إعادة هندسة المؤسسة وإعادة هندسة الموارد البشرية

ORGANIZATIONAL RE-ENGINEERING
AND HUMAN RE-ENGINEERING

by Mario Maniewicz
ITU Regional HRM/HRD Officer for Latin America and the Caribbean

1. إعادة هندسة مؤسسات الاتصالات في الإقليم الأمريكي
Re-Engineering in the Telecommunication Organizations of the Americas Region

لقد شهدنا في الآونة الأخيرة عمليات التحديث المسارعة التي تعرضت لها مؤسسات الاتصالات في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من تميز إقليم القطاع الأمريكي بصفات تميزه عن باقي أنحاء العالم إلا أن معظم مؤسسات الاتصالات في أمريكا اللاتينية والكاريبي تتعرض لمثل هذه التغيرات وعليها التعامل مع عمليات التغير في نمط الإدارة التقليدية.

وعلى الرغم من تعامل كل مؤسسة مع هذه التغيرات حسب واقعها واحتياجاتها الخاصة بها، إلا انه يلاحظ بشكل عام تزامن هذه العمليات مع التحديث - ليست العمليات التقنية فقط، بل التجارية والتنظيمية والإدارية - والتي تؤثر على الجانب الإداري من وجهة نظر تحقيق تحسينات مهمة في الكمية والجودة لخدمات الاتصالات التي تقدمها المؤسسة.

ولا يجب أن تقتصر الجهود على تجديد شبكات الهاتف الموجودة وتركيب أجهزة الاتصالات المتقدمة وتقديم الخدمات التي تعتمد على التقنية الأكثر تقدما، بل يجب أن تشمل التحديث التجاري والتنظيمي ونظم الإدارة للمؤسسة وتحسين أعمالها الإدارية بشكل عام.

ويعتبر التوسع التقني والتحديث متطلبا لاستمرار وجود مؤسسة الاتصالات، إلا أن هذا لا يعتبر وحده كافيا إذا لم يرافقه تنظيم دقيق وفعال للمؤسسة للتأكيد على إرضاء الزبائن من خلال تقديم مدى واسع من الخدمات المناسبة وذات الجودة الجيدة.

ولا يجب الاعتماد فقط على تطبيق الإجراءات التي تتلاءم مع العمليات التقنية في المؤسسة، بل يجب إعادة تشكيل النظم والإجراءات بحيث تتلاءم مع خدمة الزبائن، وإدارة الجودة والتي يجب أن تشمل كافة النواحي في المؤسسة. ويجب إعادة التفكير في طرق أداء العمل في المؤسسة وعمل التعديلات اللازمة على أساليب العمل وإعادة تصميم العمليات بحيث تتناسب مع الأهداف الجديدة للمؤسسة، وتسمى هذه العملية "إعادة الهندسة" وقد بدأ تطبيقها بكثرة في الآونة الأخيرة.

والتحدي الأساسي الذي يواجه المسؤولين عن إدارة الموارد البشرية في شتى المؤسسات يتمثل في حقيقة نشوء تغيرات - نتيجة لعمليات إعادة هندسة المؤسسة في الهيكل التنظيمي والأساليب على جميع المستويات والتي يجب على الموظفين استيعابها ضمن وقت قصير.



2. العنصر البشري وإعادة هيكلة المؤسسة
The Human Factor and Organizational Re-Engineering

وتتطلب التغيرات التي تنتج عن تنفيذ عمليات إعادة الهندسة المذكورة أعلاه تغيرات في متطلبات التوظيف في شتى المجالات في المؤسسة. وتؤدي التحديثات التقنية غالبا إلى تخفيض عدد الموظفين المطلوب لتشغيل وصيانة أجهزة الاتصالات، ولكنه يتطلب قدرا أعلى من المهارة الفنية. وعلى نفس المنوال، تحدث تغيرات في نظام الإدارة (مثل الهيكل التنظيمي، طرق أداء العمل، النظم والمهام) والتي بدورها تتطلب تغيرات في الصفات الواجب توافرها في الموارد البشرية المطلوبة (من حيث العدد، والتوزيع، والتدريب المطلوب).

وهكذا تتضح ضرورة إيجاد التناغم بين التغيرات التنظيمية كنتيجة لعمليات إعادة الهندسة والصفات الواجب توافرها في العنصر البشري الذي تعتمد عليه المؤسسة في تنفيذ هذه التغيرات. ويجب ملاحظة تخفيض عدد الموظفين المطلوب لتنفيذ العمل المطلوب في كل دائرة ضمن المؤسسة. وفي معظم الحالات يكون هناك الجديد في القدرات والمعرفة والمواقف المطلوبة لتنفيذ العمل بدقة في جميع المواقع التي يتم إنشاؤها في المؤسسة.

