أدرك الموظفون التنفيذيون في شركة "تاوباو" الصينية، أن الشركة لن تتمكن من منافسة "إي باي" بشكل مباشر في السوق. لذلك، بدلاً من المنافسة المباشرة عمدت "تاوباو" إلى التركيز على جانب ناشئ من هذا السوق، وهو عملاء المزاد الإلكتروني، أي الأشخاص الذين يتصيدون المنتجات الاستهلاكية والملابس.
هل تخطط لإنشاء شركة إلكترونية؟ هل أحبطك وجود شركات ضخمة في هذا المجال تسيطر على كيفية سير الأمور في السوق؟ لا تشعر بالإحباط، إذ بإمكانك منافسة مثل هذه الشركات والتغلب عليها أيضاً، من خلال استغلال نقاط ضعفها، فالمؤسسات العملاقة تعاني من ثغرات عدة، قد تتسبب بتحويل أي مصدر يجلب الأرباح إلى مصدر للخسارة.
لكن، ما طبيعة هذه الثغرات؟
تستمد الشركات الإلكترونية الضخمة، مثل: (إي باي-eBay) ميزاتها من استراتيجية "تأثير الشبكة"، ومعناها: الأرباح المصاحبة لأعداد المشتركين في شبكة الشركة الإلكترونية. فكلما زاد عدد مستخدمي المنتج أو المنتفعين من الخدمة، زادت قيمة ذلك المنتج أو الخدمة إليهم. وبمعنى آخر، يتناسب "تأثير الشبكة" مع حجم الطلب في السوق، وتعتمد على ذلك قدرة الشركة في الوصول إلى جموع المستهلكين المهمين، وهم أول من يستخدم المنتجات أو الخدمات الجديدة.
وبالرغم من نمو حجم الشبكات، إلا أن توزيع الأرباح على الأعضاء ليس متساوياً دائماً، إذ يحصل بعضهم على أرباح عالية، في حين يحصل آخرون على جزء يسير منها. والأسوأ من هذا هو احتمال تجزئة وتقسيم الشبكة إلى مجموعات تحقق الربح فقط، في حال استهدفت الشركة توجهاً معيناً. وهذا يعني أن حجم الشركة مهما كان كبيراً، لا يضمن تزويد كل مجموعة من مجموعات الشبكة بأرباح كبيرة.
وهنا تظهر نقطة الضعف التي قد توفر نافذة للشركات الحديثة أو الصغيرة، كي تستولي على جزء من السوق التي تسيطر عليها إحدى الشركات الضخمة.
وهذا ما حصل فعلاً بين شركتي: "إي باي" وموقع (تاوباو-Taobao) التابع لشركة "علي بابا" في الصين. فقد ذكر كل من: هانا هالابورد، وفيليكس اوبيهولزر في كتابهما: (حدود المقياس-Limits of Scale)، الذي نشر في إبريل/نيسان 2014 في مجلة هارفارد لإدارة الأعمال، أن دخول "إي باي" لأول مرة إلى سوق الصين، كان في بداية ظهور التجارة الإلكترونية. وبفضل تأثير الشبكة القوي، تطورت منصة الشركة بشكل متزايد، وصار الموقع جذاباً أكثر لشراء المنتجات التكنولوجية."
ويقول الكاتبان: "أدرك الموظفون التنفيذيون في شركة "تاوباو" الصينية، أن الشركة لن تتمكن من منافسة "إي باي" بشكل مباشر في السوق. لذلك، بدلاً من المنافسة المباشرة عمدت "تاوباو" إلى التركيز على جانب ناشئ من هذا السوق، وهو عملاء المزاد الإلكتروني، أي الأشخاص الذين يتصيدون المنتجات الاستهلاكية والملابس. وبالرغم من أن "اي باي" تتمتع بموقع قيادي من حيث مجموع حصصها السوقية، إلا أن أسهمها في هذا الجزء الناشئ- الذي أصبح يسيطر على التجارة الإلكترونية في الصين- كانت أقل بكثير من أن تساعدها في فرض هيمنتها على السوق. علاوة على ذلك، لم يساعدها موقعها القيادي في مجال بيع الأجهزة التكنولوجية، على جذب العملاء الذين يسعون إلى شراء الملابس؛ فهؤلاء يهتمون فقط إن كان متابعو الموضة الآخرون يستخدمون الموقع أم لا." وبناء على ذلك، تصنف شركة "علي بابا" اليوم، ضمن أكثر بائعي التجزئة عبر الإنترنت شهرة في العالم.
أما العبرة المستفادة مما سبق، فهي كالآتي: لا تحاول منافسة الشركات الإلكترونية العملاقة على نحو مباشر، بل ركز على الأجزاء الناشئة من السوق، التي تملك منها الشركات العملاقة حصة صغيرة جداً.