الإنتاجية( إنتاجية العنصر البشري)
دراسه بحثيه


مقدمة

في وقتنا الحالي أصبح مقياس تقدم الأمم هو إنتاجيتها . و قد ضرب عدد غير قليل في العالم المتقدم مثلا رائعا لذلك ، مثل اليابان و أمريكا و إنجلترا و السويد و غيرها .

و نستطيع أن نلمس أهمية الإنتاجية على عدة مستويات ، الفرد و المنظمة و الاقتصاد و المجتمع . فأما بالنسبة للفرد العامل ، فإن إنتاجيته تعكس مدى مساهمته في العمل الذي يؤديه ، و المقدار الذي يعطيه من جهده و علمه و مهارته ، إلى جانب عنايته ورغبته ، في القيمة المضافة إلى المنتج النهائي . فإذا زادت إنتاجية الفرد فأن ذلك معناه زيادة مساهمته و أهمية الدور الذي يلعبه في وظيفته و من ثم مجتمعه . و إذا انخفضت كان دليلا على قلة هذه المساهمة و انخفاض أدائه للدور المكلف به . ثم أن الفرد يجني ثمار إنتاجيته . فكلما زادت إنتاجيته ارتفع دخله ، هذا بالإضافة إلى تقدير رؤسائه و احترامهم له ، و المزايا المعنوية الأخرى غير المباشرة التي يمكنه الحصول عليها . و إذا قلت إنتاجيته فإن ذلك يعنى تعرضه لخسارة أو نقص في الدخل ، و ربما يتعرض للعقاب . هذا إلى جانب الآثار النفسية الأخرى ، كعدم رضا رؤسائه و زملائه عنه ، و حرمانه من تقدير الآخرين .

أما بالنسبة للمنظمة فإن الإنتاجية تعبر عن كفاءة الإدارة في استغلال الموارد و الإمكانات المتاحة لها ، و الحصول من هذه الإمكانات على أحسن نتيجة ممكنة . و بالتالي فإن زيادة الإنتاجية قد تعنى . تقدم التكنولوجيا و تطوير المنتج و رقي الأساليب و الخامات و التسهيلات و ملائمة مهارات العمال .. أي استخدام الإدارة لمواردها بأفضل شكل ممكن . و من جهة أخرى فأن انخفاض الإنتاجية يعني أن الإدارة لم تحسن استغلال الموارد التي في حوزتها .
و من جهة الاقتصاد القومي فإن الإنتاجية تعبر عن كفاءة الدولة في مجموعها ـ في إنتاج سلعها و خدماتها . فالإنتاجية هنا انعكاس لأداء كافة الأجهزة و المؤسسات ، أو هي متوسط أداء هذه الأجهزة ـ الناجحة و الفاشلة و ما بيتهما من درجات النجاح و الفشل .

و أما فيما يتعلق بالمجتمع كله ، فأن الإنتاجية تؤثر على رفاهية هذا المجتمع . و ذلك عن طريق السلع و الخدمات التي توفرها لأفراد المجتمع ، و كمية هذه السلع و الخدمات و درجات جودتها و مدى مقابلتها لتوقعات المستهلكين و إرضائها لأذواقهم و التوقيت الذي تصل فيه إلى المستهلكين .

[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.jpg[/IMG]


إنتاجية العنصر البشري


تعريف الإنتاجية :

توجد عدة تعاريف لإنتاجية و منها :

· تعرف الإنتاجية بأنها " النسبة بين المخرجات و جميع العناصر المطلوبة لتحقيقها ، أو بمعنى آخر النسبة بين المخرجات و المدخلات "
· تعرف بأنها " تعبير عن مستوى و تطور العمل المنتج ، أي تعبير عن تأثير العمل الحي و مقدار الوفر فيه و هنا يمكن الخروج بالمفهوم الأوضح بأن أي ارتفاع في الإنتاج يجب ألا يعتبر ارتفاعا حقيقيا إلا إذا كان مصحوبا بانخفاض في قيمة السلعة المنتجة " .
· تعرف إنتاجية العمل " بأنها كمية الإنتاج التي تتحقق خلال مدة زمنية بواسطة وحدة معينة من العمل أو النسبة بين الإنتاج المحقق و كمية العمل التي بذلت في خلال مدة زمنية معينة " .


