إدارة الجودة هي عملية ضبط وتعريف وتوثيق ومراقبة وتحسين عمليات المؤسسة المختلفة لضمان مطابقتها لمعايير الجودة القياسية إما المعرفة من قبل المؤسسة ذاتها وإما المعرفة والمحددة من قبل الحكومات وهيئات إدارة الجودة العالمية.فلسفة إدارة الجودة باختصار هي السعي إلى ضمان جودة المنتج أو الخدمة مهما تباينت ظروف أو عناصر التشغيل. كذلك تتضمن فلسفة إدارة الجودة مبدأ شديد الأهمية وهو مبدأ التحسين المستمر والذي يعتبر العنصر الفاصل لمعرفة ما إذا كانت إدارة الجودة تتبع بشكل صحيح.لإدارة الجودة بضعة ركائز لضمان فعاليتها في تطوير العمليات داخل المؤسسة. هذة الركائز هي:أولاً: تعريف وتوثيق العمليات المختلفة داخل المؤسسة وعلمية هي مجموعة من الخطوات لها مدخلات ومخرجات ومتطلبات. ولا شك أن كل عمليات المؤسسة يجب أن تكون مترابطة كسلسلة متناغمة ومتجانسة دون فجوات فيما بينها ودون تكرار بحيث يكون مخرج العملية السابقة مدخلاً للعملية الحالية ويكون مخرج العملية الحالية هو مدخل العملية التالية. لا بأس إن تشابكت العمليات أو تعددت المدخلات والمخرجات ولكن المهم في النهاية هي التأكد من فعالية العمليات: باختصار لا تكرار ولا فجوات. فالتكرار هدر للموارد والفجوات قد تعني إهمال أحد المدخلات أو المخرجات كلية وهذا قد يعني إما أن إحدى العمليات لا ضرورة حقيقية لها أو أن بعض العمليات تجري دون استخدام المدخلات الصحيحة وهذا بالتأكيد يقلل من كفاءة العملية.
ضبط العمليات المختلفة وإخضاعها لضوابط قياسية يقلل من الارتجال ويقلل من تأثير الاختلافات الفردية – التباين في القدرات وطرق التفكير – علي المنتج أو الخدمة.
ثانياً:كما اتضح في النقطة السابقة فإن الجودة مسئولية الجميع وبالتالي فإن فهم سياسة الجودة وتطبيقها مسئولية الجميع بل أن مراقبة جودة العمليات كذلك مطلوبة من كل فرد داخل المؤسسة.ثالثاً: التحسين المستمر هو أحد الأهداف الرئيسية من برامج إدارة الجودة وبالتالي فلابد أن تكون العمليات قابلة للقياس لأنه لا يمكن تحسين الخدمة أو المنتج دون معايرتها لمعيار قياسي لتحديد ما إذا كانت مطابقة للمواصفات أم لا.رابعاً: لا يمكن إنجاح أي برنامج لإدارة الجودة دون أن تتعهده الإدارة العليا وتلتزم بتطبيقه وذلك لأن إدارة الجودة هي عملية مكلفة وتحتاج للتنسيق بين الإدارات الداخلية في المؤسسة كما تستلزم اتخاذ القرارات التي تصب في اتجاه بناء نظام للجودة ذي فعالية حقيقية. دون التزام إدارة المؤسسة لن يتمكن أي نظام للجودة أن يطير وسيظل حبيس الأوراق.هنا أحب أن أذكر أحد الأمثلة التي يمكن من خلالها فهم ماهية إدارة الجودة وتأثيرها على "الجودة": كان هناك مطعماً بجانب موقع عملي وبحكم قربه فقد كنت أزوره كثيراً خلال استراحة الغداء ومع تعدد زياراتي للمطعم اكتشفت التباين الشديد في جودة الطعام والخدمة. أحياناً يأتي الطعام سريعاً وأحياناً أخري تكون الخدمة بطيئة باعثة على الملل. أحياناً يكون خبز طازجاً وأحياناً لا يكون.أحياناً يكون الطعم شهياً وأحياناً تحس الإفراط أو الإنقاص في أحد المكونات مما يفسد الطعم. إن غياب نظام إدارة الجودة في هذا المثال هو السبب الرئيسي في عدم ثبات المنتج على المواصفات المطلوبة حيث تركت مهمة تحديد مكونات الطعام لذوق العاملين في المطبخ فالعامل الأول يفرط في استخدام الملح والعامل الثاني لا يضع ما يكفي من التوابل و هكذا ... كذلك غاب أي دليل يعرف العاملين مواصفات الخبز المقدم للزبائن ... كذلك قد ترى الكثير من الحركة غير الضرورية في المطبخ حيث أن المهام غير محددة بدقة وبالتالي تتأثر سرعة الخدمة دائماً لأن أحدهم نسي شيئاً!أما إذا أردت أن ترى المثال الناجح في إدارة الجودة فهناك الكثير من مطاعم الوجبات السريعة التي إذا قارنت وجباتها في بلدان مختلفة وجدت نفس العمالة المدربة ونفس الجو العام ونفس درجة النظافة ونفس الطعم والشكل حتى لو اعتمدت على الموردين المحليين ... لا شك أن السر في ذلك هو إتباع نظام صارم للجودة في تلك المؤسسات.