كيف خسرت شركة طيران مليون دولار بسبب مقعد ثمنه 50 دولاراًهل بدأت في إدراك قيمة هذا المبدأ ؟ إنها ضخمة !كان لدىَّ مشكلة اضطررت على إثرها للسفر من شركة خطوط طيران لا أستخدمه في العادة. فعادة ما أسافر على خطوط طيران أمريكان إيرلاينز، حيث إنهم قد زادوا المسافة التي توضع فيها الساقان في كل مقعد، وهذا أمر يروق لي بما أن طولي يبلغ مترين تقريبًا. مع خطوط الطيران هذه، التي لن أذكر اسمها، كان لدينا موقف مربك قليلاً: فقد أجلسوني في مقعد في الدرجة الاقتصادية، وهو نوعية لا تناسبني. فقد، دخلت ساقاي حوالي 4 بوصات في المقعد الموجود أمامي. إليك خلفية بسيطة عن هذه الشركة البديلة. بدأت هذه الشركة في مواجهة مشاكل مالية، لذا من أجل زيادة العائدات، قرروا إلغاء بعض مقاعد الدرجة الاقتصادية واستبدلوها بها درجة اقتصادية مميزة، بها بضع بوصات إضافية بين المقاعد لوضع الأرجل. كان المقعد في الدرجة الاقتصادية المميزة يتكلف 50 دولاراً إضافية لذا، قمنا باستدعاء العديد من الموظفين وتحدثنا معهم، وقد قالوا نفس الشيء مرارًا وتكرارًا: "عليك أن تتحدث موظف البوابة. لا يمكننا أن نساعدك في هذا الأمر. لا يمكننا أن نغير لك المقاعد ما لم تبلغ مكانة معينة معنا " .لا يتم بلوغ هذه المكانة إلا عندما تسافر على خطوط هذه الشركة طوال الوقت وتتراكم لديك الأميال. حينها تحصل على معاملة أفضل. لكنى لا أسافر معهم طوال الوقت، ومن ثم كانت معاملتهم لي سيئة للغاية.عندما أكدت الحجز، شرحت الموقف مرة أخرى لموظف الحجز، وقال مرة أخرى: "تحدث مع موظف البوابة" .تحدثت مع موظف البوابة الذي قال لي إنه لا توجد أي مقاعد متبقية ليغير لي مقعدي، ويجب أن أتصل بمكتب الحجز أو أتحدث مع موظف الحجز.كان لسان حالي يقول: "آه. لابد أنك تمزج" .عندما صعدت إلى الطائرة وتم غلق الأبواب، كان هناك مقعد في الدرجة الاقتصادية المميزة شاغرًا. حسناً! ربما خدعوني، أو على الأقل يفتقرون للتنظيم بشكل بالغ! وبدلاً من الانتقال إلى هذا المقعد الشاغر فحسب، طلبت من مضيفة الطيران بأدب :" سيدتي، كما ترين، يبلغ طولي مترين تقريبًا، ولا يناسبني هذا المقعد الذي أجلس فيه. وهذه رحلة طيران طويلة؛ هل يمكن أن أنتقل إلى هذا المقعد الشاغر؟" .فأجابت: "آسفة، هذا المقعد للأشخاص الذين يدفعون 50 دولاراً إضافية. عليك أن تتصل بمكتب الحجز لتقوم بذلك" .قلت: "اتصلت بهم. وتحدثت مع موظف الحجز وتحدثت مع موظفة البوابة، الذي أخبرني انه لا توجد مقاعد شاغرة في الدرجة الاقتصادية المميزة. هل يمكن أن أعطيك 100 دولار، وتدعيني أنتقل؟ يمكن حتى أن تحتفظي بالخمسين دولاراً الإضافية لنفسك" .قالت :" آسفة ، لا يوجد ما يمكن أن افعله من أجلك " .دعنا نلخص هذه التجربة، ونوضح ما حدث. ما الذي نقلته إلى خطوط طيران (س) بتصرفها ذاك؟ لقد قالوا لي: "سيدي، نحن لا نقدر العمل معك أو نهتم بدرجة كافية بأن نصنع تجربة رائعة من أجلك. ونتيجة لهذا، نرغب في أن نخسر العمل معك ومع من تعرفهم وستحكى لهم عن هذه التجربة " .كانت هذه التجربة محزنة لأني عميل جيد؛ لكنى أنجذب إلى التجارب الرائعة، وهذا ما فشلوا في تقديمه، وقد كلفهم هذا كثيراً، فعندما قدرت كل رحلات الطيران التي أقوم بها، وجمعت ما أدفعه كل عام مقابل هذه الرحلات، وأضربه في السنوات 15 القادمة، تكون هذه الشركة قد خسرت أعمالاً بمليون دولار. هل كلفهم هذا أكثر من مليون دولار؟ ربما نعم، وربما لا، لكنه بالتأكيد لم يساعدهم على تحقيق الربح.