أجرت مؤسسة (ماكينزي- McKinsey) للاستشارات، دراسة تناولت 365 مديرا تنفيذيا تولوا إدارة مؤسسات مختلفة، في الفترة ما بين عامي 1990 و2010. وأظهرت النتائج أن المديرين القادرين على اتخاذ إجراءات سريعة للتعامل مع مختلف المواقف، أو تطبيق التغييرات في مؤسساتهم بوتيرة سريعة، حققوا نتائج مالية أفضل بكثير من غيرهم، وبقوا في مناصبهم لفترة أطول.
حين يتم تسريح مديري المؤسسات من مناصبهم، يعزى ذلك غالبا إلى عدم اتخاذهم للتغييرات المناسبة والضرورية في المؤسسة، لاسيما حين يتم تعيينهم أساسا ليحسنوا من أحوال المؤسسة ويحدثوا فيها تغييرا جذريا.
كما أن أي شخص يتولى منصبا إداريا جديدا، يتوقع منه الآخرون أن يثبت جدارته فور تعيينه، كأن يجري تغييرا كبيرا لتحسين أحوال المؤسسة. لكن قبل أن نتعمق في هذا الأمر، علينا أن نشير إلى أن مفهومي السرعة والبطء نسبيان في هذه الدراسة؛ فالمديرون الأذكياء يتخذون إجراءات تتعلق بالموارد البشرية خلال العام الأول من توليهم مناصبهم، وأخرى تتعلق برأس المال والنفقات كالاستثمارات، خلال السنين الـ3 الأولى من عملهم. ومن المهم أن نفهم أن "السرعة" لا تعني "العجلة"، فالقرارات المتسرعة أيضا تتسبب بفشلهم وتنحيتهم من مناصبهم، كما يجب بناء قاعدة استراتيجية ومالية ملائمة لكل قرار مستقبلي.
إليكم النصائح الأساسية التالية، لاتخاذ إجراءات التغيير بالسرعة المناسبة في المؤسسة:
1. تعرف إلى أوضاع المؤسسة جيدا: ليس من الممكن أن تبدأ بإجراء التغييرات قبل أن تتعرف إلى أحوال المؤسسة أولا، لاسيما إذا توليت منصبا إداريا في مؤسسة جديدة لم تكن تعمل فيها مسبقا. وفي المقابل، لا تقلل من قيمة وأهمية هذه الخطوة حتى لو كنت تعمل في المؤسسة مسبقا، وتمت ترقيتك إلى منصب إداري. فكر في الأمر كما يلي: قد تكون لا زلت تتعامل مع الموظفين ذاتهم، إلا أن علاقتك تغيرت مع معظمهم؛ فزملاؤك أصبحوا مرؤوسيك، ومديرك أصبح زميلك، وهذه التغيرات في علاقاتك مع الآخرين قد تحمل معها آثارا كثيرة. وقد تختلف نظرة الآخرين إليك أو قد يتوقفون عن التحدث إليك في بعض الأمور، ومن المحتمل أن يثقوا بك أو على العكس من ذلك. لذلك، من الأفضل لك في الشهور الأولى من عملك، أن تستمع للآخرين باهتمام وتراقب ما يحدث، ولا تتردد بطرح الأسئلة عما يدور في المؤسسة وأصغ بانتباه إلى الإجابات التي تتلقاها. ولا تفترض أبدا أنك تعرف ما يفكر به الآخرون.
2. جد حلفاء لك: حين تبدأ بإجراء التغييرات المطلوبة، ستحتاج إلى دعم من هم حولك. وكما أشرنا في النقطة السابقة، عليك أن تصغي إلى الآخرين، وهذا سيساعدك في كسب ثقة ودعم واحترام الموظفين، إلا أنه ليس كافيا وحده. فحين تبدأ بفهم وضع المؤسسة، حدد من هم الموظفون الذين يؤدون أدوارا مهمة، وأيهم صاحب رأي مفيد وقادر على أداء مهامه بفعالية أكبر، وأيهم له دور كبير في تجنب المشكلات والتغلب على التحديات. حين تتعرف إلى مثل هؤلاء، اكسب دعمهم عن طريق تقديرهم والاعتراف بنجاحاتهم وإنجازاتهم ومساعدتهم على أداء مهامهم. وببساطة: حين تساعد الآخرين سيساعدونك.
3. أجر تغييرات بسيطة مبكرة: فيما تحاول اكتشاف أحوال المؤسسة وكسب دعم من حولك، اعمل على إجراء تغييرات بسيطة خلال الأشهر الأولى من توليك لمنصبك الإداري، ولتكن هذه التغييرات سهلة التنفيذ ومفيدة للمؤسسة وإيجابية للموظفين. هذه طريقة ممتازة لتثبت أنك قادر على تحسين أوضاع المؤسسة مبكرا ولو بشكل بسيط.
4. اشرح للآخرين الخطوات التي تريد اتخاذها: بعد التعرف إلى أوضاع المؤسسة واكتساب الحلفاء من الموظفين وإجراء التغييرات البسيطة والإيجابية، ابدأ بالترويج للتغييرات الكبيرة التي تريد تنفيذها في المؤسسة بين مرؤوسيك ومديريك على حد سواء، واحرص على إعلامهم بأهم تفاصيل وحيثيات الخطوات التي تخطط لاتخاذها، واطلب النصح منهم وتقبل ردود أفعالهم بصدر رحب لاسيما إذا خالفوك الرأي؛ ففهم وجهات نظرهم قد يجنبك الإقدام على قرارات متسرعة. وتذكر أنك بحاجة لدعمهم لإنجاح مخططاتك، لذلك استخدم آراءهم لتعديل خطتك، ولا تتخذ أي خطوة حتى تكسب دعمهم.
5. نفذ خطتك: أخيرا وبعد اتباع كل ما سبق من خطوات، نفذ خطتك. قد يبدو التغيير مخيفا وصعبا، لكن حين تكون متيقنا من أنه سيفيد المؤسسة ويحسن من أحوالها، ستحصل على كل الدعم الذي تحتاجه. ولا تنس أن تتجاوز مخاوفك، فهذه فرصتك لإثبات جدارتك.