د. عبدالله البريدي

يتعين على المديرين في منظماتنا العربية أن يحسنوا طرق زيادة الرضا الوظيفي لموظفيهم وأن يتفننوا في تعزيز الاتجاهات الإيجابية لدى الموظفين تجاه العمل، وقبل أن نهرول إلى مراجعة الأدبيات العلمية والتي تمتلئ خزانتها بالعديد من الأساليب التي طورها باحثون غربيون في بيئاتهم الثقافية ووفق أوضاعهم الإدارية والقانونية؛ فإن علينا أن نبادر إلى ابتكار الأدوات التي تناسبنا بالإضافة إلى الطرق النافعة الأخرى التي أثبتها البحث العلمي. وفي رأيي أن من أهم الأساليب التي نحتاجها في مجتمعنا العربي لكي نفلح في زيادة رضا موظفينا ما يلي:

1. لنعترف بإنسانية الموظف! أحسب أننا بالفعل نحتاج إلى أن نعترفَ بإنسانية الموظف ومشاعره ودوافعه وحاجاته وآماله وآلامه، ونقرَ له بأنه إنسان مزود بالمهارة ومملوء بالإبداع ومشبع بالكرامة، وهذا يعني أننا نعترف له بأنه يسعه أن يسهم بشكل فاعل في بناء مشروعنا الحضاري الوطني والعربي والإسلامي من خلال تقديرنا لجهده وإسهامه واعترافنا بإنجازاته وعطائه مما يشعل جذوة الحماس والانتماء للعمل، مع وجوب عدم إشعاره بأي نوع من "المنة" عندما نمنحه بعض الدريهمات أو المزايا أو الترقيات!

2. ارش موظفك بالكلمة! لا يكفي أن نعترف بإنسانية، بل يتعين علينا أن نداوم في عملية تشجيعه وتحفيزه واستفزاز إبداعه وألا نبخل عليه بالرشوة الحلال والتي تتجسد بكلمة تشجيع ووقفة تقدير ورسالة ثناء وخطاب شكر ومصافحة عرفان!

ومع مراعاتنا للأساليب السابقة والإفادة منها نشير إلى أن بعض الدراسات قد اقترحت عدداً من الأساليب النافعة والتي منها:
3. غيّر تركيبة العمل!
هنالك العديد من الأساليب لتغيير تركيبة العمل على نحو يزيد من رضا الموظفين، فمن ذلك أن المدير يستطيع أن يستخدم أسلوب دوران العمل أو التدوير Job Rotation والذي ينتقل بموجبه موظف من عمل إلى آخر أو من قسم إلى آخر، حيث يفيد ذلك الأسلوب في إكساب الموظف لمهارات ومعارف جديدة وهذا يرفع من معنوياته كما انه يعرضه لتجارب وأنماط جديدة وهذا يقلل من الملل والروتين القاتل! وأحسب أننا في أغلب الأحيان لا نلجأ لأسلوب التدوير إلا عند الحاجة كأن ينتقل شخص أو يتغيّب أو ما إلى ذلك!!



4. زد واجبات العمل ووسّع صلاحياته! زيادة واجبات أو صلاحيات العمل تعني للموظف أنه بات أكثر أهمية وأن درجة الثقة به قد ازدادت وهذا ينعكس إيجاباً على معنوياته كما أن ذلك يؤدي إلى تعلم مهارات ومعارف جديدة وكل هذا يزيد درجة الرضا الوظيفي لديه.



5. زد الراتب وحسّن المزايا! زيادة الراتب وتحسين نظام المكافآت مع وجوب التقييم الموضوعي للأداء أي دون مجاملات في العلاوة والترقية، كما ننبه إلى أهمية مزج العوامل المادية بالعوامل المعنوية والمتعلقة بالدافعية الداخلية وخلق رؤية طموحة للموظفين بفضل أنماط القيادة الجيدة (وليست الإدارة الجيدة!).



6. قدّم منافع إضافية! ويعني ذلك أن نكون قادرين على خلق منافع إضافية في بيئة العمل للموظف كأن نقر نظاماً مرناً للعمل يعتمد على فلسفة الأهداف أو الورديات، وتقديم برامج للرعاية الصحية وطرق متعددة للتقاعد وبرامح للعناية بالعائلة والأطفال، ومما يزيد رضا الموظف إتاحة الفرصة له لكي يشارك في الأرباح وهو ما تفعله بعض الشركات وهذا يزيد وبشكل كبير من الولاء والانتماء للمنظمة، ولكنه أسلوب لا نكاد نراه في منظماتنا، حيث أننا نؤمن – كما يبدو – بأن الموظف يجب أن يبقى موظفاً وليس مشاركاً في الملكية!

حكمة في السلوك التنظيمي
الرضا الوظيفي كالزئبق في الترمومتر... يرتفع منسوبه كلما بادرنا بالاعتراف بإنسانية الموظف وأدمنا على رشوته بالكلمة الحلال والاعتراف بإنجازاته وعطاءاته؛ لنفرّق من ثم بين الذين يعملون والذين لا يعملون!