إن من أهم صفات القائد، القدرة على التحفيز، فالقائد يستطيع توليد النشاط والفاعلية في العمل، من خلال قدرته على التحفيز، ولكي يصل كل منا إلى قوة التحفيز لابد وأن يبرع في استخدام واتباع أفضل السبل والطرق التي تؤدي إلى التحفيز.
ومن المهم معرفة أن التحفيز لا يقتصر فقط على وسائل الدعم وتعزيز الإيجابية، بل يتعدى ذلك إلى وسائل التحفيز السلبية، ويشمل ذلك: العقوبات التأديبية، ويختلف نوع المحفز من شأن لآخر حسب طبيعة كل شخصية.
الخطوة الأولى على طريق التحفيز
إن الحوافز عمومًا تنبع من داخل عقول وأفئدة الآخرين، ولذا فلن تستطيع أن تحفز شخصًا لأنك غير قادر على الدخول إلى عقله وفؤاده، ومن ثم غير قادر أن تحفزه على أداء عمل ما، وإنما الدور الأساسي الذي يمكن أن تأديه ببراعه، هو أن تقوم بإيجاد البيئة المناسبة والتي من خلالها يقوم الآخرون بتحفيز أنفسهم.
مبادئ هامة
وفي هذا المقال نشير إلى مبادئ هامة وأساسية في عملية التأسيس، وهي:
الاستماع
إن الموظفين خاصة والناس عمومًا يرغبون وبشدة أن يستمع إليهم الآخرون، وهؤلاء الموظفون حينما يفسح لهم المدير المجال كي يتحدثوا ويستمع هو إليهم، فإنهم سوف يخبرونه بأشياء كثيرة تعد مهمة بالنسبة له، والأهم أنهم سيحدثونه عن أفضل الوسائل التي تحفزهم وتشعل رغبتهم في العمل والإنجاز، ومن ثم يستفيد المدير ويتجه إلى الوسائل الفعالة التي تحفز موظفيه فيهيئ لهم البيئة المحفزة، هكذا يمكنك أن تحفز موظفيك عندما ـ فقط ـ تتيح القليل من الوقت للاستماع لهم .. فأصغ إليهم باهتمام.
التحفيز المادي
إن الكثير من الناس يطلبون المال كوسيلة لتحفيزهم، (فإذا قمت بسؤال مجموعة من العاملين الساخطين عن الشيء الذي يمكن أن يجعلهم سعداء، فإن المال بكل تأكيد سوف يكون على رأس القائمة، ولكن بالرغم من هذا فإنه إذا ما قمت بمنحهم زيادة في الراتب بمقدار 10% فإنه يوجد احتمال كبير أنهم سوف يستمرون في الشعور بالسخط.
لماذا؟ لأن المال لا يمثل كل العوامل التي يمكنها تحفيزهم على العمل أو ربما كان العامل الرئيسي فقط، فالمال يعد من أسهل عوامل التحفيز من حيث القدرة على تقديره والتعبير عنه) [قوة التحفيز، د. إبراهيم الفقي، ص(7)].
الشخص المناسب في المكان المناسب
إن من أهم الأشياء ونحن نتخذ من الوسائل ما يعيننا على تحفيز الآخرين، أن نتأكد من أن الشخص المناسب في المكان المناسب، إنه التأكد من إسناد المهمة المناسبة للشخص المناسب القادر على أدائها، فمن المهم أن يتأكد المدير من أن المرؤسين قد تدربوا جيدًا على المهمة بقدر كافي وأن كل الإمدادات التي يحتاجونها في أداء مهمتهم قد تم توفيرها لهم، وبالإضافة إلى ذلك نتأكد من أننا قد غرسنا بداخلهم الثقة الكافية حتى يؤمنوا بقدرتهم على أداء المهمة، ويعلموا تمامًا أننا واثقون في قدراتهم.
التعامل الصحيح
(نحن جميعًا على دراية بالقاعدة الذهبية التي تقول: (قم بمعاملة الآخرين بالطريقة التي تحب أن يعاملوك بها)، فلقد نشأت هذه المقولة معنا منذ حداثتنا سواء في عالمنا الدنيوي، أو من خلال أفكارنا الدينية، وتلك العبارة تحمل إحدى الحقائق التي إذا تم تطبيقها، فإنها من الممكن أن تجعل الحياة أفضل بالنسبة لنا جميعًا.
