يتميز سوق العمل بأنه شديد الانتقائية، ففيه الكثير ممن يتوقون إلى توظيف المواهب، كذلك الباحثون عن عمل. وهناك العديد من الموظفين الذين يعملون في أعمال مملة يبحثون عن وظائف في مؤسسات أخرى، كما أن العاطلين عن العمل يتلقون أيضا عروضا مختلفة للتعيين، وهذا أمر جيد في معظمه. لكن الخطر الذي قد يتعرض له الباحث عن عمل هو أن يعلق في الدوامة التي تبدأ بجذبه نحوها، عندما يلقى اهتمام أصحاب العمل، ويعتقد أنه سيحصل على الوظيفة، ويتخلص من عمله الحالي الرهيب.
لكن، يجب على الباحث عن عمل، أن يحذر من المؤسسات التي يكذب المسؤولون فيها على موظفيهم، فهو قد يسمع العديد من الأكاذيب من مسؤولي التعيين لسبب أو لآخر. كأن يقول أحدهم مثلا: "سننشئ نظاما جديدا لتحسين تسديد الحسابات الدائنة." ثم لا يمر وقت طويل بعد أن يتم تعيينك، حتى تدرك في نهاية الأمر أن المدير كان يخدعك لتقبل بالوظيفة.
إن المديرين الذين يكذبون على الباحثين عن عمل لا يهدفون إلى تضليلهم بالضرورة، لكنهم يعلقون أمالا كبيرة عليهم فيخبرونهم بتفاصيل مغرية، لكنهم يكذبون في نهاية المطاف، لأنهم يعلمون في أعماقهم أن ما يقولونه أحلام في الهواء، مغايرة للواقع ولن تتحقق.
وفي ما يلي 5 عبارات كاذبة أخرى نسمعها كل يوم من مسؤولي التعيين، يكون الهدف من ورائها غالبا، محاولة إغرائك لقبول الوظيفة:
الكذبة الأولى
"لا زلنا في مرحلة تحديد مواصفات الوظيفة، وتحديد طبيعة التسلسل الوظيفي والراتب."
هذا يدل على عدم المهنية؛ فإجراء المقابلة دون معرفة ما يريده صاحب العمل مضيعة للجهد والوقت. لهذا، فمن المؤكد أن هذا الكلام غير صحيح ويتوجب عليك أن تحذر منه، إذ عندما يقول صاحب العمل أنه ما يزال في مرحلة تحديد مواصفات الوظيفة، اعلم أن هناك نزاعا بين أعضاء الإدارة حيال طبيعة عمل الموظف الجديد. وقد يعني هذا أحيانا أن أحد كبار المسؤولين في الشركة، لديه شكوك حيال طرح الوظيفة أو الراتب المخصص لها، أو موقع الوظيفة في الهرم الإداري. وفي كلتا الحالتين لا تعبر هذه الجملة عن شركة تتمتع بإدارة جيدة.
لكن، كيف يكون ردك عند سماع هذه العبارة؟
يمكنك أن تقول:"شكرا على هذه المعلومة. لنؤجل حديثنا حتى يتم تحديد هذه التفاصيل، فمن الواضح أن الحديث عن وظيفة لم تتضح ملامحها حتى الآن، أمر غير مجد."
الكذبة الثانية
"أنت بالتأكيد المرشح النهائي للحصول على الوظيفة، لكن هناك موظف آخر في الشركة تقدم لملء هذا الشاغر في آخر دقيقة."
قد تكون هذه المعلومة غير صحيحة، الهدف منها كسب المزيد من الوقت. وإن كانت صحيحة فالشركة ليست على درجة كبيرة من الكفاءة؛ إذ يتوجب على كل مدير تحديد من يرغب من موظفيه بملء هذا الشاغر قبل أن يعلن عن هذه الوظيفة خارج المؤسسة. كما أن ظهور مرشح من داخل الشركة في اللحظة الأخيرة، دليل على عدم مهنية الشركة وعدم تقديرها للمواهب.
