ان عملية تقييم العوامل غير المحسوسة في قضايا الاعمال غالباً ما تكون اكثر صعوبة ، فكيف تقاس امكانات العلاقات الطيبة مع العمال في بعض امكنة العمل من جهة ،ومن جهة أخرى مواقف السلطات من الشركات وقوانين الضرائب في أماكن أخرى ؟ وكيف يمكن قياس ميزات الصناعة الجيدة من ناحية ،والمضاربات الحادة والاسعار المنخفضة من ناحية أخرى ؟ وما هو مقياس حسنات تقديم الخدمات للزبائن مقابل ما تكلفة تلك الخدمات ؟

ان مشكلة التخطيط العادية هى ايضا معقدة بسبب وجود عناصر الشك فيها ، وليس ثمة ادنى شك في وجود بعض تلك العناصر ، ولكن اهميتها بالنسبة للمستقبل ليست مما يمكن تقريره بتاتاً ، وهناك عوامل اخرى لا يصعب ادراكها حتى اثناء اتخاذ القرار ،ولا تظهرللعيان الا بعد مرور الزمن.

وهكذا ؛ فإن امكانية اضراب العمال في مصنع العمال في مصنع احد المنتجين عنصر يجب اخذه في الحسبان من قبل مدير العمل ، لكن ليس بمقدوره غالبا ان يقدر نتائجه من قبل عى اسس اكيدة .

او قد يدرك مثلاً ؛ ان احد الاختراعات الجديدة ستجعل سلعته المربحة غير مرغوب فيها ، لكنه لا يستطيع معرفة متى سيقع ذلك .

ويمكن للمدير ذاته ان يجد ، بعد مرور عدة سنوات ، ان شيئاً هنالك قد حدث مما لم يكن في الحسبان ، ولم يكن متوقعاً ، قد سبب نجاح خططه .

فالحرب الكورية ، التي ابتدأت سنة 1950 دون ان يكون هنالك بواعث تنذر بالخطر الشديد ، قد قلبت مقاييس العمل رأساً على عقب كأن تصبح بعض الاجراءات السيئة حسنة وبعض الاجراءات الحسنة غير مرغوب فيها .

حتى يستطاع تقييم العناصر غير المحسوسة في احدى قضايا المصنع ، يجب على المحلل او المدير ان يشعر بوجودها اولاً ، واما الخطوة الثانية فهى ان يحاول ايجاد مقياس عددي معقول لتلك العناصر ،واذا كان ذلك مستحيلاً فعلي المدير ان يبذل جهده في معرفة ما يمكن معرفته عنها ، او ربما يصنفها حسب اهميتها ويقارن بين تأثيرها المحتمل وبين النتائج في تقييم العوامل المحسوسة ،ومن ثم اتخاذ القرار ، ويمكن ان يحمل ذلك القرار احد العوامل غير المحسوسة اهمية بارزة .

وفي الحقيقة ، ان اسلوباً كهذا هو في حد ذاته تقرير مدى فاعلية العوامل مجتمعة ، ومع ان ذلك يشمل التقديرات الشخصية ، المعرضة للخطأ ، الا ان استخدام تلك التقديرات الشخصية اصبح امر غير ضروري .
واتخاذ الاجراءات في العمل امر سهل اذا امكن اعطاء العناصر المتبدلة مقياساً محدداً ، فكل الامور التي تحتاج إلى ذكاء عندئذ يمكن ان يقوم بها احد الرياضين مع آلته الحاسبة فقط ، ولكن التخطيط واتخاذ القرارات هما عملياً اصعب من ذلك ، وهناك بعض التبرير للتعريف الذي يميز رجل الاعمال الناجح والقائل بأنه هو ذلك الذي يصيب في تقديره.