لا تقرأ هذا المقال إن كنت من الأشخاص الذين يفضلون الاستثمار في التجارة الآمنة، ولكن إن كنت تتمتع بشغف المجازفة، وتعشق تشويق المطاردة، وتعتقد بأنه مصدر لتحقيق الربح المادي، فأكمل القراءة. فلا شيء يضاهي إثارة فوز حصانك في السباق، سواء كنت مالكه الوحيد أو ضمن مجموعة من المالكين، فحماس التشجيع ورؤية حصانك وهو يحتل المركز الأول شعور مذهل.
لا يوجد شعور يضاهي شعور الحماس والترقب الذي تشعر به وأنت جالس على المدرج قبل بدء سباق الفروسية في حلبة سباق (أسكوت الملكي- Royal Ascot) وبحضور ملكة إنجلترا اليزابيث الثانية، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، على بعد خطوات قليلة منك.
إن امتلاك فرس جيد سيجعلك تتنقل حول العالم لتشارك في سباقات الفروسية في أماكن مثل هونغ كونغ والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا، وفي دولة كقطر أصبح سباق الخيول رياضةً عالمية حيث ارتفعت نسبة مشاركاتها في مثل هذه السباقات. إضافة الى ذلك، يُدخلك سباق الخيول إلى عالم جديد كليّاً يحوي جميع أنماط الناس؛ فقد تجد فيه مديراً تنفيذياً أو مدير فريق كرة قدم أو محامياً أو طبيباً يجمعهم شغف واحد.
إن نادياً كنادي (هايكلير- Highclere) من أحد أشهر نوادي أوروبا المعروفة بالخيول الأصيلة، ويضم هذا النادي عدداً من مالكي الخيول ذوي المكانة مثل السير أليكس فيرغسون المدير المتقاعد لنادي (مانشستر يونايتد) لكرة القدم. ويدير هذا النادي 7 أبطال منذ تأسيسه في 1992، فهو يدير الحصان البطل هاربينغر الذي صُنِّف كأفضل الخيول في التدريب في العالم، وفاز في سباق (الملك جورج السادس والملكة اليزابيث-King George VI and Queen Elizabeth Stake) عام 2010. وبعد أن عانى الحصان هاربينغر إصابةً أنهت مسيرته الرياضية، تم بيعه بعد 10 أيام لليابان لاستخدامه لأغراض التكاثر، وقد جنى مالكو هاربينغر الاثنا عشر المشتركون في رابطة (أدميرال روس-Admiral Rous) أرباحاً ضخمة من بيعه.
ويدير نادي (هايكلير) أيضاً الحصان موتيفيتور الذي فاز في سباق (ديربي-Derby) عــام 2005 لصالح الرابطة التي تملكـــــه (نادي رويال آسكوت-Royal Ascot Racing Club)، وقد تم شراؤه بمبلغ 127.900 دولار في خريف عام 2003 وبيع بمبلغ 9.7 مليون دولار عند نهاية مسيرته عام 2005.
إذن، من الممكن جني الأرباح الضخمة من هذه الرياضة. ولكن، من غير المتوقع أن يفوز الحصان وأن يتم جني الأرباح منه في كل عام، وهذ هي الحقيقة التي يؤمن بها أصحاب الخيول الفائزة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن نادي (هايكلير) لم يبع أي حصة من أسهم الرابطات لغايات الاستثمار البحت.

