يتمثل دافع التحصيل في الرغبة في القيام بعمل جيد، والنجاح في ذلك العمل. وهذه الرغبة - كما يصفها مكليلاند أحد كبار المشتغلين في هذا الميدان- تتميز بالطموح، والاستمتاع في مواقف المنافسة، والرغبة الجامحة للعمل بشكل مستقل، وفي مواجهة المشكلات وحلّها، وتفضيل المهمات التي تنطوي على مجازفة متوسطة بدل المهمات التي لا تنطوي إلا على مجازفة قليلة، أو مجازفة كبيرة جداً
ويعتبر دافع التحصيل من الدوافع الخاصة بالإنسان، ربما دون غيره من الكائنات الحية الأخرى، وهو ما يمكن تسميته بالسعي نحو التميز والتفوق. والناس يختلفون في المستوى المقبول لديهم من هذا الدافع، فهناك من يرى ضرورة التصدي للمهام الصعبة والوصول إلى التميز، وهناك أشخاص آخرون يكتفون بأقل قدر من النجاح. وتقاس دافعية الإنجاز عادة باختبارات معينة من أشهرها اختبار تفهم الموضوع (T A T) الذي يتطلب من الناس أن يستجيبوا لثلاثين صورة تحمل كل منها أكثر من تفسير، وتحلل إجاباتهم ويستخرج منها مستوى الإنجاز عند المستجيب. كما يمكن قياس دافعية الإنجاز من خلال المواد المكتوبة (كالمقالات والكتب) دونما حاجة إلى صورة غامضة كما في حالة( (T A T
إن الدافعية للتعلم حالة متميزة من الدافعية العامة، وتشير إلى حالة داخلية عند المتعلم تدفعه إلى الانتباه للموقف التعليمي والإقبال عليه بنشاط موجه، والاستمرار فيه حتى يتحقق التعلم. وعلى الرغم من ذلك فإن مهمة توفير الدافعية نحو التعلم وزيادة تحقيق الإنجاز لا تلقى على عاتق المدرسة فقط، وإنما هي مهمة يشترك فيها كل من المدرسة والبيت معاً وبعض المؤسسات الاجتماعية الأخرى. فدافعية الإنجاز والتحصيل على علاقة وثيقة بممارسات التنشئة الاجتماعية، فقد أشارت نتائج الدراسات أن الأطفال الذين يتميزون بدافعية مرتفعة للتحصيل كانت أمهاتهم يؤكدن على أهمية استقلالية الطفل في البيت، أما من تميزوا بدافعية للتحصيل منخفضة فقد وجد أن أمهاتهم لم يقمن بتشجيع الاستقلالية عندهم
إن الأفراد الذين يوجد لديهم دافع مرتفع للتحصيل يعملون بجدية أكبر من غيرهم،




ويحققون نجاحات أكثر في حياتهم، وفي مواقف متعددة من الحياة. وعند مقارنة هؤلاء الأفراد بمن هم في مستواهم من القدرة العقلية ولكنهم يتمتعون بدافعية منخفضة للتحصيل وجد أن المجموعة الأولى تسجل علامات أفضل في اختبار السرعة في انجاز المهمات الحسابية واللفظية، وفي حل المشكلات، ويحصلون على علامات مدرسية وجامعية أفضل، كما أنهم يحققون تقدماً أكثر وضوحاً في المجتمع. والمرتفعون في دافع التحصيل واقعيون في انتهاز الفرص بعكس المنخفضين في دافع التحصيل الذين إما أن يقبلوا بواقع بسيط، أو أن يطمحوا بواقع أكبر بكثير من قدرتهم على تحقيقه.
وهناك فروق بين ذوي دافعية الإنجاز المنخفضة والمرتفعة. فقد بينت نتائج البحوث في هذا المجال أن ذوي الدافعية المرتفعة يكونون أكثر نجاحاً في المدرسة، ويحصلون على ترقيات في وظائفهم وعلى نجاحات في إدارة أعمالهم أكثر من ذوي الدافعية المنخفضة. كذلك فإن ذوي الدافعية العالية يميلون إلى اختيار مهام متوسطة الصعوبة وفيها تحدٍ، ويتجنبون المهام السهلة جداً لعدم توفر عنصر التحدي فيها. كما يتجنبون المهام الصعبة جداً، ربما لارتفاع احتمالات الفشل فيها. ومن الخصائص الأخرى المميزة لذوي الدافعية المرتفعة أن لديهم رغبة قوية في الحصول على تغذية راجعة حول أدائهم، وبناء على ذلك فإنهم يفضلون المهام والوظائف التي تبنى فيها المكافآت على الإنجاز الفردي، ولا يرغبون في العمل تتساوى فيها كافة رواتب الموظفين