أتوقع أن تضاعف الشركات الصغيرة، والمتوسطة، والكبير من أعمالها ضعفين، أو حتى ثلاثة أضعاف، بدون أن تنفق أية أموال إضافية على التسويق أو الإعلان، إذا جعلوا من أولوياتهم أن يصنعوا تجربة رائعة للعملاء. إن الأمر بهذه السهولة. سوف يدفع الناس أكثر مقابل تجربة أفضل، وهذا أمر بسيط. فهناك عادة مكان آخر للتعامل معه، وغالبًا ما يكون بالجوار.تحدثت مؤخرًا في حدث كان من بين المستمعين فيه مدير بإحدى الشركات الكبرى لبيع الأجهزة الالكترونية بالتجزئة. لقد سمعني أتحدث في هذا الموضوع ثم اتصل بي لاحقًا من أجل التحدث عنه. أخبرني أنه قد أصبح مؤخرًا مسئولاً عن خبرات العملاء، وسألني إذا ما كان لدىَّ أية أفكار حول هذا. فنظرت إليه، وابتسمت قائلاً: " لدىَّ بعض الأفكار الرائعة، لكنها بسيطة. عليك أن تدرك أن صنع تجارب رائعة للعملاء لا يجب أن يكون أمرًا معقداً" .إن ما يحدث اليوم، وتراه كثيرًا، هو أن الشركات تعقد ما هو بسيط، ونتيجة لذلك، يخسرون العملاء، والعلاقات، والأرباح.كما علقت أيضًا بكل أمانه بأنني لم أحظ بأفضل خدمة في متاجره ، وأعرف الكثير من الأشخاص الآخرين الذين يشعرون بالمثل. فابتسم قائلًا: أعلم هذا. ولهذا السبب جعلوني مسئولاً عن خبرات العملاء " .قلت: " لقد قامت سلسة متاجرك بإجراء فحص دقيق وغيرت المظهر داخل المتاجر، وهذا أمر جيد للغاية، لكنه مجرد تغيير سطحي. وقد يبدو المتجر أكثر احترافًا، لكن إذا لم تقدم تجربة رائعة للعملاء، فسوف يشترون من مكان يقدم لهم هذا، حتى لو دفعوا أموالاً أكثر مقابل نيل هذه التجربة" .نحن نرغب في العودة للأماكن التي نشعر فيها بمشاعر طيبة، وسوف نجلب الآخرين معنا. يبدو هذا ضربًا من الجنون، لكنه حقيقي. إن لدينا جميعًا الخيار في تحديد المكان الذي نقضى فيه وقتنا وننفق فيه أموالنا، ويتحدد جزء كبير من هذا الاختيار بالمكان الذي نشعر فيه بمشاعر طيبة.استمررت في الحديث مع هذا المدير حول كيف أن متاجره بها الكثير من الشباب، وهذا أمر رائع لكن المتجر لا يصنع خبرة رائعة أو يساعد العملاء في المشاكل التي يواجهونها وهذا ليس خطأ الشباب، وإنما خطأ الأشخاص الذين دربوهم. ولعل من أكبر الأخطاء التي ترتكبها الشركات في التدريب هو إعداد موظفيها لاعتلاء الوظائف والمناصب الإدارية الكبرى، باستخدام سياسات وإجراءات الشركة دون رؤيتهم الخاصة، أو مهارات حل المشكلة، أو الابتكار التي يتحلون بها. وهذه طريقة رجعية وتصنع آليين لا يمكن أن يقوموا بشيء للمساعدة في حل موقف خارج ما تعملوه. ونتيجة لذلك، يشعر العملاء الذين يمرون بهذه المواقف بأنهم وقعوا في شرك. لهذا السبب أشفق كثيرًا على المدراء، لأن الناس دائمًا يطلبون التحدث مع المدير. ولو أننا تعلمنا أن نتعامل مع العملاء بشكل صحيح من البداية، لقلل هذا من سماع عبارات على شاكلة: "دعني أتحدث مع المدير، أوصلني بالمدير"، وما شبه ذلك.إن الهدف من تدريب الموظفين يجب أن يكون إخراج أفضل ما فيهم، لكي يكونوا أفضل من يمثلون المؤسسة.يمكنك أن تقدم أفضل الأسعار والصفقات، وتمتلك أفضل معرفة في مجال العمل، لكن العامل الأهم في تحديد ما إذا كنت ستصنع علاقة ناجحة طويلة المدى مع عميل أو زبون، أم علاقة منتهية، هو التجربة التي تصنعها. إن الأمر يتعلق بكونك منتبهاً ونشطًا: - بإظهار توجه يشير إلى أنك تضع حاجات العميل قبل كل شيء آخر. وكما يقول القول المأثور: "لا يهتم الناس بمدى معرفتك، حتى يعلموا مدى اهتمامك " .