تتصل إحدى الشكاوى العامة للمرؤوسين بعدم قيام الرؤساء بإحاطتهم علماً بالقوى التى تنافسها الشركة ، وأسباب التغير في السياسة ، والتنظيم والبرنامج ، أو أية مسألة أخرى تعكس قراراً جديداً من الإدارة العليا .
ان الشعور بوجود الفرد في الظلام لا صلة له بالبيانات التي ينبغي الإحتفاظبها ، فإنه يمكن للمرؤوسين أن يتفهموا الحاجة إلى الثقة بالنسبة لبعض السياسات المعينة للمشروع – ولكنهم يكونون على حق اذا هم اشتكوا من ان رئيساً ما يخاف – او في بساطة يتجاهل إبلاغهم المعلومات غير السرية التي تمكنهم من فهم القرارات الجديدة .

وعلى أية حال فالغرض من مثل هذا الاتصال ليس إشباع حاسة الفضول الطبيعية ، انه أكثر من ذلك فهدفه هو افهام المرؤوسين بإيجاز ان التصرف المتوقع منهم سوف يكون أكثر فعالية في تحقيق أغراض الإدارة أو القسم ، ولقد حدث توسع في بيان الحاجة إلى مثل هذا العمل ، وحتى قواتنا المسلحة –وهى محافظة تقليدياً- كانت تقوم بشرح أسباب القيام بتصرف ما أثناء الحرب العالمية الأولى .

أن القوى التي جعلت من قيام الرؤساء بشرح ظروف اتخاذ القرارات إلى المرؤوسين عملية مثمرة تعتبر ،من نواحي عديدة ، أمريكية بصفة خاصة .
ان الصفات الشخصية للناس ، وخاصة بالنسبة للمديرين التابعين ، والتي تعتبر هامة من هذه الناحية ، هى مستواهم التعليمي ، وإيمائهم في التصرف الديمقراطي ، وإصرارهم على احترام الشخصية الإنسانية .
وكثيراً ما يكون المديرون في المستويات الدنيا والمتوسطة للمشروعات قد تلقوا تعليماً رسمياً أكثر مما تلقاه رؤساؤهم، ان الكثيرين قد تعلموا في كلياتنا وجامعاتنا شيئاً عن سلطة الجماعة في البيئة الديمقراطية ، وقد اتجهت الجماعات أخيراً إلى العناية بأهمية العلاقات البشرية ، ومن ثم فليس كثيراُ أن يقال ان تدريب شبابنا قد جعلهم يتذمرون من أي موقف دكتاتوري أو إجباري من جانب أي فرد في مجتمعنا .
ولفهم البيئة التي صدر فيها القرار مزايا عملية عديدة ، وذلك بصرف النظر عن مستوى المرؤوسين أو مواقفهم تجاه احترام كرامة الفرد ، وما لم يفهم الانسان أسباب التصرف فإنه غالباً لا يدرك لماذا يجب أداؤه بطريقة معينة ، بل انه قد يعترض على الطريقة التي أتبعت في تنفيذه .

انه من الصعب رسم الخطط رسماً كاملاً أو وضع التعليمات بتفصيل لا يترك مجالاً للدور الذي يلعبه حكم الفرد ، ان فهم البيئة التي اتخذ فيها القرار فهماً كاملاً بقدر الإمكان ، وأسباب هذه القرارات ، هو فقط الذي يمكن المدير التابع من عمل خططه بطريقة أكثر ما تكون كفاية وفعالية .

ان اهمية هذا الفهم من جانب المرؤوسين غالباً ما يتجاهله المديرون الذين في القمة ، فإن المديرون أثناء بكسب مزية استراتيجية على المنافسين ،والقيام بأفضل العمليات مع البائعين ، أو أثناء تأديتهم عملهم دون تدخل القوى ، سواء كانت من الداخل أو من الخارج ، غالباً ما يشعرون ان الاعتبارات أو الاستراتيجيات المتضمنة في السياسة التي يحددونها ينبغي أن تبقى سرية ،ونادراً ما يقومون بوزن مزايا الاحتفاظ بالسرية إزاء المضار الناتجة من فقد الكفاية والروح المعنوية بسبب جهل المرؤوسين بالأمور ، انه اذا ما نظر إلى السرية هكذا فسيكون هناك قليل من الشك في ان المسائل التي ينظر إليها بإعتبارها سرية، سواء في التنظيمات المدنية أو الحربية ، ستكون أقل .

المصدر : كتاب مباديء الإدارة ..
لـ :
هارولد كونتز
سيريل اودوفل