نظراً للطبيعة المتقلبة لأماكن العمل اليوم، كثيراً ما يطلب مني أن أتحدث إلى العاملين والمديرين حول إدارة التغيرات والمخاطر. ويوميّاً نرى عمليات الاندماج، وضم شركات إلى شركات، وإعادة الهيكلة في العناوين الرئيسية بالصحف.ومع كل تحول في ثقافة الشركات، يواجه العاملون تغيرات تؤثر عليهم شخصيّاً وعمليّاً. وعادة ما يتطلب الأمر أن يتخذوا قرارات تنطوي على شيء من المخاطرة، والعديد من الأشخاص يتخذون قرارات أشبه بالقرار الذي أقدمت عليه- أنه السعي وراء شغفهم من خلال العمل الحر، أو كمستشارين مستقلين، أو كرجال أعمال. ويطلب من البعض الآخر تغيير الأقسام التي يعملون بها، أو العمل على مشروعات خاصة، أو الانتقال إلى أقسام جديدة، وهؤلاء أيضا لديهم قرارات يجب أن يتخذوها، ومخاطر يجب الإقدام عليها، وتحديات يجب مواجهتها.تفهم طبيعة التحدياتومن المفيد أن تفهم طبيعة التحديات التي ستواجهها عندما يطرأ تغير على حياتك، وإلا ربما سحقتك مشاعرك وعصفت بك أفكارك وتركتك تتساءل عما أطاح بك على حين غرة. والتغير الذي يطرأ على المرء نوعان: تغير منظم، وتغير غير منظم. والتغيرات المنظمة هي التي تختارها أنت بمحض إرادتك لتحسين حياتك بشكل أو بآخر. فتنتسي إلى دورات إضافية في مجال ما، أو تتعلم مهارة جديدة، أو تبدأ برنامج لياقة جديداً، وبما أنك أنت صاحب هذا التغير، فمازال هناك إحساس بإحكام زمامك على حياتك. أما التغيرات غير المنظمة فهي تلك التي تفرضها عليك الظروف الخارجة عن إرادتك. ومثل ذلك المشاكل الصحية، أو موت الأصدقاء، أو أحد أفراد العائلة، وهذه التغيرات كلها تمثل عبئاً شديداً من الممكن أن يفقدك توازنك، ولكنك تستطيع السيطرة على توجهك الذي تختار أن تتبناه تجاه هذه التغيرات." الجمود في مواجهة التغيير"
والذين يقاومون التغير يعانون مما أطلق عليه اسم " الجمود في مواجهة التغيير" وهو مرض يهدد قدرتك على الاستمتاع بالحياة، وتطوير كافة إمكاناتك. هل تصاب بالجمود عندما تواجه بالتغير؟ هل تغالي في رد فعلك؟ هل تصبح متشككاً؟ هل تبدأ في إلقاء اللوم على الآخرين؟ هل تنكر أن التغيير يثير ضيقك؟ هل تعاني من متلازمة " حسناً، ولكن ... " ؟ إذا كان ردك بالإيجاب على أي من هذه الأسئلة، فمن الأرجح أنك تعاني من " الجمود في مواجهة التغير" .أخبرتني أختي " توني" عن زميل لها في العمل يدعي " بيل" من الواضح أنه كان يعاني من حالة مستعصية جدّاً في التعامل مع المتغيرات التي تطرأ على العمل. لقد كانت " توني" من أولى النساء اللائي رقين إلى رتبة مأمور قسم شرطة المدينة، وهي لم تصل إلى هذا المنصب بالخنوع أو الخجل. إنها امرأة قوية – بأسلوبها الأنثوي الخاص بالطبع. فعندما رقيت إلى منصب مأمور، أجرت العديد من التغييرات بداخل القسم. وقد يغري بعض المديرين الجدد بالاستقرار لستة أشهر تقريباً قبل إجراء تعديلات جديدة، ولكن توني تفضل أن " تخلق نوعاً من الفوضى ثم تعطي الجميع ستة أشهر للاعتياد عليها" ، وذلك على حد قولها.