من أفضل ميزات عصرنا الحاضر إحتوائه على إختصارات كثيرة لأمور مهمة في الحياة وخلاصات نافعة، وذلك كله يعود إلى سهولة الحصول على تجارب الآخرين، وهذه المعلومة يمكن الحصول عليها سواء عن طريق الشبكة العنكبوتية – الإنترنت – أو عن طريق الكتب والمراجع المتوفرة بكثرة في مكتباتنا، أضف إلى ذلك إنتشار العولمة الفكرية والثقافية والتي أدت إلى تواصل شعوب الأرض بشكل لم يسبق له مثيل، هذا كله أدى إلى تشكيل فكرة الإختصارات والخلاصات، بحيث أصبح لا يلزمك خوض تجربة مجهولة بأكلمها من دون الحصول على خبرة مسبقة، ففي السابق كان يبني الإنسان خبرته من تجربته الخاصة لعدم توفر مصادر معلوماتية عن تلك التجربة، بينما اليوم وبفضل من الله، أصبح من السهل التفقه في أي أمر كان والحصول على خبرة نظرية لا بأس بها قبل الشروع في خوض تجربة مماثلة.على سبيل المثال، إذا أردت أن أتسلق قمة جبل إفرست وأنا لم أتسلق جبل في حياتي، فيمكنني بكل يسر وسهولة الحصول على المعلومة النقية وذلك من خلال الإستعانة بمذكرات أفضل المتسلقين لقمة إفرست يشرح فيها كل تفاصيل التجربة، وما الذي يجب علي أخذه معي، والتمرينات البدنية التي يجب أن أتلقاها قبل تسلقي للجبل، إضافة إلى نوعية الطعام المفضل لمثل هذه الرحلة، وما هي المعدات التي يجب أن أقتنيها قبل الرحلة، وما علي الإنتباه له والحذر منه … إلخ، كما يمكنني اللجوء إلى جمعيات ومنظمات متخصصة في تسلق الجبال، وهي متوفرة بكثرة في دول أمريكا الشمالية ولها مواقع رسمية على الإنترنت، الشاهد هنا أنني لن أضل في هذا العالم أبداً بسبب المعلومات الهائلة المتوفرة من حولي.الإختصارات مفيدة وفكرة الخلاصات نافعة جداً، ولكن إن كان هنالك لكل شيء طريق مختصر يوفر الوقت والجهد والمال ويضمن رفع جودة النتائج بسبب الإطلاع على خلاصة تجارب الآخرين، هل من الممكن أن يكون للنجاح إختصارات أيضاً؟لعل منكم من سيقول لا يُحبذ سلوك الإختصارات في الحياة لأنها سريعة ولا تضمن البقاء على قمة هرم النجاح عند الوصول، ولكن هذه النظرية يمكن أن تكون صحيحة في حالة اختصار الجهد المبذول، ولكن ماذا لو كان الإختصار في الوقت وليس في الجهد … أليس ذلك أمراً محموداً؟ أي أنه يبقى الجهد كما هو ولكن مُستغل في الطريق الصحيح بدلاً من إهداره في المحاولة والخطأ، فعند قراءة سيرة الناجحين والتعرف على عاداتهم التي كانوا يفعلونها حتى نجحوا، ستوفر الجهد والوقت بدل تبديدهم عبثاً.إذاً ما هي الوصفة التي تُعطَى لكي يستثمر الإنسان جهده في المكان المناسب وفي الإتجاه الصحيح مع عدم إهدار الوقت والجهد؟ فكرت كثيراً في أهم إختصارات النجاح وخلصت إلى ما يلي:
أهم إختصارات النجاح
على الصعيد المادي:1. إعرف منتجك: قدراتك المميزة هي منتجك، حاول أن تكتشف أين تكمن قوتك، قم بالتركيز عليها واستثمرها، فهي بكل تأكيد الشيء الذي تحب أن تقوم به كل يوم مما يساعدك على التخطيط السليم لحياتك المهنية والشخصية. ولعلك تسأل نفسك الآن … كيف لي أن أتعرف على النقاط التي تميزني؟! إسأل أفراد عائلتك، أصدقاءك وزملاءك في العمل ما هي الأمور التي تميزك؟ راقب نفسك ما الشيء الذي يشعرك بالسعادة إذا فعلته؟ ما الشيء الذي تقوم به ويحظى على إعجاب من حولك؟ ما الشيء الذي يمنحك القوة والصبر والتحمل إذا ما قمت به؟ ومن الناحية العملية يجب أن تجد منتجك في شيء مماثل لإحدى المهارات التالية: (البحث والتخطيط، الإدارة والقيادة، البناء والتشغيل، الدعم والتنسيق، المنطق والتحليل، الكتابة والتأليف، الإحصاء والأرقام، التعليم والتدريب … إلخ).2. إحترف: لابد من أن تكون محترفاً في ما يميزك، لا تكتفي بإتقان منتجك فقط، بل إبدع فيه لدرجة العالمية، فإذا ما كنت تحب الكتابة والتأليف، لا تكتفي بكتابة الخواطر والمقالات المتفرقة، بل قم بإنشاء مدونة وألِّف الكتب المفيدة، إذا كنت تحب الإحصاء والأرقام، لا تكتفي فقط بأن تكون محاسباً في مؤسسة، بل كن منظراً إقتصادياً وتعلم كيف تصنع من الأرقام نظريات جديدة تخدم العالم.3. طور واكتشف: إلتحق بكل الدورات التدريبية التي تناسب منتجك، وراسل المؤسسات المشهورة في دعم منتجك وانضم إليها، وشارك في الندوات والمحاضرات التي تخص منتجك، وتأكد من أن هذه الطريقة ستساعدك على اكتشاف المزيد من نقاط قوى جديدة في نفسك لم تكن تعلمها من قبل.4. جد الناصح: حاول أن تجد ناصحاً لمنتجك تستشيره في أمورك، الناصح شخص مفيد جداً، يساعدك على فهم نواقصك لأنه خارج الحلقة التي أنت في داخلها مما يخوله أن يرى الصورة الكاملة.5. تعلم البحث: لابد من إتقان البحث وكيفية الحصول على المعلومة من خلال البحث في المراجع والكتب، والإنترنت، والمختصِّين، فهذه من أفضل الخصال التي تميز الناجحين، فالبحث يساعدهم على حل المشكلات التي تواجههم، لا تقف حائراً عندما تصطدم بحائط عدم المعرفة، مباشرة تجاوزه واجعله خلفك. للأسف أجد الكثيرين لا يعلمون كيفية الحصول على المعلومة عندما تشتد الحاجة لها.على الصعيد المعنوي:1. كن واقعياً: الواقعية تساعدك على رؤية الصورة الحقيقية للمستقبل بدلاً من الخيالات الزائفة، وتضمن لك التخطيط السليم والنجاح في التنفيذ، فإدراكك الكامل لما أنت مقدم عليه يجعلك تتجاوز أحلام اليقظة والتي غالباً ما تكون السبب الرئيسي في فشل أصحابها، كما تساعد الواقعية في الفكر والطرح على التحكم بالعواطف لأنه لا مكان للعواطف في عالم النجاح.2. كن متفانياً: التفاني مهم جداً للناجحين، فكونك متفانياً في عملك يجعلك تؤديه على أكمل وجه. لابد من إتقان منتجك مع الشعور الكامل بمسؤولية ما تقوم به، كن مسؤولاً عن أعمالك وتصرفاتك ولا تساوم في جودة أعمالك أبداً.3. كن مبادراً: دائماً ما تكون زمام المبادرة في أيدي الناجحين، فالناجحون هم أصحاب المبادرات. تمتع بروح المبادرة ولا تنتظر سؤال من حولك، إبدأ أنت بالخير والعطاء، إن لم تبادر أنت … لن يأتي إليك أحد ولن تخرج أفكارك إلى الفضاء وستبقى حبيسة صومعتك.4. كن إيجابياً: لا يوجد ناجح واحد في العالم ينتمي إلى فئة السلبيين والمتذمرين. عندما يرى كل من حولك السواد … أعطي نفسك الفرصة لترى البياض، فاللون الأسود يساعدك بقوة على رؤية اللون الأبيض، وتذكر دائماً أنَّ كونك إيجابياً يُلزمك باعتزال المُحبطين والإرتباط الوثيق بالمتفائلين.5. كن معطاءاً: تعلم أن تفعل شيئاً لله والمجتمع، ليس بالضرورة أن يكون لك مردود مادي مقابل كل شيء تفعله، شارك المجتمع بأفكارك وافعل شيئاً يومياً يجعل من حولك ناجحين، شاركهم منتجك ولا تبخل على أحد بمعلومة مهما كانت بسيطة.لطالما كانت إختصارات النجاح الخماسية السبب الرئيسي لبلوغ المراد، هكذا رأيتها وهكذا هي، وتذكر أنه لا يمكن فصل الجزء المادي عن المعنوي ولا الجزء المعنوي عن المادي، فمن كان ناجحاً في إيجاد منتجه المادي ولم يتمتع بالجانب المعنوي، فهو لئيم لا منه ولا من منتجه خير، لأنه لن يستفيد منه أحد حتى جدران بيته، والذي نجح في الجزء المعنوي دون إكتشاف منتجه المادي الملموس، فهو كالدرويش الصوفي لا خير فيه ولا في كلامه، لأنه أجوف لم يستند على حجة ظاهرة، وهنالك نوع ثالث من الناس من يعلم منتجه ولكنه لم يكلف نفسه في وضع أي جهد لاستثماره، فلا تكن منهم وأبدأ بالتغيير