الادارة من اجل المستقبل من الان وصاعدا سيكون المفتاح هو المعرفة

عبد الرحمن تيشوري

خلا ل وجودنا ودراستنا في المعهد الوطني للادارة العامة وتحديدا في مادة ادارة الموارد البشرية التي يدرسها الاستاذ سعد محمد الحاصل على الماجستير في ادارة الاعمال من بريطانيا حيث يوزع علينا المادة الدرسية باللغة الاانكليزية ثم يكلف الدارسين كمجموعات بترجمة المادة ويقدم كل دارس عرض عن الجزء المخصص له وفي هذا المقرر تنبهت إلى امر هام وهو ضرورة الافكار وخاصة افكار الاداريين الذين صنعوا المعجزات وبنوا مؤسسات ضخمة في بلدانهم ودولهم وخارج أو طانهم ايضا
وبشكل عام إن الافكار الجديدة والمبتكرة تحمي الامم من الجمود والتراجع والانهيار ونحن في سورية بامس الحاجة إلى الافكار الجديدة كما اشار إلى ذلك قائدنا الشاب الدكتور بشار الاسد منذ عام 2000
وتاريخ الادارة بشكل عام ليس الا مجموعة من الافكار التي لاقت رواجا واستحسانا من قبل الممارسين والمفكرين فاستمرت واستقرت وبالرغم من تفاوت عمر الافكار وتباين درجات تأثيرها الا انها في النهاية فكرة صدرت من انسان وتم تبنيها
• إن الفكر الاداري حافل باتجاهات واراء ووجهات نظر للعديد من الكتاب والمفكرين والممارسين اشترك في صناعته المهندسون والاطباء وعلماء النفس والاجتماع والمعلومات ووضع ركائزه الاولى رجال الاعمال وقادة الادارات العامة لذا جاءت الادارة كعلم للحياة معبرة عن كافة المجالات ومخاطبة معظم الاحتياجات وتكاد تكون الادارة هي العلم الوحيد الذي يمكن لاي متخصص إن يسهم فيه وايضا يمكن وبنفس القدر إن يحتاج اليه
• إن العلاقة بين الادارة وغيرها علاقة نظامية تكون فيها الادارة احد مدخلات الحياة تارة وتارة اخرى تكون هي بمثابة مخرجات هذه الحياة المفعمة بالنشاط البشري وهذا ما يكاد يميز علم الادارة عن غيره
• لقد سعت المؤسسات الضخمة التي لها اسماء في عالم اليوم وعلامات واضحة في كل العالم إلى اكتساب اساليب متجددة تضمن لها البقاء على القمة لاطول فترة ممكنة وعلينا نحن في سورية إن نعتمد نفس هذه الاساليب من اجل تحديث ادارتنا العامة والخاصة واهم هذه الاساليب هي :
- تخفيض التكاليف
- الاهتمام بالجودة
- التركيز على العنصر البشري المدرب
- المنافسة بالوقت
- الاعتماد على التكنولوجية
- توظيف المميزين والاذكياء
- تقييم وقياس ما نفعل
- اساليب عديدة اخرى كتبنا عنها في مواقع واماكن اخرى

إن قدرة الادارات والمؤسسات على المرونة الكاملة في الانتقال من اسلوب لاخر ومعرفة ما يدور في البيئة المحيظة هو الذي يحقق النجاح الحقيقي
• إن الريادة الفكرية هي من اساليب تميز الادارات والمؤسسات وخير للادارات إن تضع فكرا متجددا من إن تستحدث خطا جديدا للمنتجات التي ما تلبث إن تتقادم أو تخرج من السوق لضعف مكانتها التسويقية أو لتغير ملامح البيئة الداخلية والخارجية
• اليوم في عصر التغيير السريع صارت دورة حياة الفكرة قصيرة جدا واصبح التفكير والفكر والريادة الفكرية ادوات لاغنى عنها لرجل الاعمال الصغير والكبير وللمدير في الادارة العامة وفي مؤسسات الدولة والمتابعة المستمرة لما يستجد من اعمال فكرية في مجال ادارة الاعمال والوظيفة العامة يعد امرا ضروريا لمن شاء إن يتقدم ويتفوق ويقدم الخير لنفسه ولبلده لذا اقترح هنا على ادارة معاهد الادارة في سورية إن توفر وتشتري وتترجم كل ما يصدر أو اهم ما يصدر من كتب وتطورات فكرية في مجال ادارة الاعمال والادارة العامة وتقديم ذلك لقراء ودارسي الادارة في سورية
• هنا بين يدي كتابين مهمين جدا لاثنين من اساطين الادارة ساحاول إن اقدم لقرائي وابناء بلدي وكل اشقائي في الوطن العربي الكبير والعالم اهم الافكار الواردة فيهما نظرا للاهمية الكبيرة لهذه الافكار
- الاول بعنوان عصر التفكك لبيتر دراكر عام ا969
- الثاني لتشارلز هاندي وعنوانه عصر اللاعقل وضعه عام 1989