رياضة الملوك
يجب أن يكون الأشخاص الذين يتدارسون فكرة الاستثمار في خيول السباق حذرين، فالمشاركة في ملكية هذا النوع من الخيول هو خيار متعلق بنوع الحياة؛ فقد تناسى العديد من مالكي خيول السباق فكرة الاستثمار في هذا المجال بمجرد انضمامهم إليه، ولكن قد يسعفك الحظ لتجني الكثير من الأرباح من هذه التجارة. وهناك طريقتان تمكنانك من الدخول إلى عالم الاستثمار في مجال خيول السباق، وهي شراء فرس؛ فأول خطوة وأكثرها تكلفة هي أن تشتري فرساً خاصاً بك لاسيما خلال موسم بيع الخيول ذات العام الواحد، ويبدأ الموسم في شهر أغسطس/آب في منطقة دوفيل في فرنسا، وينتهي ببيع أفضل الخيول في أواخر شهر أكتوبر/تشرين أول في (تاترسالز-Tattersals) في نيوماركت، إنجلترا. وقد يحتاج المالكون المرتقبون إلى توظيف وكيل للخيول الأصيلة ليتمكن من التعرف إلى الخيول التي تملك القدرة لأن تصبح من أفضل خيول السباقات وأن يقدّم النصح بشأنها وليتعرف أيضاً على الخيول التي لها القدرة على إنجاب خيول سباق قوية عندما يكون الهدف من الاستثمار هو تربية الخيول لتتكاثر. وقد يتقاضى وكيل الخيول %5 من قيمة الحصان الذي يتم شراؤه.
وبلغ معدل ثمن الحصان ذو العام الواحد من العمر في موسم البيع في تاتيرسالز العام الماضي 119 ألف دولار تقريباً، كما بلغت تكلفة إبقائه في التدريب حوالي 49 ألف دولار للعام. وعليه، يجب أن تخطط لإنفاق 166 ألف دولار قبل أن ترى حصانك يسابق في المضمار.

الانضمام إلى رابطة؛ هذه هي الطريقة الثانية، فبدلاً من أن تنفذ الخطوة الأولى بمفردك، يمكنك أن تنفق جزءاً من قيمة الحصان بانضمامك إلى رابطة خاصة بهذا النوع من السباقات. ففي نادي (هايكلير) مثلاً، تتراوح حصة المساهمة في حصانين بين 26 ألف دولار و60 ألف دولار. وعلى سبيل المثال، سيمنحك شراء حصة من رابطة (سانت جايمس بالاس- St. James Palace) هذا العام أنت وشركاؤك من المالكين حصانين تم شراء الواحد منهما بمبلغ 170.500 دولار. وسيدرب هذين الحصانين نخبةٌ من مدربي أبطال السباقات وهما السير مايكل ستاوت وريتشارد هانون. ويبلغ سعر الحصة في هذه الرابطة 29.150 ألف دولار، وهو مبلغ يسير تدفعه مقابل امتلاك حصانين بدلاً من حصان واحد تبلغ كلفته أضعاف هذا المبلغ.
وجون وارين هو الشخص الذي يشتري جميع الخيول الخاصة بنادي (هايكلير) وهو أيضاً مستشار الملكة إليزابيث الثانية في مجال الخيول لاسيما أنه من الضروري تجربة الخيول قبل شرائها والتأكد من أصالتها. ولأن جون وارين يتمتع بقدرة النظر إلى الخيول صغيرة السن ومعرفة ما إذا كانت ستبدع في السباقات أم لا ، فهو يعد من الأشخاص المتميزين في هذا المجال.
ويأتي الجزء المشوق بعد التدريب ألا وهو السباق، حيث يرافق أصحاب الخيول عضواً من أعضاء نادي (هايكلير) إلى حلبة الإحماء لمناقشة خطط السباق مع المدرب والفارس. وسيطغى شعور التوتر والترقب قبل بداية السباق، وأثناء نقل الخيول إلى أماكن الانطلاق، وستنشغل بالتفكير في أمر واحد فقط عند فتح البوابات وانطلاق الخيول وهو أن يجري حصانك بشكل ممتاز. إضافة إلى ذلك، سيرتفع مستوى الحماس وسيصل إلى الذروة حيث سيبدأ أصحاب الخيول بالهتاف، وإن أسعفك الحظ وفاز حصانك فستبدأ الاحتفالات فور استقبالك للحصان وفارسه وذلك قبل أن تستمع لتعليقات الفارس حول أداء الحصان. وستنتشر الاحتفالات وتنتقل إلى مضمار السباق.