ويمكن أيضا تعريف الإنتاجية بشكل آخر :

قد كان ينظر إلى الإنتاجية قديما على أنها إنتاجية العامل فقط . أي كمية الإنتاج التي يخرجها عامل معين في وحدة زمنية معينه . و قد كان ذلك نابعا من تأثير الاقتصاد الماركسي ، من أن الإنجازات البشرية كلها مبنية على المجهود العضلي. و رغم أن العمل عنصر هام من عناصر الإنتاجية ، إلا أنه العنصر الوحيد . فهناك الطاقة المحركة ، و المعدات الرأسمالية ، و الخامات ، و الطرق والأساليب . و هذه العناصر تعزز عنصر العمل و تزيد كفاءته . لذلك فأن مفهوم الإنتاجية يمتد ليشمل هذه العناصر . و من ثم يعرفها البعض بأنها التوازن الذي يمكن تحقيقه بين عوامل الإنتاج المختلفة . ذلك التوازن يعطي أكبر إنتاج أو مخرجات بأقل ما يمكن من مجهودات و تكاليف . إذن فالإنتاجية تعبر عن مدى النجاح في إنجاز مهام معينة . فهي الاختيار الأفضل و الاستخدام الأمثل للمدخلات من أجل الحصول على مخرجات معينة .


مكونات الإنتاجية :

نستطيع التعرف على مكونات الإنتاجية إذا تتبعنا النظريات و المدارس الفكرية للإدارة ، و المبادئ و الأسس التي وضعتها . حيث أن كلا من هذه النظريات تناولت قضية الإنتاجية من جانب معين كان هو محور اهتمامها أكثر من غيره.
فقد عنى " تايلور " في مدرسة الإدارة العلمية بالجانب المادي للعمل . و عكف على دراسة طرق العمل و التوصل إلى طريقة الأداء المثلى أو الأحسن . و رأى أن الإنتاجية يجب أن تزداد . و أن زيادتها تتحقق بالإدارة العلمية التي تعتمد على التخصص و تقسيم العمل ، ودراسة الأعمال و تحليها ، و الاختيار الدقيق للعمال ، و تدريبهم فنيا ، و فصل التخطيط عن التنفيذ ، و تعاون الإدارة و العاملين . فتايلور إذن نظر إلى إنتاجية من الزاوية الفنية و المادية . و عندما تناول العامل فمن جانب القدرة فقط ، و لم يتعرض لجانب الرغبة و القوى التي تنميها . و حتى عندما وضع تصوره للأجور التشجيعية فأنه أخذ في حسبانه الجانب المادي فقط ، و اعتبر أن زيادة الجهد مرهونة بزيادة الأجر . و هكذا فعلت النظريات الأخرى التقليدية – التي سبقت الإدارة العلمية بقليل – و التي حاولت بناء ما يعرف بالنموذج الرشيد أو نموذج الآلة . و الذي ينظر إلى المنظمة باعتبارها آلة كبيرة و أن
عناصر الإنتاج - بما فيها العامل – توضع فيها بطريقة محكمة بحيث تعمل جميعا في تناسق و تكامل و ترتفع كفاءتها و تزيد إنتاجيتها .

