يحتاج الإنسان إلى مهارات يمتلكها، وخبرات وتجارب يمر بها، حتى يستطيع التأقلم مع المجتمع بشكل سريع وفعال، دون أن يعود عليه الأمر بالمشاكل والسلبيات، فكلنا نبحث عن راحة بالنا، ومن الطبيعي أن يكون هناك من يستطيع الوصول لراحة البال وهناك من لا يستطيع.
الإنسان بطبعه كائن إجتماعي، يحب أن يعيش بداخل مجتمع، ولا يوجد إنسان غير إجتماعي، حتى الشخصية الإنطوائية لها مجتمعها الخاص، التي تحاول بنائه والعيش فيه والتعديل على قوانينه كما تريد إن تمكنت، فالإنسان الإنطوائي هو كائن بشري له خاصياته كما للإنسان المنفتح كذلك، ولكن وكما تقول القاعدة "إذا أردت معرفة شيئ، فعليك مشاهدته عن كثب"، فسنقترب لهذه الشخصية ربما تمكنا من معرفة كيف تفكر.
في طريقي نحو النجاح، إلتقيت بشخص كان قد مر زمن ولم نتواصل فيه، تهاتفنا والتقينا مرات عدة، مرت الأيام والشهور ولكنه عاد وابتعد،لم أعرف لماذا، فرجعت أبحث عن الأسباب، فاكتشفت من خلال أبحاثي، أنه إنسان رائع،رقيق، طيب القلب، حنون،مخلص، محب وصادق، ولكنني لم أكتشف حينها سبب البعد، فرجعت وبحثت في داخلي فوجدت أنني مخطئ في بعض الأمور، وعندما ذهبت في رحلةٍ بداخله علمت أنَّه لم يخطئ في شيئ، بل أنا السبب، ولكن الذي أثار تساءلاتي أكثر، كيف أكون السبب وانا أعرف كيف أتصرف مع الناس وأقيم علاقات جيدة معهم؟
قمت بالمشاركة بدورة تدريبية تتحدث عن أنماط الشخصيات وطرق التواصل معها، فمر بالفصل السابع، الشخصية الإنطوائية، فعلمت حينها أنني لم أقدم على الخظئ أيضًا، ولا هي كذلك، بل كل ما حصل، أننا مختلفين بالتفكير، فأنا لم أفهم هذه الشخصية، ولا هي كانت تعرف كيف تعبِّر لأن أنماط تفكيرنا تختلف جدًّا.
فمن صفات الشخصية الإنطوائية أنه يعيش داخله، ويفكر بأحاسيسه وشعوره، ويخاف عليه من أن يعترضه أحد، ولو أننا أخذنا الأمر من حيث تقسيمات الشخصيات لمؤسسا علم البرمجة اللغوية جون غراندر وريتشارد باندلر لقلنا: أن الشخصية الإنطوائية هي إنسان حسي حيث يفكر من خلال أحاسيسه ويربط بتفكيره أحاسيسه"، عكسي أنا تماما، فأنا إنسان بصري وربما بصري وسمعي، أحب أن أرى الأشياء بعيني وأن أشاهدها لكي ترسخ في عقلي وأحب أن أسمع كي أحفظ، وأقوي المعنى في الذهني، وكما هو معروف أيضًا، فإن اختلاف التفكير أمر طبيعي، ولكن عدم فهم وإدراك أن لكلِّ منا تفكيره المختلف عن الآخرين فهذه مشكلة كبيرة.
من الإنطوائية إلى الإنفتاح، يصعب تغيير شخصية ما دامت على الصواب، إنها إنسان طبيعي جدًا، بل وله مميزات لا يملكها الإنسان الإنطوائي بتاتا بل قد يحلم بها أيضًا، كالهدوء الداخلي التام والتخطيط للمدى البعيد وغير ذلك.
الشخصية المنفتحة مختلفة بالنسبة للشخصية الإنطوائية، وكذلك الأمر بالنسبة للشخصية المنفتحة، فالإنطوائية بالنسبة لها مختلفة، وتبقى مسألة فهم الآخرين، مسألة تحتاج لوقت كيف ترسخ في الإدراك، فعلى الشخص منا وأذكر نفسي وإياكم، أن يبحث عن ما وراء الكلمات.