تعاني مصر من ظروف اقتصادية صعبة دفعت الملايين للمشاركة بثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 والتي انتهت بخلع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وبعدها تولي المجلس العسكري شئون البلاد لفترة تتجاوز العام قاموا خلالها بحل أول مجلس شعب منتخب بشكل شرعي كما تسببوا في تدهور الاقتصاد حتى هبط الاحتياطي خلال هذه الفترة من 35مليار دولار وقت رحيل المخلوع مبارك إلي 12مليار دولار في ظل حكم المجلس العسكري مما يعني فقدان البلاد 21مليار دولار لم يعلن عن أوجه إنفاقهم.

ثم تولي الرئيس محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب بإرادة شعبية في مصر شئون البلاد رسميا في 30يونيو 2012في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية سواء في الاحتياطي النقدي أو سعرالجنية أو السياحة ثم تلاه الانقلاب العسكري الدموي في 30يونيو 2013بعد مرور عام على حكم الرئيس مرسي بقيادة الفريق السيسي.

ومنذ 100يوم أي منذ الانقلاب المشئوم والأوضاع الاقتصادية تزداد سوء من هبوط للاحتياط النقدي إلى ارتفاع معدلات التضخم إلى انخفاض نسبة الصادرات إلى تدهو تام في السياحة دفع بوزير السياحة بحكومة الانقلاب للإعلان أن السياحة وقت حكم الرئيس مرسي كانت أفضل حالا من الآن .

وفي هذا التقرير نحاول تغطية جزئ من الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد حاليا من خلال إحصاءات وتقديرات رسمية وحكومية معلنه آراء خبراء ومتخصصين .

الاحتياطي النقدي



الاحتياطي النقدي هو الاحتياطي الآمن الذي يمكن الدولة من دفع مقابل مستلزماتها من الخارج لفترة تتراوح من 6 : 7 شهور ويطلق على هذا الاحتياطي الآمن.

تراجع الاحتياطي النقدي من حوالي 37 مليار دولار في ديسمبر 2010م (قبل بداية ثورة 25 يناير) إلى 15 مليار دولار في 30/6/2012م وهذه الفترة هي فترة حكم المجلس العسكري للبلاد، مع الأخذ في الاعتبار أنه خلال هذه الفترة تم تقديم مساعدات لمصر بمقدار 9 مليارات دولار، تم إنفاقها بالكامل خلال نفس الفترة. أي أن ما قام بإنفاقه المجلس العسكري من الاحتياطي النقدي والمساعدات نحو 31 مليار دولار أمريكي، خلال 16 شهر تولى خلالها حكم البلاد.

وارتفع الاحتياطي النقدي إلى 18.8 مليار دولار وذلك في 30/6/2.03م طبقاً لبيانات البنك المركزي (قد يرجع ذلك لمساعدات قطر). لكن بعد الانقلاب العسكري الذي تم في 3/7/2013م انخفض الاحتياطي النقدي انخفاضاً ملحوظاً، بمقدار 10 مليار دولار بعد شهرين فقط. مع الأخذ في الاعتبار أن الذي أدى إلى عدم تلاشي الاحتياطي النقدي ؛ المدفوع من المساعدات الخليجية ومقداره 5 مليارات دولار فقط.

فيما قال البنك المركزي المصري بأكتوبر أن صافى الاحتياطات النقدية الدولية بلغ بنهاية سبتمبر الماضي نحو 18 مليارا و709 ملايين دولار. وبلغ الاحتياطي النقدي فى اغسطس الماضي 18.916 مليار دولا. ويأتي هذا في الوقت الذي رجح فيه بعض الاقتصاديين أن الاحتياطي النقدي لمصر غير موجود وأن المتاح لدي المركزي هو الاحتياطي من الذهب فقط .