حينئذ يمكنك أن تقول: "حسنا، سأخرج من المنافسة وسأنتظر منكم خبرا في حال لم يعد مرشحكم يرغب بالوظيفة. كما يبدو أنني أعترض طريق الموظفين المتميزين لديكم، وأفسد فرصهم في الحصول على الترقية."
الكذبة الثالثة
"بعد أن عانيت الكثير خلال مسيرتك لتحصل على عمل، حان الوقت لتقابل نائب المدير."
بعد أن يخبرك مسؤول التعيين بهذا، سيتصل بك لاحقا ليخبرك أن نائب المدير لن يتمكن من مقابلتك بسبب طارئ أو عائلي، وسيتم تحديد موعد آخر. وقد يكون هناك حالة طارئة بالفعل، لكن لسبب أو لآخر، لا يرغب نائب المدير بمقابلة مرشحي الوظائف غالبا، وقد يحتج بأي عذر آخر."
وعلى افتراض أن نائب المدير يحاول كسب المزيد من الوقت، بدلا من أن يلغي الموعد، يمكنك أن تقول:"شكرا على إخباري بهذا الأمر. دعنا نبحث عن موعد آخر بعد 3 أسابيع مثلا."
الكذبة الرابعة
"متطلبات عملية التعيين التي تتضمن فحص الوثائق والاختبار الكتابي والفحص النفسي، هي إجراءات اعتيادية، ولن تزعجك."
في الحقيقة، إن اتباع إجراءات اختيار الموظفين غير الهادفة والمملة والمهينة أحيانا، ناتج عن وجود موظف بارع في قسم الموارد البشرية، تمكن من إقناع المدير بفكرة تحسين نوعية الموظفين الجدد، من خلال جعل إجراءات تعيينهم أكثر تعقيدا.
لذلك، فقول تلك العبارة مجرد ادعاء وكذب؛ لأن طالبي الوظائف المتميزين يرفضون استكمال إجراءات التعيين عندما يتعرضون لمثل هذه الاختبارات. فلا تصدق المقولة الكاذبة:" إن إجراءاتنا اعتيادية"، وعندما تكون خطوات التعيين بطيئة وغير إنسانية، فهي ليست طبيعية أو اعتيادية على الإطلاق.
كما أن أصحاب العمل الذين يرغبون بتوظيف عمالة متميزة، لا يخضعون المرشحين لمثل هذه الإجراءات أو يزيدون الأمر سوءا بقولهم إنها هادفة.
اعمل على اتخاذ قرارك بشأن مدى رغبتك في الحصول على هذه الوظيفة. واعلم أن الأشخاص الذين يقبلون بمثل هذه الإجراءات، لن يعملوا في شركات متميزة تحترم موظفيها وتطور مهاراتهم. لذلك عليك أن تقيس مدى رغبتك في العمل خلال عملية التعيين.
الكذبة الخامسة
"عندما نوظفك، ستصبح عنصرا للتغيير في الشركة، وستتلقى الدعم الكامل من الفريق التنفيذي."
لو أراد المدير أن يحدث تغييرا فعليا في المؤسسة، لاستخدم سلطاته في سبيل تحقيق ذلك، من خلال تعيين قادة ذوي كفاءة عالية. وسيتوقف عن الادعاء بأن كل موظف جديد سيكون عنصرا فاعلا للتغيير.
ويمكنك أن تجيب على ذلك بقولك:"اخبرني عن رؤيتك، وكيف ستجعل هذا ممكنا عندما أبدأ بالعمل لديك."
إن الهدف ليس أن تعمل في أي وظيفة، بل أن تجد العمل الذي يناسب مهاراتك. لهذا، يتوجب عليك الانتباه إلى هذه الدوامة والحذر من الأكاذيب، فمن سيحصل عليك في النهاية هو من يستحقك.