يعيش الاقتصاد المصري فترة صعبة على وقع الاضطرابات السياسية والأمنية التي تشهدها البلاد، والتي أدت إلى تراجعه كثيرا عما كان عليه قبل قيام الجيش المصري بعزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز الماضي.
ونتيجة لذلك شهدت القطاعات الخدمية تراجعًا كبيرًا في ظل الاهتمام الحكومي بالنواحي الأمنية، وفق ما يرصده خبراء.


وفي محاولة منها لتحسين الأداء الاقتصادي، أعلنت الحكومة المؤقتة، وعلى لسان وزير المالية أحمد جلال، أنها تسعى إلى رفع معدل النمو خلال العام المالي الحالي بنسبة تتراوح بين 3.5% و4% وكذلك خفض معدل التضخم إلى 9%.


غير أن مراقبين شككوا بإمكانية تحقيق هذه المعدلات في ظل التزام الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور بدءًا من يناير/كانون الثاني المقبل، والذي يتطلب توفير ستة مليارات جنيه، الأمر الذي سيجعل خفض معدل التضخم أمرًا صعبًا.


ويرى متابعون أن قدرة الحكومة على رفع معدل النمو بالنسبة التي أعلنها وزير المالية تتطلب فرض ضرائب تصاعدية بسبب حالة نقص السيولة التي تعانيها مصر، وهو أمر يتعارض مع تعهدات الحكومة بعدم فرض ضرائب جديدة.




منح خليجية
وكانت مصر قد تسلمت خلال الأسابيع القليلة الماضية سبعة مليارات دولار من أصل 12 مليارا وعدت كل من السعودية والإمارات والكويت بتقديمها في صورة منح وودائع ومواد بترولية، وذلك عقب انقلاب الثالث من يوليو/تموز، دون الإفصاح عن الجدول الزمني لاستلام الخمسة مليارات دولار المتبقية.


ورغم هذا الواقع الاقتصادي الصعب، أعلنت الحكومة أنها قامت برد وديعة قطرية بقيمة ملياري دولار عقب فشل المفاوضات بين الطرفين في تحويل المبلغ إلى سندات لأجل ثلاث سنوات.


الخبير الاقتصادي والمستشار السابق لصندوق النقد الدولي رأفت الفقي قال إن الدعم الذي قدمته السعودية والكويت والإمارات ساعد على رفع قيمة الجنيه المصري بمواجهة العملات الأجنبية ومكن مصر من إرجاء طلب الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي لمدة عام على أقل تقدير.


وأشار الفقي في حديث للجزيرة نت إلى أن الحكومة مطالبة باستغلال المنح الخليجية بما يضمن دعم الاقتصاد الذي يعمل حاليًا بنصف طاقته، لأن أغلب هذه الأموال عبارة عن قروض سيتم ردها خلال خمس سنوات على أقصى تقدير.


وأضاف أن هناك ستة مليارات دولار لا يجوز المساس بها لأنها ودائع لدى البنك المركزي، لافتًا إلى ضرورة استغلال تنوع مصادر الدخل القومي المصري بصورة تساعد على رفع معدلات النمو ولو بنسب أقل من تلك التي تعهدت الحكومة بتحقيقها.


دوافع سياسية
وفي ما يتعلق برد الوديعة القطرية، أكد محافظ البنك المركزي هشام رامز أن قرار رد الوديعة جاء لأسباب فنية ومالية بحتة ولا علاقة له بالسياسة.


غير أن رئيس تحرير مجلة الأهرام الاقتصادي سالم وهبة لا يرى ذلك، معتبرا أن "الخلافات السياسية بين السلطة المصرية الحالية والحكومة القطرية هي السبب الأكبر وراء رد هذه الوديعة".


ووفق وهبة فإن هذه الخلافات غذتها "عملية التشويه المتعمدة لصورة قطر في الشارع المصري" وما وصفها بضغوط قطرية لدفع السلطة المصرية إلى اتخاذ قرارات بعينها.


يُشار إلى أن حجم المساعدات التي قدمتها قطر إلى مصر منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 بلغت 7.5 مليارات دولار على شكل قروض ووديعة ومنحة، إضافة لخمس شحنات من الغاز المسال كان آخرها في سبتمبر/أيلول الجاري.