إن التحول الذي تشهده المنظمات العامة من الاهتمام بتوفير الخدمات للمستفيدين إلى الاهتمام بجودة تلك الخدمات وتقديمها بصورة أفضل كان نتيجة للتغيرات الاقتصادية والتنظيمية التي تمر بها القطاعات الإدارية بمختلف أنواعها وتبعيتها . وبعد أن أصبح أغلب الخدمات التي تقدمها أجهزة الدول المختلفة متوافرة للمستهلك انتقل الاهتمام إلى مستوى جودة الأداء لتلك الخدمات , إذ أصبح المستهلك يتطلع إلى خدمات أرفع في المستوى والجودة واكثر كفاءة وفعالية . ذلك لأنه أصبح أكثر وعيا وثقافة في استهلاكه .


وتعتبر إدارة الجودة الشاملة (TQM)Total Quality Management منظومة فكرية جديدة أو نموذجا إرشاديا Paradigm وتغييراً كبيراً في التفكير والممارسة الإداريين .


إنها فلسفة إدارية أو مجموعة من المبادئ التي يمكن للإدارة أن تتبناها من أجل الوصول إلى أفضل أداء ممكن . وهي أيضاً مجموعة أدوات إحصائية , وأدوات لقياس الجودة .


إن العوامل التي أدت إلى الاهتمام بالجودة الشاملة ماثلة في الآتي :


1) اشتداد حدة التنافس في التجارة , وما يترتب عليه من إنتاج أفضل من حيث النوعية والأسعار . كما أن إدراك المنظمة لإمكانية توجه المستهلك إلى شراء بضائع مماثلة , قد جعلها تبعد عنها فكرة رفع الأسعار , بل راحت بدلاً من ذلك تطبق الجودة الشاملة حتى تستطيع تلبية حاجات المستهلك في مثل هذه السوق التنافسية .


2) أصبح التنافس كونيا أو عالمياً Global . فالمنتج الذي كان يعتبر من قبل من اختصاص شركة دون أخرى , غدا الآن , وبفضل التكنولوجيا ورأس المال المتنقل , وينتج في أماكن مختلفة .


3) الاتجاه العام نحو الخضخضة Privatization .



4) تطور بعض الدول النامية إلى دول متطورة صناعيا , مثل كوريا الجنوبية , تايوان , الفلبين , اندونيسيا , وغيرها ... .

5) شدة المنافسة العالمية , والعجز المتواصل في الميزان التجاري الأمريكي Trade Deficit كانت سبباً آخر من أسباب وضع استراتيجيات أمريكية خاصة بتحسين الجودة .


إن الجودة مرتبطة بالمنتج أو الخدمة التي يتم تقديمها , ومن ذلك يبرز مدلول ما قاله دكتور ديمنج Deming من أن الجودة "ليس لها أي مدلول دون الرجوع لمتطلبات العميل" .

والجدير بالذكر أن إدارة الجودة الشاملة تعتبر أحد المقومات الإيجابية لتتبع الأداء