وليس من الأرجح أن يتذمر رجال الشرطة في صمت؛ فقد عبر ثلاثة أو أربعة منهم عن سخطهم مما تفعله " توني" ، بيد أن " بيل" كان يعاني معاناة شديدة في التكيف مع المأمور الجديد والتغيرات الجديدة، وقد أخطأ " بيل" إذا أرسل رسالة على أجهزة الكمبيوتر المحمولة لزملائه مفادها أنه " سيصاب بالجنون" نظراً لتغير مهامه، وظن أن هذه الرسالة من قبيل المزاح، ولكن أختي لم تر أن استخفاف رجل يحمل مسدساً بحالته العقلية بهذا الشكل من قبيل المزاح، فأمرته أن يعرض نفسه على الطبيب النفسي لتقييم حالته ومعرفة ما إذا كان يعاني من صعوبة تقبل التغيرات الجديدة. تقول " توني" إنه وافق على استشارة الطبيب النفساني وَحَسَّنَ من توجهه.كثير من الناس يخشون التغير، وأحياناً يرضون بموقف مزعج أو سلبي ويفضلونه على أي شيء آخر مجهول بالمقارنة، ومن الممكن أن يكون هذا هو الأسلوب الذي تسير به العلاقات غير السوية التي يعتدي فيها أحد الطرفين على الآخر؛ حيث يتمسك الطرف المعتدى عله لما اعتاد عليه على الرغم من سوئه.أخبرتني صديقة لي التي تعلمت أخيراً أن تتقبل تغيراً كان له عميق الأثر على حياتها للأفضل – بالقصة التالية:إنني لم أخطط للأمر بهذا الشكل، ولم أتخيل أبداً ينتهي زواجي . لقد دام زواجنا عشر سنوات. ولقد عرفت زوجي منذ أن كنت في الثانية عشرة من عمري، ولكني وجدت نفسي أجلس في مكتب المحامي الخاص بي أحاول أن أحدد مكمن الخطأ، والواقع أنني لم أخطئ؛ فعلاقتنا الزوجية لم تعد صحية بالمرة. فقد كنت متزوجة من إنسان مدمن للكحوليات، ولقد كان من المستحيل أن تستمر العلاقة بهذا الشكل. ولكن، هناك شيء كان يمنعني من إنهاء العلاقة. هناك شيء كان يجعلني متشبثة بهذه العلاقة غير القويمة والتي تفتقد للأمان. وبعد أن استشرت طبيباً نفسانيّاً اكتشفت أن هذا الشيء هو الخوف.فلطالما كنت مكتفية ذاتيّاً حيث على تعليم عالٍ ووظيفة رائعة، ولقد كنت قادرة على العيش والمضي قدماً في حياتي دون مساعدة من أحد. ومازلت أملك بيتاً كنت أملكه قبل أن أتزوج. وادخرت بعض المال، ودفعت أقساط سيارتي كاملة. ومع هذا، كان من الصعب أن أتخلى عن علاقتي الزوجية. لا شك في أنني ما زلت أحب زوجي، ولكن هذا ليس السبب في أنني لم أرحل بعد. لم يأت قرار الرحيل سوى بعد أن أدركت أن حاجتي للرحيل أكبر من حبي لزوجي. حدت أنا وطبيبي النفسي مواعيد محددة لتغيير بعض الأمور، ووضعنا حول كل منها دائرة على الروزمانة، ووضعنا قائمة بالأمور التي يجب إنجازها. وجاءت هذه المواعيد ومرت بأعذارها، والنتيجة هي أنني كنت خائفة من الإقدام على أي نوع من التغيير.لقد تطلب الأمر ستة أشهر أخرى من العلاج النفسي قبل أن أتمكن من التغلب على خوفي من المجهول وأقدم على التغير. لقد كنت أخشى الفشل كزوجة، وأهاب العيش وحدي فيما كنت أراه عالماً " للمتزوجين" . وكنت أخشى من أن أبدأ حياتي مرة أخرى. لم يمكنني أن أغير من حياتي قبل أن أغير من توجهي. لقد كان محوماً عليَّ بالبقاء حبيسة حياتي التعسة حتى أرى الجانب الإيجابي للحياة الصحية، ولقد كانت النتائج فورية ومشبعة. فقد خلقت بيئة صحية لي. واليوم أعيش حياة صحية مثمرة. وصرت قوية ذهنيّاً وعاطفيّاً، وحققت إنجازات عملية رائعة. من الممكن أن يكون التغير للأفضل، وأحياناً يتعين علينا فقط أن نتغل على خوفنا منه.