كيف تتعامل مع الناس من حولك؟
كيف تتعامل مع المحيطين بك في المؤسسة خاصة مدراءك؟
إن الاهتمام بالموارد البشرية يزداد كقوة تنافسية في جميع المؤسسات التي تسعى للفوز والمنافسة في أسواق هذا القرن الجديد، ولهذا فإن مهارات التعامل مع الآخرين تعد من أهم المهارات المطلوبة في مدير وقائد المستقبل بالدرجة الأولى، وفي كل العاملين في عالمنا المتشابك بالدرجة الثانية، فمن السهل علينا جميعًا أن نتعامل مع الأشخاص الودودين البشوشين، ولكن المحك الحقيقي هو القدرة على التعامل مع اللحظات الصعبة وحالات الغضب والتوتر التي نعيشها مع الآخرين، واستخراج أحسن ما فيها لمصلحة الطرفين. فضلًا عن التعامل مع الأنماط المختلفة من الشخصيات الإنسانية التي نواجهها كل يوم في بيئة العمل.
تتأرجح أنماط السلوك البشري بين قطبين متناقضين تمامًا، وهما العدوانية والعنف من ناحية "القطب الموجب" والسلبية الشديدة واللامبالاة من ناحية أخرى "القطب السالب" وبينهما درجات مختلفة من السلوك المتدرج من الاعتدال إلى الإيجابية أو السلبية.
والأشخاص الطبيعيون هم الذين يتعاملون بثقة واعتدال وتوازن في الظروف الطبيعية، ويحتلون المنطقة الوسطى في التعبير عن النفس والتعامل مع الآخرين. وهي منطقة واسعة وفيها مجال كبير للمناورة والابتكار والتميز.
حينما يتعرض أي شخص لضغوط خارجية فإنه يلجأ للمبالغة في سلوكه. فإن كان انطوائيًا، فإنه يصبح أكثر سلبية ورغبة في الانعزالية، وإن كان شديد الثقة بالنفس فإنه يميل إلى التعبير عن نفسه بصوت أعلى وعدوانية أكثر، وعادة ما تنشأ الضغوط حينما تتعرض الأهداف التي سعى لها أي شخص للخطر، فيضطر للمبالغة في سلوكه كمحاولة للدفاع عن الهدف الذي يسعى إليه، وفي المحيط الذي يعيش فيه البشر، تنحصر الأهداف التي يسعى إليها الناس في محورين أساسين هما: محور العمل ومحور العلاقة بالآخرين.
في جانب العمل تتركز الأهداف في هدفين رئيسين هما:
1- إنهاء العمل بأسرع طريقة أو 2- إنهاء العمل بأحسن طريقة.
وفي جانب العلاقة بالناس يتلخص الهدفان في:
1- مجاراة الناس ومسايرتهم أو 2- الحصول على ثنائهم وانتزاع إعجابهم.
حينما يتعرض الهدف الذي يسعى إليه أي إنسان للتهديد فإن سلوكه الطبيعي يتغير تبعًا لدرجة تحكمه في نفسه؛ فيميل إلى المبالغة سواء في الاتجاه السلبي أو الاتجاه العدواني تبعًا للبناء السيكولوجي لشخصيته. وحينما تخرج الضغوط أسوأ ما في الناس فهي تحولهم إلى أنماط سلوكية يصعب على الآخرين التعامل معها.
وفي بيئات العمل وفي كل الثقافات هناك أناس مراسهم صعب ويشق على أي إنسان التعامل معهم بارتياح. فقد تجد نفسك مضطرًا للعمل مع شخص كسول، وقد يعتريك الشك بأنه هذا النمط جزء من الطبيعة البشرية ويصعب تغييره، الأمر الذي يصيبك بالإحباط ويجعلك تفقد السيطرة على الأمور من حولك. ولكن تذكر أنك ستجد دائمًا الخيار المناسب للتصرف في الأوقات الحرجة. وفي واقع الأمر، فإنك عند التعامل مع أحد الأنماط السلوكية المتعبة، يمكن أن تختار واحدًا من الخيارات الأربعة التالية:
أن ترضى بالأمر الواقع وأن لا تفعل شيئًا:
في هذه الحالة تحاول أن تتأقلم مع الشخص الصعب دون أن تتصرف أو تشكو لشخص آخر لا يستطيع أيضًا أن يفعل شيئًا. ولكن عدم فعل أي شيء أمر خطير لأن الإحباط والغضب يتراكم مع الوقت ويؤدي للانفجار.
كما أن الشكوى لمن لا يستطيع أن يفعل شيئًا يخفض من روحك المعنوية ويقلل الإنتاجية، ويؤجل اتخاذ إجراء فعال في الوقت المناسب.
أن تهرب من المشكلة:
يجب أن تؤمن بأنه من المستحيل إيجاد حلول لكل المشكلات التي تواجهها. فهناك مشكلات لا تستحق عناء البحث عن حلول لها. فالهروب من المشكلة يعتبر حلًا معقولًا عندما تصبح مواجهة الشخص (المشكلة) أمرًا غير معقول. فعندما يزيد كل ما تحاول أن تقوله أو تفعله من تعقيد المشكلة، يصبح الابتعاد هو الحل الوحيد، لاسيما إذا بدأت تفقد السيطرة على الأمور. ولكن قبل أن تنسحب عليك أن تفكر في الخيارين التاليين:
3- أن تنظر للشخص الصعب نظرة مختلفة:
حتى لو استمر الشخص في تصرفاته غير السوية، فإنه بإمكانك محاولة تفهم الدوافع التي أدت به إلى هذا السلوك. ومن المعروف سلوكيًا أن تغييرنا لأنفسنا أسهل بكثير من تغييرنا للآخرين:
أولا:ً لأن تغييرنا لأنفسنا قد يؤدي إلى تغيير تصرفات الآخرين تجاهنا.
