تناقش هذه الورقة أهم الاتجاهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية، من خلال ما طرحه خبراء إدارة الموارد البشرية من نظريات ودراسات تساعد العاملين بها على تحقيق أقصى فعالية ممكنة لهذه الإدارة. فقد طرح خبراء إدارة الموارد البشرية في السنوات الأخيرة نماذج متعددة لإدارة الموارد البشرية ومن أبرزهم الخبير العالمي ديف أرلش، مؤلف كتاب « نصير الموارد البشرية »، ويطرح ديف أرلش نموذجه الذي طبق في العديد من الشركات الأمريكية من خلال تطبيق إدارة الموارد البشرية لأربعة أدوار رئيسية وهي الشراكة الاستراتيجيه، إدارة التغيير والتحول، إدارة البنية التحتية، إدارة مساهمة العاملين.
في الجزء الأول من الورقة أوضح المعد مفهوم الموارد البشرية وأهميتها، ولماذا تسعى المنظمات إلى تطبيق الاتجاهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية. في حين تناولت الورقة في الجزء الثاني شرح نموذج “ديف أرلش” لإدارة الموارد البشرية، مع التطرق بشيء من التفصيل للسياسات والإجراءات التي يجب على إدارة الموارد البشرية تبنيها وتطبيقها لكي تكون إدارة معاصرة ومطبقة للاتجاهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية، ومن هذه السياسات والإجراءات على سبيل المثال، تطبيق بطاقة الأداء المتوازن، تطبيق نظام الجدارات، إعداد دليل سياسات العمل، إعداد دليل للموظف الجديد، تطبيق سياسة التدوير الوظيفي، المساهمة في تعزيز قيم المنظمة.
أما الجزء الثالث فقد ناقش التحديات التي تواجه إدارة الموارد البشرية والتي قد تعيقها من تحقيق أهدافها المرجوة، فيما استعرض الجزء الرابع التوصيات التي يقترحها المعد للوصول بإدارة الموارد البشرية في المملكة إلى إدارة معاصرة حديثة مطبقة للاتجاهات الحديثة.
وتؤكد الورقة أن إدارة الموارد البشرية تعد من أهم الإدارات في المنظمات لدورها الكبير في استقطاب القوى العاملة واختيارها، والمحافظة عليها، وتطوير أدائها وتطوير إجراءات وسياسات العمل والإسهام في تنفيذ المسار الوظيفي للموظفين.
وتواجه المنظمات تحديات كبيرة في الاحتفاظ بالعناصر البشرية المميزة، وخاصة في ظل المنافسة القوية بين المنظمات. وفي العادة يلقي القادة الإداريون عبئا كبيرا على إدارة الموارد البشرية لتعديل وتطوير أنظمة وسياسات، وإجراءات ولوائح القوى البشرية، لذلك فإنه من الضروري لمديري، وأخصائي الموارد البشرية الاطلاع ومواكبة كل جديد في مجال الموارد البشرية لإدارة الموارد البشرية في المنظمة بشكل فعال للحفاظ على القوى العاملة المميزة، واستقطاب كفاءات أخرى لها، وتطوير السياسات والإجراءات الخاصة بالعمل، وتطوير أداء الموظفين.
أهمية الدراسة.. وأهدافها
تنبع أهمية الدراسة من الدور المتزايد لإدارة الموارد البشرية في مساعدة المنظمات في تحقيق أهدافها في ظل المنافسة المحتدمة في القطاع الأهلي، وفي ظل زيادة وعي وإدراك المواطنين وزيادة مطالباتهم من الأجهزة الحكومية لتقديم الخدمات لهم بأسرع وقت وبجودة عالية.
وكما هو معلوم فإن إدارة الموارد البشرية تساعد على استقطاب واختيار القوى العاملة، وهذه القوى تعتبر الركيزة الأساسية لتحقيق المنظمات لأهدافها من خلال ذلك تستطيع المنظمات تحقيق الأهداف التي تأملها وتسعى إليها القيادة العليا.
تهدف الدراسة إلى تحقيق الأهداف التالية :
1- تحديد أهم الاتجاهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية.
2- تحديد آليات تطبيق الاتجاهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية.
3- تحديد معوقات تطبيق الاتجاهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية.
