لقد أفرزت المتغيرات والتحولات العالمية وضعاً جديداً يتمثل فيما يمكن اعتباره "نظام أعمال جديد" سمته الأساسية هي التنافسية التي تعتبر التحدي الرئيسي الذي تواجهه منظمات الأعمال المعاصرة، والتي تفرض ضرورة الدراسة الواعية للظروف الجديدة وما تنتجه من فرص، وما تفرضه من قيود ومخاطر. وقد تبينت الإدارة المعاصرة أن الموارد البشرية ذات الكفاءة الأعلى والتأهيل الأفضل هي العنصر الفاعل في تمكينها من مواجهة تحديات التنافسية فضلاً عن باقي التحديات التي نشأت عن العولمة.

ويقصد بالتنافسية الجهود والإجراءات والابتكارات والضغوط وكافة الفعاليات الإدارية والتسويقية والإنتاجية والابتكارية والتطويرية التي تمارسها المنظمات من أجل الحصول على شريحة أكبر ورقعة أكثر اتساعاً في الأسواق التي تهتم بها. وتؤدي التنافسية أيضاً معنى الصراع والتضارب والرغبة في المخالفة والتميز عن الآخرين.

وتعتبر التنافسية من طبيعة نظم الأعمال منذ نشأها، فالمنظمات \"بل والأفراد\" تميل إلى المنافسة بحكم استشعار الخطر من وجود منتجين آخرين في نفس المجال، أو احتمال تحول عملاءها إلى استخدام منتجات وخدمات بديلة.

وفي العصر الحالي تفاقمت حدة التنافسية كأسلوب حياة للمنظمات- بل والدول وتجمعاتها الإقليمية-بإعتبارها الوسيلة الفعالة لمواجهة التحديات التالية:

- حتمية اكتساب القدرة على التعامل في سوق مفتوح لا تتوفر فيه أسباب الحماية والدعم التي اعتادت المنظمات التمتع بها فيما قبل عصر العولمة والتنافسية.
- ضرورة التخلص من أساليب العمل النمطية والتقليدية التي لم تعد تتناسب مع حركية الأسواق وضغوط المنافسة، والتحول إلى أساليب مرنة ومتطورة تجاري متغيرات السوق وتسابق المنافسين.- ضرورة التحرر من أسر الخبرة الماضية والانكفاء على الذات، وأهمية الانطلاق إلى المستقبل واستباق المنافسة بتطوير المنتجات والخدمات وأساليب الأداء سعياً إلى كسف ثقة وولاء العملاء.- ومن ثم يكون الاهتمام بالبحوث والتطوير، واستثمار الطاقات الفكرية والإبداعية للموارد البشرية أحد أهم الركائز للمنظمات المعاصرة في عملياتها التنافسية.- أهمية الانطلاق في كل عمليات المنظمة وتوجهاتها من قراءة واعية وإدراك صحيح لحالة السوق ورغبات العملاء وممارسات المنافسين الحاليين والمحتملين، والعمل على سد الفرص أمام هؤلاء المنافسين والبحث عن صيغ وآليات تتيح التميز عليهم وسبقهم إلى العملاء.- أهمية تنمية واستثمار القدرات التنافسية للمنظمة وهي كل ما يميزها عن المنافسين من وجهة نظر العملاء الحاليين والمرتقبين.
أسباب التنافسية

- ضخامة وتعدد الفرص في السوق العالمي بعد أن انفتحت الأسواق أمام حركة تحرير التجارة الدولية نتيجة اتفاقيات الجات ومنظمة التجارة العالمية.
- وفرة المعلومات عن أسواق العالمية والسهولة النسبية في متابعة وملاحقة المتغيرات نتيجة تقنيات المعلومات والاتصالات، وتطور أساليب بحوث السوق تقنيات القياس المرجعي والشفافية النسبية التي تتعامل بها المنظمات الحديثة في المعلومات المتصلة بالسوق وغيرها من المعلومات ذات الدلالة على مراكزها التنافسية.- سهولة الاتصالات وتبادل المعلومات بين المنظمات المختلفة، وفيما بين وحدات وفروع المنظمة الواحدة بفضل شبكة الإنترنت وشبكات الإنترانيت وغيرها من آليات الاتصالات الحديثة وتطبيقات المعلوماتية المتجددة.- تدفق نتائج البحوث والتطورات التقنية، وتسارع عمليات الإبداع والابتكار بفضل الاستثمارات الضخمة في عمليات البحث والتطوير، ونتيجة للتحالفات بين المنظمات الكبرى في هذا المجال.- مع زيادة الطاقات الإنتاجية، وارتفاع مستويات الجودة، والسهولة النسبية في دخول منافسين جدد في الصناعات كثيفة الأسواق، تحول السوق إلى سوق مشترين تتركز القوة الحقيقية فيه للعملاء الذين انفتحت أمامهم فرص الاختيار والمفاضلة بين بدائل متعددة لإشباع رغباتهم بأقل تكلفة وبأيسر الشروط، ومن ثم تصبح التنافسية هي الوسيلة الوحيدة للتعامل في السوق من خلال العمل على اكتساب وتنمية القدرات التنافسية.