استطيع إن اطلق على افكار الكتابين فكرة النظرة المستقبلية والتفكير نحو الامام والتنبؤ بما يجري
*يتسائل دراكر :
- كيف سيكون العالم مختلف في المستقبل ؟؟؟
- كيف سيكون سياق التغيير الاداري ؟؟؟
- هل بامكاننا استشراف المستقبل ؟؟؟
- هل سنجهز انفسنا ونستعد للمستقبل ؟؟؟
ويجيب بان ذلك يحتاج إلى رؤساء مجالس ادارات وقادة اداريين يفكرون ويبتكرون ويحفزون ويقولون إن المستقبل قد حدث بالفعل الا انه لم يوزع بالتساوي تماما
كما يقولون اذا ما اردت استطلاع المستقبل فانظر حيثما لا يفعل الاخرون ذلك
• لقد كان دراكر منظر اداري كما كان ايضا متنبئ الادارة حيث ثنبا صراحة بظهور ما يعرف اليوم باسم اقتصاد المعرفة ومن خلال قرائتي لهذا الكتاب اتحدى أي عالم وباحث في الادارة إن يضيف شيئا جديدا عما قاله دراكر في مؤلفاته وكتاباته
• يقول دراكر سيكون على رجال الاعمال إن يتعلموا كيف يشيدون ويديرون منمات ابتكارية وهذا ما يردده اليوم اغلب الباحثين في علوم الادارة والاقتصادولقد سمى دراكر كتابه عصر التفكك وما نعيشه اليوم وصفه دراكر في كتابه لان فكرة عصر التفكك هي فكرة عامل المعرفة والتدريب العالي والكفاءة الادارية والادارة بالاهداف والنتائج والتشاركية والممارسة حيث اصبحت المعرفة قوة وملكية ويقول دراكر في كتاب جديد صدر عام 1992 عنوانه الادارة من اجل المستقبل من الان وصاعدا سيكون المفتاح هو المعرفة فالعالم لم يعد بؤرة تركيز للعمل ولا للمواد ولا للخامات بل بؤرة تركيز للمعرفة والميزة التنافسية اليوم لم تعد في المناجم بل في الجماجم أي في عقل الإنسان وقدراته وليست هبة للطبيعة

عصر اللاعقل
هاندي من اكثر واعمق مفكري الادارة المعاصرين لديه القدرة على الخروج من نطاق عالم الادارة ثم العودة للتمعن فيه ثانية وهو غير تقليدي وهو ينير الطريق امام كل من يهتم بمستقبل الادارة والمؤسسات
وهو يسال دائما ويعتمد طريقة كيف ولماذا والى اين يجري التطور ؟؟؟؟
كان هاندي هولنديا وكاتبا ومذيعا وعمل في شل ثم التحق بمعهد لندن للاعمال ويكتب في مجلة هارفرد للاعمال
فكرة الكتاب باختصار هي اننا نعيش زمن التفكير فيما لا يحتمل حدوثه وتنفيذ مالا يعقل
يقص هاندي قصة الهنود في بيرو والذين شاهدوا سفن الغزاة في الافق ولما لم يكن لديهم سابق معرفة بمثل تلك الاشياء فقد اعتبروا ذلك من تقلبات الطقس الغريبة وهكذا استقروا مع مفهومهم عن الاستمرارية ؟؟!! لكي يذهبوا إلى زوايا النسيان
• ولكي نتكيف مع مجتمع يتميز بوجود غزاة غامضين دوما واليوم الغزاة واضحين جدا فلا بد لنا إن نتغير ولا بد إن تتغير الطريقة التي يفكر بها الناس من اساسها وخاصة الذين يديرون الامور والمؤسسات ويقدمون الخدمات للناس
• يقول هاندي نحن جميعا سجناء لماضينا وانه لمن الصعوبة إن نفكر في الاشياء الا في نطاق الطرق التي فكرنا بها دائما لان إن ذلك لا يحل أي مشاكل ومن النادر إن يغير أي شيء وانا اقول إن هؤلاء الذين فكروا ويفكروا بطرق غير تقليدية هم الذين احدثوا اعمق تاثير على الحياة في القرن العشرين وفي مطلع القرن الحادي والعشرين وعلينا نحن التفكير بنفس الطريقة حتى نستطيع تطوير وتغيير وتحديث ادارتنا العامة في سورية وبالتالي اصلاح ادارتنا واقتصادنا وثقافتنا وكل شيء يحتاج للاصلاح لدينا
• يركز هاندي في كتابه على المؤسسات التي يسود عالم اليوم ويقول انها ثلاثية وهذه الثلاثية هي :
- المعلومات
- الذكاء
- الافكار

وحتى ننجح في صناعة وتاسيس وتطوير المؤسسات والادارات علينا إن نلاحق التعلم وان نتقن المهارات الجديدة واننا سنصل إلى مرحلة نبيع فيها الوقت
وفي نهاية الامر اقول إن عصر اللاعقل هو عصر الفرصة حتى لو كان يظهر في البداية وللوهلة الاولى انه نهاية لكل العصور ولا بد إن يستمسك الناس بالفرص ولا يهملون هؤلاء الغزاة القادمين في الافق
عبد الرحمن تيشوري