أما مدرسة العلاقات الإنسانية فقد وجهت اهتمامها نحو العنصر الإنساني . و قامت بدراسة العوامل الإنسانية التي تؤثر على الإنتاجية . و هذه العوامل لا تتعلق فقط بقدرة العامل و لكن برغبته ، بالروح المعنوية ، بحالة الرضا التي يوجد عليها ، و اتجاهاته نحو العمل . و من ثم قدمت للإدارة مفهوما – جديدا حينئذ – عن الدوافع ، يتضمن إلى جانب الأجر دوافع نفسية و ذهنية و اجتماعية … مثلب إثبات الذات و تقدير الآخرين . كما عرفت الإدارة بتأثير جماعة العمل أو التنظيم غير الرسمي على الإنتاجية – إيجابا وسلبا ، تحت ظروف معينة ، و تبعا لاتفاق التنظيم غير الرسمي مع التنظيم الرسمي أو تعارضه معه.

العناصر المختلفة التي تدخل في تكوين الإنتاجية :

الإنتاجية = الأداء × التكنولوجيا
الأداء = القدرة × الرغبــــــــة
القدرة = المعرفة × المهــــــارة
التكنولوجيا = المعدات × الأســــاليب


(1) الأداء :

يختص هذا العنصر من عناصر الإنتاجية بالجانب الإنساني . فنقصد بالأداء مجموعة من الأبعاد المتداخلة هي :

· العمل الذي يؤديه الفرد ، و مدى تفهمه لدوره و اختصاصاته ، و فهمه للتوقعات المطلوبة منه ، و مدى اتباعه لطريقة أو أسلوب العمل الذي ترشده له الإدارة عن طريق المشرف المباشر .
· الإنجازات التي يحققها ، و مدى مقابلة الإنتاج الذي يتمه للمعايير الموضوعة – الكمية و النوعية و الزمنية – فإلى جانب المعيار الشائع و هو المخرجات في وحدة زمنية معينة ، هناك معايير أخرى للجودة ، و توفير الوقت ، و ضغط التكاليف .
· سلوك العامل في وظيفته ، و مدى محافظته على الأدوات و الخامات و الأجهزة التي يستعملها . هل يسرف في استخدامها أم يحرص على صيانتها .. ما معدل الضياع أو الفاقد أو الأعطال .. و ما نوع التقدم الذي يحرزه .. هل تزيد درجة إتقانه لعلمه ، أم تقل أم تتعثر .
· سلوك العامل مع زملائه و رؤسائه ، و مدى تعاونه مع الزملاء و مساهمته في إنجاز أعمال الجماعة ، و مدى طاعته للأوامر و اتباعه لتوجيهات رؤسائه و تعاونه معهم في حل مشكلات العمل و إبلاغهم بمقترحاته بشأنها .
· الحالة النفسية و المزاجية التي يوجد عليها العامل . و ذلك من حيث الحماس للعمل و الرغبة في أدائه ، و الاستعداد لإتقانه ، و الاهتمام بمشكلاته و التحفز لعلاجها . و كذلك حالة اليقظة و الحضور الذهني ، و استمرار أو تقطع هذه الحالة على مدار ساعات العمل .
· طرق التحسين و التطوير التي يمكن للعامل أن يسلكها في عمله ليزيد من كفاءة الأداء و كذلك طرق التقدم و التطوير بالنسبة له شخصيا ، أي المهارات و المعلومات التي يمكنه تعلنها و تنميتها من خلال برامج التدريب ، و من ثم فرص التقدم و الترقية المفتوحة أمامه .



(2)التكنولوجيــــــا :

الطرف الثاني الرئيسي في معادلة الإنتاجية ، و هو التكنولوجيا ، الذي يعالج الجانب الفني . إذ أن الإنتاجية لا تعتمد فقط على الأداء الإنساني ، و لكن أيضا على العوامل الفنية . تلك العوامل التي تتعلق بالمعدات و الأجهزة و الآلات التي تستخدمها المنظمة ، و أسلوب العمل الذي تسير عليه . أي أن للتكنولوجيا شقين رئيسين ، مادي و معنوي .
و توجد المنظمات على درجة من درجات التكنولوجيا – البسيطة والمتطورة . و يؤثر ذلك على تنظيم هذه المنظمات وسياساتها و علاقاتها .
فالتكنولوجيا التي تستخدمها مصانع الإنتاج المستمر ، تختلف عن تلك التي تستخدمها مصانع العمليات . و الطرق و الأساليب التي يتبعها مصنع بصفة رئيسية على الأيدي العاملة ، تختلف عن تلك التي يستخدمها مصنع آلي .