وهكذا فإن الدراسة تحاول الإجابة عن الأسئلة التالية :
- لماذا تعد إدارة الموارد البشرية مهمة للمنظمات؟
- لماذا تسعى المنظمات إلى تطبيق الاتجاهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية ؟
- ما أبرز الاتجاهات الحديثة المطبقة في إدارة الموارد البشرية؟
- ما السياسات والإجراءات التي سوف تمكن إدارة الموارد البشرية بالمنظمات السعودية من تطبيق الاتجاهات الحديثة؟
- ما التحديات التي تواجه المنظمات وتعيقها من تطبيق الاتجاهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية؟
مفهوم إدارة الموارد البشرية وأهميتها
تتعدد التعاريف التي تتناول مفهوم إدارة الموارد البشرية، فقد ذكر أحد الكتاب عدداً من التعاريف لخبراء إدارة الموارد البشرية، منها ما ذكره فرنش French، حيث ذكر أن “إدارة الموارد البشرية يقصد بها عملية اختيار واستخدام وتنمية وتعويض الموارد البشرية العاملة بالمنظمة.
ويذكر كاتب أخر أن إدارة الموارد البشرية هي إحدى الأنشطة الإدارية التي تعنى بالاستخدام الفاعل للموارد البشرية في المنظمة. ويورد خبير ثالث تعريفاً شاملاً لإدارة الموارد البشرية ذكره “راندل مكيز” حيث ذكر “أنه يتضمن “ ذلك الجانب من العملية الإدارية المتضمن عدداً من الوظائف والأنشطة التي تمارس بغرض إدارة العنصر البشري بطريقة فعالة وإيجابية مما يحقق مصلحة المنظمة، ومصلحة العاملين، ومصلحة المجتمع وترتبط وظائف وأنشطة إدارة الموارد البشرية مباشرة بإستراتيجيات المنظمة”.
وفي ضوء ذلك يمكن القول إن إدارة الموارد البشرية هي المعنية بإدارة القوى العاملة بكفاءة وفعالية عالية لتحقيق الأهداف المنوط بها تنفيذها، سواء أهداف المنظمة أو أهداف العاملين أو أهداف المجتمع.
وتعد القوى البشرية ذات أهمية بالغة لأي منظمة، لأنه بواسطتها يمكن تحقيق الأهداف بأقل تكلفة وبفعالية أكثر. إن نجاح المنظمات في تحقيق أهدافها يعود في الأساس إلى “القوى البشرية”، ومن الممكن أن نجمل أهمية الموارد البشرية في العبارة التالية : “إن الموارد البشرية تضيف لقيمة وأهمية المنظمة، في حين تضيف كل الموارد الأخرى للتكاليف”.
الاتجاهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية
من أبرز الاتجاهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية النموذج الذي طرحه الخبير الأمريكي ديف أرلش في كتابه “ نصير الموارد البشرية “.
ويعد ديف ارلش (Dave Urlich) أحد أبرز خبراء الموارد البشرية في الوقت الحاضر والمستشار لمجموعة من الشركات التي تصنف ضمن قائمة أفضل (200) شركة في العالم.
يعتقد ديف أرلش أن إدارة الموارد البشرية التقليدية انتهى زمانها وأن هناك دوراً جديداً يتحتم على المسئولين عن إدارة الموارد البشرية القيام به وتنفيذه، ويتمثل هذا الدور في الشراكة الإستراتيجية والفعالة في تنفيذ ومتابعة خطط وإستراتيجيات المنظمة، لذلك يحدد ارلش مفهوماً جديداً لإدارة الموارد البشرية يتمثل في أن إدارة الموارد البشرية هي “الإدارة التي تهتم بمساعدة الآخرين في تحقيق أهدافهم”.
ولذلك فإن ديف ارلش (Dave Urlich) يعتقد بأن إدارة الموارد البشرية الحديثة يجب أن تقوم بتطبيق أربعة إدوار لتكون إدارة موارد بشرية معاصرة وفعالة وهذه الأدوار على النحو التالي:
- الإدارة الإستراتيجية لإدارة الموارد البشرية، ويقصد بها أن تشارك إدارة الموارد البشرية في تنفيذ إستراتيجية المنظمة بكل فعالية وقوة.
- إدارة التغيير والتحول، بمعنى أن تقوم إدارة الموارد البشرية بدور كبير في إدارة التغيير والتحول الذي يحدث في المنظمة نتيجة للمنافسة الشديدة، أو رغبة الحكومة في زيادة فعالية الأجهزة الحكومية لتلبية احتياجات ومتطلبات المواطنين.
- إدارة تطبيق البنية التحتية، ويقصد بها إعداد بنية تحتية للمنظمة من سياسات وإجراءات وقواعد ونظم بحيث تكتب وتعد بصورة جيدة وتكون متوافرة للموظفين بموقع المنظمة.
