قدر تجار في قطاع بيع الملابس النسائية أن حجم خسائرهم خلال فترة تطبيق قرار التأنيث على محلاتهم، بلغت 800 مليون ريال.
وفي الوقت الذي أشاروا فيه إلى أن ما يزيد عن 25% من المنشآت الصغيرة والمتوسطة - تستحوذ على 80% من حجم سوق الملابس النسائية، أكد وكيل وزارة العمل المساعد للتطوير الدكتور فهد التخيفي أن وزارته جادة في تنفيذ جميع مراحل تطبيق التأنيث، وأن الوزارة منحت القطاع الوقت لتطبيق التأنيث تدريجيًا فضلاً عن طرح المسودة للاستفتاء.
وأكد التجار أنه لا اعتراض على القرار، ولكن على آلية وفترة تطبيقه، محذرين في الوقت نفسه من الاستمرار في التطبيق، مما قد يؤدي إلى الإفلاس والخروج من السوق، وبالتالي يتحولون من منتجين أعمال إلى عاطلين، لاسيما وأن أكثر من 95% من الذكور يسيطرون على سوق الملابس.
رئيس لجنة تجار الأقمشة والملابس الجاهزة بغرفة جدة محمد الشهري، قدر خسائر محلات الملابس والعبايات والأقمشة خلال فترة التأنيث (800) مليون ريال، مشيرا إلى أن هناك 25% من المنشآت الصغيرة والمتوسطة خرجت من السوق، بينما هناك محلات بنفس هذه النسبة بتقاوم بين البقاء والخروج.
ولفت الشهري إلى أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تستحوذ على نسبة 80% من حجم سوق الملابس والأقمشة، بينما نسبة الشركات الكبرى نحو 20%.
وأبان الشهري أن قرار التأنيث لا يفرق بين الشركات الكبرى والمؤسسات الصغيرة، حيث طبق على أنهما يعملان في نطاق واحد، معتبرا أن ذلك السبب الرئيس الذي أدى إلى إفلاسهم لزيادة التكلفة عليهم، بعدما أجبروا بتوظيف 3 موظفات في المحل الواحد لفترتين، وبزيادة ضعف عن الرواتب التي كانت تحصل عليها العمالة الوافدة التي كانت تعمل لديهم، بالإضافة إلى ارتفاع الإيجارات، وفرض رسوم مالية على العمالة.
أما عن العقبات التي تواجه تواجه العاملات، فقال الشهري: «إن أبرز تلك العقبات ارتفاع تكلفة المواصلات، وعزوف الفتيات عن العمل بدوام الفترتين».
ونفى الشهري كل من يردد أن المحلات التي أغلقت «متسترة»، وقال: «إن الوزارة تخلط بين التستر المعروف والموجود فعليا، وبين أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة النظامية هي الضحية، لأنها لم تكن تستطيع الوقوف على قدميها إلا بتلك القروض والدعم من بنوك ومؤسسات التسليف التي لم تكمل سدادها بعد.

وأكد الشهري أن التجار وأعضاء اللجنة الممثلين لا يعترضون على القرار، ولكنهم يرون صعوبة تطبيقه، مطالبين بمعالجته حتى لا يؤثر على هذا القطاع الحيوي، مما ينجم عنه نتيجة عكسية تأتي دون توقعات الوزارة نحو تحقيق هدفها المنشود وهو «التأنيث»، بل قد يخلق الطبقية بين الشركات الكبرى وتمكنها من السيطرة على السوق، وتخرج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من السوق بسبب عدم قلة إمكاناتها على تحمل التكاليف الباهضة.

ويرى الشهري أن أبرز الحلول المرونة بتطبيق آلية التأنيث، ومعالجة السلبيات وبشكل عاجل، والتحدث مع شباب وشابات الأعمال بصفتهم تجار مثلهم مثل بقية المواطنين الذين بنتسبون إلى هذا البلد، ونعني بالمرونة تطبيق المرونة في التفتيش، ومراعاة وضع المؤسسات الصغيرة عن الكيانات والشركات الكبرى، حتى تستمر في العمل بنشاطها في السوق وتكبر، مؤكدا ضرورة أن يعي عناصر التفتيش أسباب إغلاق تلك المحلات عوضًا عن أن يقتصر دورهم وينحصر في معوقات توظيف المرأة.
وحذر الشهري من إغلاق هذه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مؤكدا أن إغلاقها سيخلق بطالة عكسية، تنشأ من تحول أصحابها الذكور الذين يسيطرون على 95% من سوق الملابس من منتجين إلى عاطلين.
وأضاف: أن فرض تعيين 3 موظفات وموظفة إدارية، واشتراط البلديات أن تتولى مهام مراجعة أعمال محلات بيع المستلزمات النسائية إمرأة، والإجراءات البيروقراطية، جميعها قاطبة تحملها خسائر مادية باهظة.
تهميش التجار
وعن مدى مشاركة ومشاورة التجار في قرار تأنيث المحلات، أوضح الشهري أن وزارة العمل قبل أن تطرح مثل هذا القرار، كان لزامًا عليها أن تناقشه معهم، وتعطيهم الفرصة الكافية لإبداء مرئياتهم، بل اعتبروا أنه من أهم القرارات التي يجب أن يطرح للتطبيق على أرض الواقع، مثل بقية القرارات التي يتم تطبيقها بعد طرحه بمسودات من البداية في بوابة «معا»، ولكنهم فوجئوا بين عشية وضحاها أن القرار طبق دون الأخذ برأيهم.