عجز بالموازنة



أما على مستوى التراجع الاقتصادي الداخلي، فقد توقعت مصادر مصرفية أن تصل قيمة العجز في الموازنة العامة للدولة في نهاية العام المالي الجاري إلى 240 مليار جنيه، ويتم تمويله عن طريق طرح البنك المركزي لأذون وسندات خزانة.

كما بدا أن مشكلة الدين الداخلي المصري تزداد تعقداً حيث إنها بدأت تتفاقم منذ عهد المخلوع مروراً بالمجلس العسكري في عهد مرسي إلى أن تفاقمت بعد 30 يونيو 2013 ودخلت وانبطحت في منطقة الخطر واللاعودة.

إذ أكد أحمد آدم الخبير المصرفي أن الدين الداخلي المصري دخل مرحلة الخطورة منذ عهد مبارك حيث بلغ تريليون جنيه ووصل في فترة المجلس العسكري إلى 1.2 تريليون جنيه وفي عهد مرسي بلغ 1.5 تريليون جنيه. وأشار إلى أن الدين المحلي يستهلك كل فوائد البنوك المحلية حيث إن اهتمامها ينصب على تمويل عجز الموازنةوهذا معناه أن تتولى تمويل معدل نمو الدين.

وقال خبراء اقتصاديون لإحدى الصحف العربية بداية الشهر الحالي عن ارتفاع نسبة الدين المحلي لأجهزة الموازنة العامة، بنسبة 83.4 %من الناتج المحلي خلال الأشهر العشرة الماضية، لتسجل نحو 1.446 تريليون جنيه، أمر كارثي يهدد بدمار الاقتصاد المصري.

مسئولون في الانقلاب

كما قال وزير التخطيط المصري، أشرف العربي بحكومة الانقلاب في تصريحات صحفية بأغسطس الماضي ، إن الدين الخارجي على مصر وصلت قيمته إلى 45 مليار دولار. كما أكد العربي، في سبتمبر الماضي أن الدين الداخلي اقترب من 90% من حجم الناتج المحلي وهو أمر فوق الكارثي.

فيما صرح وزير الصناعة والتجارة الخارجية بحكومة الانقلاب منير فخرى عبد النور، خلال مؤتمرصحفى ، بمقر الوزارة ، أن إجمالى الدين العام منذ تشكيل حكومة الانقلاب بلغ تريليون و585 مليون جنية، وبلغ معدل البطالة 13%، وحجم الصادرات 79 مليار جنيهًا، بعجز قدره 81.5 مليار جنيهًا، نافيا ما تردد حول تحقيق مصر فائض في الميزان التجاري.

وفي إطار تقييم الخبير الاقتصادي للوضع التي تمر به البلاد ،التفت الى العجز الذي يعاني منه ميزان المدفوعات والذي يقدر بنحو 14 مليار دولار، الى جانب ثبات الاحتياطي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي والذي يعود الى المساعدات والودائع العربية خلال الفترة الماضية.

وقال رئيس هيئة السكك الحديدية حسين زكريا إن خسائر الهيئة بلغت مائة مليون جنيه نتيجة توقف حركة قطارات الركاب والبضائع منذ يوم 14 أغسطس، وقالت هيئة مترو الأنفاق إن إيراداتها تراجعت بنسبة%60. يذكر أنها كانت أطول فترة لتوقف السكك الحديدية هي خلال الانقلاب العسكري فلم يسبق أن حدثت منذ عام 1853.

أما المتحدث باسم وزارة الكهرباء فقال إن العصيان المدني وعدم دفع الفواتير يؤدى إلى خسائر فادحة لقطاع الكهرباء وانهياره تماماً.

كما حذر الاتحاد العام للغرف التجارية من تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد حالياً، مطالبا بضرورة التدخل السريع لإنقاذ الموقف.

مؤشرات اقتصادية



في ظل هزات عنيفة ضربت بالاقتصاد فقد تراجع التصنيف الائتماني لمصر في ظل حكم الانقلابيين .

