1- مفهوم وأهداف تقويم الأداء :-


في ظل هذا التوسع في عمل الادارة المالية خاصة والادارات الحكومية عامة، وظهور التخصصات الدقيقة المختلفة، مما اقتضى معه الأمر تفويض بعض الإختصاصات والمسئوليات إلى المسئولين عن الإدارات حتى يتمكنوا من أداء الأعمال الموكولة لهم، وتحقيق أهداف المؤسسة، ظهرت الحاجة الى تقويم الاداء، وهو ما اصطلح البعض على تسميته بمراجعة الاداء أو الرقابة على الاداء( قلعاوي،1998م،ص15 )، مع الأخذ في الاعتبار أن عملية تقويم الأداء تكتسب أهمية خاصة عند تطبيقها على القطاع الحكومي لكونها تمثل البديل عن الدافع الذاتي الذي يحفز النشاط الخاص، ويدعم سعي الإدارة لتحقيق أهدافها(قلعاوي،1998م،ص62).



فقد عرفت لجنة الأدلة والمصطلحات التابعة للمجموعة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة رقابة الأداء بأنها " تقويم أنشطة هيئة ما للتحقق مما إذا كانت مواردها قد أديرت بالصورة التي روعيت فيها جوانب التوفير والكفاءة والفاعلية ، ومن أن متطلبات المساءلة قد تمت الاستجابة لها بصورة معقولة " (مجلة الرقابة المالية ،العدد 28، يونيو1996م،ص34 ).




كما وضع كثير من المختصين والأكاديميين تعريفات لتقويم الأداء نذكر منها :-



- يقصد بتقويم الأداء إصلاح أداء الموظف وتعديله وإزالة اعوجاحه.(المطيري والعلي ,1996م).



- هو عملية منظمة تهدف الى تقدير مدى فاعلية وكفاءة الفرد في العمل من أجل مساعدة الادارة المعنية على اتخاذ قرارات هامة تخص الموظف وتهم مصيره الوظيفي(هوانة،1992م).



- هي قياس وتصحيح أداء الأنشطة التي يقوم بها المرؤوسون للتأكد من أن أهداف المنظمة والخطط المعدة لبلوغها يجري تحقيقها (عمار, 1982م, ص 60).



- هوعملية تهدف الى قياس النشاط المؤدى، والوقوف على حقيقة نتائجه، ومن ثم بيان ما إذا كان النشاط متفقاً في نتائجه مع الأهداف التي سعى لتحقيقها، وما إذا كان أسلوب هذا النشاط ووسائل تحقيق نتائجه تمثل أفضل وأكفأ ما أمكن اتباعه لتحقيق تلك النتائج والأهداف.(قلعاوي, 1998م,ص 26).



- أما رقابة الأداء بمعناها العلمي فتعني " تقييم أداء المنظمات طبقاً لأهداف ومعايير محددة مقدماً, تمهيداً لاتخاذ الإجراءات الصحيحة الملائمة بما يضمن تطابق الأداء مع ما هو مخطط له . (الشريف,1987م, ص422).



- ويرى الباحث أن تقويم الاداء هو فحص وتحليل سياسات الادارة عن طريق مجموعة الإجراءات و الوسائل المناسبة بهدف ترشيد هذه السياسات، وتحسين الكفاية التي تنفذ بها.



2- مقومات الأداء الجيد:-
يقصد بمقومات الأداء الجيد مجموعة الخصائص والمتطلبات التي يلزم توفرها للحكم علي مدى جودة وكفاءة وفعالية الأداء ، وهذه المقومات هي :-



أ#- الإدارة الاستراتيجية:- هي ذلك الأسلوب الذي من خلاله تقوم الإدارة العليا ببناء استراتيجيات المؤسسة بتحديد التوجهات طويلة الأجل، وتحقيق الأداء من خلال التصميم الدقيق لكيفية التنفيذ المناسب، والتقييم المستمر للاستراتيجيات الموضوعة(السلمي،1995م ).