ولن نكسب المؤسسة أي شيء بتنفيذ عمليات إعادة الهندسة، إذا لم يتم دعم هذه العمليات بتكيف العنصر البشري مع المتطلبات الجديدة. ويجب مراجعة عدد وصفات الكادر العامل في الأجزاء المختلفة من المؤسسة مراجعة شاملة. ونظرا لعلاقة ذلك بعملية إعادة الهندسة تسمي هذه العملية "إعادة هندسة الموارد البشرية" في المؤسسة.

إن إعادة هندسة الموارد البشرية لن تؤدي إلى أي مشكلة إذا كنا قادرين على التخلص من الكادر الوظيفي الموجود حاليا، وتوظيف كادر جديد تبعا لمتطلبات المؤسسات الجديدة. ونفس الشيء ينطبق على إعادة هندسة المؤسسة إذا كنا قادرين على استبدال المؤسسة الموجودة حاليا بأخرى جديدة اعتماد على رؤية مثالية، إلا أن ذلك لا يعتبر بديلا واقعيا، وبالتالي يصبح من الضروري إيجاد وحدة تنظيمية خاصة مهمتها تحقيق متطلبات التوظيف الناتجة عن التغيرات في المؤسسة، وبالتالي الاستفادة القصوى من الفوائد الممكنة من الموارد البشرية الموجودة .

ويمكن الاستدلال من التعريف السابق للوحدة التنظيمية لإدارة الموارد البشرية على التشابه بين هذا المفهوم ومفهوم نقل الموظفين في النظم التقليدية.

3. مفهوم نقل الموظفين التقليدي
The Traditional Concept of Staff Redeployment

يدور مفهوم نقل الموظفين حول نظام يحتوي على برامج واليات يتم تنفيذها لإعادة توزيع الموظفين على مجالات يتم فيها استغلال خدماتهم بشكل أفضل حسب الاستراتيجية المستقبلية للمؤسسة.

وينتج عن ذلك نظام، أي مجموعة من العناصر المترابطة المصممة لتحقيق هدف ما. ويصمم نظام نقل الموظفين للتأكد من تحضير المؤسسة، من وجهة نظر الموارد البشرية، للاستجابة بشكل مناسب للأوضاع المختلفة التي تنشأ لمواجهة التقنيات الجديدة وفلسفة الإدارة الجديدة وغير ذلك. ومدخلات هذا النظام هي: الموارد البشرية الموجودة، والموظفين المتوقع توظيفهم، وخطط المؤسسة. ومخرجات النظام هي: نقل الموظفين، وإعادة التدريب، وبرامج التطوير، وإعادة توزيع المواقع الوظيفية، وتبديل مواقع الموظفين، وغير ذلك.

ويتطلب مثل هذا النظام تخطيطا مناسبا إذا أردنا أن يعمل بطريقة صحيحة. وتقوم بعض الشركات بتنفيذ برامج نقل الموظفين استجابة لاحتياجات خاصة أو لمواجهة مراحل انتقالية في قطاع ما. وعلى الرغم من مساعدة ذلك في حل المشكلات العاجلة للمؤسسة، إلا أن هذه البرامج لا تحقق الاستخدام الأمثل للعنصر البشري في المؤسسة. ويجب أن تكون نقطة البداية لنظام إعادة توزيع الموظفين الوضع الحالي للموظفين مع التطلع للوضع المستهدف حسب خطة المؤسسة للاستخدام الأمثل للعنصر البشري.

وتعتبر استراتيجية الشركة المستقبلية أساسية لتنفيذ برنامج ملائم لإعادة توزيع الموظفين ولا يقتصر الأمر على وجود فكرة واضحة عن اتجاه الشركة، ولكن يجب عرض نتائج ممارسات التخطيط على أولئك المسؤولين عن نظام إعادة توزيع الموظفين لضمان نجاح هذا النظام.

ويجب توزيع الموظفين بحيث نحصل على أقصى فائدة ممكنة للعنصر البشري في المؤسسة، وان يتم هذا التوزيع من وجهة نظر عامة مع الأخذ بعين الاعتبار وضع المؤسسة كوحدة متكاملة، وليست كأجزاء. وهناك أمثله كثيرة على التوزيع الخاطئ للموارد البشرية في المؤسسات وما يتبع ذلك من عواقب سلبية (مثل افتقار بعض الإدارات للعدد الكافي، وزيادة عدد الموظفين في مواقع أخرى، وافتقار بعض الموظفين للحافز للقيام ببعض المهام التي لا تتناسب مع مؤهلاتهم).