وقال تقرير لوزارة المالية المصرية ، إن عجز الموازنة العامة للدولة خلال شهري يوليو وأغسطس من العام المالي الحالي بلغ 40 مليار جنيه ( 5.8 مليار دولار)، مقابل 38 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي 2012، بزيادة بلغت نسبتها %5.2.

كما ذكرت بيانات رسمية، ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن بنسبة 3.4%، والأسماك 3.2%، والترفيه والثقافة 7% والأثاث والتجهيزات %5.4.

فيما سجل معدل تضخم أسعار المستهلكين في مصر، ارتفاعا على أساس شهري في سبتمبر الماضي بنسبة 1.7%، مقارنة بشهر أغسطس الماضي ، وارتفاعا على اساس سنوى لنحو 11.1% مقابل سبتمبر2012.

وقالت بيانات حكومية في وقت سابق اليوم ، إن قيمة الصادرات خلال الـ 100 يوم الأولى في عهد الانقلاب ، سجلت تراجعا بنسبة 11%، مقارنة بنفس الفترة في عهد الرئيس محمد مرسي.

كما توقف العمل بالمشاريع القومية العملاقة التي دشنها الرئيس مرسي مثل مشروع قناة السويس ومشروع منخفض القطارة والمثلث الذهبي ، كما توقفت مباحثات صندوق النقد الدولي مع مصر بشأن القرض ، وتم تخفيض التصنيف الإئتماني لمصر بسبب تردي الأوضاع الإقتصادية في البلاد .

وقامت حكومة الإنقلاب باقتراض ٨١.٥ مليار جنيه من البنوك في صورة أذون خزانة في شهر يوليو ، وفي أشهر أغسطس وسبتمبر استمرت القروض من البنوك لتصل إلى ٢٠٠ مليار جنيه بنهاية سبتمبر ، وكان من نتائج الإنهيار الإقتصادي تقليص العلاوة السنوية للعاملين بالدولة لتصل إلي ١٠٪ بدلاً من ١٥٪ ، وإلغاء كادر الأطباء الذي اعتمدته حكومة هشام قنديل قبل الإنقلاب ، وإلغاء منظومة الخبز والسلع المحسنة ، كما نرى عدم قدرة حكومة الإنقلاب على توفير المقررات التموينية في مواعيدها مما يؤكد فشلها التام و عجزها عن القيام بمسئولياتها تجاه الشعب المصري.

وقال محمد ابو باشا محلل اقتصاد كلي بشركة المجموعة المالية هيرميس القابضة للاستثمارات المالية ان الاقتصاد المصري لم يتحرك بشكل حقيقي منذ 30 يونيو وحتى الان، لافتا الى ان المتغير الايجابي الوحيد الذي طرأ على الاقتصاد هو المساعدات والمنح الخليجية ، والتي من شانها تدعيم العملة المحلية لمدة 12 شهر تقريبا، كما انها ساهمت في تخفيف الضغوط التضخمية على السوق المحلية و التي كانت تشكل عبئا كبيرا على الدولة، ومن ثم متوقع ان يقوم البنك المركزي بخفض سعر الفائدة خلال الفترة المقبلة.

بالإضافة إلى أن هناك تراجع كبير في معدلات الاستثمار الاجنبي المباشر وصلت الى نحو 300 مليون دولار فقط باستثناء قطاعات البترول والغاز والتي تكون اتفاقياتها طويلة الاجل وتصل الى مليار دولار.

ولفت حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي والرئيس السابق لأكاديمية السادات في تصريحات صحفية سابقة الى ان الوضع الاقتصادي الغير مستقر التي تمر به البلاد اثر في معدلات البطالة بشكل كبير لتصل الى 13% وفق التقديرات الرسمي وتصل الى 24% وفقا لتقديرات غير رسميه وبعض الدراسات الاجنبية، الى جانب زيادة جنونيه في معدلات الاسعار بلغ من خلالها معدل التضخم %17.

