ضمت فرنسا أفضل مجموعة من اللاعبين في فريقها أثناء بطولة كأس العالم 2010. مما انعكس على معنويات الجمهور الذي توقع أداء مميزاً من الفريق. لكن، بالرغم من وجود عدد كبير من الموهوبين إلا أن النتائج كانت كارثية. فقد عانى الفريق من المشاحنات الداخلية بين أعضائه، وبالتالي فشل في تحقيق الفوز والانتقال إلى المرحلة الثانية من البطولة.
ويعتقد البعض، سواء في الفرق الرياضية أو المؤسسية، أن جمع أكبر عدد من المواهب في الفريق سيؤدي إلى أفضل النتائج حتماً. لكن في الواقع، قد لا تؤدي كثرة المواهب إلا إلى احتدام المنافسة بين أعضاء الفريق على نحو سلبي، وبالتالي تقل جودة الأداء، لاسيما عندما يتطلب الأمر تعاوناً وتنسيقاً عاليين فيما بينهم.
أثر كثرة الموهوبين في فريق العمل: عمد فريق من الباحثين في جامعة (إنسياد-INSEAD) إلى دراسة العلاقة بين كثرة المواهب في الفريق الواحد وانخفاض مستوى الأداء. وافترض الباحثون أن إضافة أفراد موهوبين إلى الفريق يعزز من أدائهم في البداية، لكن سرعان ما ستبدأ فوائد ضم نجم جديد للمجموعة بالاندثار، لتحل محلها سلبيات ذلك، وتؤثر على الفريق كله.
علاوة على ذلك، افترض الباحثون أيضاً، أن أثر كثرة الموهوبين قد يحدث في الفرق التي تتطلب مستويات مرتفعة من ترابط المهمات، وليس في الفرق التي يعمل فيها الأفراد باستقلالية. وقد تم اختبار هذه النظريات على أشهر الرياضات في العالم مثل: كرة القدم، وكرة السلة، والبيسبول.
الموهبة تقلل من تعاون الفريق: فحص الباحثون البيانات المأخوذة من منتخبات كرة القدم خلال تصفيات كأس العالم في جنوب أفريقيا 2010، وكأس العالم 2014 في البرازيل، ووجدوا أن العلاقة بين الموهبة وأداء الفريق كانت إيجابية إجمالاً. غير أن إيجابيات المواهب سرعان ما تتحول إلى سلبيات.
كما أنهم حصلوا على نتيجة مشابهة عندما اختبروا نظريتهم في الرابطة الوطنية لكرة السلة في أميركا، حيث يتم توثيق أداء الفرق على أرض الملعب. واستخدم الباحثون بيانات المباريات الموسمية لجميع فرق الرابطة بين 2002-2012، ووجدوا مرة أخرى أن أثر كثرة المواهب ينطبق على هذه الحالة أيضاً؛ فالفرق التي تحتوي على أفضل اللاعبين الموهوبين، كان أداؤها هو الأسوأ. علاوة على ذلك، وجدوا أن هذا التأثير ظهر بسبب فشل أفراد الفرق في التنسيق فيما بينهم أثناء اللعب.
كيف تدير العبء الناتج عن الموهبة؟
إن ما سبق ذكره ينطبق أيضاً على الشركات؛ فعندما تريد توظيف شخص في إحدى فرق العمل التي تتصف بترابط أقل، وتتطلب تنسيقاً منخفضاً كفريق المبيعات على سبيل المثال، فإن تعيين أفراد موهوبين سيكون استراتيجية جيدة، وذلك لأن أفراد الفريق لن يعملوا سوياً. لكن، إن احتاج الفريق إلى مستويات مرتفعة من الترابط والتنسيق، فليس من الجيد توظيف مجموعة من الموهوبين، لأن هذا قد يقطع التواصل فيما بينهم. ويكمن الحل عندئذ في تعيين عدد أقل من المواهب، وهذا ما فعله مدربو الأرجنتين وفرنسا في كأس العالم 2014؛ فقد قررا عدم اختيار لاعبين موهوبين مثل: كارلوس تيفيس، وسمير نصري.
ومن الخيارات المطروحة لحل هذه المشكلة، الاستثمار في تدريب أعضاء الفريق على كيفية التنسيق بفعالية في الحالات المختلفة. فاتباع الأسلوب الهرمي وتشكيل وتحديد الأدوار والمسؤوليات، يزود أعضاء الفريق برؤية واضحة عن الأمور التي يجب أن يتمكنوا من إنجازها بالتنسيق فيما بينهم، من دون التركيز على تحقيق مكانة أفضل من أعضاء المجموعة الآخرين.