وثانيًا: لأن هذا التغيير قد يؤدي إلى تحريرنا من ردود الأفعال التقليدية التي كنا نمارسها. ولأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فإن تغيير السلوك ضرورة لابد منها لتوفير الإرادة والمرونة لاختيار الحل الرابع والأخير.
أن تعامل الشخص المزعج بطريقة جديدة:
عندما تخرج أفضل ما لديك في معاملة الناس، فإنهم سيحاولون إخراج أفضل ما لديهم لمعاملتك. فكما أن هناك أناسًا يستطيعون إزعاجك، وأن هناك أناسًا يستطيعون إسعادك، فإنه بإمكانك أيضًا أن تزعج الآخرين أو أن تسعدهم.
ومن الواضح هنا أنه من الأفضل طبعًا أن تلجأ إلى الحلين الأخيرين، بحيث تنمي مهاراتك في التعامل مع الآخرين وتصبح الشخص الذي يلجأ إليه الجميع والذي يشق طريقه في الحياة والمؤسسة بثقة واعتداد بنفسه واعتدال في تصرفاته.
ولكن لابد أولًا من أن تتعرف على الأنماط السلوكية الصعبة التي عادة ما تواجهنا في حياتنا اليومية ثم تتعلم خطوة بخطوة كيفية التعامل معها. وهناك عشرة أنماط سلوكية يمكن من خلالها تصنيف الشخصيات الإيجابية والسلبية التي تقابلنا في حياتنا العملية واليومية.
ونستعرض سويًا النموذج الأول من النماذج العدوانية للسلوك، وكيف يمكن أن نتعامل معه:
الشخص الدبابة:
يميل بطبيعته إلى الثقة الزائدة بالنفس، وحينما تتعرض أهدافه للخطر يلجأ إلى المواجهة الصريحة، وينفجر في غضب محطماً الشخص الذي تسبب في المشكلة من وجهة نظره، هذا الشخص لا تسيره دوافع شخصية ضدك، ويتلخص هدفه الرئيس في إنهاء المهمة بأسرع وقت وأفضل طريقة، فإذا تباطأت في المواجهة، يأخذ على عاتقه استكمال المهمة ليزيحك عن طريقه ويكمل المهمة بدونك.
التعامل مع الدبابة: إذا وجدت نفسك أمام الدبابة، فإنه سيتعامل معك كجزء من الهدف، ولكنك لست الهدف نفسه، فقد تكون أنت المحاسب الذي يحتفظ بحسابات المشروع، وهو يظن أنك وراء كل المشكلات وتعطيل كل الأوراق، وقد تكون أنت مهندس الكمبيوتر الذي تأخر في إصلاح العطل، وهو يرى أنك تعيق عمل الإدارة كلها؛ ولأنه يهدف إلى "إنهاء المهمة" بأي ثمن، فلابد إذًا من إبعادك عن الطريق.
ردود الفعل التقليديه تجاه الدبابة:
1- إما الهجوم المضاد بنفس القوة.
2- أو محاولة تبرير الموقف.
3- أو الصمت التام والابتعاد عن فوهة المدفع.
هدفك الجديد: هو الحصول على احترام الدبابة دون الاضطرار لاستخدام المدفعية المضادة، وخطتك إلى ذلك تتلخص في النقاط التالية:
تماسك واحتفظ برباط جأشك: أول خطوة هي أن تحتفظ بموقفك ثابتاً، فلا تقف إذا كنت جالساً، تنفس ببطء وهدوء واترك الدبابة يفرغ كل ما في جعبته من ذخيرة.
قاطع الهجوم إذا زاد عن حده: بأن تبدأ في النداء على المهاجم باسمه وبصوت أعلى من صوته عدة مرات وبحزم "دون استخدام أي نبرة أو حركة عدوانية" حتى تحصل على انتباهه.
أعد عليه ملاحظاته الرئيسة بسرعة واقتضاب، هذا يثبت له أنك كنت تستمع وتفهم وتركز على إنهاء المهمة.
صوب على الهدف الرئيس وأطلق النار: لخص في جملتين قصيرتين ردك العملي على الاتهامات، مسبوقاً بجملة تؤكد أن هذه هي وجهة نظرك الشخصية في الموضوع: قل له مثلاً "أنا أرى أن هذا الجهاز ما زال بحاجة إلى قطع الغيار التي سبق أن طلبنا شراءها".
السلام المشرف: لا تغلق الباب أمام فرص السلام مع الشخص الدبابة، أعطه فرصة للتراجع بكرامة بعد أن تحدد أنت طريق التراجع، قل له : إنني أدرك أهمية الموضوع، فأرجو أن تسمح لي بحل المشكلة برمتها غداً صباحاً ثم أقدم لك الفواتير اللازمة.
- أما إذا كانت اتهامات الدبابة لك صحيحة، فأسرع طريقة لإنهاء الهجوم هي:
1- الاعتراف بالخطأ.
2- اذكر بسرعة ما تعلمته من التجربة.
3- أكد له أنك ستتفادى تكرار هذا الخطأ مستقبلاً.