ولقد تم اختبار هذه القاعدة الذهبية أيضًا ووضعها في العديد من الأشكال والنماذج التي تحتوي على وجهات نظر مريرة تصيب بالاشمئزاز، فإن القاعدة الذهبية المالية (أن الذين يملكون المال، هم القادرون على سن القوانين)، تلخص وجهة نظر منتشرة إلى حد كبير في مجتمعنا، كما أن القاعدة الذهبية للأشخاص المتشائمين (تعامل مع الآخرين قبل أن يقوموا بالتعامل معك)، غالبًا ما يتم ترديدها في عالم الشراء والبيع.
ولكن في سبيلنا إلى تحفيز الآخرين، فإن القاعدة الذهبية للإدارة (عامل الآخرين كما تحب أن يعاملوك)، هي التي تملي علينا، فهب أنك تقوم بتجميع كل الخيوط التي سبق وأن تحدثنا عنها، وتقوم بغزلها معًا في نسيج متماسك، فإن مهمتنا كمدراء هي أن نقوم بالاستماع إلى الآخرين، وملاحظة الأشخاص الذين نقوم بإدارتهم حتى نعرف كيف يرغبون في أن يتم معاملتهم) [قوة التحفيز، د. إبراهم الفقي، ص(9)].
الحوافز المعنوية
إن الحوافز المعنوية التي يقدمها المدير إلى موظفيه لها بالغ الأثر على نفسية المرؤسين، إذا أن الموظف يشعر أن جهده وإبداعه المتواصل في عمله يتم رصده وتقديره من قبل مديره، ولاشك أن هذا التحفيز يضاعف من جهد الموظفين والعاملين ويزيدهم تفانيًا.
وهناك العديد من الحوافز المعنوية التي يمكن للمدير أن يقدمها للموظفين، ومنها:
الفهم
فمن المهم أن تجعل مرؤسيك (يفهمون الهدف الحقيقي من العمل أو المهمة الموكلة إليهم: بدون هدف, لا يمكن أن يلقى العمل الحماس المطلوب لإنجازه, إذ لا يمكنك توليد شحنات الطاقة لدى موظفيك, إذا أمرتهم بانجاز العمل ولم توضح لهم حقيقة الهدف النهائي من ذلك, فلو أنك تعاملت مع الآخرين بطريقة أنك المسئول وأن عليهم تنفيذ ما يطلب منهم, فلا شك أنك ستخسر روح الحماس مع مرور الوقت من موظفيك, لأنهم سيكونوا قد سئموا من التعامل بهذه الطريقة, وتم إحباط معنوياتهم بطريقة مجحفة) [5 طرق لتحفيز الآخرين، دونالد لاتوماهينا].
التقدير الجماعي:
ويكون ذلك بأن يجتمع المدير مع موظفيه، ويقوم بعرض أثر جهودهم في العمل على المؤسسة وزيادة الإنتاج، ويقدم لهم شكره عن تلك الجهود الرائعة التي تساهم في تقدم المؤسسة إلى الأمام.
لائحة الشرف
كثير منا عندما يدخل إلى بعض المؤسسات أو الشركات، يجد (لائحة الشرف) وبها أسماء بعض الموظفين والعاملين، فهي من وسائل التحفيز المعنوي التي تترك أثرًا كبيرًا في نفسية الموظف، كما أنها تؤثر في بيئة العمل بشكل إيجابي، فيمكنك أن تعد لائحة للشرف وتعلق بها أسماء الأشخاص المتميزين أو أولئك الذين قدموا جهودًا تستحق التقدير، ويكون ذلك بصورة دورية.
ويكون ذلك بابًا من أبواب التحفيز من ناحية، وبابًا من أبواب المنافسة في الاجتهاد والإبداع من ناحية أخرى.
هذا قليل من كثير، فتحفيز الآخرين له وسائل وسبل كثيرة، ولكن كان ما سبق مبادئ أساسية لمن أراد أن يحفز من حوله ويشعل الحماس بداخلهم، وما تبقى من كلام في هذا المضمار يأتي بإذن الله في مقالات قادمة.