تتجسد في العلامة التجارية سمعة المشروع ومكانته وجميع الجهود الإعلانية والدعائية وأعمال المسؤولية الإجتماعية المبذولة من قبل الشركة لترسيخ مكانتها في أذهان المستهلكين، وهي في كثيرٍ من الأحيان أكثر أصول الشركة أهميةً وقيمةً على الإطلاق، حيث أن قيمتها قد تفوق قيمة جميع أصول وموجودات الشركة الأخرى مجتمعة، ولا بد بالتالي من اختيارها بتأنٍ وحذر ووفق أسس سليمة وقواعد علمية مدروسة، تحقق للشركة الغاية المقصودة من علامتها التجارية.
إن عملية اختيار العلامة التجارية هي أحد أهم المراحل في حياتها على الإطلاق، إذ أنَّ أي خطأ يرتكب أثناء هذه المرحلة، قد يكون له عواقب يصعب تداركها، وسيترتب عليه ضرورة بذل جهود ونفقات كبيرة، في سبيل دعم العلامة المختارة بشكل خاطئ ومحاولة تجاوز ذلك الخطأ.


تحديد عناصر العلامة
تكمن الخطوة الأولى في عملية اختيار العلامة التجارية في معرفة العناصر التي ستتكون منها العلامة التي ترغب الشركة في استخدامها، هل هي كلمات، أم رسوم وشعارات، أم شكل السلعة ولونها، أم صوتها ورائحتها، فلكلِّ واحدٍ من هذه العناصر ميزاته وسلبياته، فاختلاف اللغة حاجزٌ يقف أمام اختيار الكلمات، في حين أن للون والرائحة طبيعة عالمية تتجاوز هذه الحواجز.




مراعاة قيم وتقاليد المجتمع
ولا بد أيضاً أثناء اختيارها من مراعاة قيم وتقاليد المجتمع الذي سيتم فيه تسويق المنتجات أو الخدمات التي تحملها، إذ أن لها دوراً كبيراً في مدى رواج وشهرة العلامة أو فشلها، فيجب تجنب العلامات المخالفة للآداب العامة، وتجنب الألوان التي قد تثير معانٍ غير محببة في نفوس الشعب.




تميُّز العلامة
لا بد من اختيار العلامة المتميزة، إذ أن العلامة الأشد تميزاً تنال قدراً أكبر من الحماية القانونية، فالعلامات التجارية تنقسم لناحية تميزها إلى خمسة أقسام، وهي مرتبة بحسب درجة تميزها إلى العلامات المبتكرة التي لا تحمل أي معنىً في اللغة، وتلك التحكمية ذات المعنى وإن كان لا يوجد أي علاقة بينه وبين المنتج (كعلامة Apple على أجهزة الحاسب)، ومن ثم الإيحائية التي توحي ببعض ميزات المنتج، والوصفية التي تصفه، وأخيراً العامة التي تشكل اسم المنتج ذاته في اللغة. فدرجة تميز العلامة تتحدد بموجب العلاقة فيما بينها وبين المنتج الذي سيحملها. فإذا كانت العلامة التجارية مستقلة كل الاستقلال عن المنتج، ولم يكن من الممكن عند سماعها معرفة ماهية المنتج، فهذا يعني أنها شديدة التميز، غير أنه من الضروري بذل جهود كبيرة لتسويقها من أجل ربطها في أذهان المستهلكين بالمنتج الذي سيحملها، وأما إن كانت العلامة هي اسم المنتج ذاته في اللغة، أو كان من السهولة بمكان معرفة المنتج عند سماعها، فهذا وإن كان يقلل من تكاليف التسويق بالنسبة لهذه العلامة، إلا أنها ستكون ضعيفة من ناحية الحماية القانونية.




ضرورة البحث
بعد اختيار العلامة لا بد من التحقق من أن هذه العلامة متاحة وغير مسجلة أو محمية لحساب شركة أو مؤسسة أخرى، لكي لا نتفاجئ بعد فترة من استخدام العلامة باستلام إنذار أو دعوى ضدنا بطلب التوقف عن استعمال العلامة التجارية، نظراً لكونها مملوكة من قبل الغير، وسيكلف ذلك الكثير من خسارة نفقات التسويق والإعلان، وتدمير جميع أغلفة المنتجات والمواد الدعائية والإعلانية والأوراق وجميع ما يحمل العلامة التجارية، فضلاً عن مصاريف الدعاوى والمحامين والتعويضات لمالك العلامة. ويمكن أن تتم عملية البحث في مكاتب العلامات التجارية، وعبر الانترنت والأدلة التجارية كدليل الصفحات الصفراء.
تسجيل العلامة التجارية




وأخيراً لا بد من تسجيل العلامة، إذ أنه يعطي صاحبها ميزات إضافية، كالحماية الجزائية وكون التسجيل دليلاً على الملكية، ويجب تسجيلها على جميع الفئات المنوي استخدامها عليها، وفي جميع الدول التي سيتم تسويق المنتج فيها، كما ويجب حمايتها عبر شبكة انترنت، من خلال تسجيلها كاسم مجالٍ (Domain Name) يحتوي عليها.




إن اتباع القواعد المذكورة، بعد استشارة المختصين، يمِّكن الشركات في عالمنا العربي من اختيار علامات تجارية تحقق لها المكانة التي ترمي إليها في الأسواق، وتصل بعلاماتها إلى رتبة العلامات التجارية الأكبر والأشهر عالمياً.