حوالي مليون عامل يتم تسريحهم يوميًا نتيجة مشاكل ترتبط بالضغوط. والتكلفة التقديرية لهذه الخسارة في الإنتاجية في اقتصاد الولايات المتحدة تقترب من200 مليار دولار. قد أجرت كلية الإدارة بجامعة ييل دراسة مسحية، فوجدت أن 24% من العاملين قالوا: إنهم غاضبون في أعمالهم بصورة دائمة. ولا عجب في ظل هذه الوقائع التي تواجه عالم العمل اليوم في أن تبحث الشركات- وبقوة- عن طرق لإيجاد بيئة عمل أكثر صحة وأفضل أداء.ومن وجهة نظر صاحب العمل، فإن النتائج لم تعد مبشرة. يقدم "دانيال جولمان" في كتابه بذكاء انفعالي نتائج دراسة مسحية على أصحاب الأعمال في الولايات المتحدة أوضحت أنهم يجدون صعوبة في توظيف النوعية المناسبة من الموظفين، وتعاني نسبة أربعين بالمائة ممن يلتحقون بالعمل حديثًا من مشاكل في التعامل مع الزملاء، وتقل نسبة من لديهم عادة العمل والانضباط اللازم للوظائف الأولية منهم عن 20% ويشكو أصحاب الأعمال بصورة دائمة من افتقار من يوظفونهم إلى مهارات التعامل مع الناس. وقد أصبح تقديم المردود للموظفين الشباب في فترة التعيين المؤقت للتقييم يسبب مشكلة، حيث يبدو أن الكثيرين منهم يعتبرون النقد البناء هجومًا شخصيًا عليهم ويشعرون بالغضب من ذلك. وليست هذه المشكلة مقصورة على الموظفين الجدد والشباب. لقد كان النجاح في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي يتطلب الالتحاق بالجامعات العريقة ولحصول على تقديرات جيدة، فكانت النتيجة أن ترقى الكثيرون من التنفيذيين إلى المناصب العالية دون أن يتطور لديهم ذكاء انفعالي جيد، فوجدوا أن حياتهم المهنية تتضاءل، بل وتتفكك.
الانفعالات في العمل
وضع عالم النفس الأسترالي "إدجار دول" عام1935 نظريته عن أن الانفعالات تحفز الناس وتدفعهم للإنجاز، وكذلك فإنها مكون مهم في حياتنا في العمل وحياتنا خارج العمل أيضًا. ولم يكن فهم الانفعالات في ذلك الوقت متطورًا بما يكفي حتى يدرك العالم ما قاله "دول".بل وحتى وقت ليس ببعيد، لم يكن من المتوقع أن يكون للانفعالات مكان في العمل، وكان المتوقع أن على الناس أن يتركوا انفعالاتهم خارج أماكن العمل. وكان من بين أسباب استبعاد النساء من أماكن اعتبارهن انفعاليات للغاية مما يعيقهن عن الأداء الجيد في العمل. وعلى الرغم من أن هذه الرؤية تبدو بالية حاليًا، إلا أنه لم تسهم النساء في العمل بصورة أساسية إلا منذ سنوات الحرب العالمية الثانية، وبذلك أصبحت فكرة أن الانفعالات ليس لها مكان في العمل بالية مثلما أصبحت فكرة التدخين ليست له علاقة بالإصابة بالسرطان. ومع ذلك، فإن بعض أماكن العمل لا ترتاح لفكرة أن انفعالاتنا جزء من هواياتنا وتؤثر على كل ما نفعله، ويبدو أن هذه الشركات لا تزال تعمل في ظل فكرة أنه من الممكن للموظفين ترك انفعالاتهم خارج العمل. إن النجاح في العمل يعود أساسًا إلى قدرتنا على إقامة علاقات فعالة مع الآخرين، ومن هؤلاء الآخرين زملاؤنا، ومديرونا،ومرؤوسونا، وعملاؤنا. إن الشركات القادرة على إقامة أفضل العلاقات- سواء داخليًا بين العاملين فيها، أو خارجيًا مع عملائها ومورديها- هي الشركات الأكثر نجاحًا.ولست واثقًا من كون "هيرب كيلهر" ومؤسسي شركة طيران ساوذيست إيرلاينز قد سمعوا "إدجار دول" عندما كانوا يقاومون كل الصعاب التي واجهتهم أثناء إنشائهم لشركة طيران وليدة في تكساس عام 1971. ومع ذلك، فقد كانوا يعرفون كيف يحفزون العاملين معهم، حيث كان إيمانهم من البداية هو أن العاملين معهم يقدمون عملاً بنفس جودة ما يحصلون عليه، وأنهم إذا اهتموا بالعملين معهم، وجعلوا لهم الأولوية على أي شيء آخر، فسوف يرد العاملون على هذا بولاء مذهل وجهد كبير، فتكون النتيجة شركة ناجحة جدًا.