تحليل وتقييم تشخيصي للوضع الراهن لإصلاح الإدارة العامة السورية
عبد الرحمن تيشوري
شهادة عليا بالادارة
المفهوم الاستراتيجي لإصلاح الإدارة العامة
لقد جرى تحديد قائمة شاملة بالمجالات التي يمكن أن تخضع للإصلاح أو لعمليات الإصلاح الإداري التي يفترضها هذا الإصلاح، في العديد من تقارير مشروع ISMF، وفي عقد الإطار الخاص بتحديث وزارة الصناعة، ومشروع التحديث المؤسساتي وبناء القدرات (IMCB) ومشروع تحديث الإدارة البلدية (MAM)، وكذلك من قبل الدكتورة نجوى قصاب حسن، إلخ. وقد جرى تعميق كل من الموضوعات المذكورة في البرامج المقترحة من خلال استراتيجية إصلاح الإدارة العامة.
وتقترح دراسة "كيف نحرك الجبل" ( دراسة مهمة وضعت من قبل خبراء فرنسيين )عدداً من مجالات إصلاح الإدارة العامة في سورية وتضع أسس برامج ومشاريع إصلاح الإدارة العامة الحالية:
1) الإدارة الاستراتيجية:
• إبعاد الدولة عن الوظائف الميدانية
• الفصل بين السياسة والسياسات والإدارة
• توسيع مزيج أدوات السياسات
• تعزيز دور المجتمع المدني والقطاع الخاص
2) البنية:
• تخفيف التراتبية وتخفيض حجم المؤسسات العامة
• الانتقال من التحكم التراتبي إلى العلاقات التعاقدية حيثما كان ذلك ممكناً
• تبني الأدوات الصحيحة في مجال اللامركزية وتفويض السلطات
• تشكيل وحدات لصياغة سياسات عالية الجودة في المركز
• تشجيع المنافسة الداخلية والخارجية
• تحضير المؤسسات التنفيذية لعملية تطبيق الإصلاح
3) الإدارة
• تخفيف بيروقراطية الإجراءات
• ضمان تخفيف الأعباء والتبسيط
• إدارة المساءلة والشفافية
• ترسيخ حالة الاهتمام بالتحسين المستمر
4) الموارد البشرية
• حل مشكلة العمالة الفائضة وتدني الأجور
• إعادة هيكلة هيئات الخدمة الحكومية في ضوء الطلب الفعلي وخيارات تفويض السلطات
• تبني المعايير المهنية الاحترافية في اختيار الموظفين الحكوميين وتعيينهم
• زيادة تركيز الإدارة على اختيار الكوادر وتطوير السيرة المهنية
• ضمان تطوير للموارد البشرية يتعدى مجرد القيام بالتدريب
لكن الجبال لا تتحرك. ويقول مثلٌ فرنسي "الجبال هي الوحيدة التي لا تلتقي"، وهذا يركز على فكرةٍ مفادها أن الناس (وفي حالتنا هذه الموظفين والمواطنين) يجب أن يكونوا في بؤرة الاهتمام. فمن خلال نشاطهم وحركيتهم، يكونون هم قاطرة الإصلاح. وبالتالي يجب اعتبار الإدارة العامة حصيلةً للأشخاص الذين هم فيها والذين يجعلونها تعمل. وذلك لأن الناس (رجالاً ونساءً)، في نهاية المطاف، هم الذين يعملون وينفذون ويقدمون ولا شك في أنهم هم أيضاً الذين يقاومون ويمانعون بطريقةٍ قد لا تكون منطقيةً أو منسجمةً في كثيرٍ من الأحوال.
