أظهر تقرير جديد من ديلويت أنّ الشركات العالمية تدرك متطلبات وقيود برامج نقل القادة والموظفين عبر العالم لتلبية حاجات العملاء والأسواق، إلاّ أنها لا تجسّد هذا الوعي تحسيناً وتغييراً.
وبرزت هذه النتيجة في آخر استطلاع سنوي تحت عنوان «حركة استراتيجية... نقل القادة والموظفين في العالم» شمل نحو 200 اختصاصي في الموارد البشرية، وادارة المواهب والمسؤولين عن حركة نقل الأيدي العاملة العالمية في الشركات حول العالم.
وتعتبر نتائج هذه الدراسة مهمة للشركات في منطقة الشرق الأوسط التي تتوسع عملياتها إلى الأسواق الإقليمية والدولية، لتتمكن من المنافسة بفاعلية في جذب ونشر الموظفين والقادة لتتماشى مع متطلباتهم المهنية وحاجات الشركات.
في هذا السياق، يقول المسؤول العالمي لرأس المال البشري في ديلويت بريت والش «تظهر نتيجة الاستطلاع أنّ الشركات تعترف بالحاجة إلى يد عاملة عالمية ومتنقلة لدعم استراتيجيات أعمالها. لكن، وعلى الرغم من الوعي الحاد لتحديات نقل الأيدي العاملة على الصعيد العالمي، نشهد تقدّماً بطيئاً لناحية تحقيق التحسينات الفاعلة. وحين تتخذ الشركات الاستراتيجيات والخطوات الناجعة، يبدو أنّها توازي استراتيجيات تنقل المهارات العالمية لديها مع الحاجات الوظيفية، بدلاً من التركيز أيضاً على تطوير الجيل التالي من القادة العالميين ذوي الخبرة الدولية المطلوبة لإدارة الشركات العالمية في المستقبل».
ولا تتجاوز نسبة الشركات التي تنظر إلى حركة الأيدي العاملة لديها على أنّها عالمية من حيث المستوى 2 في المئة، فيما تجري 12 في المئة فقط منها تقييما لممارسات نقل الموظفين لديها وتقيّم روابط واضحة للقيام بالتحسينات المطلوبة في هذا المجال. كذلك، ويشير استطلاع ديلويت إلى أنّ 70 في المئة من الشركات والأطراف المعنية بالموارد البشرية تعتبر أنّ سياسات نقل الموظفين في شركاتهم دون المستوى المطلوب أو تحتاج إلى التحسين.
وتقول مديرة الموارد البشرية في ديلويت الشرق الأوسط مايا رافعي زعتري «تتزايد التحديات أمام الشركات في الشرق الأوسط للعثور على أفضل المهنيين وتلبية احتياجات العملاء في ظل توسع الشركات لنطاق عملياتها عالميا. وهناك الكثير من الشركات الإقليمية تسعى لايجاد المهنيين من ذوي الخبرة الدولية لتبوؤ المناصب القيادية في مختلف القطاعات. ونرى تزايد اهتمام الشركات في الشرق الأوسط، خصوصاً في دول مجلس التعاون الخليجي، في العمل على تحسين استراتيجيات جذب ونقل القادة والموظفين لديها لتقديم الخبرات المناسبة للعملاء أينما وجدوا».
وتقر الشركات أنّ برامج حركة نقل القادة والموظفين العالمية أداة أساسية لدعم أهمّ المسائل الاستراتيجية للشركات ومساندتها في التعامل مع ثلاث مسائل استراتيجية مهمة وهي وفق آراء المستطلعين: الأسواق الإقليمية الناشئة، مثل الشرق الأوسط (100 في المئة)، والعولمة المتزايدة (99 في المئة) والمنافسة المتزايدة (98 في المئة). إلاّ أنّه وبشكل عام، أقل من 30 في المئة من الشركات تستخدم برامج نقل القادة والموظفين إلى العالمية لمعالجة هذه المسائل بالشكل الكامل. وتقول زعتري «في عالم شديد الترابط، تعيد الشركات في الشرق الأوسط والعالم على حد سواء، النظر في برامج نقل القادة والموظفين لديها. وفي الواقع، يقول ثلث الشركات التي شملها الاستطلاع إنّها تخطط لمراجعة هذه البرامج في الأشهر الاثني عشر المقبلة، بما في ذلك مراجعة تماشيها مع أهداف الشركات».
سئل المشاركون في الاستطلاع ما إذا شعروا بأن برامج نقل القادة والموظفين العالمية هي وظيفة إدارية بحتة، أو ذات قيمة استراتيجية إضافية، أو مزيج من الاثنين. فمال العاملون في قطاع الموارد البشرية أكثر إلى اعتبارها استراتيجية (42 في المئة). إلاّ أنّ التناقض اللافت ظهر حينما اعتبر المسؤولون عن المواهب الرفيعة والمكافآت، وعن تنمية برامج نقل القادة والموظفين العالمية إلى المستوى الاستراتيجي، أنّ هذه البرامج عملية إدارية بحتة (42 في المئة).
ويتمّ الاعتراف على نطاق واسع بالحاجة إلى تحسين الخدمات التي توفرها فرق نقل القادة والموظفين، إلاّ أنّ الأكثرية الواسعة من الشركات التي شملها الاستطلاع (88 في المئة) تضطلع فقط بتقييم محدود للخدمات التي تقدّم حالياً.
وبهدف التوفيق بين استراتيجيات حركة المواهب العالمية ومسائل الشركات وأهدافها في المدى البعيد، ستحتاج برامج نقل القادة والموظفين إلى دعم الشركات بشكل أكثر فاعلية عبر تأمين إدارة لليد العاملة العالمية، بحيث يتم تنظيم عملية العرض والطلب العالمي على المواهب والقدرات. لتحقيق ذلك، لا بد من اكتساب القادة والموظفين قدرات ومهارات جديدة.
ويختم بريت والش قائلاً «يمكن لبرامج نقل القادة والموظفين العالمية أن تلعب دوراً أساسياً في حل مسألة العرض والطلب على المهارات التي تعانيها أي شركة في الأمد البعيد، عبر زيادة قدرات إدارة اليد العاملة العالمية إلى باقة الخدمات المتوافرة لديها،. وسيتطلّب هذا الأمر التحول من النموذج السائد حالياً الى رؤية متينة للمستقبل». ويستطرد قائلاً «تحتاج الشركات إلى نوعين من الاستثمارات للتوصل إلى هذا الأمر: تحتاج أوّلاً إلى الاستثمار في قدرات الموارد البشرية على نطاق وظيفي أوسع مثل التكنولوجيات المتكاملة للموارد البشرية، والمواهب، وبرامج نقل القادة والموظفين العالمية لتسهيل رفع التقارير العالمية الموحّدة على اختلاف المقاييس. ما سيتيح لها وفي خطوة ثانية، استباق الطلب على المواهب من خلال توفيرها مسبقاً لتلبية تطلعات النمو المستقبلي للشركة».