (إشرافية أو غير إشرافية) ومقدار دورها، فتبين وجود رؤى مختلفـة
لدى الموظفين تجاه إدراك سياسات التحفيز وفاعليتها، أو تجاه الولاء التنظيمي، ولمعرفة ذلك فقـد
استُخدِم اختبار "ت" حيث تبين ما يلي (الجدول رقم 4):
جدول رقم (4)
اختبار "ت" طبيعة الوظيفة ، الولاء، التحفيز
المتغير طبيعة الوظيفة المتوسطالحسابي الانحراف المعياري قيمة"ت" مستوى الدلالة
0.60 3.44 اشرافية
الولاء
0.59 3.31 اشرافية غير
0.59 1.9
0.69 2.95 اشرافية
التحفيز
0.72 3.06 اشرافية غير
0.18 1.32أثر سياسات التحفيز في الولاء التنظيمي بالمؤسسات العامة
88
يلاحظ من الجدول المذكور أن نتيجة اختبار "ت" أنه ليست هناك فروق ذات دلالـة إحـصائية بـين
الموظفين الذين يشرفون والذين لا يشرفون فيما يتعلق برؤيتهم تجاه الولاء التنظيمـي وسياسـات
التحفيز في العمل، ما يعني أن المشرفين وغير المشرفين لهم الاتجاهات نفسها تقريباً فيمـا يتعلـق
بالسياسات التحفيزية والولاء التنظيمي.
النتائج والتوصيات:
في ضوء أهداف وتساؤلات الدراسة، التي طُرِحتْ فقد توصلت الدراسة إلى:
1-وجود انقسام برؤية الموظفين تجاه كل من السياسات التحفيزية والولاء التنظيمـي فـي عينـة
الدراسة، إذ يوافق بعض الموظفين على ممارسات فعالة فيما يتعلق بالسياسات التحفيزية في حين
يعارض بعضهم مثل هذه الرؤية. نستنتج من ذلك أنه يندر أن يكون هناك انسجام في هذا الـشأن
بالرأي والاتجاه في بيئة العمل المحلية (السورية)، وحتى يمكن القـول فـي جميـع المجتمعـات
المماثلة.
2-بينت الدراسة فيما يتعلق بالولاء التنظيمي أيضاً أن الموظفين منقسمون في رؤيـتهم لمـستوى
الولاء التنظيمي في المؤسسات العامة، فهناك موظفون يوافقون على وجود ولاء تنظيمي تجـاه
مؤسساتهم وهناك من يرى خلاف ذلك، ويمكن إرجاع السبب بذلك إلى وجود بعض الـسلوكيات
والتصرفات في العمل التي يعدها الموظفون سلبية.
3-توصلت الدراسة إلى وجود علاقة إيجابية بين الولاء التنظيمي والخبرة العملية، حيث يكون الولاء
مرتفعاً أكثر كلما كانت سنوات العمل أكثر من قليلي الخبرة.
ويعزى ذلك إلى أن الخبرة الطويلة في العمل أتاحت للموظفين معرفة أكبر في بيئة العمل الداخلية
والخارجية. وهذا يؤكد ما توصلت إليه دراسات أخرى من أن تقدم الإنسان بالعمر وزيادة خبراته
العملية في منظمته تحد من رغبته في الانتقال إلى منظمات أخرى (دراسات العيتبي وقطان). أمـا
بقية العوامل الشخصية (العمر، التعليم، المرتبة) فليس لها علاقة بمستوى الولاء التنظيمي وهذه
تخالف دراسات كنا أشرنا إليها سابقاً.
4-عدم وجود علاقة بين العوامل الشخصية للموظفين ورؤيتهم تجاه السياسة التحفيزية، علمـاً أن
بعض الدراسات السابقة التي أشرنا إليها وجدت علاقة بين بعض المتغيرات الشخصية وسياسات
التحفيز. وتفسير ذلك برأينا اختلاف البيئة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بين مجتمع وآخر.مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 27- العدد الأول-2011 سليمان الفارس
89
5-وجود علاقة إيجابية بين الولاء التنظيمي والسياسات التحفيزية بأنواعها المختلفة، فـالموظفون
الذين يقِرون بوجود سياسة تحفيزية جيدة هم أكثر ولاء من غيرهم.
6-هناك عاملان أساسيان يؤثران في الولاء التنظيمي هما التحفيـز (عمليـة الحفـز) والـسياسة
المستخدمة بشأنها، وعامل الخبرة العملية أما بقية المتغيرات الشخصية فلا يمكن القول بوجـود
تأثير لها في الولاء.
7-بينت الدراسة أنه ليس هناك اختلاف ذو دلالة إحصائية بين طبيعة الوظيفة ورؤية الموظفين فـي
المؤسسات العامة تجاه كل من الولاء التنظيمي وسياسات التحفيز. وقد يكون السبب في ذلـك أن
معظم أفراد العينة يشغلون مراتب متوسطة.