إن لكل جبل جماله، وكذلك صعوباتٍ تعترض الوصول إلى قمته. بعض الجبال عالٍ وعر المسالك، وبعضها يحوي تشكيلةً من المناطق المناخية تتدرج من مناخ الغابة الاستوائية المطيرة عند سفوحه إلى منطقةٍ باردة عارية عند قمته المكسوة بالثلوج والتي تعلو فوق حدود منطقة الأشجار. وبمجرد تطبيق هذه الصورة على إصلاح الإدارة العامة يصبح مفهوماً تماماً بالنسبة للكثيرين أن ما من حلٍّ يناسب جميع الأوضاع وأن لكل بلد (بل لكل منطقةٍ في البلد الواحد أحياناً) ما يوجب عليه معالجة مشاكله الخاصة بطريقته وإيجاد الحلول الملائمة التي تناسب السياق التاريخي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، وكذلك الوضع الراهن. وبالنتيجة، فليس من الاستثناء في شيء أن يضع الاتحاد الأوروبي، في سعيه إلى إشاعة الانسجام بين الأنظمة والتعليمات النافذة في دوله الأعضاء، " Acquis Communautaire" يقع في أكثر من 120000 صفحة. لكن هذه الأنظمة التي يتعين على الدول الأعضاء تبنيها لا تنظم كيفية ترتيب هذه الدول لإداراتها العامة وكيفية إدارتها لتنميتها المحلية، أو إقامة الأقاليم والمناطق التي تدير نفسها بنفسها. ففي هذه المجالات الخاصة، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تحقيق قيمه المشتركة القائمة على مبادئ العدل والإنصاف والتمثيل المتكافئ والإدارة المحلية، أي تقديم الخدمات على أدنى المستويات الإدارية الممكنة، والشفافية، والكفاءة المالية، والحركية وقابلية التبادل، والمحاسبة.
وقد يكون من المقنع بيان كيف تختلف البلدان عن بعضها البعض من حيث الترتيبات الإدارية. فعلى سبيل المثال، يجري تنظيم الشرطة أحياناً ضمن إطار وزارة الداخلية، وأحياناً ضمن وزارة العدل وفي بعض البلدان وزاراتٌ مركزيةٌ صغيرة، في حين تتولى باقي العمل الحكومي جهاتٌ خاضعةٌ للمحاسبة تناط بها وظائف محددة (مثل القضاء الإداري، أو التفتيش الصحي، أو خدمات سوق العمل، أو إدارة السجون، إلخ). أما في بلدانٍ أخرى فتظل هذه الخدمات كلها ضمن الوزارة وتكون من حيث المبدأ خاضعةً للوزير على نحوٍ دائم. وقد تفيد الإحالة أيضاً إلى وثائق معيارية لمنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، وهي متوفرة بالإنكليزية والفرنسية.
وبكلامٍ آخر، نقول إن تناولاً أكثر واقعية لإصلاح الإدارة العامة يمكن أن يسمح للمرء بإدراك أنه، ومع وجود جبالٍ جميلةٍ في كثيرٍ من البلدان، فإن الناس يتسلقونها ويقهرون قممها، وإن يكن ذلك "خطوة فخطوة". ومن المفيد أن يكون لدينا في البداية ما يمكن تشبيهه "بصورة من الطائرة" بشأن القضايا التي تتسم بقدرٍ من التعقيد. ومن المفيد أيضاً أن ينظر المرء إلى المشهد من مسافةٍ كافية قبل الدخول فيه. لكن، وحتى يضع المرء قدمه على القمة، فإن بلوغها يحتاج طريقاً محدداً، وخطةً زمنية، وأدوات مناسبة ومعداتٍ داعمة، وكذلك إجراءات الأمان والسلامة، ومنهجية للتقدم خطوة فخطوة (وهي لازمةٌ حرفياً في هذه الحالة).
وثمة سؤالٌ آخر لابد من معالجته عند إطلاق برنامج بعيد المدى من أجل إصلاح الإدارة العامة بحيث تكون نتائجه مستدامةً ويتمتع بالمرونة الكافية لتجاوز العقبات التي لا يمكن تجنبها حتى لا تتوقف العملية كلها. والسؤال هو هل يكون برنامج إصلاح الإدارة العامة مجرد حصيلة لعددٍ كبير من القرارات الصغيرة والكبيرة الخاصة بالإصلاح والتحديث، أم يكون حصيلة مجموعة من الاحتياجات العامة المتعلقة بعمليات تتخلل القطاعات كلها ثم تجري ترجمته إلى تدابير مختلفة في الأوقات المختلفة.
