تنص أبسط قواعد علم الإدارة العامة على أن التوصيف الوظيفي مهمة أساسية من مهمات الإدارة تسبق عملية التوظيف، ويتم على أساسها اختيار المرشحين واختبارهم واكتشاف قدراتهم ومهاراتهم. عندما اختارت وزارة العمل توظيف مساعدات اجتماعيات، فعلت العكس. اختارت مرشحات من حملة الإجازة في العلوم الاجتماعية، وتركتهن لقدرهن في تحديد المهمات الموكلة إليهن، خصوصاً في ما يتعلق بالمهمات المرتبطة بحل النزاعات بين أصحاب العمل والعاملات في الخدمة المنزلية.
وكانت وزارة العمل اللبنانية قد عيّنت ست عاملات اجتماعيات ليقدمن الدعم الضروري لعاملات المنازل المهاجرات ويعملن على تسوية الخلافات القائمة مع أصحاب العمل. ويمكن العاملات الاجتماعيات أن يدخلن أماكن العمل ووكالات الاستخدام الخاصة بدون سابق إنذار وبدون موعد مسبق، لكن الموظفات لم يمارسن عملهن الفعلي بعد لأسباب عديدة، بينها غياب التدريب والتأهيل، رغم أن العاملات الاجتماعيات منحن سلطة الضابطة العدلية لجهة الرقابة على نوعية العمل وظروفه وضبط المخالفات والتحقيق في الشكاوى.
مهمة وضع مسودة توصيف وظيفي للعاملات الاجتماعيات تتوافق مع معايير العمل الدولية وشروط المنظمة للعمل اللائق أوكلت الى منظمة العمل الدولية التي تنفذ مشروع تعزيز حقوق عاملات المنازل المهاجرات في لبنان المموّل من الاتحاد الأوروبي.
مسودة التوصيف الوظيفي كانت أمس محور ورشة عمل بدعوة من منظمة العمل الدولية ووزارة العمل حيث ناقشت العاملات الاجتماعيات في وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية مع عدد من المساعدات الاجتماعيات في المنظمات غير الحكومية اللبنانية تعمل على دعم عاملات المنازل المهاجرات في لبنان، مثل كاريتاس ومؤسسة عامل ومنظمة كفى عنف واستغلال، التوصيف الوظيفي الذي وضعته منظمة العمل الدولية تمهيداً لإقراره رسمياً واعتماده من قبل وزارة العمل.
وتؤكد زينة مزهر، مديرة مشروع تعزيز حقوق عاملات المنازل المهاجرات في منظمة العمل الدولية، أن إقرار هذه المسودة من شأنه أن يعزز التزام وزارة العمل والمؤسسات الحكومية الأخرى بتطبيق الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق العاملات المهاجرات.
وقّع لبنان في حزيران ٢٠١١ على الاتفاقية الدولية بشأن «العمل اللائق للعمال المنزليين»، وتعمّق هذه الاتفاقية الهوة بين مشروع قانون «تنظيم العمل اللائق للعاملين في الخدمة المنزلية» وبين التزامات لبنان بمعايير حقوق الإنسان، ولا تزال هذه الاتفاقية بانتظار التصديق من قبل المجلس النيابي لتصبح نافذة.
ويفترض وفق مسودة التوصيف الوظيفي أن تخضع المساعدات الاجتماعيات لمجموعة من الدورات التدريبية حول الشرعة الدولية لحقوق الانسان ومعايير العمل الدولية ومكافحة العمل الجبري والاتجار بالبشر والممارسات الحديثة لتفتيش العمل والتوسط وتسوية النزاعات ومهارات العرض والتقديم. ويفترض أن يوفر مشروع منظمة العمل الدولية دورات تدريبية حول هذه المهارات.
وتتولى موظفة الخدمة الاجتماعية في وزارة العمل زيارة أماكن العمل لمتابعة حالات العاملين وتقديم تقارير حول أوضاعهم واستقبال الشكاوى المتعلقة بأوضاعهم النفسية والاجتماعية والتحقيق فيها ومعالجتها.
وتتعرض العاملات المنزليات في لبنان للاستغلال على شكل عمل إكراهي. وهن يعانين أحياناً من الشروط المشابهة للاستعباد. وهناك إقرار واسع بضعف الإطار القانوني وآليات تطبيق القانون، وبأن مسائل التمييز لا تعالج بالشكل المناسب. ومن الأسباب التي تجعل صاحبات العمل اللبنانيات يسئن معاملة عاملة المنزل ما يتعلق بالتجارب التي مرّت بها صاحبة العمل خلال طفولتها، العلاقة الزوجية، نظر صاحبة العمل إلى نفسها، والضغوط الناتجة من النظام الذكوري.
ويتراوح عدد العاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية في لبنان بين ١٥٠ و٢٥٠ ألفاً.
ولا توفر القوانين اللبنانية حماية كافية للعاملات، وأدى هذا الوضع إلى ظروف عمل شبيهة بالرق، وإلى الاستغلال في العمل والحد من حرية التنقل وسوء المعاملة البدنية والجنسية وتسجيل معدلات عالية من حالات الموت التي لا تخضع لتحقيق شفاف لمعرفة أسبابها، وتسجل غالباً في تحقيقات الشرطة حالات انتحار.
وكان لبنان قد رفض خلال جلسة الاستعراض الدوري الشامل التاسعة التي عُقدت في جنيف في تشرين الثاني ٢٠١٠، ٤٠ توصية لتحسين سجله في حقوق الإنسان، بينها توصية بإلغاء نظام الكفالة الذي يقيد حرية العاملات في الخدمة المنزلية، ويجعلهن يعتمدن اعتماداً تاماً على رب العمل، وينزع منهن بحكم الأمر الواقع حق المقاضاة عن سوء المعاملة، والتهرب من دفع الأجور والحرمان من الإجازة والعمل بدون دوام.