و يمكن أن نميز مرحلتين من مراحل التطور التكنولوجي ، و هما الميكنة و الآلية . فأما الميكنة فهي إدخال الآلات لمساعدة الإنسان ، و تحقيق مزايا زيادة الإنتاج و خفض التكاليف و تحسين الخدمات و جودة المنتج . أما الآلية أو الأتوماتيكية ، فهي إدخال النظام الآلي . و الذي تلعب فيه الآلات الدور الرئيسي ، و بلا تدخل الإنسان . حيث تسير الأجهزة و الآلات حسب برامج كمبيوترية سلفا . و توجد نقاط مراقبة ذاتية ، و نقاط إنذار و تحذير عند حدوث أعطال أو عوامل طارئة ، تعمل على ضبط النظام في المسار الصحيح . و قد ساعد اختراع الكمبيوتر و التطورات الهائلة التي أجريت عليه حتى الآن على تسهيل النظام الآلي و انتشاره .

و في الدول النامية توجد فجوة تكنولوجية كبيرة تؤثر على إنتاجيتها . و ترجع هذه الفجوة إلى عدة أسباب ، على رأسها كما يراها البعض. تخلف نظم التعليم ، و عدم اهتمام الحكومة بالبحوث التقنية ، وضعف الاقتصاد و تعثر معدلات نموه ، و ارتفاع تكلفة نقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة .

و يقع على عاتق الدول النامية – في محاولتها للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية – مجهود كبير في نقل التكنولوجيا الملائمة . إذ يتعين عليها انتقاء نوع التكنولوجيا التي تناسبها . و إجراء عمليات التطويع و التعديل اللازمة ، حسب عوامل متعددة مثل المناخ ، و مصادر الخامات ، و سوق العمالة ، و العوامل الإنسانية و الاجتماعية . كما أنها لا بد أن تعمل على تطوير التعليم و التدريب ، لتخريج المتخصصين اللازمين لتشغيل التكنولوجيا الجديدة . هذا بالإضافة إلى الاستفادة من هذه التكنولوجيا إلى الحد الأمثل في رفع الكفاءة



الإنتاجية . و قد نجحت اليابان في ذلك إلى حد كبير . إذ استطاعت نقل التكنولوجيا الغربية مع تطويعها لظروفها الاقتصادية ، و قبل ذلك الاجتماعية و الثقافية .

و عندما تريد الإدارة و غيرها أن تفحص تأثير التكنولوجيا و العوامل الفنية على الإنتاجية ، فيجب أن تركز على العوامل التالية :


· المعدات و الأجهزة و غيرها من العدد و الأدوات التي يستخدمها الأفراد في أدائهم لوظائفهم . و درجة التقدم أو التطور التي توجد عليها هذه المعدات .
· المواد و الخامات التي تدخل في تصنيع المنتج أو تستهلك في أداء العمليات المطلوبة .
· الطرق و الأساليب الفنية التي تستخدمها المنظمة في إنجاز أعمالها

هذا بالإضافة إلى دراسة المصنع و حجمه و طاقته الإنتاجية و التشغيل الاقتصادي الأمثل و تصميمه و خط انسياب العمل فيه . و دراسة المنتج و تصميمه و مواصفاته و المزيج الذي يتكون منه – في حالة إنتاج أكثر من سلعة واحدة . و فحص الطرق و الوسائل التي تتبعها الإدارة من حيث تبسيط دورة العمل ، و التنميط ، و دراسة الحركة و الزمن ، و تخفيض معدلات الضياع و الفاقد .