يؤمن علماء الانسان (الانثروبولوجيون) ان اول مظاهر التعاون العائلي قد حدثت من اجل زيادة كفاية الانسان في اشباع حاجاته الطبيعية من اجل الدفاع ، ومن اجل الطعام ولا نزال حتى اليوم نتعاون من اجل هذه الاغراض .
ومع مضي الزمان فقد قمنا بخلق استعمالات متعددة لهذا الاكتشاف الاساسي ، ان الجمعيات التعاونية الكبيرة والصغيرة تساهم بطريقة فالة ، عن طريق اكتشاف تقسيم العمل ، في مقابلة لا حاجيات الانسان الطبيعية فحسب ، وانما حاجياته الروحية والنفسية ايضاً .
ولقد كلف التعاون الفرد تكلفة باهظة ، فإنه ينبغي ان يضحى بإستقلاله وحريته لان التعاون يتضمن النظام ، ان كيفية قيامه بالعمل وتحديد الزمان الذي يعمل فيه قد أصبحا مسائل تتصل اتصالات شديداً بجماعة الاعضاء جميعاً ، ذلك لان ما يفعله ، ومتى يقوم بهذا الفعل ، وكيف يؤديه – كل ذلك اصبح يؤثر على النتيجة الكلية للنشاط التعاوني .
وبالرغم من الثمن الذي بذله الانسان في سبيل التعاون فإن الناس يشتغلون تلقائياً في وجوه نشاط متناسقة ،ومن هذه الحقيقة يمكن افتراض ان الافراد انما يحققون – او هم يؤمنون بأنهم يحققون- كسباً صافياً عن طريق التعاون .
وهذا يتضمن دون شك ان الاهداف الفردية للمتعاونين واحدة ومتشابهة ، ان اهدافهم تعتبر اهدافاً شخصية اطلاقاً ، وهذه الاهداف ينظر اليها نظرة مشتركة بإعتبار انها تمثل الحاجة الدائمة إلى الامن الشخصي والرغبة في العيش في مستويات أعلى وفي نيل التقدير من الآخرين وعلى انها صلات تجلب السرور فيما بين الأشخاص ، وعلى أنها تؤثر على الأحداث الجارية والمستقبلية ، وغير ذلك من اهداف مادية وروحية .
ولتحقيق هذه الاهداف يختار الانسان المهن والمدارس وأماكن العمل ووجوه النشاط الاجتماعية والدينية ، ولمواجهة حاجاته المتشابكة فقد يكون عضواً مشتركاُ في عديد من الجماعات التعاونية في آن واحد ، ويقوم اختيار الفرد على أساس ما يؤمن انه سيحصل عليه من انتمائه إلى الجماعة،لا على اساس انه ينظر إلى معاونة الجماعة من أجل بلوغ اهدافها ، وقد يعمل الانسان من أجل احدى المؤسسات بأمل بلوغ هدافها البعيد وهو هدف الكسب ،وقد ينضم إلى إحدى الجمعيات لأن أعضاءها من أصدقائه ، او قد ينضم إلى كنيسة من الكنائس لأنه وحيد في دنياه .