الجودة في الإسلام:

الجودة ـ وإن طور الغرب أسسها الحديثة كما نراها في عصرنا ـ فقد جاء بها ديننا الحنيف منذ 14 قرنًا، وحث عليها في نصوص كثيرة؛ فهذا سيدنا يوسف عليه السلام لما اصطفاه الملك، طلب منه أن يوليه خزائن مصر، لأنه أدرى وأقدر على إجادة عمله وعبر عن ذلك بصفتي الحفظ والعلم، كأساس لنجاح عمله وسبب لجودته وإتقانه، قال تعالى (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) يوسف: 55.

وأورد سبحانه في آية أخرى أهمية التحلي بصفتي القوة والأمانة في كل من يسند إليه عمل قال تعالى: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ ) القصص:26، ومدار هاتين الصفتين يدور حول إحسان العمل وإجادته، وقال تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) الملك:2، فالعبرة ليست بكثرة العمل بقدر ماهي بحسنه، بل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالإتقان وحث عليه حين قال: (رحم الله عبدا عمل عملا فأتقنه) رواه البيهقي، وقال صلى الله عليه وسلم (إن الله كتب الإحسان على كل شيء) رواه مسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)، وهكذا نرى أن الإسلام لم يدع فقط إلى العمل، بل دعا إلى إتقانه وإجادته.