في العمل في مجال الحاسوب تكون هُناك الحاجة المستمرة لعمل تجارب عدة، سواءً كانت تجربة عتاد جديد، أو طريقة توصيل جديدة، أو تجربة برامج، لكن هل مصير كل هذه التجارب النجاح؟ طبعاً لا، لكن ماذا نستفيد من التجارب الفاشلة؟
للتجارب الفاشلة أهمية كبيرة مثلها مثل التجارب الناجحة، مثلاً إذا اسند لشخص تجربة تثبيت برنامج وتجربته وهل هو مناسب مع هذه المؤسسة أم لا، فيمكنه البدء في التجارب لتثبيت النظام، ثم تجربة تشغيله عند نجاح الخطوة اﻷولى، لكن إذا فشلت الخطوة اﻷولى (تثبيت النظام) فبالتالي سوف لن تكون هُناك نتائج من الخطوة الثانية (تجربة النظام)، عندها يمكن أن يكون هناك تفرع في الموضوع: ١. تكون النتيجة هي الحكم المسبق لتجربة النظام، حيث أن نظام صعب التثبيت لا يمكن أن يكون نظاماً ناجحاً. ٢. الشخص الذي قام بمحاولة التثبيت فشل في تثبيته، المشكلة ليست في النظام، لكن في الشخص أو البيئة التي حاول تثبيت النظام فيها. اذكر مرة أني حاولت تثبيت برنامج WordPress في وندوز، وجلست ساعة احاول تثبيت MySQL ثم PHP ثم ربط PHP مع MySQL ثم محاولة تشغيل برنامج WordPress وكلها باءت بالفشل، فقررت تثبيته في لينكس، وبعد ١٠ دقائق تقريباً عمل النظام بكل سهولة.
تجربة أخرى كانت محاولة تجربة تثبيت نظام Gitlab للتحكم في المصادر، وقد وجدت هذه الصفحة تشرح تثبيت النظام في لينكس. وهي طريقة طويلة وتحتاج لعدد كبير من البرامج، مثلاً تحتاج لبايثون، وروبي، و NGNX و Git و MySQL وتحتاج لنُسخ معينة من هذه البرامج (هذا يجعلني لا أحب البرمجة باللغات التي تعتمد على مفسر بل مترجم يقوم بتحويل البرنامج إلى ملف تنفيذي لا يحتاج لبرنامج آخر ليعمل) وفي النهاية وبعد محاولات كثيرة باءت التجربة بالفشل، وتسببت في تغييرإعدادات برامج كُنت أعتمد عليها منها Git. حكمت على هذا المُنتج بالفشل بسبب طريقة اعتماده على غيره من البرامج والحزم والمكتبات بطريقة مخيفة، مثلاً تخيل أن التجربة نجحت في تثبيت النظام – لا قدر الله- ثم اعتمدنا على هذا المُنتج، ثم قُمنا بالترقية إلى نُسخة جديدة من نظام لينكس الذي تعتمد عليه في المخدم مثلاً، وتغيرت معها نُسخ البرامج التي يحتاجها برنامج GitLab، فيُمكن أن يُسبب هذا توقف عمل النظام الذي اعتمدنا عليه. فكان القرار بعد هذا الفشل في تثبيت هذا النظام هو استخدام نظام تحكم في المصادر بديل وهو subversion وهو بسيط ويعتمد على مخدم apache http فقط ولا يحتاج لإضافات أخرى، وطريقة تثبيته يُمكن حفظها، مثل هذا النظام البسيط يُمكن الإعتماد عليه (مع أن إمكاناته أقل) لكن يكون أكثر إعتماديه و أطول عمراً لبساطته.
الخلاصة في أننا نحتاج لمثل هذه التجارب الفاشلة لتضييق الخيارات، ويُمكن أن تكون التجربة الفاشلة هي تجربة ناجحة إذا تمت بطريقة صحيحة، مثلاً تمت التجربة وفق بيئة مناسبة، ووفق خبرة كافية، وتمت في النهاية كتابة توصيات أو توثيق، حتى لا يقوم من يُريد عمل هذه التجارب البداية من الصفر، يكفيه مثلاً قراءة خلاصة زميله الذي قام بالتجربة فيتوقف عنها، أو يقوم بها بطريقة أخرى، وهذا يوفر وقت للمؤسسة التي تدفع تكاليف مثل هذه التجارب.

المصدر:
مدونة أبو إياس