التوصيات:
بناء على النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة يمكن تقديم التوصيات التي نوجزها في الآتي:
1- الاهتمام بنشاطات التدريب والتطوير المستمر للموظفين بهدف تحفيزهم ليكونوا جزءاً من
التنظيم وثقافته. إن هذا سوف يساعد الموظف على تطوير قدراته وإحساسه باهتمام العمل به
ويزداد بذلك اهتمامه وارتباطه بالمنظمة.
2- تثقيف الموظفين لزيادة مشاركتهم الإيجابية في بناء ورسم سياسات ونظم التحفيز التي يرون
أنها أكثر كفاءة وفاعلية؛ وذلك من خلال عقد الندوات والمؤثرات التي توضح عملية الحفز
الإنساني ومتطلباته وتوضح العلاقة بين السياسات التحفيزية والولاء التنظيمي.
3- وضع برامج تحفيز تحقق الأهداف الشخصية للموظفين ولا تتعارض في الوقت نفسه مع
الأهداف التنظيمية وإمكانيات المنظمة، ورسم الصورة الذهنية لديهم بأن انتماءهم والتزامهم
سينعكس إيجاباً عليهم وعلى العمل الذي يمارسونه.






أثر سياسات التحفيز في الولاء التنظيمي بالمؤسسات العامة
90
المراجع
أولاً : المراجع العربية:
ـ الكتب:
- بلوط، حسن إبراهيم "إدارة الموارد البشرية من منظور استراتيجي" دار النهضة العربي، بيروت
2002
- القحطاني، سالم، العامري، أحمد آل مذهب، معدي العمر، بدران 1421 منهج البحث في العلوم
السلوكية، الرياض، الطابع الوطنية الحديثة.
- اللوزي، موسى، "التطوير التنظيمي دار وائل للنشر 2003 عمان.
- المير، عبد الرحيم 1995 " العلاقة بين ضغوط العمل وبين الولاء التنظيمي والأداء والرضا
الوظيفي والصفات الشخصية، دراسة مقارنة" الإدارة العامة مجلد 35.
- الهيتي، خالد، عبد الرحيم. "إدارة الموارد البشرية " دار وائل للنشر، 2005، عمان.
ـ الدوريات:
- العامري، أحمد 1422 "القيادة التحويلية في المؤسسات العامة: دراسة استطلاعية لآراء
الموظفين" الرياض، مركز البحوث، كلية العلوم الإدارية.
- العمر بدران، 2002 "مدى تطبيق إدارة الجودة الشاملة على مستشفيات مدينة الرياض من
وجهة نظر ممارسي مهنة التحريض "مجلة الإدارة العامة" مجلد 42 عدد 2.
- الفضلي "فضل، 1997" علاقة الالتزام التنظيمي بعلاقات العمل ما بين الرئيس وتابعيه
والمتغيرات الديمغرافية" الإدارة العامة، مجلد 37 العدد 1 .
- القطان، عبد الرحيم 1987 "العلاقة بين الولاء التنظيمي والصفات الشخصية والأداء الوظيفي
دراسة مقارنة بين العمالة الآسيوية والعمالة العربية والعمالة السعودية والعمالة الغربية"
المجلة العربية للإدارة عدد32-5 :2.
- القتيبي، آدم، 1993 " أثر الولاء التنظيمي والعوامل الشخصية على الأداء الوظيفي لدى العمالة
العربية في دولة الكويت " المجلة العربية للعلوم الإدارية" مجلد 1 عدد 1مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية– المجلد 27- العدد الأول-2011 سليمان الفارس
91
ـ رسائل علمية:
- خضري، هيثم، حوافز العمل والإنتاج "رسالة ماجستير غير منشورة جامعة دمشق 1993.
- صغراني، عائشة عبد الحميد "التحفيز وأثره في أداء الأفراد" رسالة ماجستير جامعة دمشق،
.2007
- العائدي، كمال علوان محيسن، أثر الحوافز على الأداء في المنشآت العامة للصناعات القطنية
في العراق، رسالة ماجستير، الأردن 2000
ثانياً: المراجع الأجنبية:
- Chen ,Z, and Francesco A 2000 "Employee Demography, organizational,
Commitment and Turnover. Do cultural differences matter. Vol53, No. 6
- Hochwater, W. 1999 "Commitment as an Antidote to the tension and turnover of
organizational politics.
- Jeamoon, M. 2000 "organizational commitment Revisited in new public
management: Motivation organizational culture sector.
- Loke, J. 2201 "Leadership behaviors: effects of Job satisfaction, productivity and
organizational commitment "Jarnal of nursing management.
- Ann, Howard "motivation and values among Japanese and American mangers 1983.
- Vigoda, E. 2000 (a) "organized politics job attitudes and work outcomes exploration
and implications for the public sector"
- Whitener. E. 2001 "do high commitment human resources practice affect employee"
- Wava, A. and Davis E. 2001 "the effect of benefit satisfaction and organizational
commitment"..


تاريخ ورود البحث إلى مجلة جامعة دمشق 2009/4/23.