- إدارة مساهمة العاملين، بمعنى إعداد السياسات والإجراءات المناسبة لمعرفة احتياجات الموظفين وتلبيتها، وتشجيع الموظفين المبدعين وإتاحة الفرصة لهم في تنفيذ إبداعاتهم المتعلقة بتطوير العمل أو تطوير نظم وإجراءات العمل.
تطبيق الاتجاهات الحديثة لإدارة الموارد البشرية
ولاستعراض أهم الأدوار والسياسات والآليات التي تمكن المنظمات السعودية من تطبيق الاتجاهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية، فإنه بمقدورها تطبيق عدد من الإجراءات من بينها تطبيق بطاقة الأداء المتوازن، وهي حسب توضيح أحد الخبراء «مفهوم يعمل على ترجمة الإستراتيجية إلى خطوات تنفيذية»، ويبدأ تحديد مقياس بطاقة الأداء المتوازن من رؤى وإستراتيجية المنظمة التي يتم من خلالها تحديد الأهداف التي يجب أن تسعى لتحقيقها المنظمة، ويؤدي تطبيق بطاقة الأداء المتوازن إلى ترجمة رؤية المنظمة وإستراتيجيتها، وتحويل هذه الرؤية والإستراتيجية إلى أهداف يقوم على تحقيقها الإدارات والموظفون.
ويستدعي تطبيق الاتجاهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية التركيز في التدريب، إذ إن التدريب المنفذ على ضوء إستراتيجية المنظمة يظهر بوضوح الدور الاستراتيجي لإدارة الموارد البشرية، وتطوير طرائق اختيار الموظفين، حيث يعدُّ اختيار الموظفين المناسبين إستراتيجية مطلوبة لتوفير جهد المنظمة وأموالها في الاستقطاب والاختيار.
ومن بين هذه الإجراءات تطبيق نظام الجدارات، بمعنى قيام المنظمة بتحديد المعارف والمهارات والاتجاهات المطلوبة لكل وظيفة، مما يسهل على المنظمة اختيار القوى العاملة المناسبة وكذلك تدريبها، وتنفيذ برنامج تهيئة الموظفين الجدد باعتباره أحد الأعمدة الرئيسية لإيجاد بنية تحتية صلبة للمنظمة، ووضع نظام الكتروني للانضباط يوضح للموظف أنواع المخلفات وما يترتب عليها من عقوبات ويطبق بكل دقة وموضوعية لضمان سير أعمال الموظفين بما يخدم تحقيق أهداف المنظمة والعاملين، إلى جانب تطبيق نظام حوافز مرن وفعال يشتمل على الحوافز المعنوية وكذلك الحوافز المادية، لأنهما وجهان لعملة واحدة. إذ إن وجود نظام للحوافز يشجع الموظفين على زيادة الإنتاج والإبداع في العمل، وكذلك يحفز الآخرين على زيادة الإنتاج والإبداع في العمل، وأخيراً تطبيق سياسة «التدوير الوظيفي» بين الموظفين وبين مديري الإدارات، وهذه السياسة تعتبر تنفيذاً لدور إدارة التغيير والتحول التي يفترض أن تنفذه إدارة الموارد البشرية.
توصيات الدراسة
من خلال ما تم استعراضه في هذه الورقة فإن المعد يقترح للأخذ بالتوجهات الحديثة في إدارة الموارد البشرية التوصيات التالية :
- إشراك إدارة الموارد البشرية في وضع الخطة الإستراتيجية للمنظمة.
- تطبيق بطاقة الأداء المتوازن لتنفيذ إستراتيجية المنظمة على مستوى الإدارات وعلى مستوى الموظفين.
- وضع قيم للمنظمة والعمل على تطبيقها عن طريق نشر هذه القيم من خلال اللقاءات والاجتماعات وتطبيق القرارات.
- تطبيق نظام الجدارات بالمنظمة ليساعد المنظمة على الاختيار السليم للموظفين المناسبين وكذلك اختيار الدورات التدريبية المناسبة.
- إعداد دليل سياسة العمل ليكون متوافراً للموظفين ويستطيعون الاطلاع عليه بكل سهولة.
- تطوير أداء الموظفين عن طريق تنفيذ تدريب متنوع يشتمل على زيادة معارف ومهارات الموظفين، وتعزيز قيم العمل.
- تطبيق سياسة واضحة للتدوير الوظيفي بين الموظفين وبين مديري الإدارات.
- وضع برنامج توجيهي للموظفين الجدد يتلاءم وينسجم مع المنظمة ويحقـق أهدافها.
- استمرار جهود المنظمة في تطوير النماذج المستخدمة بإدارة الموارد البشرية كنماذج المقابلات الوظيفية، نماذج الاختبارات الوظيفية، نماذج تقويم الأداء الوظيفي.