يميل العديد من روّاد الأعمال الذين ينشئون شركات صغيرة إلى تعيين الموظفين بسرعة وإلى التأني عند طردهم. فالميل إلى التحرّك بسرعة، إضافة إلى التعرّض للضغوط لتحقيق نمو مرتفع، تجعل القادة يلجؤون إلى الإسراع في تعيين موظفين جدد؛ بينما امتلاء الجدول الزمني لهؤلاء القادة بالمواعيد، ورغبتهم في تجنّب المصاعب، فضلاً عن المحادثات الغريبة تجعل هؤلاء القادة ذاتهم يُبطِئون في استبعاد الأشخاص ذوي الأداء الضعيف.


هذه الآلية المتّبعة قادت إحدى شركات وادي السيليكون في كاليفورنيا بأمريكا إلى موسم من النمو غير المضبوط الذي انتهى بفترة من عمليات التسريح الضخمة. الأمر كان مشابهاً من الناحية المؤسسية لعملية قلب مفتوح: فعوضاً عن الالتزام بقدر كافٍ من الانضباط للمحافظة على فريق رشيق يتمتّع بروح ريادة الأعمال، انتظر القادة حتى انسدّت شرايين المؤسسة واصبحت الأنظمة الرئيسية عاطلة عن العمل قبل أن يُخْضَعُوا الشركة بأكملها إلى جراحة تصحيحية شاملة.


ولكن في المقابل، كان لدينا شركة تضم 700 شخص وتبلغ إيراداتها أكثر من مليار دولار. أي أن نسبة الإيرادات التي يسهم كل موظف في تحقيقها للشركة هي رقم مذهل يبلغ 1,4 مليون دولار، وهي نسبة تحققت بهدوء وكما كان مخططاً لها.


عملت مؤخراً مع الرئيسة التنفيذية لهذه الشركة ومع 35 من كبار مدرائها التنفيذيين الذين كانوا راغبين بمناقشة كيفية تحقيق النمو مع المحافظة على فريق يضم العدد المناسب من الأعضاء ذوي الروح الريادية. وعندما طرحت عليهم فكرة التأني عند التوظيف والتعجيل عند طرد الموظفين، كان باعتقادي أن ذلك قد يبدو أمراً مستفزاً. ولكن حالما ذكرت الفكرة، قاطعتني الرئيسة التنفيذية بحماس وقالت: “نحن نعرف هذه الفكرة ونطبّقها منذ عشر سنوات!” وقد أشارت إلى أحد القادة الآخرين في الغرفة وقالت بأنه قد تعلّم ذلك من والده، الذي أدار شركة مزدهرة خلال فترة الكساد العظيم في أمريكا في ثلاثينيات القرن العشرين. وقد كان هذا المبدأ أساسياً جدّاً في نجاح الشركة.


في فترة تشهد نسبة بطالة عالية بين صفوف الشباب في أنحاء العالم، قد يبدو مبدأ التأني عند التوظيف والتعجيل عند طرد الموظفين أمراً ينتقص إلى الحساسية. بيد أنني مع الرأي القائل بأن هذه المقاربة فيها أكبر قدر من التعاطف مقارنة مع البدائل، لأسباب ثلاثة:


أولاً، ليس من المفيد لأي كان في هذا العالم إنشاء شركات متخمة بالموظفين وبيروقراطية سوف تتفكك ببطء. بل نحن بحاجة إلى شركات صحية تنمو وتكون قادرة على البقاء على المدى البعيد.
ثانياً، ليس من التعاطف في شيء التمسّك بموظف واحد بحيث نجعل بقية الفريق يعاني نتيجة لذلك. نحن بحاجة إلى فرق يمكن فيها لكل عضو أن يثق ببقية الأعضاء لكي نجزواً معاً عملاً عظيماً. فإذا ما بدا مبدأ “التأني عند التعيين والتعجيل عند طرد الموظفين” قاسياً أو عديم الرحمة، تخيلوا كم من القساوة بمكان جعل فريق كامل يصبح رهينة لشخص لم يمكن ينبغي تعيينه في وظيفته أصلاً. فالانتقاص إلى الشجاعة هو ليس ذاته امتلاك التعاطف.


ثالثاً، محاولة إكراه شخص على أن يكون ما لا يستطيع أن يكونه هي أمر لا مستدام ولا إنساني. كما أن إبقاء موظف في الدور الخاطئ وإعطاءه ذات التعليقات السلبية مراراً وتكراراً لا يساعده ولا يساعد الشركة. فبطبيعة الحال إذا كان بالإمكان نقل موظف غير ناجح إلى موقع أنسب ضمن الشركة، فيجب فعل ذلك. لكن عندما يكون المرء غير مناسب بحق، فإن نقله إلى موقع آخر ليس هو الحل، لأن ذلك بمثابة نقل للمشكلة إلى جزء آخر من البناء.

المصدر:
الاقتصادي الإمارات | تأنّوا عند تعيين الموظفين وأسرعوا عند طردهم (1/2)