يجب أن يخضع هذا السؤال إلى مزيدٍ من النقاش، وهذا لا يمكن أن يكون هدفاً لهذه المهمة وحدها، كما لا يمكن لفريقٍ صغير من الخبراء أن يتحمل مسؤولية اتخاذ القرار وحيداً "وبمعزلٍ عن غيره"، من غير إجراء مداولات مكثفة مع لجنة إصلاح الإدارة العامة في رئاسة مجلس الوزراء، ومن غير مشاركة كبار الموظفين والشركاء المعنيين وممثلي المجتمع المدني مثل كبار الأكاديميين والاختصاصيين والممثلين المنتخبين على المستويين المحلي والوطني.
أما نطاق هذه المهمة القصيرة نسبياً (صياغة استراتيجية شاملة وخطة عامة لإصلاح الإدارة العامة) فهو لا يسمح بإجراء عملية تشاور شاملة، إذ أنها محكومةٌ بحدودها.
وحتى يتم اتخاذ قرار بشأن برنامج شامل لإصلاح الإدارة العامة، وإطلاق هذا البرنامج، تحتاج الحكومة إلى الشروع في مداولاتٍ حسنة الإدارة، إضافةً إلى عملية توعية ونشر للمعلومات. وعلى الاتحاد الأوروبي (من خلال ISMF وغيره من المشاريع التي يدعمها مانحون مختلفون)، أن يستعد لتقديم الدعم الفني لهذه العملية خلال عام 2007، وذلك إعداداً لإطلاق برنامج إصلاح الإدارة العامة في فترة 2010 – 2013

اولويات لاصلاح الادارة العامة السورية

• تركيز على المواطن وقدر أكبر من اللامركزية
• الوصول إلى المستويات العالمية للإدارة العامة
• .. تحقيق المهنية في الإدارة العامة
• . تعزيز كفاءة الإدارة العامة
• . المزيد من تنطوير استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
• إدارة وتنسيق إصلاح الإدارة العامة من قبل مركز واحد في قمة الهرم الحكومي

• إعادة هيكلة الإدارة المركزية لإيجاد هيكليات إدارية تكلف بمهام محددة بما يسمح بالتفويض الفعال للصلاحيات وبتقييم الأداء من حيث الجودة والكفاءة
• إعادة تعريف دور الإدارة العامة بصفته مؤلفاً من صياغة السياسات والتنظيم العام وتوفير الخدمات بما يدعم اقتصاد السوق
• تشجيع ثقافة في الإدارة العامة تقوم على الأداء سواءٌ على المستوى الفردي أو على مستوى المجموعة
• توضيح المهام الخاصة بالسياسات، والصلاحيات القانونية، والمسؤوليات العملية الخاصة بمختلف الجهات الحكومية مع الاهتمام بتجنب تشابك الصلاحيات وتكرار العمل من قبل أكثر من جهة
• إجراء تقييم شامل للقوانين والأنظمة كما وردت بغية التحقق من اتساقها، وبغية تبسيطها وإعادة كتابتها بلغةٍ واضحة
• الاعتراف بالمواهب وتشجيعها من خلال اتخاذ قرارات الترقية وزيادة الرواتب اعتماداً على الاستحقاق فقط
• رفع كفاءة العاملين عبر التدريب
• إعادة النظر في نظام الرواتب لزيادة راتب الأساس واعتماد الحوافز مقابل الأداء الجيد
• تطوير نقاط الاتصال مع القطاعات غير الحكومية، ومع المواطنين عامةً
• التوسع في استخدام المعلوماتية بغية التوصل إلى تنسيقٍ أفضل، وإلى إدارة عامة فعالة مرنة وحسنة الاستجابة
• تحسين الدعم الإداري وتخطيط السياسات لتعزيز عمل الوزراء
• اعادة تقييم تجربة المعهد الوطني للادارة لجهة استثمار الخريجين واعادة الحافز واعادة النظر بارتباط المعهد