4. إعادة هندسة الموارد البشرية Human Re-Engineering
تحديات جديدة في مجال إعادة توزيع الموظفين
New Challenges in the Area of Staff Redeployment

لقد وصلت مؤسسات الاتصالات إلى مرحلة البحث عن تغييرات استراتيجية للنمط التقليدي مثل: التوسع الأفقي والرأسي لخدماتها الموجودة، واستبدال التقنيات الموجودة أو تغييرها، وإدخال خدمات جديدة و / أو الاستغناء عن خدمات موجودة، وتحسين الإنتاجية، وغير ذلك. ولا يقتصر الأمر على ذلك بل يتعداه إلى رؤية المؤسسة كوحدة متكاملة (متضمنة الرؤية، والرسالة، ونظم الإدارة) تتعرض لعملية مراجعة وإعادة تصميم مستمرة (إعادة هندسة).

وضمن هذا السياق الجديد فان نظام إعادة توزيع الموظفين يتعرض لسلسلة من التحديات الجديدة. ويجب على برامج إعادة توزيع الموظفين أن تجد طريقة لخلق وحدة دائمة لإعادة توزيع الموظفين ضمن المؤسسة، وتلعب هذه الوحدة دورا لا يقبل الجدل في إدارة الموارد البشرية للمؤسسة.

إن عملية تناول المفاهيم المذكورة أعلاه والمتعلقة بإعادة توزيع الموظفين وتكيفها مع المتطلبات الجديدة للمؤسسة تبعا لإعادة هندسة الموارد البشرية يمكن أن تأخذ شكل نظام. حيث يتم وضع البرامج وتنفيذ الآليات اللازمة، مع التأكيد على إعادة التكيف المستمرة لسجل الموارد البشرية لتتلاءم مع حاجات المؤسسة الناتجة عن إدخال نماذج تنظيمية جديدة في قطاعاتها المختلفة.
ويبدأ نظام إعادة توزيع الموظفين من الموارد البشرية الموجودة حاليا في المؤسسة. ومن رؤية الوضع المستهدف (أهداف المؤسسة وخططها، التنبوء بالكادر المطلوب)، مع التطلع للتخطيط لتبديل مواقع مثالي للموارد البشرية الموجودة بشكل كامل. وفي هذه الطريقة لن يتم فقط توزيع الموارد البشرية طبقا لاحتياجات الشركة بل طبقا لتلك المجالات التي يمكن الاستفادة فيها من الإمكانات الفنية والبشرية إلى أقصى حد ممكن.

وتتطلب إعادة توجيه العنصر البشري أن يكتسب الموظفون أو يعدلوا في مجالات معينة من معارفهم ، وقدراتهم، ومواقفهم، ومهاراتهم، إذا ما أرادت مؤسسه الاتصالات تنفيذ رسالتها والحفاظ على تكيفها في بيئة تنافسية.

يتبين مما سبق أن إدارة إعادة توزيع الموظفين مرتبطة بالتخطيط للموارد البشرية للمؤسسة وأنشطة التطوير والتدريب. ويساعد التنسيق المستمر مع الإدارة المسؤولة عن تخطيط الكادر الوظيفي في تنفيذ برامج متوسطة الأمد لإعادة توزيع الموظفين والمصممة لتلبية متطلبات الموارد البشرية المتغيرة باستمرار، وذلك من خلال الاستخدام الأمثل للعنصر البشري المتوفر.

ولا يعتبر إنشاء وحدة خاصة لإعادة توزيع الموظفين في المؤسسة مبررا إلا إذا اعتبر هذا النشاط نظاما يعتمد على التخطيط المسبق. وتؤدي نشاطات إعادة توزيع الموظفين التي تنفذ لغرض خاص استجابة لحاجات أو للمشكلات ضمن قطاع ما، إلى برامج لحل مشكلات محددة على المدى القصير دون محاولة الاستخدام الأمثل للعنصر البشري في المؤسسة.

ولا تؤدي وحدة إعادة التدريب التي تعمل على أساس بيانات التنبوء بالموظفين القصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد إلى إيجاد حلول مناسبة للمشكلات، بل يؤكد على أن معظم هذه المشكلات لا تظهر من خلال توقع ظهورها والإعداد وتنفيذ برامج إعادة توزيع الموظفين الضرورية.

فإذا كان هناك تنسيق وثيق بين تخطيط الموظفين والتدريب وتطوير الموارد البشرية ونظام إعادة توزيع الموظفين، فان نظام إدارة الموارد البشرية سيتمكن من تحقيق أهم أهدافه الطموحة وهو التأكد من حصول المؤسسة على الكادر الوظيفي الذي تحتاجه من حيث العدد والمؤهل المناسب في الوقت المناسب.

