الحافز في العمل،
ومدى علاقته وتأثيره على أداء العامل والموظف حيث إنه لا تخلو مؤسسة أو منظمة من وجود نظام أو برنامج محدد ومدروس للحوافز وذلك ليساعد الموظفين على تقديم أفضل ما لديهم للعمل مما ينعكس بشكل إيجابي على تفعيل دور المنظمة داخل المجتمع، وبالتالي تكون قادرة على تحقيق أهدافها.
كما أنه جدير بالذكر الإشارة بأن نظام الحوافز يختلف من مؤسسة إلى أخرى وذلك حسب طبيعة ودور كل مؤسسة داخل المجتمع، غير أنها في النهاية لا تختلف عن كونها حوافز ذات شقين رئيسيين هما: (حوافز مادية - وأخرى معنوية) كما أن هناك عدة طرق تتخذها كل منظمة على حدة لتوظيف هذه الحوافز للوصول بها إلى أقصى درجة من الاستفادة بالنسبة لكلا من الموظف والمؤسسة.
من خلال هذا البحث سوف نقوم بتعريف الحافز والدافع والآراء المختلفة حول الحوافز ونظرة الإسلام، وأنواعها وطرق توظيفها والنتائج المتوخاة من تطبيق نظام محدد ومدروس للحوافز، وأنواع نظم الحوافز بالمؤسسات، وعلاقة كل ذلك ومردوده على أداء الموظف والمؤسسة.
إن الإنسان في تقدمه ضمن عمله - ولمواصلة العطاء وزيادة مستواه ورفع كفاءة إنتاجه كماً ونوعاً بجانب التدريب واكتساب الخبرة - يحتاج إلى حوافز العمل والتي تتمثل في الكسب المادي، أو في الكسب المعنوي والذي يتمثل في التقدير، أو كلاهما معاً بهدف حفز الموظف ودفعه لزيادة إنتاجه كماً ونوعاً لإشباع حاجاته.
كما أنه جدير بالذكر أن نقوم في هذا البحث بالتوضيح أن الحوافز يجب أن تركز على مكافأة العاملين عن تميزهم في الأداء، وأن الأداء الذي يستحق الحافز وهو أداء غير عادي، أو ربما وفقاً لمعايير أخرى تشير إلى استحقاق الموظفين إلى تعويض إضافي يزيد عن الأجر نتيجة لأدائهم المتميز. المصطلحات:

العمل: هو قيام الفرد بمجهود سواء كان هذا المجهود عضلي، أو ذهني أو كلاهما معاً ويقدر هذا المجهود بمقدار الدافع، أو الحافز لهذا العمل القائم به.
الحافز: هو شيء خارجي يوجد بالمجتمع، أو البيئة المحيطة بالشخص وينجذب إليها الفرد باعتبارها وسيلة لإشباع حاجاته التي يشعر بها.
الدافع: هو شيء داخلي ينبع من نفس الفرد ويثير فيه الرغبة في القيام بشيء معين.
وعلى سبيل المثال نجد أن الموظف الذي بحاجة إلى النقود فإن الشعور يدفعه دافع إلى البحث عن عمل إذن فهناك دافع داخلي خاص يدفعه إلى العمل ولكن يكون تفضيله لعمل آخر هو بقدر الأجر الذي يمثله هنا حافز له.
كما أن الحوافز تعتبر بمثابة المقابل للأداء ويفترض هذا التعريف أن الأجر، أو المرتب قادر على الوفاء بقيمة الوظيفة وبالتالي قادر على الوفاء بالمتطلبات الأساسية للحياة وطبيعة الوظيفة وقيمة المنصب.
وجهة النظر التاريخية في العلاقة بين الحافز والأداء:
من الناحية التاريخية كان هنا فكرتان رئيسيتان سائدتان بالنسبة إلى زيادة الحوافز في المؤسسات الصناعية والشركات، والقطاع العام. الفكر الأول:

