تمثل البطالة المشكلة الأكبر التي تواجه النظام المصري الجديد بعد أن سجلت مستويات قياسية نتيجة التدهور المستمر في الاقتصاد المصري، ونتيجة تراجع عوائد السياحة وهبوط سعر صرف الجنيه المصري وتراجع وتيرة الاستثمارات الأجنبية.


وأظهرت أحدث الأرقام الرسمية في مصر أن نسبة البطالة ارتفعت في الربع الأخير من العام 2012 الى 13%، بعد أن كانت سابقاً عند مستوى 12.5%، وهو ما يعني أن أكثر من 162 ألف مصري فقدوا وظائفهم خلال الشهور الثلاثة الأخيرة من العام الماضي.


لكن بحسب الاحصاءات الرسمية المصرية فإن سوق العمل شهد تدهوراً حاداً منذ بدأت الثورة في بداية عام 2011، حيث كانت البطالة عند مستوى 8.9% في الأيام الأخيرة لحكم الرئيس حسني مبارك، لتبدأ رحلة ارتفاعها منذ بداية الثورة وتصل حالياً الى الذروة عند مستويات 13%.


وتمثل جيوش العاطلين عن العمل في مصر المأزق الأكبر الذي يواجه الاقتصاد المصري، ويواجه النظام الجديد أيضاً، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد ركوداً اقتصادياً في مختلف القطاعات، وتشهد الأوضاع المعيشية تدهوراً أيضاً بسبب تراجع سعر صرف الجنيه المصري والذي أدى الى ارتفاع كبير في أسعار السلع والعديد من المواد الأساسية.


وحسب الأرقام الرسمية الحكومية فإنه يوجد في مصر حالياً 3.5 مليون عاطل عن العمل من بين 27 مليون شخص يشكلون القوة العاملة في البلاد، الا أن المشكلة يبدو أنها تتركز في فئة الشباب حيث أن 74% من الشباب المصريين ممن هم دون الثلاثين عاماً يعانون من البطالة ولم يتمكنوا من الحصول على وظيفة.


ونقلت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية عن وزير المالية المصري الأسبق الدكتور سمير رضوان، وهو أول وزير مالية بعد الثورة، قوله ان النسبة الحقيقية للعاطلين عن العمل تظل أكبر من ذلك بكثير لأن الأرقام الرسمية لا تدخل فيها حسابات العاملين في الاقتصاد غير الرسمي، وهؤلاء يمثلون ثلث القوة العاملة في مصر.


ويضيف رضوان: "أنا لا آخذ بالمطلق أرقام البطالة الرسمية بجدية"، ويتابع: "نحن نعرف أن هناك الكثير من الأسئلة بشأن مصداقية هذه الأرقام، وما اذا كانت الحسابات قد تمت بصورة صحيحة أم لا، كما لا نعرف ان كان قد تم حساب الخريجين الجدد أم لا، وغير ذلك الكثير".


وتقول الصحيفة البريطانية ان مصر سجلت نمواً اقتصادياً العام الماضي بنسبة 1.9%، فيما قال وزير التخطيط المصري أشرف العربي قبل أيام ان الحكومة تهدف لتحيقيق نمو العام الحالي بنسبة 3%، الا أن مصر تواجه 700 ألف شخص جديد يدخلون سوق العمل سنوياً، وتشغيل هؤلاء يحتاج الى نمو اقتصادي لا تقل نسبته عن 7%، ما يعني ان نسب البطالة في مصر ماضية نحو مزيد من الارتفاع خلال السنوات المقبلة.


ويعمل الكثير من المصريين في قطاع السياحة، وهو القطاع الذي شهد أكبر الأضرار خلال العامين الماضيين، ما أدى الى تراجع في عوائد القطاع وانخفاض في أعداد الوظائف، مما فاقم من مشكلة البطالة، كما أن الكثير من الاستثمارات الأجنبية أصبحت متحفظة في عملها نتيجة تخوفها من التوترات السياسية التي تشهدها مصر، وهو ما أثر أيضاً على نسب البطالة وسوق العمل.