- التخطيط السليم الذي يقوم على دراسة أداء الماضى واستشراف المستقبل , وأمل الواقع القائم، والتخطيط السليم يرتكز على :-



· وضوح الأهداف وقابلية تحويلها إلى أرقام إن أمكن.
· إمكانية قياس العمل المنجز وتحديد المدخلات والمخرجات بالنسبة لكل برنامج أو مركز مسئولية.



- وجود هيكل تنظيمي سليم ومناسب للجهة : يتضمن تبويب وتوصيف سليم للوظائف ووضوح السلطات والمسئوليات وتصنيف للأنشطة والبرامج المحددة بالهيكل التنظيمي.



- وجود نظام للمتابعة وتقويم الأداء الذاتي يمكن من خلاله متابعة تنفيذ النشاط، وكشف الانحرافات، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتصحيح أولاً بأول، ورصد المظاهر الإيجابية في الأداء والسعي إلي تعميمها، وترسيخ السبل التي ساهمت في إيجادها بما يحقق رقابة الكفاءة والفعالية في هذه الوحدة الإدارية .



ب#- الشفافية:- هي حق كل مواطن في الوصول الى المعلومات ، ومعرفة آليات اتخاذ القرار المؤسسي، وحق الشفافية مطلب ضروري لوضع معايير أخلاقية ، وميثاق عمل مؤسسي لما تؤدي إليه من الثقة ، والمساعدة في اكتشاف الفساد.



ت#- إقرار مبدأ المساءلة الفعالة: وممارسته فعلياً من الإدارات العليا كمبدأ مكمل لتقييم الأداء:- فالموظف العام الذي يعطى مسئوليات وصلاحيات أداء وظيفة محددة يكون مسئولا عن أداء مهام تلك الوظيفة طبقا لما هو محدد سلفا، فعند استخدام المساءلة كآلية لتقويم الأداء يكون التركيز على كل من مستوى الأداء الذي تم تحقيقه ، ومدى فعالية نظام المساءلة الذي تم اتباعه في ظل توفر عناصر تطبيق المساءلة الفعالة.



ث#- تطوير النظم المحاسبية:- إذ أن وجود نظام محاسبي سليم ومتطور يمكن من الحصول على البيانات المالية والمحاسبية السليمة التي تعتبر إحدى مرتكزات رقابة الأداء، كما أنه يساهم في بيان مدى تقيد الأجهزة الحكومية بالقواعد التشريعية المطبقة، ويسهل عمليات التدقيق والرقابة التي تمارسها الجهات المختصة (المبيضين، 1999م، ص27)، هذا الى جانب استخدام هذه النظم في إعداد الموازنات الخاصة بتلك الأجهزة لتزويد متخذي القرار بالبيانات والمعلومات اللازمة للحكم على كفاءة استخدام الموارد المادية والبشرية المتاحة لتحقيق الأهداف .



3- تقويم الاداء في القطاع الحكومي:-
إن عملية تقويم الأداء تكتسب أهمية خاصة عند تطبيقها على القطاع الحكومي لكونها تمثل البديل عن الدافع الذاتي الذي يحفز النشاط الخاص (قلعاوي،1998م،ص62)، ويدعم سعي الإدارة لتحقيق أهدافها.



ويرى بعض الباحثين(قلعاوي،1998م)(عليان 2002م) أن تقويم الاداء يرتكز على ثلاثة مقاييس أساسية هي:



- الكفاءة: ويقصد بها القدرة على استخدام الموارد المتاحة لانجاز الأداء المطلوب كما يجب.



- الفاعلية: ويقصد بها مستوي تحقيق الادارة للاهداف التي حددت لها.



- الاقتصاد: التأكد من استخدام الموارد المتاحة للحصول على المخرجات المطلوبة بالجودة المناسبة وبأقل تكلفة ممكنة.