تجار الملابس
ويتفق محمد حاكم «صاحب محلات لبيع الملابس الجاهزة»، مع ما قاله الشهري، حيث قال: «إن لدي 35 محلا لبيع الملابس الجاهزة بالمملكة، في بيع أنشطة ملابس اللانجيري والسهرات والإسبورات، أغلق 10 محلات منها، لعدم توفر كوادر نسائية، فهناك محل لبيع «اللانجيري» في مجمع المكرونة بمدينة جدة والذي يقع على الشارع العام، بسبب رفض الفتيات العمل فيه، علما بأن قرار التأنيث يستثني التطبيق على المحلات التي تقع على الشوارع العامة، مقدرا أن حجم خسائره بلغ مليوني ريال.
وقدر أن هناك 30% من المحلات خرجت من السوق بشكل نهائي».
وشكا محمد حاكم من كثرة الغرامات التي تفرضها الوزارة عليه، قائلا: «هلكوني بالغرامات»، فقلت لهم: «خذو المحلات لا أريدها». ولم ينكر حاكم أن هناك فتيات من الكفاءات، حيث أشاد بثلاثة نماذج منهن يعملن لديه في «الأندلس مول»، حيث خصص لهن رواتب ( 4500) ريال للمشرفة و( 3500) ريال للبائعات، مؤكدا أنهن يمتلكن أسلوبًا جيدًا في التعامل.
تدريب وتأهيل المرأة
وأكد محمد حاكم ضرورة اخضاع الفتيات لبرنامج تدريبي لمدة ثلاثة أشهر مقابل أن يصرف لهن صاحب العمل مكافأة بـ1500 ريال، ومن ثم بعد أن ينتهين من التدريب يتم صرف الرواتب لهن، مؤكدا أن وزارة العمل لم تقدم «برامج تدريب وتأهيل» تتناسب مع احتياج سوق العمل كالتدريب على «مهنة البيع»، بدلا من البرامج التي تقدمها أحيانا الوزارة أو صندوق تنمية الموارد البشرية في «السكرتارية»، وأشار إلى أنه قام بإغلاق محلاته في منطقة القصيم ومنطقة حائل لعدم توفر سعوديات يرغبن في العمل، وبين أن هناك بعض الفتيات يرغبن العمل في بعض المدن الرئيسية ولكنهن غير جادات ولا لديهن الحد الأدنى من التأهيل في أسلوب التعامل مع العملاء.
مشكلة المواصلات
وطالب محمد حاكم وزارة العمل أن تتروى في تطبيق قرارات التأنيث على محلات بيع الإسبور، لأنها حسب رأيه لم تنجح بعد بتطبيقه في المرحلة السابقة فعلى سبيل المثال لم ينجح تطبيقه في «محلات اللانجيري» أو «محلات السهرات»، ملفتا إلى أن أبرز العقبات التي تقف أمام عمل المرأة هي عدم وجود المواصلات ووقت الدوام على فترتين.
* التأنيث فتح مجالات عمل
من جانبه، يرى زياد البسام نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة، أن قرار تأنيث محلات بيع المستلزمات النسائية، قرار إيجابي أوجد فرص لظهور سيدات أعمال يدرن مثل هذه المشروعات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وفق الأنشطة والأعمال التي تناسب قدراتهن وضمن نطاق خصوصية المرأة.
استعداد على التدريب
وأكد البسام على استعداد غرفة جدة دعم وتدريب الفتيات في مختلف المهن كبائعات وتوفير العمالة، وتلبية حاجة السوق، كما أكد أن الغرفة على استعداد لتقديم أنسب الحلول الممكنة.
وعما إذا كانت لجنة الملابس الجاهزة رفعت ملف صعوبات التأنيث إلى مجلس إدارة الغرفة لإحالته على الجهات المعنية، أوضح البسام أن المجلس يهتم ويقدم كل الدعم إلى هذا القطاع، وهو على أتم استعداد لرفعه إلى وزارة العمل، ولكن بعد مناقشته ودراسته بشكل جيد.
*نجاح المشاركة المجتمعية
ويرى استشاري الاستثمار في رأس المال البشري في دول الخليج، الدكتور محمود مقصود خان،أن وزارة العمل، نجحت بشكل كبير بأسلوب إصدار قراراتها بالمشاركة المجتمعية من خلال طرحها لمسودات القرارات على موقع بوابة « معا « والمخصص لذلك، مفضلا أن يكون قرار تأنيث المحلات قد طرح من بداية تطبيقه إلا أنه رغم ذلك طبق على كثير من المحلات التجارية بنجاح لأنه طبق بعد طرحه وعرضة على التجار من خلال اللقاءات والندوات والمؤتمرات المستمرة معهم، بالإضافة إلى طرحه بعد تطبيق جزئي من القرار على بوابة « معا «.
وأضاف د. خان : أن ما يميز أسلوب وزارة العمل في إشراك المجتمع في قراراتها قبل صدورها هو الأخذ بالإيجابيات والسلبيات للقرار ومعالجته ومناقشته.
المصدر: المدينة السعودية