رياضة الملوك
أما فيما يتعلق بالجائزة، فيتم توزيعها على أول 4 أحصنة في السباق، وفي حال كان المبلغ ضخماً فسيتم توزيعه على أول 10 خيول. وتبلغ قيمة جائزة سباق (ديربي) الأكثر شهرة في العالم 1.6 مليون دولار، وهي القيمة الأعلى على الإطلاق مقارنة بالسباقات الأخرى في إنجلترا. وترتفع قيمة الحصان الفائز بشكل سريع، لاسيما عندما يصبح من الخيول التي تصلح لتربيتها لغايات التكاثر.

من المهم جداً عند بدء الاستثمار في الخيل أن تبحث عن المدرب المناسب لنوع حصانك، فلكل مدرب طريقة مختلفة في التدريب؛ فالبعض صبور والبعض الآخر يتبع أساليب تدريب متشددة. فإن كان حصانك من سلالة متوسطة القدرات، وكنت ترغب في تدريبه ليصلح لسباقات الـ(ديربي) فعليك أن تأتي بمدرب من النوع الأول، أما إذا كان حصانك من سلالة قوية وجاهزاً للسباقات الكبيرة فعليك أن تأتي بمدرب من النوع الثاني. ويعد التواصل من الطرق المهمة لمضاعفة استثمارك في هذا المجال، ولكن غالباً ما يفتقد المدربون هذه الخصلة. ونفخر في نادي (هايكلير) بإبقاء مالك الحصان مطلعاً على أحدث التطورات، كما أننا نتيح له زيارة الاسطبلات في نيوماركت ولامبورن. ويمكن لمالكي نيوماركت البقاء في (نادي الفرسان-Jockey Club Rooms) حيث سينضم إليهم المدربون لتناول العشاء قبل الذهاب لرؤية الخيول في الصباح التالي.
ونصيحتي لك هي أن لا تخشى من بيع حصانك في الوقت المناسب فالسوق يكون شديد الحيوية عندما يتعلق الأمر بالخيول عالية المستوى، لاسيما المدربة في أماكن مثل هونغ كونغ ودبي. وغالباً ما يمتنع أصحاب الخيول من بيعها لتعلقهم الشديد بها بالرغم من عرض مبالغ طائلة بالمقابل. ولكننا في (هايكلير) ننظر للأمور من منظور تجاري، فنحن على وعي تام بأن مالكي الخيول يأتون للاستمتاع بهذه الرياضة وكل ما يتعلق بها. ولاشك بأن أفضل وقت لبيع الحصان هو عندما يبدأ بربح السباقات وترتفع فرص وصوله إلى أعلى الدرجات.
وفي المحصلة، هذه الرياضة لا تناسب من يريد الاستثمار دون هدف الاستمتاع بها، فهي رياضة تنطوي على درجة كبيرة من المجازفة، لاسيما أن الخيول من الحيوانات الحساسة التي قد تعاني إصابات تمنعها من خوض السباقات لفترة من الوقت، ولكن وبفضل تقنيات الطب البيطري الحديث أصبح بالإمكان التقليل من هذه الخطورة، ولكن ليس منعها فهذه هي سنة الحياة. بالإضافة إلى ذلك، تنطوي رياضة سباق الخيول على مجازفة من نوع آخر، وهي أن عدداً قليلاً جداً من الخيول تتمكن من الوصول إلى القمة في حين توجد آلاف الخيول التي لم تفز بأي سباق طوال حياتها. ولكن يبقى التشويق الناتج عن السباق المحفز الأساسي للكثيرين ليستثمروا في هذا المجال. أما بالنسبة لضعيفي القلوب فهذه الرياضة غير مناسبة لهم؛ فالمجازفة التي تنطوي عليها تحتاج إلى من يتحمل وطأة الخسارة تماماً كما يحتمل الفوز.