وقد أشارت العديد من الدراسات والتقارير}(النظاري،2000م )، (تقرير نشاط ديوان المحاسبة لدولة الامارات (1998م)،){ التي أجريت حول تقويم الاداء الى أن هناك صعوبة في قياس أداء أية منظمة حكومية، ويرجع ذلك إلى العديد من الصعوبات التي لها علاقة بطبيعة العمل في مثل تلك المنظمات الحكومية نذكر منها:



1- طبيعة الخدمات الحكومية: إذ أنها خدمات يصعب إخضاعها للقياس الكمي.



2- تعدد وتعارض الأهداف والأولويات: عادة ما يوجد للمنظمات الحكومية أهداف متعددة في الوقت الذي يوجد فيه هدف محدد لكل منشأة خاصة. وبالتالي فإن تعدد الأهداف في الوحدة الحكومية يضيف إلى صعوبة قياس الأداء، وذلك بعدم إمكانية تحديد الوزن الذي يعطى لكل هدف من الأهداف المتعددة.



3- غياب التحديد الدقيق لمهام الأجهزة الحكومية:



عدم وضوح مهام كل وحدة يقود إلى خلق الكثير من الصعوبات التي تؤدي إلى التسيب في المسؤولية وغياب المساءلة نذكر منها ما يلي:



أ ) التداخل في اختصاصات الأجهزة الحكومية.



ب) الازدواجية والتضارب في الاختصاصات بالأجهزة.



ج) غياب التنظيم السليم للأجهزة، وعدم التوصيف الدقيق لواجباتها.



4- الروتين في الأجهزة الحكومية:



كنتيجة طبيعية لغياب المعايير الكمية التي يمكن الاعتماد عليها في قياس الأداء في ظل غياب الأهداف القابلة للقياس الكمي نجد أن الإدارة تهتم بتطبيق الإجراءات، في حين تركز أجهزة المساءلة في المحاسبة على الالتزام بمتابعة سير تلك الإجراءات.
5- الصعوبات المرتبطة بعنصر العمل:


تتمثل الصعوبات والاختلالات المتعلقة بعنصر العمل في الآتي:



· التضخم الوظيفي وسلبياته العديدة من ازدواجية في المسئولية الإدارية وطول الإجراءات وخلق مستويات تنظيمية غير ضرورية.
· ازدواجية وتداخل الاختصاصات الوظيفية.
· صعوبة تحديد ما يلزم من عمالة، وذلك لعدم وجود معايير نموذجية لأداء العاملين لتستخدم كمؤشرات إرشادية في تحديد العمالة.


· خلق وظائف جديدة دون أن تصاحبها زيادة في عبء العمل الوظيفي.
6- غياب رقابة الملكية الخاصة:



تسود في الأجهزة الحكومية حالة من عدم المبالاة أو الإهمال في قياس الأداء نتيجة عدم توفر الرقابة الفاعلة التي تمارس في القطاع الخاص.



7- الضغوط السياسية:



عادة ما تمارس الأجهزة الحكومية اختصاصاتها في إطار من القرارات السياسية التي تسعى الحكومة من ورائها إلى تعظيم مكاسبها السياسية والاجتماعية أي المردود السياسي والاجتماعي للحكومة الذي يصعب إخضاعه للقياس الكمي.



8- التداخل في تقديم نفس الخدمة بين القطاعين الحكومي والخاص.



لقد أدى التداخل في تقديم نفس الخدمة بين القطاعين الخاص والحكومي خاصة عند إشراك القطاع الخاص في أداء جزء من الخدمة للمواطن إلى صعوبة قياس الأداء المؤسسي للأجهزة الحكومية.



9- قياس الأداء المضلل:



في ظل غياب الشفافية نجد أن الإدارة تتبنى ازدواجية في القياس فهناك قياس داخلي تعتمد الإدارة فيه على الحقائق، وقياس خارجي تقدم الإدارة فيه صورة غير واقعية لتضليل القياس الخارجي المتمثل في الرأي العام أو المستفيد من الخدمة.



10- غياب المعيار الكمي للمخرجات:



ويتضح ذلك في عدم قابلية أهداف القطاعات الحكومية للقياس الكمي، الى جانب عدم الأخذ بمعايير اخرى اجتماعية او اقتصادية لقياس نتائج اداء هذه القطاعات.