إن التخطيط الصحيح لأنشـطة إعادة توزيع الموظفين كما هو الحال في أنشطة تطوير وتدريب الموارد البشرية يشكل الفرق بين وضع يمثل تزويد الخدمة المناسـبة في الوقت المناسب لباقي إدارات المؤسسة، وبين وضع "إطفاء النار" حيث تصبح الوظيفة الوحيدة هي التعامل مع مشكلات يومية.

5. إنشاء وحدة إعادة توزيع الموظفين في مؤسسة الاتصالات
Establishment of a Staff Redeployment Unit in a Telecommunication Entity

إذا أصبحت عملية إعادة توزيع الموظفين صفة دائمة للمؤسسة فانه يجب إنشاء وحدة خاصة لذلك الغرض.

من الأشياء الأولى التي يجب معرفتها عن هذه الوحدة رسالتها، وأهدافها العامة، والخاصة. ويتم بعد ذلك اتخاذ القرار المتعلق بموظفيها، ومن المهم تشكيل فريق يجمع خبرات ذات مدى واسع في مجالات التخطيط الفني وتخطيط الموظفين، والتوظيف والاختيار، وتصنيف الوظائف، وتطوير وتدريب الموارد البشرية. ولتنفيذ أنشطة إعادة توزيع الموظفين في المؤسسة بشكل شامل، يجب إنشاء نظم التشغيل والإجراءات اللازمة لتنفيذ وظائف وحدة إعادة توزيع الموظفين بشكل كفء وفعال، وتصميم العمليات المطلوب إدخالها إلى المؤسسة للتأكد من الإدارة المناسبة لإعادة توزيع الموظفين، وتدريب الموظفين الذين تم تعيينهم في الوحدة الجديدة لتطبيق الإجراءات الجديدة بدقة.

وباختصار يجب تنفيذ الأنشطة الأساسية التالية في المقام الأول:

1. وضع إطار عمل عام لوحدة إعادة توزيع الموظفين بحيث تقوم بتنفيذ أنشطتها طبقا لسياسات المؤسسة واستراتيجياتها.
2. وضع العمليات العامة التي يجب تنفيذها داخل المؤسسة للتأكد من الإدارة الملائمة لنظام إعادة توزيع الموظفين (التوافق مع نظم تخطيط أعمال المؤسسة، والإجراءات الإدارية، وانسياب المعلومات، وقنوات الاتصال وغير ذلك).
3. تصميم العمليات الإدارية المطلوب إدخالها إلى الوحدة المسؤولة عن إدارة الموارد البشرية داخل المؤسسة، بحيث يأتي نظام إدارة إعادة توزيع الموظفين كنظام فرعي ضمن "نظام إدارة الموارد البشرية".
4. تنظيم وحدة إعادة توزيع الموظفين ووضع نظم العمل والإجراءات الخاصة بها من وجهة نظر تمكنها من تنفيذ عملها بشكل دقيق وفعال.
5. توفير التدريب للموظفين المشاركين في إدارة إعادة توزيع الموظفين داخل المؤسسة على المستويين التشغيلي والتنظيمي للتأكد من التنفيذ الملائم للإجراءات الإدارية المتبعة.
6. وضع نظام إدارة إعادة توزيع الموظفين في التشغيل.

ويتوفر لدى الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) الموارد والخبرة الضرورية للعمل مع مؤسسات الاتصالات الإقليمية التي تهتم بتنفيذ مثل هذا المشروع. وقد يساعد الاتحاد الدولي للاتصالات مساعدة كبيره في تنفيذ هذه الأنشطة وتأخذ هذه المساعدة عدة أشكال منها تقديم النصيحة حول التخطيط ووضع هذه الخطط ضمن التشغيل، ووضع النظم وطرق أداء العمل المطلوب إدخالها، وتدريب الموظفين المعينين لتنفيذ هذه النشاطات، وتقديم المساعدة في أي مجال آخر مطلوب، مثل (افتقار معظم مؤسسات الاتصالات لوحدة تخطيط مختصة، مما يؤدي إلى إعاقة تنفيذ الموارد البشرية بشكل عام، ولأهداف نظام إعادة توزيع الموظفين بشكل خاص).

إن قسم إدارة تطوير الموارد البشرية والمكتب الإقليمي لدول أمريكا التابع للاتحاد الدولي للاتصالات مستعد لمساعدة المؤسسات المهتمة بتحضير وثائق المشروع وخطط العمل المخصصة لتلبية الاحتياجات الخاصة للمؤسسة، ومستعد أيضا للتعاون في تنفيذ أي أنشطة تعتبر ضرورية لتحسين نظام إدارة الموارد البشرية حاليا في مؤسسات الاتصالات.