وقد تمثل في بداية الثورة الصناعية بأوروبا حيث رأى أصحاب هذا الفكر بأن العامل (كسلان بطبعه) وبناء على ذلك فإن ما يبذله من طاقة وجهد يرتبط ارتباطاً سلبياً مع مستوى الأجر أي أنه في نهاية الأمر كلما ارتفع الأجر قل الحافز على العمل وبالعكس وقد بنوا رأيهم هذا على أساس أن العلاقة بين الأجر والجهد المبذول تكون موجبة أي كلما زاد الأجر زاد الجهد حتى يصل العامل بالإنتاج إلى حد معين يرى العامل أنه بعد هذا الحد لا تكون هناك منفعة في الداخل تعادل ما يبذله من جهد في ساعات إضافية أخرى بعد هذا الحد والمقصود بذلك أنه بعد هذا الحد تصبح العلاقة بين الأجر والجهد الذي بذله العامل علاقة سلبية بمعنى أن ارتفاع الأجر بعد هذا الحد يصبح زيادة في تفضيل العامل لوقت الفراغ على الجهد المبذول. الفكر الثاني:

أصحاب هذا الفكر ينظر للعامل على أساس أنه مخلوق اقتصادي، وحدود العلاقة بين الأجر والجهد المبذول في شكل علاقة موجبة مستقيمة أي كلما زاد الأجر زاد الجهد المبذول وكان على رأس المؤيدين لذلك الفكر (آدم سميث) وفي ذلك يقول: «إن الأجر تشجيع للحفز على العمل وكلما زاد الأجر زاد التشجيع والحفز للعمل»، ومن الواضح أن كلا وجهتي النظر قد ركزت على الحوافز المادية وأهملت الحوافز المعنوية. رأي الإسلام في العلاقة بين الحافز والأداء:

اهتم الإسلام بقضية الحوافز على الأفعال سواء في الدنيا أو في الآخرة؛ فالحوافز المشجعة للأداء المتميز تحقق حاجات في الكيان البشري عميقة الأثر، وتشعره بأنه إنسان له مكانته وأنه مقدر في عمله، فنجد أن الإسلام اهتم بالعمل وأوضح أهميته بالنسبة للإنسان وقدر العمل كالعبادة فهناك الكثير من الدلائل القرآنية التي تحث على العمل وأهميته وكذلك التحفيز على العمل وجزائه عند الله سبحانه وتعالى ومنها:
- يقول تبارك وتعالى في سورة النجم الآيات (39، 40، 41): {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يرى، ثم يجزاه الجزاء الأوفى}.
- وأيضاً يقول سبحانه وتعالى في سورة الزمر الآية (8): {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما إذا يتذكر أولوا الألباب}.
- وقوله تعالى في سورة الرحمن (60): {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}.
نجد أن كل تلك الآيات تحث على أهمية العمل والأجر والثواب، أو الجزاء المنتظر من هذا العمل، ويعتبر هذا تشجيعاً للقيام بالعمل ولكن بأداء متميز وكلاً حسب أدائه وتميزه في عمله.
كما نجد أن كل إنسان في المجتمع الإسلامي مطالب أن يعمل ومأمور بأن يمشي في مناكب الأرض ويأكل من رزق الله كما قال تعالى في سورة الملك آية (15): {هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه} والمراد بالعمل هو المجهود الواعي الذي يقوم به الإنسان وحده، أو مع غيره لأداء عمل ما أو القيام بخدمة.
ولقد اتضحت سنة الله في الخلق بأن الأرزاق التي ضمنها والأقوات التي قدرها والمعايش التي يسرها لا تنال إلا بجهد يبذل وعمل يؤدى وبالتالي نجد أن الإسلام رفع من شأن العمل والتحفيز عليه وأعلى منزلته وبوأه مكانة عالية من الإجلال والتعظيم حتى جعله كالعبادة فالإسلام لا يعتبر الانقطاع للعبادة دليل الإيمان فقط لأن في هذا تعطيلاً للدنيا التي أمر الله سبحانه وتعالى بالسعي فيها وحفز الخلق على ذلك بجزائه لهم كل حسب سعيه وعمله في الدنيا.
كما أوصى الرسول [ في أحاديث كثيرة عن أهمية الحافز والأجر فقال [: «اعطي الأجير حقه قبل أن يجف عرقه» ويقول [: «من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرا» والحسنة في الإسلام بعشرة أمثالها، وكل ذلك وغيره للتحفيز على الخير والعمل به.