هذا وقد قامت شركات عالمية بتجميد نشاطها في مصر بعد الإنقلاب مثل شركة "بأسف" الألمانية العملاقة للكيماويات وهي أكبر شركة لصناعة الكيماويات في العالم ، وشركة "رويال واتى شل" أكبر شركة نفط في أوروبا ، وأغلقت شركة "جنرال موتورز" لتجميع السيارات مصانعها وكافة مكاتبها في مصر ، كما توقف إنتاج شركة "إلكترولوكس" السويدية في عدة مصانع لها في مصر والتي يعمل بها ٧٠٠٠ عامل مصري.

وفقا للنتائج المعلنة لمسح للقوى العاملة بالعينة (وهو مسح دوري يتم كل ثلاثة أشهر) الذي قام به الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بلغ معدل البطالة في مصر في نهاية مارس 2013 نحو 13.2% من حجم القوى العاملة، حيث بلغ عدد العاطلين نحو 3.6 مليون عاطل من قوة عمل بلغ تعددها نحو 27.2 مليون فرد، هذا بينما كان معدل البطالة في نهاية مارس 2010 يبلغ 9.1%، حيث كان عدد العاطلين يبلغ نحو 2.4 مليون عاطل فيما ذكرت بيانات حكومية أن نسبة البطالة قد ارتفعت خلال الأشهر السابقة لتصل إلي 14%.

كما سجلت حكومة الانقلاب أعلي نسبة اقتراض شهري خلال 3سنوات وهي 11مليار دولار و600مليون دولار.

السياحة


وفي قطاع السياحة، وهو أحد أهم مصادر الدخل القومي، بلغ التدهور حدا جعل الوزير هشام زعزوع وزير السياحة بحكومة الانقلاب يقول إن السياحة في عهد مرسي كانت أفضل مما هي عليه الآن

ويكفي الإشارة إلى أن المسؤولين عن أحد أبرز معالم مصر السياحية، وهو معبد أبو سمبل، يعلن في وقت سابق أن سائحا واحدا فقط زار المعبد خلال يوم كامل بدخل قيمته 4.5 جنيهات (أقل من دولار واحد).

وفيما أعلنت شركات السياحة في دول أوروبية عدة التوقف عن تسيير رحلات إلى مصر، قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن فنادق القاهرة خالية وقطاع السياحة يعاني ركودا حادا وغير مسبوق بسبب الاضطرابات السياسية.

فيما ألغت شركات السياحة العالمية كافة الرحلات القادمة إلى مصر ومنها المجموعات الألمانية "تي يو آي" و"توماس كوك" وشركة "توي" وكذلك المجموعة السياحية المجرية الرائدة "بست رايزين" التي أشهرت إفلاسها بعد شهر واحد من الإنقلاب.

وفي شهر يوليو تم إلغاء آلاف الوفد السياحية كما وصلت نسبة اشغال الفنادق بالاقصر الي 1% وهي نسبة لم يسبق أن وصلت إلي هذا الحد منذ هجوم عام 1997.

وإلى أي مدى يحاول الانقلابيون الاعتماد على المساعدات الخليجية التي أدعو مسبقا أن اقتصاد الرئيس مرسي يعتمد علي مساعدات قطر وتركيا هو اقتصاد شحاتة علي حد وصف كثير من اعلاميهم فيما الآن لم نسمع لهؤلاء صوتا عن أعلي معدل اقتراض شهري في تاريخ مصر حققته حكومة الانقلاب وعن أوضاع اقتصادية مابين الكارثية إلي مدمرة وعن مساعدات دول خليجية أخري كالكويت والإمارات والمملكة العربية السعودية هي ما تساند الانقلاب بقروض ومنح تحاول التخفيف من حدة كارثية الأوضاع الاقتصادية التي تسببوا بها ومستمرين بها إلي الآن.