كشفت وزارة العمل في دراسة حديثة أن اقتصاد المملكة يعاني من تدّني مستوى إنتاجية القطاعات غير النفطية، مقارنة بالاقتصادات الأخرى، حيث شهدت الإنتاجية في المملكة على مدى العقد الماضي معدّلات نمو منخفضة، في الوقت الذي جاءت فيه معدلات نمو الإنتاجية في البلدان النامية مثل الهند والصين أكثر من ضعف معدل النمو في المملكة. وأكدت «العمل» خلال انعقاد ورشة عمل متخصصة عقدتها بالرياض أمس بمشاركةِ ممثلي 25 مُنشأة خاصة في مختلف الأنشطةِ الاقتصادية، أن الدراسة أجرتها الوزارة وأعلنت بعض نتائجها حول إنتاجية موظفي القطاع الخاص بهدف استكشاف طُرق جديدة لدعم الشركات في تعزيز الإنتاجية مع التركيزِ على رفع أعداد الموظفين السعوديين في القطاع الخاص، ان النتائج الأولية للدراسة التي لا تزال قيد الاجراء أظهرت أن الوضع الحالي للإنتاجية ينذر بالخطر ويدعو إلى ضرورةِ التدخل والبدء بتركيز الجهود لتحسين إنتاجية العمالة.
وبحسب الدراسة جاءت الزيادة في معدّلات النمو الاقتصادي نتيجة لزيادة معدلات التوظيف بالدرجة الأولى ولم تأتِ لتعبّر عن مجموع أرباح الإنتاجية، مما يعني أن الزيادة في الإنتاج التي شهدتها المملكة في السنوات الماضية، تأتي في المقام الأول نتيجة الزيادة في عدد العاملين، وعند المقارنة مع بلدان أخرى فإن غالبية النمو في الاقتصادي في الصين والولايات المتحدة يأتي من الزيادة في الإنتاجية.
وقالت إنه بالنظر إلى القطاعات المختلفة ترى الدراسة أن اقتصاد المملكة العربية السعودية يحتل مراكز متدنية في المؤشرات المتعلقة باتباع أفضل الممارسات عند المقارنة بالولايات المتحدة على سبيل المثال، معتبرة أنّ معدّلات النمو الحالية في اقتصاد المملكة ليست كافية لسدّ هذه الفجوة الكبيرة في السنوات المقبلة.
وكانت ورشة العمل التي عقدت أمس، قد بحثت السبل والتدابير التي من شأنها دعم إنتاجية الموظفين في القطاعِ الخاص وزيادة معدلاتها في القطاعات غير النفطية وناقش المشاركون أهم القطاعات (غير النفطية) المساهمة في زيادة معدلات إنتاجية الموظفين والتي تمثلت في قطاعات الإنشاءات، والصناعات التحويلية، والتجارة، والفنادق والضيافة، والخدمات.
وقال وكيلُ وزارة العمل لخدمات العملاء والعلاقات العمالية زياد الصايغ خلال ورشة العمل: إنّ دور الوزارة لا يقتصرُ على تنظيم سوق العمل والإشراف عليه، بل يتعداه إلى مد يد العون لأصحاب العمل والموظفين والباحثين عن عمل على حد سواء، مشدداً على أنّ الوزارة لم تأل جهداً في التصدي للتحديات الكامنة في سوق العمل.
وأكد أنّ الإنتاجية تُعد بِمثابة مؤشر لقُدرة البلاد على تسخيرِ الموارد المادية والبشرية لتعظيم إنتاجها من السلع والخدمات، موضحاً أنّ نموها يضمن حِفاظ المنشآت على مستويات عاليةٍ ومتناميةٍ عن طريق الاستغلال الفاعل للموارد، وأنّ المنشآت عالية الإنتاجية تعد أكثر قدرة على مواجهة الضغوط التنافسية وتحقيق أرباح مستدامة.
وذكر أنّ الإنتاجية تُعد مِنْ أهمِ مصادرِ زيادة الثروة القومية على المدى الطويل، لافتاً النظر إلى أن العمل على تحسين الإنتاجية مرتبط بتحسين مستوى المعيشة وتحقيق الرفاهية والاقتصادية والاجتماعية للأفراد، إضافة إلى زيادة القدرة التنافسية للمؤسسات.
وأبان الصايغ أن وزارة العمل حريصةٌ على دعمِ القِطاع الخاص لتحديد التدابير التي يمكن اتخاذها، ورَصد الفرص المتاحة لتعزيزِ إنتاجية القطاعات كافة، معتبراً أن تحقيق زيادة الإنتاجية والربحية للقطاعِ الخاص أمرٌ يتطلب تضافر الجهود والعمل يداً بيد لوضعها على الطريق الصحيح.
يذكر أن الورشة التي حضرها مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف» إبراهيم آل معيقل شهدت استعراض ممثلين للقطاع الخاص وفريق وزارة العمل للجهودِ الإنتاجيةِ المبذولة والنتائج الرئيسيةِ التي توصلت لها دراسة الإنتاجية، كما تم مناقشة وجمع الآراء والمقترحات من شركات القطاع الخاص حول الدعم الذي من المُمكِن أن تقومَ بهِ الحكومة لتعزيز الإنتاجية وتوفير العمل للسعوديين